السبت، 7 مايو 2022

ج3. من كتاب -الجوهر النقي ابن التركماني المارديني

 

ج3. من كتاب -الجوهر النقي ابن التركماني المارديني

قال (باب من قال يحرم قليل الرضاع وكثيره) - قلت - ذكر صاحب الاستذكار انه قول على وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وابن المسيب والحسن ومجاهد وعروة وعطاء وطاوس ومكحول والزهرى وقتادة والحكم وحماد وأبى حنيفة ومالك واصحابهما والثوري والليث والاوزاعي والطبري وقال الليث اجمع المسلمون على ان قليل الرضاع وكثيره يحرم في المدة - قال أبو عمر لم يقف الليث على الخلاف في ذلك وذكر البيهقى في هذا الباب (عن عبيد الله بن عبد الله ان ابن عباس كان يقول قليل الرضاع وكثيره يحرم ثم ذكر (عن ابراهيم بن عقبة عن عروة ان عائشة كانت لا تحرم الا عشرا فصاعدا قال فاتيت ابن المسيب فسألته فقال لا اقول كما قال ابن الزبير وابن عباس كانا يقولان لا يحرم المصة ولا المصتان ولا يحرم دون عشر رضعات فصادا) قال البيهقى

(ورواية الزهري عن عروة اصح في مذهب عائشة ورواية عروة عن ابن عباس في مذهبه اصح) - قلت - ردف رواية الزهري عن عروة مذهب عائشة بان كلامنهما خالفها في ذلك كما تقدم وقد ذكرنا عن الطبري انه قال المعروف عنها بنقل الثقات انها كانت لا تحرم الا بسبع وذكرنا ايضا عن ابن حزم ان رواية العشر اصح من رواية السبع ولم يذكر البيهقى في
هذا الباب ولا الذى قبله رواية عروة عن ابن عباس في مذهبه فان تجوز ذلك عما ذكره من رواية عروة عن ابن المسيب عن ابن عباس فالمشهور عن ابن عباس خلاف ذلك فقد ذكر مالك عن ثور بن زيد عن ابن عباس كان يقول ما كان في الحولين وان كانت مصة واحدة فهى تحرم - وقال ابن أبى شيبة ثنا أبو خالد الاحمر عن حجاج عن حبيب عن طاوس قال سألت ابن عباس فقال المرة (1) الواحدة تحرم - وقال الطبراني روى المسور بن مخرمة عن ابن عباس في المصة والمصتين فقال قال الله تعالى (وأمهاتكم اللاتى ارضعنكم واخواتكم من الرضاعة) وقد تقدمت رواية البيهقى عن عبيد الله بن عبد الله ان ابن عباس كان يقول إلى آخره فهؤلاء جماعة رووا عن ابن عباس بخلاف رواية عروة التى ذكرها البيهقى فروايتهم اصح وذكر البيهقى في كتاب المعرفة ان الدر اوردى عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس ان قليل الرضاعة وكثيرها يحرم في المهد - وروى عن ابن عباس بخلاف ذلك في القليل قال والاول اصح وهذا الذى قاله في كتاب المعرفة مخالف لما ذكره هنا - قال (باب رضاع الكبير)
__________
(1) كذا والصواب المزة =

ذكر فيه حديث (انما الرضاعة من المجاعة) - قلت - في الاستدلال به نظر لان للكبير من طرد المجاعة نحو ما للصغير فهو عموم لكل رضاع -

قال (باب ما جاء في تحديد ذلك بالحولين) ذكر فيه من حديث سعيد بن منصور (ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال لارضاع الا ما كان في الحولين) ثم قال (هذا هو الصحيح موقوف) ثم ذكر من حديث الهيثم بن جميل ثنا سفيان فذكره بسنده عن ابن عباس مرفوعا - قلت - الهيثم هذا وثقة ابن حنبل وغيره وقال الدار قطني حافظ فعلى هذا الحكم له على ما هو الاصح عندهم لانه ثقة وقد زاد الرفع -

قال (باب وجوب النفقة للزوجة)
قال تعالى (ذلك ادنى ان لا تعولوا قال الشافعي لا يكثر من تعولوا) - قلت - قد أنكروا ذلك على الشافعي وقالوا لو كان

كذلك لقال ان لا تعيلوا لانه يقال في كثرة العيال اعال الرجل والذى ذكره المفسرون ان معناه ان لا تجوروا ولا تميلوا قال الزجاج فاما من قال ان لا تعولوا ان لا يكثر عيا لكم فزعم جميع اهل اللغة ان هذا خطأ انتهى كلامه وفيه نظر فان ذلك محكى عن الكسائي وغيره وقد اعتذر الزمخشري للشافعي باعتذار حسن مذكور في الكشاف وقال ابن حبان في صحيحه ذكر الخبر المدحض قول من زعم ان قوله تعالى (ذلك ادنى ان لا تعولوا) اراد به كثرة العيال ثم ذكر بسنده عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى (ذلك ادنى ان لا تعولوا) قال ان لا تجوروا - وقال الطحاوي ما ملخصه سياق الآية يدل على هذا لانه تعالى اباح اربعا ثم قال (فان خفتم ان لا تعدلوا فواحدة) أي لا ثانية معها فبذلك يأمن اثم الميل (أو ما ملكت ايمانكم) إذ لا قسم لهن فله ان يفضل بعضهن فذلك ابعد من الجور وليس المراد النفقة إذ الا ماء ايضا تجب نفقتهن وقول الشافعي لم يقله غيره ولا نعلم له اصلا من المتفد مين انتهى كلامه ولو كان الاقتصار على واحدة لكراهة كثرة العيال لما اباح تعالى التسرى باكثر من واحدة وكيف يظن ذلك بالله تعالى وهو (يقول ان الله هو الرزاق - وما انفقتم من شئ فهو يخلفه) وعنه عليه السلام تناسلوا فانى مكاثر بكم الامم يوم القيامة -

قال (باب لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه) رزقه فلينفق مما آتاه الله (قال الشافعي في نفقه المقتر انها مد؟؟؟ صلى الله عليه وسلم) - قلت - الآية تدل على عدم التقدير لقوله فلينفق مما آتاه الله فهو مخالف لمدعى الشافعي وكذا قوله عليه السلام لامرأة أبى سفيان خذى من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف - قال النووي في شرح مسلم في هذا الحديث فوائد - منها - ان النفقة مقدرة بالكفاية لا بالامداد وهو مذهب اصحابنا ان نفقة القريب مقدرة بالكفاية كما هو ظاهر هذا الحديث ونفقة الزوجة مقدرة بالامداد على الموسر كل يوم مدان وعلى المعسر مد وعلى المتوسط مد ونصف وهذا الحديث يرد على اصحابنا انتهى كلامه وايضا فقد اتفقوا على ان الكسوة غير مقدرة

قال (باب الرجل لا يجد نفقة امرأته)
ذكر فيه (ان عمر كتب إلى امراء الاجناد في رجال غابوا عن نسائهم فأمرهم ان يأخذوهم بان ينفقوا أو يطلقوا) - قلت ذكر ابن حزم انه لا حجة لهم فيه لانه لم يخاطب بذلك الا اغنياء قادرين على النفقة وليس فيه ذكر حكم المعسر بل قد صح عن عمر اسقاط طلب المرأة للنفقة إذا اعسر بها الزوج - ثم ذكر البيهقى (عن أبى الزناد سألت ابن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال يفرق بينهما قال قلت سنة فقال سعيد سنة) - قلت - ذكره ابن حزم ثم قال روينا من

طريق عبد الرزاق عن الثوري عن يحيى الانصاري عن ابن المسيب قال إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته اجبر على طلاقها - ثم قال لم؟؟؟ لاهل هذه المقالة حجة اصلا الا تعلقهم بقول ابن المسيب انه سنة وقد صح عنه قولان - احدهما - يجبر على مفارقتها والا يفرق بينهما وهما مختلفان ولم يقل انه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو قال ذلك كان مرسلا ولعله اراد سنة عمر كما روينا من فعله ثم قال روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج سألت عطاء عمن لم يجد ما يصلح امرأته من النفقة قال ليس لها الا ما وجدت ليس لها ان يطلقها، ومن طريق حماد بن سلمة عن غير واحد عن الحسن في الرجل يعجز عن نفقة امرأته قال تواسيه وتتقى الله عزوجل وتصبر وينفق عليها ما استطاع، ومن طريق عبد الرزاق عن معمر سألت الزهري عن رجل لا يجد ما ينفق على امرأته أيفرق بينهما قال نستأنى به ولا يفرق بينهما وتلا (لا يكلف الله نفسا إلى وسعها) سيجعل الله بعد عسر يسرا) قال معمر وبلغني عن عمر بن عبد العزيز مثل قول الزهري سواء، ومن طريق عبد الرزاق عن الثوري في المرأة بعسر زوجها بنفقتها قال هي امرأة ابتليت فلتصبر ولا تأخذ بقول من يفرق بينهما وهو قول ابن شبرمة وأبى حنيفة وأبى سليمان واصحابهما ويؤيد قولنا قوله تعالى (لينفق ذو سعة من سعته) إلى قوله (بعد عسر يسرا) وذكر ايضا حديث مسلم عن جابر ان ابا بكر قال يا رسول الله لو رأيت ابنة خارجة سألتنى النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هن حولي كما ترى سألننى النفقة فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها كلاهما يقول تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده الحديث ومن المحال المتيقن ان يضرا طالبة حق انتهى كلام ابن حزم - وجعله صاحب الاستذكار قول الشعبى ايضا - ثم ذكر البيهقى من طريق الدار قطني (عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال يفرق بينهما قال وثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبى صالح عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم - قلت - ذكر الدار قطني في سننه من طريق شيبان بن فروخ ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبى صالح عن أبى هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال المرأة
تقول لزوجها الحديث ثم ذكر عن شيبان ان؟؟؟ احدثهم بكلام ابن المسيب ثم ذكر الدار قطني سنده بذلك إلى حماد ثم ذكر بسنده إلى حماد عن عاصم بن بهدلة عن أبى صالح عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله فقوله بمثله راجع إلى حديث أبى هريرة الذى ذكره الدار قطني اولا ثم ذكر بعده كلام ابن المسيب ثم انعطف على الحديث الاول فذكره من وجه آخر عن حماد بسنده الاول والبيهقي لم يذكر الحديث الاول بل ذكر كلام ابن المسيب من طريق الدار قطني

ثم ذكر السند الذى بعده وآخره عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ففهم عن الدار قطني ان المراد بقوله مثله كلام ابن المسيب وان ذلك من هذا الوجه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصرح البيهقى بذلك في الخلافيات فذكر كلام ابن المسيب ثم قال وروى عن أبى هريرة مرفوعا في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته يفرق بينهما وليس الامر كما فهم البيهقى ولا يعرف هذا مرفوعا في شئ من كتب الحديث بل قوله مثله راجع إلى الحديث الاول كما ذكرنا والسند من حماد إلى آخره سند واحد وايضا يبعد في العادة ان يذكر كلام تابعي ثم يستشهد عليه بحديث مرفوع - ثم ذكر البيهقى حديث أبى هريرة وفيه (امرأتك تقول اطعمني والا فارقني) ثم ذكره البيهقى من وجه آخر وقد جعل آخره وهو هذا الكلام من قول أبى هريرة - قلت - على تقدير تسليم انه مرفوع فليس فيه الا مطالبتها له بالفراق ولانه فيمن لا ينفق ومعه النفقة ولا خلاف ان الفرقة هنا غير مستحقة - قال (باب المبتوتة لا نفقة لها الا ان تكون حاملا) (قال الله تعالى وان كن اولات حمل فأنفقوا عليهن - فجعل لهن نفقة بصفة) - قلت - قوله تعالى في اول السورة إذا طلقتم النساء - يشمل المبتوته وغيرها فكذا ما عطف عليه وهو قوله تعالى (وان كن اولات حمل) - فوجب على قول البيهقى واصحابه

ان غير المبتوته ايضا لا تستحق النفقة الا إذا كانت حاملا وهم لا يقولون ذلك فلما لم يكن الحمل شرطا في استحقاقها في غير المبتوتة فكذا المبتوتة وكل منهما يستحقها لكونها معتدة من طلاق وخصم البيهقى لا يقول بالمفهوم فالتخصيص بشرط الحمل لا يدل عنده على ان غير الحامل لا تستحقها - فان قلت - فما فائدة هذا الشرط حينئذ - قلنا - ذكروا فيه فائدتين - احداهما - ان مدة الحمل تطول في الغالب فربما ظن ظان ان النفقة تسقط إذا مضى مقدار مدة حيض فازال الله تعالى ذلك وافاد أن نفقة الحامل مستحقة على الزوج مع بقاء العدة وان طالت المدة ذكر ذلك أبو بكر الرازي والزمخشري
والثانية - ان الحمل قد يكون له مال فيشبه علينا هل النفقة في ماله أو على الزوج ما فاذنا الله تعالى انها على الزوج لا في مال الحمل - فان قلت - قوله تعالى (إذا طلقتم النساء) اريد بن الرجعى بدليل قوله تعالى بعد ذلك (فإذا بلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف) الآية - قلنا - هذا ذكر لبعض ما انتظمه الكلام اولا كقوله تعالى (والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء)

فذلك يشمل الرجعى والبائن ثم قوله بعد ذلك (وبعلوتهن احق بردهن) خاص في الرجعى ولو كان قوله تعالى (إذا طلقتم النساء) للرجعى ثم باقى الكلام معطوف عليه لكان المراد بقوله تعالى (وان كن اولات حمل) الرجعى فيبطل حينئذ استدلال البيهقى به على المبتوتة - ثم ذكر البيهقى حديث فاطمة بنت قيس من طريق زهير (ثنا هشيم ثنا سيار وحصين ومغيرة واشعث ومجالد وداود واسمعيل كلهم عن الشعبى) الحديث وفي رواية مجالد (انما السكنى والنفقة على من كانت له الرجعة) - قلت - قال الدار قطني ثنا ابن صاعد ثنا يعقوب بن ابراهيم ثنا هشيم فذكره بسنده المذكور وجعل قوله انما السكنى والنفقة من رواية هؤلاء الجماعة كلهم عن الشعبى - ثم ذكر البيهقى الزيادة المذكورة من رواية فراس ايضا

عن الشعبى ثم ذكر الاختلاف في الحديث في نفى النفقة دون السكنى أو نفيهما ثم قال (والاشبه بسياق الحديث انه عليه السلام نفى النفقة وأذن في الانتقال لعلة لعلها استحيت من ذكرها وقد ذكرها غيرها ولم يرد نفى السكنى اصلا واما قوله انما السكنى والنفقة لمن كانت عليه رجعة فليس بمعروف ولم يرو من وجه يثبت مثله واما انكار من انكر على فاطمة فانما هو؟؟؟ السبب في نقلها) - قلت - ذكر مسلم وغيره من طرق عديدة زيادة نفى السكنى على نفى النفقة وهى زيادة ثقة فوجب قبولها ولهذا روى عن على وجابر وابن عباس رضى الله عنهم انه لا نفقة لها ولا سكنى واليه ذهب ابن حنبل وابن راهويه وأبو ثور وداود وغيرهم وقال أبو عمر هذا القول من طريق الحجة اصح واحج لانه لو وجب السكنى عليها وكانت عبادة تعبدها الله بها لالزمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخرجها عن بيت زوجها إلى بيت ام شريك ولا إلى بيت ابن ام مكتوم وقد أجمعوا ان المرأة التى تبذو على اختانها بلسانها تؤدب وتقصير على السكنى في المنزل الذى طلقت فيه وتمنع من اذى الناس فدل ذلك على ان من اعتل بمثل هذه العلة في انتقالها اعتل بغير صحيح ولا متفق عليه من الخبر وإذا ثبت قوله عليه السلام لا سكنى لك ولا نفقة وانما السكنى والنفقة لمن عليها الرجعة - فاى شئ يعارض به هذا هل يعارض الا بمثله ولا شئ عنه عليه السلام يدفع ذلك انتهى كلامه وفي دعواه الاجماع على ذلك نظر وفي صحيح ابن حبان من حديث سلمة بن
كهيل عن الشعبى عن فاطمة قال عليه السلام المطلقة ثلاثا ليس لها سكنى ولا نفقة - وقوله عليه السلام انما السكنى والنفقة

زيادة في الحديث من ثقة وقد ذكرها البيهقى فيما تقدم من رواية اثنين عن الشعبى واخرجها الدار قطني من رواية اولائك الجماعة كلهم كما تقدم واخرجها النسائي من وجه آخر بسند لا بأس به من حديث سعيد بن يزيد الاحمسي عن الشعبى فوجب ان يكون معروفا ثابتا ومن نظر في الحديث وتأمله عرف انهم انما انكروا عليها امر السكنى وخالفوها في ذلك - قال (باب من قال لها النفقة) ذكر فيه قول عمر (لا ندع كتاب ربنا) ثم قال (ورواه) اشعث عن الحكم وحماد عن ابراهيم عن الاسود عن عمر قال فيه وسنة نبينا ثم ذكره من حديث أبى احمد الزبيري (ثنا عمار بن زريق عن أبى اسحق كنت مع الاسود فذكر عن الشعبى انه حدث بحديث فاطمة فأخذ الاسود كفا من حصى فحصبه ثم قال ويلك تحدث بمثل هذا قال عمر رضى الله عنه لا نترك

كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة) إلى آخره (ورواه يحيى بن آدم عن عمار ولم يقل فيه وسنة نبينا) ثم حكى عن الدار قطني (ان يحيى بن آدم احفظ من الزبيري واثبت منه) ثم قال (قال الشافعي ما نعلم في كتاب الله ذكر نفقة انما في كتاب الله ذكر السكنى) - قلت - قوله تعالى (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) ايجاب للنفقة لانها إذا حبست لحقه ولم ينفق عليها فقد ضارها وضيق عليها - فان قيل - المراد به ايجاب السكنى إذ التضييق انما هو في المكان - قلنا - هذا حمل للكلام على التكرار إذا السكنى مذكور أو لا بقوله تعالى (أسكنوهن من حيث سكنتم) وفيما قلنا اثبات فائدة اخرى ولان منع النفقة تضييق ومنع السكنى ليس بتضييق إذ الواجب ان تقيم في مكان واحد فإذا منعها منه تقيم حيث شاءت وذكر توسعة ذكر ذلك القدورى في التجريد ولا تعارض بين رواية الزبيري ورواية يحيى حتى يرجح يحيى عليه لان الزبيري ما خالفه بل وافقه وزاد عليه قوله سنة نبينا وهو امام حافظ قال محمد بن بشار ما رأيت رجلا احفظ من الزبيري فهذه زيادة من ثقة فوجب ان تقبل وقال مسلم عقيب حديث الزبيري ثنا احمد بن عبدة ثنا أبو داود ثنا سليمان بن معاذ عن أبى اسحاق بهذا الاسناد نحو حديث أبى احمد عن عمار بن رزيق بقصته فهذا شاهد لحديث الزبيري ورواية اشعث تشهد له ايضا وهو يصلح للمتابعة لان العجلى وثقه ووثقه ابن معين في رواية وروى له مسلم في المتابعان واخرج له ابن خزيمة في صحيحه والحاكم في مستدركه ويشهد له ايضا ثلاثة اوجه - وجهان - اخرجهما ابن ابى شيبة فقال ثنا وكيع ثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال قال عمر
لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة - وقال ايضا ثنا جرير عن مغيرة ذكرت لابراهيم حديث فاطمة فقالت قال عمر لا ندع كتاب ربنا وسنة رسوله لقول امرأة لا ندرى حفظت أو نسيت وكان عمر يجعل لها السكنى والنفقة - والوجه الثالث - في مصنف عبد الرزاق عن الثوري عن سلمة بن كهيل عن الشعبى عن فاطمة بنت قيس قالت طلقني زوحى ثلاثا فجئت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فقال لا نفقة لك ولا سكنى قال فذكرت ذلك لابراهيم فقال قال عمر بن الخطاب لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا لها النفقة والسكنى - وفي صحيح ابن حبان انا أبو خليفة ثنا محمد بن كثير العبدى انا الثوري فذكره وإذا ثبت هذه الزيادة وهى قوله وسنة نبينا وهى حديث مرفوع عندهم فالظاهر أنه اراد بسنة نبينا النفقة واراد بالكتاب السكنى وقوله آخرا لها النفقة والسكنى أي في الكتاب والسنة كما بينا وايد ذلك ما اخرجه القاضى اسمعيل فقال ثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن الشعبى ان فاطمة بنت قيس طلقها زوجها طلاقا بائنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفقة لك ولا سكنى قال فخبرت بذلك النخعي فقال ان عمر أخبر بقولها فقال لسنا بتاركي آية من كتاب الله وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لعلها أو همت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها السكنى والنفقة - وذكره ابن حزم ايضا الا انه ادخل بين حماد بن سلمة والشعبى حماد بن أبى سليمان وكذا اخرجه الطحاوي ايضا والنخعي وان لم يدرك عمر الا ان مراسيله صحيحة الا حديثين كذا قال ابن معين وليس هذا الحديث منهما وقال صاحب التمهيد في اوائله مراسيل النخعي صحيحة ثم ذكر بسنده عن الاعمش قلت للنخعى إذا حدثتني حديثا فأسنده فقال

إذا قلت عن عبد الله فاعلم انه عن غير واحد وإذا سميت لك احدا فهو الذى سميت قال أبو عمر في هذا ما يدل على ان مراسيله قوى من اسانيده وقال في موضع آخر مراسيله عن ابن مسعود وعمر صحاح كلها وما ارسل منها اقوى من الذى اسند حكاه يحيى القطان وغلره وفي سنن أبى داود أن عائشة عابت على فاطمة اشد العيب وروى الطحاوي وغيره ان فاطمة كانت إذا ذكرت شيئا من ذلك رماها اسامة بن زيد بما كان في يده وقال ابن المسيب تلك امرأة فتنت الناس وقال الطحاوي لم يبلغنا عن احد من الصحابة غير المنكرين لحديثها قبله ولا عمل بن غير شئ يروى عن ابن عباس ومداره على الحجاج بن ارطاة ومذهبهم فيما لم يذكر سماعه فيه لا خفاء - وحكى الطحاوي عن الشافعي قال قوله لا نفقة لك أي لانك غير حامل ثم قال الطحاوي هذا تأويل لم نجده منصوصا وقد تأوله غيره بانها منعت النفقة لبذائها الذى اخرجت به الخروج اللازم لها بفعل صدر منها لنشوز فحرمت لاجله النفقة واخرج الدار قطني من حديث حرب بن أبى العالية عن
أبى الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة - فان قيل - حرب ضعفه ابن معين قلنا - اختلف قوله فيه كذا ذكر المزى وغيره فيرجع فيه إلى غيره وقد وثقه عبيد الله بن عمر القواريرى ويكفيه ان مسلما اخرج له في صحيحه واخرج له ايضا الحاكم في المستدرك وذكر صاحب التمهيد عن عمر وابن مسعود قال المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة - وروى ذلك الطحاوي بسنده ايضا وروى بسنده ايضا عن ابن المسيب مثله وما ذكره البيهقى في الباب السابق وعزاه إلى مسلم من قول مروان سنأخذ بالعصمة التى وجدنا الناس عليها دليل على ان العمل كان عندهم على خلاف حديث فاطمة وقال القاضى اسمعيل وإذا كان هذا الانكار كله وقع في حديث فاطمة فكيف يجعل اصلا - قال (باب النفقة على الاولاد) (قال الله تعالى والولدات يرضعن اولادهن إلى قوله بالمعروف - وقال - فان ارضعن لكم فآتوهن اجورهن) - قلت - لا ذكر للنفقة على الاولاد في الآية الثانية وكذا الاولى والضمير في قوله رزقهن وكسوتهن - يعود على الوالدات -

قال (باب قوله تعالى وعلى الوارث مثل ذلك) ذكر فيه (عن الشعبى عن ابن عباس أي لا يضار) - قلت - في سنده اشعث هو ابن سوار فسكت عنه وضعفه قريبا في باب من قال لها النفقة أي للمبتوته وقد فسر الشعبى قوله تعالى مثل ذلك بانه رضاع الرضيع ذكره القاضى اسمعيل بسند جيد وذكره ابن أبى شيبة ايضا ثم ذكر البيهقى (عن مجاهد وعلى الوارث مثل ذلك قال يعنى الولى من كان) - قلت - في سنده عبد الرحمن بن الحسن القاضى نسب إلى الكذب ذكره الذهبي في كتاب الضعفاء على ان مجاهدا لم يتعرض لقوله تعالى مثل ذلك هل المراد به نفى المضارة كما مضى عن ابن عباس أو وجوب الرضاع كما تقدم عن الشعبى وقد جاء عن مجاهد مصرحا ان المراد المعنى الثاني قال ابن ابى شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبى نجيح عن مجاهد قال على الوارث مثل ما على ابيه ان يسترضع له وهذا سند

صحيح واخرجه القاضى اسمعيل عن على بن المدينى عن ابن عيينة ثم ذكر البيهقى (عن ابن المسيب عن عمر جبر عصبة صبى إلى آخره وذكر (عن الزهري ان عمر اغرم ثلاثة) إلى آخره وذكر (ان كلا منهما منقطع - قلت - مرسل ابن المسيب قد ارسل من رواية الزهري ايضا كما ذكره البيهقى وارسل ايضا من وجه ثالث ابن أبى شيبة ثنا حفص هو ابن غياث عن اسمعيل يعنى ابن أبى خالد عن الحسن ان عمر جبر رجلا على نفقة ابن اخيه والحاج يحتج بمثل هذا المرسل
كما عرف وذكر ابن أبى شيبة بسنده عن زيد بن ثابت قال إذا كان عم وام فعلى الام بقدر ميراثها وعلى العم بقدر ميراثه وذكر ابن أبى شيبة ايضا عن جماعة من التابعين وغيرهم ان المراد بقوله تعالى (وعلى الوارث مثل ذلك) وجوب النفقة والرضاع وذكر عبد الرزاق وعبد بن حميد والقاضى اسمعيل وغيرهم باسانيدهم عن جماعة من السلف مثل ذلك حكى ذلك عنهم ابن حزم ثم قال فهؤلاء عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت ولا يعرف لهما محالف من الصحابة ومن التابعين عبد الله ابن عتبة بن مسعود وقبيصة بن ذويب والحسن البصري وعطاء بن أبى رباح وابراهيم النخعي واصحاب ابن مسعود وقتادة والشعبى ومجاهد وشريح وزيد بن اسلم وهو قول الضحاك بن مزاحم وسفيان الثوري وعبد الرزاق انتهى كلامه ونفى المضارة مع قلة من قال به وضعف سنده لا يختص بالوارث فلا فائدة حينئذ في تخصيصه به فظهر أن تفسير الآية بوجوب النفقة والرضاع اولى منه لصحة معناه وكثرة القائلين به ويمكن حمل الآية على الامرين جميعا وليس التفسير بنفى المضارة منافيا للتفسير الآخر بل هو موافق له في المعنى اذلا مضارة فوق موت مورثه جوعا وعطشا وبردا وهو غنى فلا يرحمه - قال (باب نفقة الابوين)

ذكر فيه حديث محمد بن المنكدر (ان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم) ثم قال (هذا منقطع وقد روى موصولا من اوجه لا يثبت مثلها) - قلت - وقد روى موصولا من وجه صحيح قال أبو بكر البزار ومن صحيح هذا الباب حديث ذكره بقى بن مخلد فقال ثنا هشام بن عمار ثنا عيسى بن يونس ثنا يوسف بن اسحق بن أبى اسحق عن محمد بن المنكدر عن جابر أن رجلا قال يارسول الله ان لى مالا وولدا وان أبى يريد أن يجتاح مالى قال انت ومالك لابيك - واخرجه ايضا ابن ماجه في سننه عن هشام بن عمار بسنده المذكور والطحاوى من حديث عبد الله بن يوسف ثنا عيسى بن يونس فذكره بسنده - خاتمة المجلد السابع وقع الفراغ من المجلد السابع من السنن الكبرى للامام البيهقى رحمه الله تعالى مع ما يقابله من الجوهر النقى في يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة اربع وخمسين وثلاث مائة والف من هجرة النبي الكريم عليه وسلم وصحبه افضل الصلاة واكمل التسليم -
وذكر ابن أبى شيبة ايضا عن جماعة من التابعين وغيرهم ان المراد بقوله تعالى (وعلى الوارث مثل ذلك) وجوب النفقة والرضاع وذكر عبد الرزاق وعبد بن حميد والقاضى اسمعيل وغيرهم باسانيدهم عن جماعة من السلف مثل ذلك حكى ذلك عنهم ابن حزم ثم قال فهؤلاء عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت ولا يعرف لهما محالف من الصحابة ومن التابعين عبد الله ابن عتبة بن مسعود وقبيصة بن ذويب والحسن البصري وعطاء بن أبى رباح وابراهيم النخعي واصحاب ابن مسعود وقتادة والشعبى ومجاهد وشريح وزيد بن اسلم وهو قول الضحاك بن مزاحم وسفيان الثوري وعبد الرزاق انتهى كلامه ونفى المضارة مع قلة من قال به وضعف سنده لا يختص بالوارث فلا فائدة حينئذ في تخصيصه به فظهر أن تفسير الآية بوجوب النفقة والرضاع اولى منه لصحة معناه وكثرة القائلين به ويمكن حمل الآية على الامرين جميعا وليس التفسير بنفى المضارة منافيا للتفسير الآخر بل هو موافق له في المعنى اذلا مضارة فوق موت مورثه جوعا وعطشا وبردا وهو غنى فلا يرحمه - قال (باب نفقة الابوين)

ذكر فيه حديث محمد بن المنكدر (ان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم) ثم قال (هذا منقطع وقد روى موصولا من اوجه لا يثبت مثلها) - قلت - وقد روى موصولا من وجه صحيح قال أبو بكر البزار ومن صحيح هذا الباب حديث ذكره بقى بن مخلد فقال ثنا هشام بن عمار ثنا عيسى بن يونس ثنا يوسف بن اسحق بن أبى اسحق عن محمد بن المنكدر عن جابر أن رجلا قال يارسول الله ان لى مالا وولدا وان أبى يريد أن يجتاح مالى قال انت ومالك لابيك - واخرجه ايضا ابن ماجه في سننه عن هشام بن عمار بسنده المذكور والطحاوى من حديث عبد الله بن يوسف ثنا عيسى بن يونس فذكره بسنده - خاتمة المجلد السابع وقع الفراغ من المجلد السابع من السنن الكبرى للامام البيهقى رحمه الله تعالى مع ما يقابله من الجوهر النقى في يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة اربع وخمسين وثلاث مائة والف من هجرة النبي الكريم عليه وسلم وصحبه افضل الصلاة واكمل التسليم - والحمد لله رب العالمين

الجوهر النقي - المارديني ج 8
الجوهر النقي
المارديني ج 8

ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا الجزء الثامن الجوهر النقي للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير بابن التركماني المتوفي سنة خمس وأربعين وسبع مائة دار الفكر

قال (باب من احق منهما بحسن الصحبة) ذكر فيه الحديث (أي الناس احق بحسن الصحبة) من رواية عبد الله بن شبرمة عن أبى زرعة عن أبى هريرة ثم قال (اخرجاه في الصحيح من حديث ابن شبرمة) - قلت - اراد به عبد الله المذكور اولا وهو لم يحتج به البخاري وانما اخرج الحديث من جهة عمارة بن القعقاع عن أبى زرعة عن أبى هريرة ثم قال عقيبه وقال ابن شبرمة يعنى عبد الله ويحيى بن ايوب ثنا أبو زرعة فالصواب ان يقال اخرجاه من حديث عمارة بن القعقاع - فان قلت - فلعله مراد البيهقى فان جده شبرمة فيجوز أن يقال له ابن شبرمة نسبا إلى جده قلنا لم يتقدم لعمارة ذكر في السند فان اراده مع انه في غاية البعد فقد خالف الاصطلاح واحال الطالب على علم الغيب -

قال (باب الابوين إذا افترقا وهما في قرية فالام احق بولدها ما لم تتزوج فإذا بلغ سبع سنين أو ثمان سنين خير)

ذكر فيه حديث عبد الحميد بن جعفر عن ابيه عن رافع بن سنان ثم قال (رافع جد عبد الحميد) - قلت - هو جد جده لانه عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع كذا ساق نسبه ابن عبد البر وصاحب الكمال وغيرهما واخرج الدار قطني هذا الحديث ولفظه عن عبد الحميد حدثنى أبى عن جد ابيه رافع وفى هذا الحديث اشياء - اولها - ان عبد الحميد متكلم فيه كان يحيى القطان يضعفه وكان الثوري يحمل عليه ويضعفه كذا في الضعفاء لابن الجوزى - ثانيها - انه مضطرب الاسناد
والمتن قال ابن القطان ورويت القصة من طريق عثمان البتى عن عبد الحميد بن سلمة عن ابيه عن جده ان ابويه اختصما فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم احدهما مسلم والآخر كافر فخيره فتوجه إلى الكافر فقال اللهم اهده فتوجه إلى المؤمن فقضى له به هكذا ذكره أبو بكر بن أبى شيبة عن اسمعيل بن ابراهيم هو ابن علية عن عثمان البتى وكذا رواه يعقوب الدورقى عن اسمعيل ايضا ورواه يزيد بن زريع عن عثمان البتى فقال فيه عبد الحميد بن يزيد بن سلمة ان جده اسلم وأبت امرأته ان تسلم وبينهما ولد صغير فذكر مثله رواه عن يزيد بن زريع يحيى بن عبد الحميد الحمانى من رواية ابن أبى خيثمة عنه نقلت جميعها من كتاب قاسم بن الاصبغ الا ان هذه القصة هكذا يجعل المخير غلاما وجد عبد الحميد بن يزيد بن سلمة (1) وعبد الحميد وابوه وجده لا يعرفون انتهى كلامه - وفى مصنف عبد الرزاق انا الثوري عن عثمان البتى عن عبد الحميد الانصاري عن ابيه عن جده ان جده اسلم وأبت امرأته ان تسلم فجاء بابن له صغير لم يبلغ فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم الاب ههنا والام ههنا ثم خيره وقال اللهم اهده فذهب إلى ابيه وكذا في مسند احمد وسنن النسائي انه جاء بابن صغير - وذكر ابن الجوزى في جامع المسانيد أن رواية من روى انه كان غلاما اصح - وذكر الطحاوي هذا الحديث من وجه آخر وفيه انه عليه السلام قال لهما هل لكما ان تخيراه فقالا نعم ففيه ان التخيير كان باختيارهما - ثالثها - ان الشافعي وغيره من العلماء لم يقولوا بظاهر هذا الحديث فان الفطيم لا يطلق على من بلغ سبعا لانهم كانوا يفطمون لنحو حولين فلا حجة في الحديث في محل النزاع وايضا لا يصح اثبات التخيير بهذا الحديث على مذهب الشافعي لان التخيير انما يكون بين شخصين من اهل الحضانة والام ليست من اهل الحضانة عنده لانها كافرة والاب مسلم فكيف يحتج البيهقى بحديث لا يقول امامه بموجبه -
__________
(1) كذا

قال (باب ما ورد في التشديد في ضرب المماليك)

ذكر فيه من طريق أبى داو حديثا عن عباس الحجرى عن ابن عمر ثم قال (وقال اصبغ عن ابن وهب باسناده سمع عبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عمر اصح) - قلت - ذكره الحافظ المزى في اطرافه في مسند عبد الله بن عمرو وعزاه إلى أبى داود - وفى تاريخ البخاري عباس الحجرى يعد في المصريين سمع عبد الله بن عمرو بن العاص قال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم كم اعفو عن الخادم الحديث -

قال (باب حلب الماشية) ذكر فيه (دع داعى اللبن عن جماعة عن الاعمش عن يعقوب بن بحير عن ضرار) ثم قال (وخالفهم أبو معاوية فرواه عن الاعمش عن عبد الله بن سنان عن يعقوب عن ضرار) - قلت - ذكره ابن منده في معرفة الصحابة ان الثوري رواه عن الاعمش عن عبد الله بن سنان عن ضرار ولم يدخل بينهما يعقوب وكذا صاحب الميزان عن أبى حاتم وكذا اخرجه الطحاوي والحاكم في مستدركه -

قال (باب التغليظ على من قتل نفسه)

ذكر فآخره حديث جرير (عن الحسن بن جندب قال عليه السلام كان فيمن قبلكم رجل) الحديث ثم قال (اخرجه البخاري في الصحيح فقال وقال حجاج بن منهال عن جرير) - قلت - اخرجه البخاري في ذكر بنى اسرائيل متصلا عن محمد عن حجاج بسنده -

قال (باب فيمن لا قصاص بينه باختلاف الدين) (قال الله تعالى - يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص - إلى قوله - فمن عفى له من اخيه شئ) - قلت - هذه الآية حجة لخصمه لان عموم القتل يشمل المؤمن والكافر خوطب المؤمنون بوجوب القصاص في عموم القتلى وكذا قوله (الحر بالحر) يشملها بعمومه والمراد بقوله تعالى (فمن عفى له من اخيه) الاخوة في الجنسية كقوله تعالى (كذبت عاد المرسلين إذا قال لهم

اخوهم هود) لم يرد الاخوة في الدين ولو سلمنا ان المراد بالآية الاولى الاخوة في الدين نقول يجوز أن يتقدم لفظ عام ثم يعطف عليه خاص كقوله تعالى (ووصينا الانسان بوالديه) يعم الوالدين المسلمين والكافرين ثم قوله تعالى (وان جاهداك لتشرك بى) خاص في الكافرين وقد تقدم مثل هذا البحث قريبا في باب لا نفقة للمبتوتة -

قال (باب بيان ضعف الخبر الذى روى) (في قتل المؤمن بالكافر)

ذكر فيه حديث ربيعة عن ابن البيلمانى مرسلا ثم ذكر (عن أبى عبيد قال بلغني عن ابن أبى يحيى انه قال انا حدثت ربيعة به فانما دار على ابن أبى يحيى عن ابن البيلمانى) - قلت - خرجه أبو داود في كتاب المراسيل بسند رجاله ثقات عن ربيعة عن عبد الرحمن بن البيلمانى حدثه انه عليه السلام الحديث فقد صرح في هذه الرواية بان ابن البيلمانى حدث ربيعة وخرج ابن أبى يحيى من الوسط ولم يدر الحديث عليه وما ذكره أبو عبيد بلاغ لم يذكر من بلغه لينظر في امره - وقد روى الحديث مرسلا من وجه آخر - اخرجه أبو داود في المراسيل بسنده عن عبد الله بن عبد العزيز الحضرمي قال قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين مسلما بكافر واخرجه الطحاوي من وجه آخر مرسلا من حديث محمد بن المنكدر عن النبي

صلى الله عليه وسلم - وذكره ابن حزم ولم يعبه بغير الارسال - ثم ذكر البيهقى (ان رجلا من بكر قتل رجلا من اهل الحيرة فكتب عمران يدفع إلى اولياء المقتول فان شاؤا قتلوا وان شاؤا عفوا فدفع إلى رجل يقال له حنين فقتله فكتب عمر بعد ذلك ان كان الرجل لم يقتل فلا يقتلوه فرأوا ان عمر أراد أن يرضيهم من الدية - قال الشافعي الذى رجع إليه اولى ولعله اراد أن يخيفه بالقتل ولا يقتله) - قلت - ارضاؤهم من الدية لا ينافى وجوب القتل إذا مع وجوبه للولى ان يعفو ويأخذ الدية كما حكى البيهقى فيما تقدم في باب ايجاب القصاص في العمد عن أبى العالية في قوله تعالى (ذلك تخفيف من ربكم) يقول حين اطعمتم الدية ولم تحل لاهل التوراة انما هو قصاص أو عفو وكان اهل الانجيل انما هو عفو ليس غيره فجعل لهذه الامة القود والدية والعفو وإذا فهموا من قول عمر لا تقتلوه لعلهم يرضون بالدية لم يكن ذلك رجوعا منه عن وجوب القتل وكيف يظن بعمر أنه يخيرهم في قتله أو العفو ثم لا يريد القتل بل التخويف ومن اين يفهم الاولياء هذا المراد من قول عمر فان شاؤا قتلوا بلى الذى فهموا منه اباحة القتل ولهذا قتل وكيف يحل له ارادة التخويف فيتلفظ بلفظ يفهم منه القتل لا التخويف به هذا لا يظن به ثم ذكر البيهقى (ان الشافعي قيل له ثبت عندكم عن عمر من هذا شئ فقال ولا حرف

وهذه الاحاديث منقطعات أو ضعاف أو تجمع الانقطاع والضعف) - قلت - المنقطع إذا روى من وجه آخر منقطعا
كان حجة عند الشافعي وقد روى عن النزال بن سبرة ان رجلا مسلما قتل رجلا من اهل الجزية فكتب عمر بأن يقاد به ثم كتب كتابا بعده ان لا تقتلوه ولكن اعقلوه ذكره ابن أبى شيبة وصححه ابن حزم - ثم ذكر البيهقى من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر - إلى آخره ثم قال (موصول) - قلت - ذكره عبد الرزاق في مصنفه وزاد في آخره قال الزهري وقتل خالد بن المهاجر هو ابن خالد بن الوليد رجلا ذميا في زمن معاوية فلم يقتله به وغلظ عليه الدية الف دينار - ثم ذكره عن ابن جريج أخبرني ابن شهاب عن عثمان ومعاوية مثله قال ابن حزم هذا في غاية الصحة عن عثمان ولا يصح في هذا شئ غير هذا عن احد من الصحابة الا ما ذكرنا عن عمر من طريق النزال - ثم ذكر البيهقى (عن الشافعي انا محمد بن الحسن انا محمد بن يزيد انا سفيان بن حسين عن الزهري ان ابن شاس قتل رجلا من انباط الشام فرفع إلى عثمان) إلى آخره ثم قال (قال الشافعي هذا حديث من يجهل) - قلت - ابن يزيد هو الكلاعى الواسطي وثقه ابن معين وأبو داود وقال ابن حنبل كان ثبتا في الحديث فلا ادرى من الذى يجهل من هؤلاء وكان الوجه ان يرده الشافعي بالانقطاع بين الزهري وعثمان - وقد ذكر البيهقى فيما بعد في باب دية اهل الذمة اثرا عن عثمان ثم قال (وقد روى عن عثمان خلاف هذا باسنادين)

احدهما غير محفوظ والآخر منقطع وقد ذكرناهما في باب لا يقتل مؤمن بكافر) انتهى كلامه وكأنه يشير بالمنقطع إلى هذا الاثر الذى رواه الزهري ثم ذكر البيهقى اثرا عن على فضعف سنده - قلت - روى عن الحكم بن عتيبة ان على بن أبى طالب وابن مسعود قالا من قتل يهوديا أو نصرانيا قتل به - قال ابن حزم هو مرسل وصح عن عمر بن عبد العزيز كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن ميمون قال شهدت كتاب عمر بن عبد العزيز إلى بعض امرائه في مسلم قتل ذميا فأمره ان يدفعه إلى وليه فان شاء قتله وان شاء عفا عنه قال عمرو فدفع إليه فضرب عنقه وانا انظر - وصح ايضا عن ابراهيم النخعي قال يقتل المسلم الحر باليهودى والنصراني - وروى عن الشعبى مثله وهو قول ابن أبى ليل وعثمان البتى انتهى كلامه وروى ابن أبى شيبة بسند صحيح ان رجلا من النبط عدا عليه رجل من اهل المدينة فقتله قتل غيلة فاتى به ابان بن عثمان وهو إذ ذاك على المدينة فامر بالمسلم الذى قتل الذمي ان يقتل، وابان معدود من فقهاء المدينة قال عمرو بن شعيب ما رأيت احدا اعلم بحديث ولا فقه منه - قال (باب لا يقتل حر بعبد) ذكر فيه حديث على (من السنة ان لا يقتل حر بعبد) - قلت - ذكر البيهقى في كتاب المعرفة ان جابر الجعفي تفرد به وفى

باب النهى عن الامامة جالسا في هذا الكتاب (عن الدار قطني انه متروك) وفى الاستذكار اتفق أبو حنيفة واصحابه والثوري وابن أبى ليلى وداود على ان الحر يقتل بالعبد وروى ذلك عن على وابن مسعود وبه قال ابن المسيب والنخعي وقتادة والحكم - قال (باب ما روى فيمن قتل عبده) ذكر فيه حديثا عن الحسن عن سمرة ثم قال (ذهب بعضهم إلى انه لم يسمع منه غير حديث العقيقة) - قلت - وذكر في

باب النهى عن بيع الحيوان بالحيوان (ان اكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن من سمرة في غير حديث العقيقة) وفى الاستذكار قال الترمذي سألت البخاري عن هذا الحديث فقال كان ابن المدينى يقول به وانا اذهب إليه وسماع الحسن من سمرة عندي صحيح - ثم ذكر البيهقى حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده من وجوه ثم قال (اسانيد هذه الاحاديث ضعيفة)

قلت - قد جاء حديث عمرو من وجه جيد ذكر عبد الرزاق في مصنفه عن معمر وابن جريج عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عبد الله بن عمرو أن زنباعا وجد غلاما له مع جاريته فقطع ذكره وجدع انفه فأتى العبد النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما حملك على ما فعلت قال فعل كذا وكذا فقال صلى الله عليه وسلم اذهب فانت حر - قال عبد الرزاق وسمعت انا محمد بن عبيد الله العرزمى يحدث به عن عمرو بن شعيب - قال (باب العبد يقتل فيه قيمته) ذكر فيه اثرا عن عمر وعلى ثم قال (اسناد صحيح) - قلت - في سنده هشيم وهو مدلس وقد قال عن سعيد بن أبى عروبة وسعيد قد اختلط آخرا -

قال (باب القود بين الرجال والنساء) (قال البخاري في الترجمة يذكر عن عمر تقاد المرأة من الرجل في كل عمد يبلغ نفسه فما دونها وبه قال عمر بن عبد العزيز) ثم قال البيهقى (اما الرواية في ذلك عن العمرين فقد مضت عن عبد العزيز بن عمر أن في كتاب لعمر بن عبد العزيز أن عمر
قال يقاد المملوك من المملوك في كل عمد يبلغ نفسه فما دون ذلك) - قلت - هما امران مختلفان الذى حكاه البخاري عن عمر في القود بين الرجل والمرأة والذى ذكره عمر بن عبد العزيز في القود بين العبيد فكيف يقول البيهقى اما الرواية في ذلك عن العمرين - ثم ذكر البيهقى حديث انس في كسر الثنية من رواية ثابت عن انس ثم قال (خالفه حميد عن انس) ثم قال (وثابت احفظ ويحتمل انهما قصتان وهو الاظهر) - قلت - كونهما قصتين في غاية البعد والصواب الترجيح ومقصود البيهقى بقوله (وثابت احفظ) ترجيح روايته على رواية حميد وكيف تترجح روايته والراوي عنه حماد هو ابن سلمة

ولم يحتج به البخاري وتكلموا فيه قال البيهقى في باب من مر بحائط انسان (ليس بالقوى) وقال في باب من صلى وفى ثوبه أو نعله اذى (حماد بن سلمة مختلف في عدالته) وقال في ابواب زكاة الابل (ساء حفظه في آخر عمره فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه) فظهر من هذا ان رواية حميد ارجح من رواية ثابت ولهذا اخرجها البخاري دون رواية ثابت وفى شرح مسلم للنووي قال العلماء المعروف في الروايات رواية البخاري - ثم ذكر البيهقى (عن أبى الزناد عن الفقهاء السبعة انهم كانوا يقولون المرأة تقاد من الرجل) إلى آخره ثم قال البيهقى (ورويناه عن الزهري وغيره) - قلت - قد جاء عن الزهري خلاف ذلك قال لا يقص للمرأة من زوجها ذكره ابن أبى شيبة بسند صحيح وفى موطأ مالك سمع ابن شهاب يقول مضت السنة ان الرجل إذا اصاب امرأته بجرح ان عليه عقل ذلك الجرح ولا يقاد منه - والمراد بذلك ما دون النفس إذ لو قتلها قتل اجماعا حكاه غير واحد من العلماء ولابن أبى شيبة بسند صحيح عن الحسن في رجل لطم امرأته فاتت تطلب القصاص فجعل النبي صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص فأنزل الله تعالى (ولا تعجل بالقرآن من قبل ان يقضى اليك وحيه) - ونزلت (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) وله ايضا بسند صحيح عن محمد بن زياد هو الالهانى قال كانت جدتى ام ولد عثمان بن مظعون فلما مات جرحها ابن له فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب فقال له عمر أعطها ارشا بما صنعت بها - وذكر البيهقى هذا الاثر بعد في باب عتق امهات الاولاد -

قال (باب عمد القتل بالحجر)

ذكر فيه حديث حمل من طريق ابن عباس (ان عمر سأل الناس) إلى آخره ثم قال (اسناد صحيح) ثم قال (الا ان فيه زيادة
لم اجدها في شئ من طريق هذا الحديث وهى قتل المرأة بالمرأة وفى حديث عكرمة عن ابن عباس موصولا وحديث ابن طاوس عن ابيه مرسلا وحديث جابر وأبى هريرة موصولا ثابتا انه قضى بديتها على العاقلة) - قلت - لهذا الحديث سند صحيح ذكره البيهقى فيما بعد في باب دية الجنين واما السند المذكور في هذا الباب ففى صحته نظر لان فيه عبد الملك

أبو قلابة الرقاشى متكلم فيه قال الدار قطني كثير الخطأ في الاسانيد والمتون كان يحدث من حفظه فكثرت الا وهام منه انتهى كلامه ولهذا لم يخرج له في الصحيحين شئ وإذا كان الصواب في هذه القضية القضاء بالدية لا القود كما هو المفهوم من كلام البيهقى وقد قتلها بحجر أو عمود فسطاط كما ثبت في الصحيح والا ظهر أن مثل هذا القتل انما يكون بآلة قاتلة دل هذا الحديث على ان القتل بما يقتل غالبا ولا يقاس منه شبه عمد لا عمد فهو حجة على البيهقى وامامه ومخالف لمقصود البيهقى - قال (باب شبه العمد) ذكر فيه حديث على بن زيد بن جدعان عن القاسم بن ربيعة عن ابن عمر ثم ذكر (ان المزني احتج به فقال عراقى ايحتج

بابن جدعان فقال محمد بن اسحق بن خزيمة قد روى هذا الحديث غيره وهو ايوب السختيانى وخالد الحذاء) - قلت - ظاهر كلامه انهما روياه من الوجه الذى رواه ابن جدعان وليس كذلك لانه رواه عن القاسم عن ابن عمر، وايوب رواه عنه عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وخالد رواه تارة عنه عن عقبة بن اوس عن رجل من الصحابة وتارة رواه عنه عن عقبة ابن اوس عن عبد الله بن عمرو كما بينه البيهقى بعد في هذا الباب - ثم ذكر البيهقى حديث (من ضرب بسوط ظلما اقتص منه يوم القيامة) - قلت - هذا الحديث غير مناسب للباب وايضا فان احكام الدنيا لا تؤخذ من احوال الآخرة -

قال (باب الحال التى إذا قتل الرجل اقيد منه) ذكر فيه حديث مقتل عمر رضى الله عنه - قلت - في هذا الحديث ان ابا لؤلؤة نحر نفسه وليس فيه انه اقيد منه فلا ادرى ما مناسبته للتبويب -

قال (باب الرجل يحبس الرجل للاخر فيقتله)
ذكر فيه حديثا عن اسمعيل بن امية عن نافع عن ابن عمر ثم قال (غير محفوظ) ثم ذكره عن اسمعيل مرسلا وذكر (أنه الصواب) - قلت - صحيح ابن القطان رفعه وقال اسمعيل من الثقات فلا يعد رفعه مرة وارساله اخرى اضطرابا إذ يجوز للحافظ ان يرسل الحديث عند المذاكرة فإذا اراد التحميل اسنده -

قال (باب الخيار في القصاص)

ذكر فيه عن جماعة في قوله تعالى (ذلك تخفيف من ربكم) - (انه رخص لامة محمد صلى الله عليه وسلم ان شاء قتل وان شاء اخذ الدية وان شاء عفا) ثم ذكر حديث أبى شريح (فهو بالخيار بين ان يقتص أو يعفو أو يأخذ العقل) ثم ذكر قوله عليه

السلام لولى المقتول (أتعفو قال لا قال فتأخذ الدية قال لا) - قلت - في هذا كله ان العفو قسيم لاخذ الدية فدل على انهم إذا عفوا لا يأخذون الدية الا بالاشتراط وحكى الطحاوي في احكام القرآن عن الشافعي قال بالعفو يستحق اخذ الدية اشترط ذلك في عفوه ام لا - قال (باب من قال موجب العمد القود) ذكر فيه حديث ابن عباس (من قتل في عمية) - قلت - قد ذكر البيهقى فيما مضى في باب شبه العمد (ان هذا الحديث ارسله بعضهم ووصله بعضهم) فكان الوجه الاستدلال بما في الصحيحين من قوله عليه السلام في قصة الربيع كتاب الله القصاص - قال صاحب الاستذكار واليه ذهب أبو حنيفة واصحابه والثوري وابن شبرمة والحسن بن حى وهو الاظهر من مذهب مالك -

قال (باب الترغيب في العفو)

ذكر في آخره حديثا (عن أبى السفر قال أبو الدرداء) الحديث ثم ذكر حديثا (عن الشعبى قال عبادة بن الصامت سمعته عليه السلام يقول من اصيب بجسده بقدر نصف ديته فعفا) الحديث ثم قال (كلاهما منقطع) - قلت - عبادة توفى سنة اربع
وثلاثين والشعبى ولد سنة تسع عشرة فلقاؤه لعبادة ممكن وقد خرج النسائي هذا الحديث عن الشعبى عن عبادة فتحمل عنعنته على الاتصال على رأى مسلم وغيره -

قال (باب من قال يقتص الكبار قبل بلوغ الصغار) ذكر فيه قتل الحسن بن على لابن ملجم قال (قال بعض اصحابنا انما استبد بقتله قبل بلوغ الصغار من ولد على لانه قتله حدا لكفره لا قصاصا) - قلت - ذكر البيهقى فيما بعد في باب الرجل يقتل واحدا من المسلمين على التأويل (عن الشافعي قال انا ابراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن ابيه ان عليا قال في ابن ملجم بعدما ضربه أطعموه اسقوه وأحسنوا اساره فان عشت فانا ولى دمى أعفو ان شئت وان شئت استقدت وان مت فقتلتموه فلا تمثلوا) وقال القدورى في التجريد لو كان مرتدا لجازت المثلة به وايضا ما كان على يقف قتله على شرط الموت ولو قتل لسعيه في الارض بالفساد لم يجز العفو عنه وقال محمد بن جرير الطبري في التهذيب اهل السير لا تدافع عنهم ان عليا أمر بقتل قاتله قصاصا ونهى ان يمثل به ولا خلاف بين احد من الامة ان ابن ملجم قتل عليا متأولا مجتهدا مقدرا على انه على صواب وفى ذلك يقول عمران بن حطان -

(شعر) يا ضربة من تقى ما اراد بها * الا ليبلغ من ذى العرش رضوانا انى لافكر فيه ثم احسبه * اوفى البرية عند الله ميزانا وذكر صاحب الاستيعاب ان ابن ملجم قال الشبيب الاشجعى هل لك ان تساعدني على قتل على فقال ويلك انه ذو سابقة في الاسلام فقال ابن ملجم انه حكم الرجال في دين الله وقتل اخواننا الصالحين وانه ضربه على رأسه وقال الحكم لله يا على لا لك ولا لاصحابك انتهى كلامه وهذا ايضا يدل على انه كان مسلما متأولا وذكر ابن قتيبة في كتاب السياسة ان ابن ملجم دخل المسجد في فروع الفجر الاول فدخل في الصلاة تطوعا ثم افتتح القراءة فجعل يكرر هذه الآية (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء) فاقبل على وبيده محسر (1) يوقظ الناس للصلاة فمر بابن ملجم وهو يردد الآية فظن انه تعيا فيها ففتح له (والله رؤف بالعباد) ثم انصرف على فتبعه فضربه على قرنه فقال على احبسوه ثلاثا وأطعموه واسقوه فان أعش ارى فيه رأيى وان امت فاقتلوه ولا تمثلوا به فمات وأخذه عبد الله بن جعفر فقطع يده ورجليه فلم يجزع وأرادوا قطع لسانه فجزع فقيل له
ما هذا الجزع على لسانك وحده قال انى اكره ان تمر بى ساعة من نهار لا اذكر الله فيها ثم قطعوا لسانه وضربوا عنقه - قال (باب عفو بعض الاولياء) ذكر فيه حديث (على المقتتلين ان ينحجزوا الاول فالاول وان كانت امرأة) ثم ذكر (عن أبى عبيد قال وذلك ان يقتل
__________
(1) كذا

القتيل وله ورثة رجال ونساء فأيهم عفا عن دمه من رجل وامرأة فعفوه جائز لان قوله ينحجزوا يعنى يكفوا عن القود) قلت - ذكر الطحاوي انه سأل عن تفسير هذا الخبر احمد بن أبى عمران والمزنى فقال ابن أبى عمران هذا يخرج منه جواز عفو النساء عن الدم وقال المزني معناه القتال في غير الحق ورد ابن حزم قول ابن أبى عمران وقال لا يفهم احد من هذا أنه يجوز عفو النساء عن الدم اولا وقال كلام المزني صحيح لا يجوز لاحد أن يقول غيره وهو مقتضى الخبر ومفهومه وهو انه يجب على المقتتلين ان ينحجز بعضهم عن بعض فلا يقتتلون وان يبدأ بالانحجاز الاول فالاول لان الاولين يتصادمون قبل من خلفهم فالانحجاز فرض على الاول فالاول ولو أنه امرأة لحرمة القتال -

قال (باب ما روى في ان لا قود الا بحديدة) ذكر فيه حديث قيس (عن جابر الجعفي عن أبى عازب عن النعمان بن بشير عنه عليه السلام قال لا قود الا بحديدة) ثم قال (كذا اتى به قيس بن الربيع ورواه الثوري عن جابر على اللفظ الذى مضى في باب شبه العمد) ثم ذكره من وجوه

ثم قال في آخر الباب (لم يثبت له اسناد وجابر بن يزيد الجعفي مطعون) - قلت - الجعفي وان طعن فيه قال وكيع مهما شككتم في شئ فلا تشكوا في ان جابرا ثقة وقال شعبة هو صدوق في الحديث وقال الثوري لشعبة لئن تكلمت في جابر لا تكلمن فيك وفى الكاشف للذهبي ان ابن حبان اخرج له في صحيحه وبقى في السند قيس بن الربيع سكت عنه البيهقى هنا وقال في باب من زرع ارض غيره بغير اذنه (ضعيف عند اهل العلم بالحديث) انتهى كلامه وفيه نظر فقد قال عفان كان قيس ثقة يوثقه الثوري وشعبة وقال شعبة سمعت ابا حصين يثنى عليه وقال أبو داود سمعت شعبة يقول عليك به وقال أبو داود الطيالسي هو ثقة حسن الحديث وقال معاذ العنبري قال لى عبد الله بن عثمان حيث لقيت قيسا لا تبال ان لا تلقى
سفيان وقال سفيان بن عيينة ما ادركت بالكوفة احسن حديثا منه وقال ابن عدى عامة رواياته مستقيمة والقول فيه ما قال شعبة وانه لا بأس به وقد اخرج ابن ماجه في سننه عن ابراهيم بن المستمر عن أبى عاصم النبيل عن سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن أبى عازب عن النعمان بن بشير عنه عليه السلام قال لا قود الا بالسيف فقد تابع الثوري قيس بن الربيع على رواية هذا الحديث وقول البيهقى ورواه الثوري عن جابر على اللفظ الذى مضى في باب شبه العمد فيه نظر من وجهين احدهما - ان هذا اللفظ لم يذكره البيهقى في باب شبه العمد وانما ذكره قبله ببابين فقال (جماع ابواب صفة قتل العمد وشبه العمد - باب عمد القتل بالسيف) ثم ذكر الرواية المذكورة - الثاني - ان لفظها كل شئ خطأ الا السيف ولكل خطأ ارش وهذا اللفظ مخالف لحديث هذا الباب في اللفظ والمعنى فكيف يقول البيهقى (ورواه الثوري) ولو ذكر اللفظ الذى ذكره ابن ماجه من رواية الثوري عن جابر لكان هو الوجه - وقال ابن ماجه ايضا ثنا ابراهيم بن المستمر ثنا الحر بن مالك العنبري ثنا مبارك بن فضالة عن الحسن عن أبى بكرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قود الا بالسيف - وهذا شاهد لحديث النعمان وسنده جيد ابن المستمر صدوق كذا قال النسائي والحر قال ابن أبى حاتم في كتابه سألت أبى عنه فقال صدوق لا بأس والمبارك وان تكلم فيه فقد اخرج له البخاري في التابعات في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يخوف الله عباده بالكسوف واخرج له ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك ووثقه وقال عفان كان ثقة وكان وكان ووثقه ابن معين مرة وضعفه اخرى وكان يحيى القطان يحسن الثناء عليه - فهذا الحديث قد روى من وجوه كثيرة يشهد بعضها لبعض

فاقل احواله ان يكون حسنا وبه قال النخعي والشعبى والحسن وأبو حنيفة واصحابه - قال (باب القصاص فيما دون النفس) ذكره في آخره حديث كسر الثنية - قلت - بعض الكلام عليه في باب القود بين الرجال والنساء - قال (باب ما لا قصاص فيه)

ذكر فيه من حديث أبى يعلى ثنا أبو كريب ثنا رشدين بن سعد عن معاذ بن محمد إلى آخره - قلت - ذكر أبو يعلى الموصلي هذا الحديث في مسنده وادخل بين رشدين ومعاذ معاوية وكذا اخرجه ابن ماجه في سننه ومحمد بن جرير الطبري في التهذيب الا انهما قالا معاوية بن صالح - ثم ذكر حديثا من رواية أبى بكر بن عياش عن دهثم حدثنى نمران بن جارية عن
ابيه إلى آخره - قلت - اخرجه ابن ماجه في سننه عن عمار بن خالد الواسطي عن أبن عياش بسنده وعمار قال ابن أبى حاتم

كتبت عنه مع أبى بواسط وكان ثقة صدوقا ودهثم متكلم فيه وذكره ابن حبان في الثقات وفى الكاشف للذهبي نمران وثق - قال (باب ما جاء في الاستئناء بالقصاص) ذكر فيه حديثا (عن أبى بكر وعثمان ابني أبى شيبة عن ابن علية عن ايوب عن عمرو عن جابر) ثم ذكر (عن الدار قطني انه قال اخطأ ابنا أبى شيبة فيه وخالفهما احمد وغيره فرووه عن ابن علية مرسلا من حديث عمرو) - قلت - ابنا أبى شيبة امامان حافظان وقد زاد الرفع فوجب قبوله على ما عرف قال عمرو بن على ما رأيت احفظ من أبى بكر بن أبى شيبة وكذا

قال أبو زرعة وقال ابن عدى سمعت ابن عرفة يقول سمعت ابن خراش يقول سمعت ابا زرعة الرازي يقول ما رأيت احفظ من أبى بكر بن أبى شيبة فقلت يا ابا زرعة فأصحابنا البغداديون فقال اصحابك اصحاب مخاريق ما رأيت احفظ من أبى بكر ابن أبى شيبة وقال ابن معين ابنا أبى شيبة ليس فيهما شك ولهذا صحح ابن حزم هذا الحديث من هذا الوجه ثم على تقدير تسليم ان الحديث مرسل فقد روى مرسلا ومسندا من وجه قال الحازمى قد روى هذا الحديث عن جابر من غير وجه وإذا اجتمعت هذه الطرق قوى الاحتجاج بها - ثم ذكر البيهقى الحديث من جهة محمد بن حمران عن ابن جريج عن عمرو ابن شعيب عن ابيه عن جده ثم قال (وكذلك رواه مسلم بن خالد عن ابن جريج) - قلت - محمد بن حمران لا بأس به كذا قال ابن عدى ومسلم بن خالد وان تكلموا فيه فقد وثقه ابن معين وغيره واخرج له الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وذكر الحازمى حديث ابن ركانة الذى ذكره البيهقى في هذا الباب ثم قال في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ما يدل على ان هذا الحكم منسوخ وانما اقاد النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القضية حسب ولم يقد بعد ذلك ثم ذكر حديث عمرو بن شعيب المذكور ثم قال روى عن ابن جريج من غير وجه فان صح سماع ابن جريج من عمرو بن شعيب فهو حديث حسن يقوى الاحتجاج به لمن يرى الحكم الاول منسوخا واخرج الطحاوي بسند جيد عن الشعبى عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يستقاد من الجرح حتى يبرأ وفى مصنف عبد الرزاق عن الثوري عن حميد الاعرج ان رجلا وجأ رجلا بقرن في فخذه فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يطلب إليه ان يقيده فقال صلى الله عليه وسلم حتى يبرأ فابى الا ان يقيد فاقاد فشلت
رجله بعد فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما ارى لك شيئا قد اخذت حقك - وفى الاستذكار روى الثوري عن عيسى ابن المغيرة عن بديل بن وهب ان عمر بن عبد العزيز كتب إلى طريف بن ربيعة وكان قاضيا بالشام ان صفوان بن المعطل ضرب حسان بالسيف فجاءت الانصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا القود فقال تنتظرون فان يبرأ صاحبكم تقتصوا وان يمت نقدكم فعوفى حسان فقال الانصار قد علمتم ان هوى النبي صلى الله عليه وسلم في العفو فعفوا - فهذا امر قد روى من

عدة طرق يشد بعضها بعضا قال الطحاوي من خالف هذا الحديث فقد خالف كل من تقدم من العلماء وفى الاستذكار اكثر اهل العلم مالك وأبو حنيفة واصحابهما وسائر الكوفيين والمدنيين على انه لا يقتص من جرح ولا يودى حتى يبرأ -

قلت في الاستذكار قال مالك وأبو حنيفة واصحابهما وابن أبى ليلى القتل في الحل والحرم والشهر الحرام وغيره سواء وهو قول ابن المسيب وعروة وسليمان بن يسار وأبى بكر بن عبد الرحمن وخارجة وعبيد الله بن عبد الله لانه عليه السلام لم يوقت في الديات شيئا من ذلك وأجمعوا أن الكفارة على من قتل في الشهر الحرام وغيره سواء فالقياس ان تكون الدية كذلك -

قال (باب من قال هي اخماس)

ذكر فيه من طريق أبى داود حديث خشف ثم قال (قال أبو داود وهو قول عبد الله) ثم قال البيهقى (يعنى انما روى من قول عبد الله موقوفا غير مرفوع) - قلت لا يفهم هذا من كلام أبى داود بل المفهوم من كلامه انه اخرج الحديث وسكت عنه ثم افاد انه قول عبد الله ايضا وفى الاستذكار هو قول أبى حنيفة واصحابه وابن حنبل وفى احكام القرآن للرازي لم يرو عن احد من الصحابة ممن قال بالاخماس خلافه وقول الشافعي لم يرو عن احد من الصحابة ثم حكى البيهقى (عن الدار قطني انه قال خشف مجهول) - قلت - وثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات من التابعين -

قال (باب اعواز الابل)

ذكر في اخره (عن الشافعي قال الدية لا تقوم الا بالدنانير والدراهم كما لا يقوم غيرها الا بهما) قال البيهقى (ويحتمل ان عمر قومها بغير الدراهم والدنانير برضى الجاني وولى الجناية) وعلى هذا حمل البيهقى قضاءه عليه السلام على اهل الابل مائة وعلى اهل البقر مائتي بقرة وعلى اهل الشاة الف شاة - قلت - وذكر البيهقى في الخلافيات ان القول الجديد للشافعي ان الاصل في الدية الابل وحدها ولا يجوز العدول عنها مع وجودها إلى غيرها وفى الاستذكار قال الشافعي بمصر لا يؤخذ من الذهب والورق الا قيمة الابل بالغا ما بلغت وقال مالك وأبو حنيفة والليث لا يؤخذ في الدية الا الابل أو الذهب أو الورق وهو قول الشافعي بالعراق وقال أبو يوسف ومحمد يؤخذ ايضا البقر والشاء والحلل - قال (باب تقدير البدل باثنى عشر الف درهم أو بالف دينار ذكر فيه حديث محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس - قلت - محمد هو الطائفي ضعفه ابن حنبل وقد رواه ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة عنه عليه السلام لم يذكر ابن عباس كذا قال أبو داود وقال ابن معين ابن عيينة اثبت

من الطائفي في عمرو بن دينار واوثق منه ولهذا قال عبد الحق المرسل احق من المسند - ثم ذكره البيهقى من طريق محمد ابن ميمون عن ابن عيينة بسنده المذكور بذكر ابن عباس ثم ذكر (انه قال كذلك مرة واحدة واكثر ذلك كان يقول عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم) - قلت - اخرجه النسائي عن ابن ميمون بسنده عن عكرمة سمعناه مرة يقول عن ابن عباس انه عليه السلام قضى باثنى عشر الفا يعنى في الدية ثم قال النسائي ابن ميمون ليس بالقوى والصواب مرسل وقال ابن حزم قوله يعنى في الدية ليس من كلامه عليه السلام ولا في الخبر بيان انه من قول ابن عباس وقد يقضى عليه السلام بذلك في دين أو دية بالتراضى ورواه مشاهير اصحاب ابن عيينة لم يذكروا فيه ابن عباس كما رويناه من طريق عبد الرزاق عن ابن عيينة فذكره عن عكرمة مرسلا واخرجه الترمذي من طريق ابن عيينة بسنده ولم يذكر ابن عباس ثم قال لا نعلم احدا يذكر في هذا الحديث عن ابن عباس غير محمد بن مسلم - ثم ذكر البيهقى كتابه عليه السلام في الديات - قلت - قد تكلمنا عليه في الزكاة ثم ذكر حديثا في سنده موسى بن خلف - قلت - ذكره ابن حبان فقال كثرت روايته للمناكير فاستحق الترك - قال (باب ما روى فيه عن عمر وعثمان سوى ما مضى)

ذكر فيه اختلافا عن عمر ثم قال (الرواية فيه عن عمر منقطعة) - قلت - روى وكيع عن ابن أبى ليلى عن الشعبى عن عبيدة السلمانى قال وضع عمر بن الخطاب على اهل الذهب الف دينار وعلى اهل الورق عشرة آلاف درهم - وفى المحلى روينا من طريق حماد بن سلمة عن حميد قال كتب عمر بن عبد العزيز في الدية عشرة آلاف درهم وقال ابن المنذر هو قول أبى حنيفة واصحابه والثوري وأبى ثور وفى التجريد للقدورى لا خلاف في ان الدية الف دينار وكل دينار عشرة دراهم ولهذا جعل نصاب الذهب عشرين دينارا ونصاب الورق مائتي درهم -

قال (باب ما دون الموضحة) ذكر فيه اثرا عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ثم ذكر (ان عبد الرزاق قال لمالك حدثنى به فابى وقال العمل عندنا

على غيره ورجله عندنا ليس هناك يعنى ابن قسيط) - قلت - في كونه هو المراد نظر وذكر الطحاوي في كتاب الرد على الكرابيسى ان المراد غيره فاخرج في الكتاب المذكور عن النسائي قال قرئ على الحارث بن مسكين وانا اسمع عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الرحمن بن اشرس عن مالك عن رجل عن يزيد بن عبد الله بن قسيط فذكره ثم قال الطحاوي ما ملخصه فعقلنا بذلك ان مالكا لم يسمع من ابن قسيط وان مبلغه عنه الذى لم يسمه ليس هناك أي ليس موضعا لقبول روايته لا انه اراد بقوله ليس هناك ابن قسيط انتهى كلامه وهذا اولى لان ابن قسيط من الثقات الذين اخرج لهم الشيخان وغيرهما وقال ابن سعد ثقة كثير الحديث وقال صاحب التمهيد كان من سكان المدينة ومعدودا في علمائها وثقاتها وفقهائها زاد في الاستذكار ممن لقى ابن عمر وابا هريرة وابا رافع وروى عنهم وما كان مالك ليقول فيه ما ظن عبد الرزاق لانه قد احتج به في مواضع من كتابه وانما قال مالك ذلك في الرجل الذى كتم اسمه الذى حدثه به عن ابن قسيط - ثم ذكر البيهقى اثرا فيه محمد بن راشد فقال فيه (وان كنا نروى حديثه لرواية الكبار عنه فليس ممن تقوم الحجة بما ينفرد به) - قلت - الان القول فيه جدا كما ترى واطلق عليه الضعف في باب الحيض على الحمل وقال فيما مضى قريبا في باب الدية ارباع (ضعيف عند اهل العلم بالحديث) -

قال (باب دية اشفار العين)
قلت - الاشفار حروف الاجفان التى ينبت عليها الشعر واراد بها البيهقى نفس الاجفان وكذا فعل الشافعي في الام وقال العتبى تذهب العامة في اشفار العين انها الشعر وذلك غلط وقال المطرزى في المغرب لم يذكر احد من الثقات ان الاشفار الاهداب -

قال (باب دية الاصابع (1))
__________
(1) كذا - وفى السنن - باب الاصابع كلها سواء

ذكر فيه حديث ابن علية عن غالب عن مسروق بن اوس ثم ذكره من حديث سعيد بن أبى عروبة عن غالب عن حميد ابن هلال عن مسروق ثم قال (وكذلك رواه محمد بن جعفر عن ابن ابى عروبة) ثم قال (ورواه شعبة عن غالب فذكر سماع غالب من مسروق) - قلت خالفه أبو داود فاخرجه من طريق شعبة عن غالب عن مسروق ثم قال رواه محمد بن جعفر عن شعبة عن غالب قال سمعت مسروقا -

قال (باب الصحيح يصيب عين الاعور)

ذكر فيه (عن أبى مجلز سألت ابن عمر عن الاعور تفقأ عينه فقال عبد الله بن صفوان قضى عمر فيه بالدية فقلت انما اسأل ابن عمر فقال أو ليس يحدثكم عن عمر) ثم قال البيهقى (ظاهره ان ابن عمر كان لا يقول فيها بوجوب جميع الدية) - قلت ظاهره انه وافق عمر في ذلك إذ لو خالفه لما سكت هذا هو الظاهر من دينه وورعه ويقوى هذا ان ذلك جاء عنه مصرحا قال ابن أبى شيبة ثنا عبد الله عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال إذا فقئت عين الاعور ففيها دية كاملة -

قال (باب ما جاء في دية المرأة) ذكر فيه حديثا عن عباد بن نسى عن ابن غنم عن معاذ ثم قال (وروى ذلك من وجه آخر عن عبادة بن نسى وفيه ضعف) قلت - ظاهره ان قوله وفيه ضعف يعود إلى الوجه الاخير وقال في الباب الذى يلى هذا الباب (وروى عن معاذ عن
النبي صلى الله عليه وسلم باسناد لا يثبت مثله) وظاهر هذا يشمل الحديث بوجهيه - قال (باب ما جاء في جراح المرأة)

ذكر فيه (عن هشيم عن مغيرة عن ابراهيم قال كان فيما جاء به عروة البارقى إلى شريح من عند عمر) إلى آخره - قلت اخرجه ابن ابى شيبة في مصنفه عن جرير عن مغيرة عن ابراهيم عن شريح قال اتانى عروة البارقى من عند عمر أن جراحات الرجال والنساء تستوى في السن والموضحة وما فوق ذلك فان المرأة على النصف من دية الرجل -

قال (باب دية اهل الذمة) ذكر فيه حديث (في النفس المؤمنة مائة من الابل) - قلت - خصمه لا يقول المفهوم ومن قاعدته حمل المطلق على اطلاقه فيجرى ما ورد في بقية الروايات من قوله عليه السلام في النفس مائة من الابل ونحوه على اطلاقه وحديث في النفس المؤمنة على تقييده - ثم ذكر البيهقى (عن ابن المسيب ان عمر قضى) إلى آخره - قلت - ذكر مالك وابن معين ان ابن المسيب لم يسمع من عمر وقد ذكرنا ذلك غير مرة وقد جاء عن عمر خلاف هذا قال عبد الرزاق في مصنفه ثنا رباح ابن عبيد الله اخبرني حميد الطويل انه سمع انس بن مالك يحدث ان يهوديا قتل غيلة فقضى فيه عمر بن الخطاب باثنى عشر الف درهم - قال الطحاوي ثنا ابراهيم بن منقذ ثنا عبد الله بن يزيد المقرى عن سعيد بن أبى ايوب حدثنى يزيد بن أبى حبيب ان جعفر بن عبد الله بن الحكم اخبره ان رفاعة بن السموأل اليهودي قتل بالشام فجعل ديته عمر الف دينار - وهذا السند رجاله على شرط مسلم خلا ابن منقذ وهو ثقة اخرج له الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه - ثم ذكر البيهقى (عن صدقة ابن يسار قال ارسلنا إلى ابن المسيب نسأله عن دية المعاهد فقال قضى فيه عثمان باربعة آلاف قلنا فمن قبله فحصبنا قال الشافعي هم الذين سألوه آخرا) - قلت - وفى الخلافيات للبيهقي انما عنى الشافعي بقوله هذا انه روى عنه بخلافه وهذا آخر ما قضى به فالاخذ به اولى وقال في كتاب المعرفة وانما اراد والله اعلم ان ابن المسيب كان يقول بخلاف ذلك ثم رجع إلى هذا - قلت - السياق يدل على ان مراد الشافعي بالمسئول هو ابن المسيب كما فهمه البيهقى في كتاب المعرفة وكلامه في الخلافيات ظاهره يدل على انه فهم من كلام الشافعي ان مراده بالمسئول هو عثمان لانه قال وهذا آخر ما قضى به وابن المسيب فيما علمنا ما كان متوليا وعثمان لم يسئل في تلك القضية بل المسئول هو ابن المسيب فظهر أن كلام البيهقى في الخلافيات
ليس بجيد ثم انه كيف ما اراد الشافعي فكلامه دعوى وليس في القضية ما يدل على ان ذلك كان آخرا وسيأتى عن عثمان ايضا خلاف هذا - وذكر أبو عمر في التمهيد عن جماعة منهم ابن المسيب انهم قالوا دية المعاهد كدية المسلم - وروى الطحاوي بسنده عنه قال دية كل معاهد في عهده الف دينار - ثم ذكر البيهقى (انه روى عن عثمان بخلاف هذا بسندين احدهما منقطع والآخر غير محفوظ وانه ذكرهما في باب لا يقتل مؤمن بكافر) - قلت - كأنه يشير بالسند الذى هو غير محفوظ إلى رواية الزهري عن سالم عن ابن عمر وقد ذكرنا في ذلك الباب ان عبد الرزاق اخرجه عن الزهري من وجهين وان ابن حزم

قال هو في غاية الصحة عن عثمان فلا ادرى ما معنى قول البيهقى (غير محفوظ) وما ذكره البيهقى في آخر هذا الباب عن الزهري (كانت دية اليهودي والنصراني زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان مثل دية المسلم) يقوى ما روى عن عثمان بالسندين المذكورين فصار هذا الاثر عن عثمان مرويا من ثلاثة اوجه - احدها - متصل صحيح - والآخران - منقطعان والمنقطع عند الشافعي يقوى بمنقطع مثله فكيف بهذين - ثم ذكر البيهقى حديث دية المجوسى ثمانمائة درهم وسكت عنه - قلت - قال الطحاوي لا يعلم روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في دية المجوسى غير هذا الحديث الذى لا يثبته اهل الحديث لاجل ابن لهيعة ولا سيما من رواية عبد الله بن صالح عنه -

ثم ذكر البيهقى حديث (جعل النبي صلى الله عليه وسلم دية العامريين دية الحر المسلم) وفى سنده أبو سعد البقال فتكلم فيه ثم قال (ثم ظاهره يوجب ان يكون كحديث عمرو بن شعيب) - قلت - حديث عمرو عقل الكافر نصف عقل المؤمن فكأن البيهقى يجعل الدية في قوله دية الحر المسلم مقسومة على العامريين فيحصل لكل واحد النصف ورواية الحسن بن عمارة تنفى هذا التأويل وتصرح بان دية كل واحد منهما دية مسلم الا ان البيهقى تكلم في الحسن وقد اخرج الترمذي وابن جرير الطبري هذا الحديث من رواية يحيى بن آدم عن أبى بكر بن عياش ولفظهما ودى العامريين بدية - هذا يقوى رواية الحسن وينفى تأويل البيهقى ثم ذكر البيهقى - من حديث ابن جريج (عن الزهري كانت دية اليهودي والنصراني) الحديث ثم ذكر (ان الشافعي رده بكونه مرسلا وان الزهري قبيح المرسل وقد روينا عن عمر (وعثمان ما هو اصح منه) - قلت - ذكر عبد الرزاق هذا الحديث في مصنفه عن معمر عن الزهري وزاد في آخره قال الزهري ولم يقض لى ان إذا كر عمر بن عبد العزيز فاخبره ان قد كانت الدية تامة لاهل الذمة قلت للزهري بلغني ان ابن المسيب قال ديته اربعة آلاف قال
ان خير الامور ما عرض على كتاب الله قال الله تعالى فدية مسلمة إلى اهله - وذكر أبو داود في مراسيله بسند صحيح عن ربيعة ابن أبى عبد الرحمن قال كان عقل الذمي مثل عقل المسلم في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمن أبى بكر وزمن عمر وزمن عثمان حتى كان صدرا من خلافة معاوية فقال معاوية ان كان اهله اصيبوا به فقد اصيب به بيت مال المسلمين فاجعلوا لبيت مال المسلمين النصف ولاهله النصف خمسمائة دينار ثم قتل رجل آخر من اهل الذمة فقال معاوية لو انا نظرنا إلى هذا الذى

يدخل بيت المال فجعلنا (1) وضيعا عن المسلمين وعونا لهم قال لمن هناك وضع عقلهم إلى خمسمائة - قال أبو داود رواه ابن اسحق ومعمر عن الزهري نحو هذا وحديث ابن اسحق اتم واخرج ايضا في مراسيله بسند رجاله ثقات عن سعيد بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دية كل ذى عهد في عهده الف دينار - وقد تأيد هذا المرسل بمرسلين صحيحين وبعدة احاديث مسندة وان كان فيهما كلام وبمذاهب جماعة كثيرة من الصحابة ومن بعدهم فوجب ان يعمل به الشافعي كما عرف من مذهبه - وفى التمهيد روى ابن اسحق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس في قضية بنى قريظة والنضير انه عليه السلام جعل ديتهم سواء دية كاملة - وعمر وعثمان قد اختلف عنهما وقد تقدم عن عثمان على موافقة هذه الاحاديث من وجوه عديدة بعضها في غاية الصحة كما قدمنا عن ابن حزم وهو الذى دل عليه ظاهر كتاب الله تعالى لانه تعالى قال ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى اهله - ثم قال وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة - والظاهر أن هذه الدية هي الدية وكذا فهم جماعة من السلف قال ابن أبى شيبة ثنا عبد الرحيم هو ابن سليمان عن اشعث هو ابن سوار عن الشعبى وعن الحكم وحماد عن ابراهيم قالا دية اليهودي والنصراني والحربي المعاهد مثل دية المسلم ونسأوهم على النصف من دية الرجال وكان عامر يتلو هذه الآية - وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى اهله - واشعث وان تكلموا فيه يسيرا فقد تقدم ان مسلما روى له متابعة واخرج له ابن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك - وقال ابن أبى شيبة ايضا ثنا اسمعيل بن ابراهيم عن ايوب عن الزهري سمعته يقول دية المعاهد دية المسلم وتلا الآية السابقة وهذا السند في غاية الصحة فلو كان مذهب عمر وعثمان كما ذهب إليه الشافعي لما تركت هذه الادلة لقولهما فكيف وقد اختلف عنهما - ثم ذكر البيهقى (عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود قال من كان له عهد أو ذمة فديته دية المسلم) ثم قال (منقطع موقوف) - قلت - هذا هو مذهب ابن مسعود مشهور عنه وان كان منقطعا وقد اخرج عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن مسعود قال دية المعاهد مثل دية المسلم -
وقال ذلك على ايضا وهو ايضا منقطع الا ان كلا منهما يعضد الآخر ويقويه - وذكر عبد الرزاق عن أبى حنيفة عن الحكم ابن عتيبة ان عليا قال دية اليهودي والنصراني وكل ذمى مثل دية المسلم - وذكر ايضا بسندين صحيحين عن النخعي والشعبى ان دية اليهودي والنصراني كدية المسلم - وذكر ايضا عن ابن جريج عن يعقوب بن عتبة واسمعيل بن محمد وصالح قالوا عقل كل معاهد من اهل الكفر ومعاهدة كعقل المسلمين ذكرانهم واناثهم جرت بذلك السنة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهذا قال عطاء ومجاهد وعلقمة والنخعي ذكره عنهم ابن أبى شيبة باسانيده - وفى التهذيب لابن جرير الطبري لا خلاف ان الكفارة في قتل المسلم والمعاهد سواء وهو تحرير رقبة فكذلك الدية ورد على من اوجب ما لا شك فيه وهو الاقل وذلك اربعة آلاف لليهودي وثمانمائة للمجوسي فقال هذه علة غير صحيحة والحكم بالاقل على غير اصل من كتاب وسنة وكل قائل يحتاج إلى دلالة على صحة قوله - وفى الاستذكار وقال أبو حنيفة واصحابه والثوري وعثمان البتى والحسن بن حى دية المسلم والذمى والمجوسي والمعاهد سواء وهو قول ابن شهاب وروى عن جماعة من الصحابة والتابعين وروى ابراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال كان أبو بكر وعمر وعثمان يجعلون دية اليهودي والنصراني الذميين مثل المسلم -
__________
(1) كذا ولعله - فجعلناه -

قال (باب من في الديوان ومن ليس فيه من العاقلة سواء) ذكر فيه حديث (على كل بطن عقوله) - قلت - الشافعي يعتبر في العاقلة الاقرب فالاقرب وظاهر الحديث الوجوب على البطن من غير اعتبار الاقرب وكذا حديث قضى بالدية على العاقلة - وكذا ما ذكره البيهقى في آخر الباب السابق

ان عمر جناية فقال لعلى عزمت عليك لما قسمت الدية على بنى ابيك قال فقسمها على قريش وذكر الطحاوي ان سلمة بن نعيم قتل يوم اليمامة مسلما خطأ فقال له عمر عليك وعلى قومك الدية - قال (باب ما تحمل العاقلة)

ذكر فيه (ان الشافعي ذهب إلى انها تحمل كل ما كثر وقل لانه عليه السلام لما حملها الاكثر دل على تحملها الايسر)
- قلت - القياس ان لا يلزمها جناية كما إذا جنى على مال وعموم قوله تعالى ولا تكسب كل نفس الا عليها - ولا تزر وازرة وزر اخرى - ينفى اللزوم عليها وكذا قوله عليه السلام لا يجنى عليك ولا تجنى عليه - فإذا حملها النبي عليه السلام شيئا كان ذلك ثابتا على خلاف القياس فيقصر عليه ولا يقاس ومذهب مالك واصحابه ان العاقلة لا تحمل من دية الخطأ الا الثلث فصاعدا وهو قول الفقهاء السبعة وعبد العزيز بن أبى سلمة وابن أبى ذئب وقال أبو حنيفة واصحابه لا تحمل الا نصف عشر الدية فصاعدا وهو قول الثوري وابن شبرمة - قال (باب تنجيم الدية على العاقلة) ذكر فيه (عن الشافعي قال وجدنا عاما في اهل العلم انه عليه السلام قضى في جناية الحر المسلم على الحر خطأ بمائة من الابل على عاقلة الجاني وعاما فيهم انها في مضى الثلاث سنين في كل سنة ثلثها) - قلت - ذكر ابن الرفعة في شرح الوسيط ان الشافعي قال في المختصر لا اعلم مخالفا انه عليه السلام قضى بالدية على العاقلة ولا اختلاف بين احد علمته في انه

عليه السلام قضى بها في ثلاث سنين ثم ذكر عن ابن المنذر قال ما ذكره الشافعي لا يعرف له اصل من كتاب ولا سنة وان ابن حنبل سئل عنه فقال لا اعرف فيه شيئا فقيل له ان ابا عبد الله رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال لعله سمعه من ذلك المدنى فانه كان حسن الظن فيه يعنى ابن أبى يحيى قال ابن داود الشافعي في شرح المختصر كان الشافعي يروى هذا الحديث ويقول حدثنى من هو ثقة في الحديث غير ثقة في دينه قال (باب ما ورد في البئر جبار)

ذكر فيه (عن سماك عن حنش عن على في الذين سقطوا في الزبية ثم تكلم عليه) ثم قال (اصحابنا يقولون ينبغى ان يكون

في الاول ثلثا الدية) إلى قوله (فان صح الحديث ترك له القياس) - قلت - اخرج احمد هذا الحديث في مسنده من طريق اسرائيل عن سماك ولفظه فبينما هم يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر إلى آخره وبمعناه اخرجه ابن أبى شيبة عن أبى الاحوص عن سماك ولفظه فاصبح الناس يتدافعون على راس البئر واخرجه الطحاوي ايضا من حديث أبى الاحوص ثم وجهه بما ملخصه ان اهل الزبية جانون على الساقطين فيها بتدافعهم ويحمل امرهم على انهم كانوا متشابكين فالساقط الاول
يجر الذى يليه جار للاخرين لتشابكهم فموته من دفع اهل الزبية ومن سقوط الباقين عليه بحره اياهم على نفسه فوجب الربع وسقط ثلاثة الارباع إذ هو سبب سقوط الثلاثة عليه وموت الساقط الثاني من الدفعة المجهول فاعلها ومن جره الآخرين فله الثلث بالدفعة وما بقى هدر إذ هو سببها وموت الساقط الثالث من الدفعة ومن جر التابع فله النصف والنصف هدر إذ جنى على نفسه وموت الرابع من الدفعة خاصة فله الجميع وانما اخذت منهم وان لم يتعين المتدافعون لانهم في حكم نفر اقتتلوا فاجلوا عن قتل لم يدر قاتله فديته عليهم جميعا وجرح الاسد هدر إذ شيبة الدفع كمن دفع رجلا على سكين أو حجر فمات انتهى كلامه وتبين بهذا ان الحديث موافق للقياس غير مخالف له كما ادعى البيهقى ثم في القياس المفهوم من كلامه نظر وكيف يجب للاول على الثاني والثالث وهو الذى جرهما ولئن وجب له عليهما شئ وجب ان يجب له على الرابع ايضا لانه مات من فعله ايضا وهذا الكلام بعينه يقال في الثاني والثالث -

قال (باب جنين الامة) (فيه عشر قيمة امه لا فرق بين ان يكون ذكرا أو انثرواه الشافعي عن ابن المسيب والحسن والنخعي قال الشافعي لما لم يسأل

عليه السلام عن الجنين في الحرة أذكر هو أو انثى فكذا جنين الامة) - قلت - كان ينبغى ان يقول باب جنين الامة من غير سيدها لان العلماء على ان جنينها من سيدها حكمه حكم جنين الحرة ذكره صاحب الاستذكار ويقال للشافعي ولم يسأل عليه السلام اجنين حرة ام جنين امة فوجب استواؤهما في وجوب الغرة وقد اختلف في ذلك عن ابن المسيب والنخعي فروى ابن حزم من طريق عبد الرزاق عن معمر وابن جريج قال معمر عن الزهري وقال ابن جريج عن اسمعيل بن امية كلاهما عن سعيد بن المسيب قال في جنين الامة عشرة دنانير ومن طريق قاسم بن اصبغ ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن ابن مهدى ويحيى القطان كلاهما عن الثوري عن المغيرة بن مقسم عن ابراهيم النخعي قال في جنين الامة نصف عشر ثمن امه قال (باب اصل القسامة) ذكر فيه (عن الشافعي عن مالك عن ابن أبى ليلى (1) عن سهل انه أخبره هو ورجال من كبراء قومه) وذكره من طريق ابن بكير عن مالك ولفظه (انه أخبره رجل (2) من كبراء قومه) ثم ذكر (ان ابن وهب قاله عن مالك كرواية الشافعي) - قلت
__________
(1) كذا وهو خلاف ما في السنن (2) في السنن - رجال -

ذكره يحيى بن يحيى عن مالك كرواية ابن بكير ولفظه انه اخبره رجال من كبراء قومه وذكر صاحب التمهيد ان ابن وهب تابع يحيى على ذلك بخلاف ما ذكره البيهقى عن ابن وهب ثم ذكر البيهقى حديث سهل من طرق وفيها البداءة بايمان

المدعين ثم قال (ورواه ابن عيينة عن يحيى فخالف الجماعة في لفظه) ثم اسنده من رواية الحميدى عن ابن عيينة وفيه البداءة بايمان المدعى عليهم وهم اليهود) - قلت - رويناه في مسند الحميدى عن ابن عيينة فبدأ بايمان المدعين موافقا للجماعة وكذا اخرجه النسائي عن محمد بن منصور عن ابن عيينة -

ثم ذكر البيهقى حديث سعيد بن عبيد عن بشير بن يسار عن سهل وفيه (انه عليه السلام قال لهم تأتون بالبينة على من قتل قالوا مالنا بينة قال فيحلفون لكم) الحديث ثم قال (رواه البخاري واخرجه مسلم دون سياق متنه) ثم ذكر (عن مسلم ان يحيى ابن سعيد احفظ من سعيد بن عبيد) ثم قال البيهقى (وان صحت رواية سعيد فهى لا تخالف رواية يحيى لانه قد يريد بالبينة الايمان مع اللوث) إلى آخر ما تأوله به - قلت - لا وجه لتشكيك البيهقى بقوله وان صحت رواية سعيد مع ثقته واخراج البخاري حديثه هذا واخرجه مسلم ايضا ولم يشك في صحته وانما رجح يحيى على سعيد وقد جاءت احاديث تعضد رواية سعيد وتقويها - منها - ما سيذكره البيهقى - ومنها - ما اخرجه أبو داود بسند حسن عن رافع بن خديج قال اصبح رجل من الانصار مقتولا بخيبر فانظلق اولياؤه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال الكم شاهدان يشهدان على قاتل صاحبكم قالوا يا رسول الله لم يكن به احد من المسلمين وانما هم يهود وقد يجترئون على اعظم من هذا قال فاختاروا منهم خمسين فاستحلفهم فابوا فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده - وقد ذكر البيهقى هذا الحديث بعد في باب الشهادة على الجناية - وروى ابن أبى شيبة بسند صحيح عن القاسم بن عبد الرحمن الهذلى الكوفى قال انطلق رجلان من اهل الكوفة إلى عمر بن الخطاب فوجداه قد صدر عن البيت فقالا ان ابن عم لنا قتل ونحن إليه شرع سواء في الدم وهو ساكت عنهما فقال شاهدان ذوا عدل يحثان به على من قتله فنقيدكم منه - وهذا هو الذى تشهد له الاصول الشرعية من ان البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه فكان الوجه ترجيح هذه الادلة على ما يعارضها وتأويل البيهقى لرواية سعيد تعسف ومخالفة للظاهر وحين قالوا ما لنا بينة عقب عليه السلام ذلك بقوله فيحلفون لكم فكيف يقول البيهقى وقد يطالبهم

بالبينة ثم يعرض عليهم الايمان ثم يردها على المدعى عليهم - ثم ذكر البيهقى حديث عبد الرحمن بن بجيد وانكاره على سهل ثم حكى (عن الشافعي انه قال لا اعلم ابن بجيد سمع النبي صلى الله عليه وسلم فان لم يكن سمع منه فهو مرسل ولسنا ولا اياك نثبت المرسل وسهل صحب النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه فأخذت بحديثه) - قلت - ابن بجيد ادرك النبي صلى الله عليه وسلم وذكره ابن حبان وغيره في الصحابة وقال العسكري اثبت له صحبة وصحح الترمذي من روايته حديث ردوا السائل ولو بظلف محرق - وقد تقدم غير مرة انى مسلما انكر في اشتراط الاتصال ثبوت اللقاء والسماع واكتفى بامكان اللقاء فعلى هذا لا يكون الحديث مرسلا وان لم يثبت سماعه وقول الشافعي ولسنا ولا اياك صوابه ان يقال ولا انت ثم للظاهر أن كلامه مع محمد بن الحسن والذى في كتب الحنفية ان مذهبه ومذهب اصحابه قبول المرسل وكذا مذهب مالك وقد حكى ابن جرير الطبري ان ذلك مذهب السلف وان رد المرسل لم يحدث الا بعد المائتين وسهل وان سمع من النبي صلى الله وسلم لكن روايته لهذا الحديث مرسلة لانه كان صغيرا في ذلك الوقت وذلك انه ولد سنة ثلاث من الهجرة وغزوة خيبر كانت سنة سبع وهذه القضية قبل ذلك حين كانت خيبر صلحا لانه ورد في بعض طرق هذا الحديث في الصحيحين وهى يومئذ صلح وايضا فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم اما ان يدوا صاحبكم واما ان يؤذنوا بحرب - وهذا اللفظ لا يقال الا لمن كان في صلح وامان وقد صرح سهل في رواية مالك انه اخبره رجال من كبراء قومه فهذا يكشف لك انه اخذ القضية عن هؤلاء ولم يشهدها فتبين ان روايته لهذا الحديث مرسلة ثم ان حديثه مضطرب اسنادا ومتنا اما الاسناد لما في اختلاف الرواة عن مالك في قوله اخبره رجال من كبراء قومه أو هو ورجال كما تقدم واما المتن فمن جهة اختلاف رواية يحيى ورواية سعيد ولمخالفة ابن عيينة كما مر ومع ارساله واضطرابه خالف الاصول الشرعية وحديث ابن بجيد سلم من ذلك كله وروى معناه من وجوه تقدم بعضها وسيأتى البعض وهو الاولى برسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا يأمر احدا بالحلف على ما لا علم له وايضا فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لجويصة ومحيصة وعبد الرحمن اتحلفون وتستحقون دم صاحبكم وعند الشافعي اليمين تجب على عبد الرحمن وحده لانه اخو المقتول وحويصة ومجيصة عماه ولا يمين عليهما ثم ذكر البيهقى (ان الشافعي قيل له ما منعك ان تأخذ بحديث ابن شهاب فقال مرسل والقتيل انصاري والانصاريون بالعناية لولى بالعلم به من غيرهم) قال البيهقى (كأنه عنى حديث الزهري عن أبى سلمة وسليمان بن يسار عن رجال من

الانصار أنه عليه السلام قال ليهود وبدا بهم) الحديث - قال - (وهو يخالف الحديث المتصل في البداءة بالقسامة وفى اعطاء الدية والثابت انه عليه السلام وداه من عنده وخالفه ابن جريج وغيره في لفظه) - قلت - في مصنف عبد الرزاق انا معمر عن الزهري عن أبى سلمة وسليمان بن يسار عن رجال من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الانصار أنه عليه السلام قال ليهود بدأ بهم يحلفون منكم خمسون رجلا فأبوا فقال للانصار اتحلفون فقالوا لا نحلف على الغيب فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم دية على اليهود لانه وجد بين اظهرهم - وهذه حجة قاطعة للثوري وأبى حنيفة وسائر اهل الكوفة كذا في الاستذكار وقال في التمهيد هو حديث ثابت وقد قدمنا في باب النهى عن فضل المحدث من كلام البيهقى وغيره ان هذا الحديث واشباهه مسند متصل ولو سلمنا انه مرسل فقد تقدم ان حديث سهل ايضا غير متصل وقول الشافعي والانصاريون اولى بالعلم به - قلنا - ابن بجيد ايضا منهم وحديث ابن شهاب اخرجه أبو داود وهو ايضا عنهم وهو وان خالف حديث سهل في البداءة بالقسامة فقد تأيد بعدة احاديث تقدم بعضها وسيأتى بعضها وتأيد ايضا بدلالة الاصول ولان رواته ائمة فقهاء حفاظ لا يعدل بهم غيرهم وما فيه من جعل الدية عليهم يؤيده ما في حديث ابن بجيد أنه عليه السلام كتب إليهم انه قد وجد فيكم قتيل بين اثنائكم فدوه وما في الصحيحين من قوله عليه السلام اما ان يدوا صاحبكم واما ان يؤذنوا بحرب من الله ورسوله - ووجه التوفيق بين هذه الاحاديث وبين ما في حديث سهل انه عليه السلام اوجبها عليهم ثم تبرع بها عنهم قال النووي في شرح مسلم المختار قال جمهور اصحابنا وغيرهم ان معناه انه عليه السلام اشتراها من اهل الصدقات بعد أن ملكوها ثم دفعها تبرعا إلى اهل القتيل انتهى كلامه وبهذا يزول الاختلاف وقد ذكر البيهقى فيما بعد في باب وجوب الكفارة (ان قوما استعصموا بالسجود فقتلهم المسلمون فقال عليه السلام اعطوهم نصف العقل) ثم ذكر (عن الشافعي انه كان تطوعا) ثم ذكره من وجه آخر وفيه (فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف

الدية) ثم قال البيهقى (قوله فوداهم اظهر في انه اعطاه متطوعا) واخرج النسائي بسند جيد عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ان ابن محيصة الاصغر وجد قتيلا على ابواب خيبر الحديث وفى آخره فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته عليهم واعانهم بنصفها - وحديث معمر عن الزهري مفسر وحديث ابن جريج وغيره مجمل فيرد إلى المفسر ولا يكون بينهما اختلاف ثم ان لفظ حديث ابن جريج انه عليه السلام اقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية فقضى بها بين اناس من الانصار في قتيل ادعوه على اليهود فصرح في هذا الحديث الصحيح انه قضى بها في قتيل الانصار كقسامة الجاهلية
وقد ذكر البيهقى فيما بعد في باب ما جاء في قسامة الجاهلية من طريق البخاري (عن ابن عباس ان ابا طالب بدأ بايمان المدعى عليهم) فدل ذلك على انه عليه السلام بدأ ايضا في قتيل الانصار بالمدعى عليهم وذكر ايضا فيما بعد في باب ترك القود بالقسامة حديثا عزاه إلى البخاري وفيه ايضا (انه عليه السلام بدأ بايمان اليهود وان عمر فعل ذلك) ثم ان لفظ مسلم عن أبى سلمة وسليمان بن يسار عن رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الانصار انه صلى الله عليه وسلم اقر القسامة - واخرجه عبد الرزاق في مصنفه ولفظه عن رجال من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر ان الجميع حديث واحد فلا نسلم ان الحديث مرسل كما زعم الشافعي ولو كان مرسلا لما اخرج مسلم في صحيحه وقد قدمنا عن صاحب التمهيد انه حديث ثابت ثم ذكر البيهقى حديث الزنجي (عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده انه عليه السلام قال البينة على المدعى واليمين على من انكر الا في القسامة) - قلت - في اسناده لين كذا في التمهيد وذلك ان الزنجي ضعيف كذا قال البيهقى في باب من زعم ان التراويح بالجماعة افضل وقال ابن المدينى ليس بشئ وقال أبو زرعة والبخاري منكر الحديث وابن جريج لم يسمع من عمر وحكاه البيهقى في باب وجوب الفطرة على اهل البادية عن البخاري والكلام في عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده معروف ومع ضعف الزنجي خالفه عبد الرزاق وحجاج وقتادة فرووه عن ابن جريج عن عمرو مرسلا كذا ذكره الدار قطني في سننه واختلف فيه ايضا على الزنجي وقال صاحب الميزان عثمان بن محمد بن عثمان الرازي ثنا مسلم الزنجي

عن ابن جريج عن عطاء عن أبى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البينة على من ادعى واليمين على من انكر لا في القسامة - ثم ذكر البيهقى (عن الشافعي ان عمر كتب في قتيل وجد بين خيوان ووادعة) إلى آخره ثم ذكر (ان الشافعي اجاب عنه بما يخالفون عمر في هذه القضية من الاحكام) - قلت - انما خالفوه في تلك الاحكام لانه قامت عندهم فيها ادلة اقوى من قول عمر رضى الله عنه وقد ذكر عيسى بن ابان في كتاب الحجج ان مخالفه قال قد تركتم من حديث عمر اشياء لانه كتب إلى عامله باليمن ابعث بهم إلى بمكة وانتم تقولون ترفع إلى اقرب القضاة وفيه انه استحلفهم في الحجر وانتم تنكرون ان يستحلف الا في مجلس الحكم حيث كان وفيه انه قال لعامله ابعث إلى بخمسين رجلا وعندكم الخيار للمدعى وفيه حقنتم بايمانكم دماءكم وعندكم ان لم يحلفوا لم يقتلوا ثم اجاب ابن ابان عن ذلك بما ملخصه انه اراد ان يتولى الحكم وان عامله لا يقوم فيه مقامه لينتشر في البلاد ويعمل به من بعده ولهذا فعله في اشهر المواضع وهو الحجر ليراه اهل الموسم وينقلوه إلى الآفاق ولا شك ان نواب كانوا يقضون في البلاد النائية ولو وجب حمل كل احد إليه لم يكتب إلى أبى موسى
وغيره في الاحكام ولهذا لم يستحلف عمر والائمة بعده احدا في الحجر وانما كتب عمر أن لا يقتل نفس دونه احتياطا واستعظاما للدم ولم يقل ابعث إلى بخمسين تتخيرهم انت ولم يكن يولى جاهلا فانما كتب إلى من يعلم ان الخيار للمدعين لانه لهم يستحلف فكيف يستحلف من لا يريدونه وانما قال حقنتم بايمانكم دماءكم لانهم لو لم يحلفوا حبسوا حتى يقروا فيقتلوا أو يحلفوا فايمانهم حقنت دماءهم إذ تخلصوا بها من القتل أو الحبس كقوله تعالى ويدرأ عنها العذاب ان تشهد - فلو لم تلاعن حبست حتى تلاعن فتنجوا وتقر فترجم - ثم ذكر البيهقى (ان الشافعي قيل له اثابت هو عندك أي قضية عمر فقال لا انما رواه الشعبى عن الحارث الاعور والحارث مجهول ونحن نروى بالاسناد الثابت انه بدأ بالمدعين فلما لم يحلفوا قال فتبرئكم يهود بخمسين يمينا واذ قال فتبرئكم فلا يكون عليهم غرامة ولما لم يقبل الانصاريون ايمانهم وداه عليه السلام ولم يجعل على يهود شيئا) - قلت لم يذكر احد فيما علمنا ان الشعبى رواه عن الحارث الاعور غير الشافعي ولم يذكر سنده في ذلك وقد رواه الطحاوي بسنده عن الشعبى عن الحارث الوادعى هو ابن الازمع وسيأتى ان مجالدا رواه عن الشعبى كذلك ورواية أبى اسحق لهذا الاثر عن الحارث هذا عن عمر امارة عن انه هو الواسطة لا الحارث الاعور كما زعم الشافعي ورواه ايضا عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن الحكم عن الحارث بن الازمع والحارث هذا ذكره أبو عمر وغيره في الصحابة وذكره ابن حبان في الثقات من التابعين ثم ان الحارث الاعور وان تكلموا فيه فليس بمجهول كما زعم الشافعي بل هو معروف روى عنه الضحاك والشعبى والسبيعى وغيرهم وهذا الاثر وان كان منقطعا فقد عضده ما تقدم من الاحاديث وفى المهيد

روى مالك عن ابن شهاب عن عراك بن مالك وسليمان بن يسار أن عمر بن الخطاب بدأ المدعى عليهم بالايمان في القسامة - والبيهقي ايضا ذكر هذا في آخر هذا الباب وسيأتى ان شاء الله تعالى في باب النكول ورد اليمين من رواية الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار أن عمر بدأ بايمان المدعى عليهم - وقال ابن أبى شيبة ثنا شبابة وأبو معاوية عن ابن أبى ذئب عن الزهري انه عليه السلام قضى في القسامة ان اليمين على المدعى عليهم - وقال ايضا ثنا أبو معاوية عن مطيع عن فضيل بن عمرو عن ابن عباس انه قضى بالقسامة على المدعى عليهم - وثنا أبو معاوية ومعمر بن عيسى عن ابن أبى ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب انه كان يرى القسامة على المدعى عليهم واخرج ايضا بسنده عن عمر بن عبد العزيز أنه بدأ بالمدعى عليهم باليمين ثم ضمنهم العقل - وقد جمع في هذا بين اليمين والغرامة وكذا فعل عمر ودل عليه ما في الحديث الصحيح اما ان يدوا صاحبكم إلى آخره فألزمهم احد الامرين اما ان يدفعوها واما ان يمتنعوا فينقض عهدهم ويصيروا حربا ولم ينص
في حديث سهل انهم يبرئونهم من الغرامة فيحتمل ان يراد تبرئكم عن دعوى القتل أو عن الحبس والقود ان اقروا وقول الشافعي لم يجعل على يهود شيئا قد تقدم خلافه وانه عليه السلام جعلها على يهود لانه وجد بين اظهرهم وتقدم ايضا ما يؤيده ثم قال البيهقى (وروى عن مجالد عن الشعبى عن مسروق عن عمر ومجالد غير محتج به) - قلت - اخرج له مسلم في صحيحه - ثم قال البيهقى (قال الشافعي ويروى عن عمر أنه بدأ بالمدعى عليهم ثم رد الايمان على المدعين) ثم اسنده البيهقى ولفظه (ان رجلا من بنى سعدا جرى فرسا فوطئ على اصبع رجل من جهينة فنزى منها فمات فقال عمر للذين ادعى

عليهم اتحلفون بالله خمسين يمينا ما مات منها فابوا فقال للاخرين احلفوا انتم فابوا فقضى عمر بشطر الدية على السعديين) - قلت - هذا الاثر عرف فيه الجاني لكن لم يدر مات من جنايته أو من غيرها فامكن ان يجعل في حال قتيلا فتجب الدية وفى حال غير قتيل فقضى بالنصف وليس هذا كحديث سهل لانه ورد في قتيل وجد في محلة ولم يدر من قتله ومذهب الشافعي انه لو أبى المدعى عليه والمدعى ان يحلفا لا يقضى بنصف الحق ولا يقضى بشئ حتى يحلف المدعى فترك هذا الاثر في نكول الفريقين فلم يقض بالنصف بل ابطل الحق كله وانما ترك خصم الشافعي هذا الاثر في رد اليمين لانه جاء مخالفا للاحكام الظاهرة والسنن والقائمة كحديث البينة على المدعى واليمين على من انكر فكما يقضى للمدعى إذا اقام البينة فكذا يقضى على المدعى عليه إذا أبى اليمين ولا ترد على المدعى ولا يكلف بما لم يجعله عليه السلام وقد قضى عثمان بن عفان وأبو موسى الاشعري وغيرهما من الصحابة باباء اليمين فان احتج الشافعي في ردها يحديث القسامة يقال انت تزعم ان القسامة مخالفة لغيرها وقد رد عليه السلام فيها من المدعين إلى المدعى عليهم وعندك في غيرها لا يحلف المدعى الا إذا أبى المدعى عليه فكيف احتججت بها فيما لا يشبهها بزعمك وكما لا يجوز أن يقضى للمدعى بلا بينة إذا حلف خمسين يمينا قياسا على القسامة فكذا في رد اليمين وهذا ملخص من كلام عيسى بن ابان في كتاب الحجج -

قال (باب ما جاء في قسامة الجاهلية)

ذكر فيه (انه عليه السلام اقر القسامة على ما كانت عليه ثم قال انما اراد به في عدد الايمان) - قلت - هذا دعوى وتخصيص من غير دليل بل اراد في العدد وفى البداءة بالمدعى عليه كما سبق تقريره -

قال (باب الكفارة في قتل العمد) (قال الشافعي إذا وجب الكفارة في قتل المؤمن في دار الحرب وفى الخطأ الذى وضع الله عزوجل فيه الاثم كان العمد اولى وقاسه على قتل الصيد) - قلت - نص الله تعالى على ان حكم العمد القود لا الكفارة كما نص على ان حكم الخطأ الدية والكفارة والمنصوص عليه لا يقاس على غيره ثم هذا القياس ينتقض بسجود السهو فان العمد فيه لا يقاس على السهو والخطأ في قتل الصيد غير منصوص على حكمه فجاز أن يحمل على السهو وعن الزهري نزل الكتاب بالعمد ووردت السنة بالخطأ ذكره الزمحشرى فعلى هذا لا قياس وقال ابن المنذر في الاشراف كان مالك والشافعي يريان على قاتل العمد الكفارة وقال الثوري وأبو ثور واصحاب الرأى لا تجب الكفارة الا حيث اوجبها الله جل ذكره قال ابن المنذر وكذلك نقول لان الكفارات عبادات فلا يجوز التمثيل عليها وليس لاحد ان يلزم عباد الله الا بكتاب أو سنة أو اجماع

وليس مع من فرض على القاتل عمدا كفارة حجة من حيث ذكرت - ثم ذكر البيهقى حديث ضمرة (عن ابن أبى عبلة عن الغريف عن واثلة اتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا قد اوجب فقال أعتقوا عنه) الحديث - قلت - في هذا الحديث الحض على العتق ليحصل له ثوابه ولم يكن ذلك عن كفارة القتل وقد ذكر أبو داود والنسائي هذا الحديث في باب ثواب العتق ويدل على ذلك انه عليه السلام اطلق ولم يقيد بالايمان ولو كان عن كفارة القتل لقيد بذلك وايضا فلم يسألهم اميت هو أم حى فيكون هو المأمور بذلك ولم يسألهم ايضا هل أعتق عن نفسه ام لا وهل عفوا عنه ام لا ولو كانوا لم يعفوا عنه وأعتق عن نفسه أو أعتقوا عنه لم يكن ذلك مجزئا ولا مكفرا حتى يسلم إليهم نفسه ليقتلوه أو يعفوا عنه - ثم ذكر البيهقى من وجه آخر عن ضمرة نحوه الا انه قال (قد اوجب النار بالقتل) قال (ورواه ابن المبارك عن ابن أبى عبلة) - قلت - هذا اللفظ يوهم ان ابن المبارك رواه مقيدا بالقتل وليس كذلك بل لفظه قد اوجبه ولم يقل بالقتل كذلك اخرجه ابن أبى شيبة في مسنده من طريقه وكذلك اخرجه النسائي والطحاوى -

قال (باب العيافة والطيرة)

ذكر فيه حديثا (عن عبد الله بن شداد أن امرأة من الانصار قالت يا رسول الله الحديث ثم قال (مرسل) - قلت - هذا المرأة صحابية وابن شداد سمع جماعة من قدماء الصحابة كعمر وعلى ومعاذ رضى الله عنهم وقولهم ان فلانا قال كذا كالعنعنة عند جماهير اهل الحديث فالحديث إذا مرفوع -

قال (باب المقتول من اهل البغى يغسل ويصلى عليه) ذكر فيه حديث مكحول - قلت - سكت عنه ههنا وذكره في كتاب الجنائز في باب الصلاة على من قتل نفسه وذكر فيه عن الدار قطني (ان مكحولا لم يسمع من أبى هريرة) وتقدم البحث معه هناك - قال (باب المقتول من اهل العدول بسيف اهل البغى)

قال فيه (وقد روينا في كتاب الجنائز عن الشعبى ان عليا صلى على عمار وهاشم بن عتبة) - قلت - ذكره هناك في باب ما ورد في المقتول بسيف اهل البغى قد تكلمنا عليه هناك - قال (باب العادل يقتل الباغى أو الباغى يقتل العادل لم يرثه) قلت - في اختلاف العلماء للطحاوي لا نعلم خلافا ان القاتل بقود يجب له يرث المقتول وكذا المرجوم للزنا يرثه من رجمه لانه قتله بحق فكذا عادل قتل الباغى وإذا ثبت هذا فيرث باغ قتل عادلا لانه في حكم قتل مستحق إذ لا قود فيه ولا دية فكأنه قتله بحق -

قال (باب من قتل من ارتد عن الاسلام أو امرأة)

ذكر فيه حديث ابن المكدر (عن جابر ارتدت امرأة) إلى آخره ثم قال (في هذا الاسناد بعض من يجهل) - قلت - هذا يوهم انه ليس في الاسناد الا هذا وفيه مع من يجهل آخر متكلم فيه وهو عبد الله بن عطارد بن اذينة نسب إلى جده قال ابن عدى منكر الحديث وساق له احاديث منكرة منها هذا الحديث ثم ذكر البيهقى (عن الحمانى عن أبى حنيفة عن عاصم عن أبى رزين عن ابن عباس لا يقتل النساء إذا ارتددن) ثم حكى (عن الثوري انه سئل عنه فقال اما من ثقة فلا) وعن
الشافعي (انه سئل جماعة من اهل العلم عنه فقالوا خطأ والذى رواه ليس ممن يثبت اهل الحديث حديثه) - قلت - أبو رزين صحابي وعاصم وان تكلم فيه بعضهم قال الدار قطني في حفظه شئ وقال ابن سعد ثقة الا انه كثير الخطأ في حديثه فان ضعفوا هذا الاثر لاجله فالامر فيه قريب فقد وثقه جماعة خرج له في الصحيحين مقرونا بغيره وخرج له الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وان ضعف لاجل أبى حنيفة فهو وان تكلم فيه بعضهم فقد وثقه كثيرون واخرج له ابن حبان في صحيحه واستشهد به الحاكم في المستدرك ومثله في دينه وورعه وعلمه لا يقدح فيه كلام اولئك وقد ذكر جماعة من السلف انه كان محسودا حكى أبو عمر في كتاب الانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء عن حاتم بن داود قال قلت للفضل بن موسى البنانى

ما تقول في هؤلاء الذين يقعون في حق أبى حنيفة فقال ان ابا حنيفة جاءهم بما يعقلونه من العلم وما لا يعقلونه ولم يترك لهم شيئا فحسدوه وذكر أبو عمر في التمهيد أن ابا حنيفة والثوري رويا هذا الاثر عن عاصم وكذا اخرجه الدار قطني في سننه بسند جيد عنهما عن عاصم واخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري عنه فقد تابع الثوري ابا حنيفة وان ضعف لاجل الراوى عن أبى حنيفة فقد رواه عنه الثوري ووكيع ومحمد بن الحسن وغيرهم وفى التمهيد وروى قتادة عن خلاس عن على مثله وهو قول الحسن وعطاء ومن حجتهم انه عليه الصلاة والسلام نهى عن قتل النساء والولدان - وحكى الترمذي وابن عبد البر وغيرهما ان مذهب الثوري ان المرأة تحبس ولا تقتل فييعد أن يكون هذا مذهبه ثم يقول اما من ثقة فلا ثم حكى البيهقى عن الشافعي (انه قال لمخالفه قد روى بعضهم ان ابا بكر قتل نسوة ارتددن عن الاسلام فكيف لم تصر إليه) ثم ذكر البيهقى ذلك ثم حكى (عن الشافعي انه قال فما كان لنا ان نحتج إذ كان ضعيفا عند اهل الحديث) - قلت - فلذلك لم يصر إليه محالفه وايضا فقد خالف ما هو المشهور في كتب السير أن ابا بكر قتل اهل الردة وسبى نساءهم ولم يقتلن.
قال (باب من قال يستتاب)

ذكر فيه حديث (من بدل دينه فاقتلوه) ثم قوله عليه السلام في الاربعة (اقتلوهم وان وجدتموهم متعلقين باستار الكعبة) - قلت - ليس فيهما للاستتابة ذكر وقال صاحب الاستذكار لا اعلم بين الصحابة خلافا في استتابة المرتد فكأنهم فهموا من قوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه - أي بعد أن يستتاب -

قال (باب من قال يحبس ثلاثة ايام)

ذكر فيه اثرا (عن مالك عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد القارى عن ابيه قال قدم على عمر رجل إلى آخره ثم ذكر (ان الشافعي قال من لم يتأن به زعم ان الذى روى عن عمر ليس بثابت لانه لا يعلمه متصلا) - قلت - اخرج هذا الاثر عبد الرزاق عن معمر واخرجه ابن أبى شيبة عن ابن عيينة كلاهما عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد القارى عن ابيه فعلى هذا هو متصل لان عبد الرحمن بن عبد سمع عمر -

قال (باب مال المرتد) ذكر فيه حديث الذى نكح امرأة ابيه - قلت - قد تكلمنا عليه فيما مضى في باب الخمس في الغنيمة والفئ -

قال (باب من قال من اشرك بالله فليس بمحصن)

ذكر فيه الحديث عن ابن عمر من وجهين وحكى في الاول عن الدار قطني (قال لم يرفعه غير اسحاق الحنظلي ويقال انه رجع عنه) - قلت - موقوف وحكى في الثاني عن الدار قطني ايضا (قال وهم فيه عفيف بن سالم والصواب موقوف) - قلت - اسحاق حجة حافظ وعفيف ثقة قاله ابن معين وأبو حاتم ذكره ابن القطان وقال صاحب الميزان محدث مشهور صالح الحديث وقال محمد بن عبد الله بن عمار كان احفظ من المعافى بن عمران وفى الخلافيات للبيهقي ان المعافى تابعه اعني عفيفا فرواه عن الثوري كذلك وإذا رفع الثقة حديثا لا يضره وقف من وقفه فظهر أن الصواب في الحديثين الرفع -

قال (باب من اعتبر حضور الامام والشهود) ذكر فيه (ان عليا جلد شراحة ورجمها) ثم قال (إذا كان اعتراف فالامام اول من يرجم وان نعا الشهود فالشهود اول من يرجم) ثم قال البيهقى (قد ذكرنا ان جلد الثيب صار منسوخا وان الامر صار إلى الرجم فقط) - قلت - إذا نسخ هذا لا يلزم نسخ ما فيه من اعتبار بداية الامام أو الشهود -

قال (باب نفى البكر)

قلت - ما ورد في هذا الباب من النفى محمول على انه كان تأذيبا لرفع الفساد لا حدا كما ينفى الامام اهل الدعارة وكنفيه عليه السلام وقد ذكر البيهقى في باب من قتل عبده (انه عليه السلام نفى الذى قتل عبده سنة) وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب ان عمر غرب ربيعة بن امية في الخمر إلى خيبر فلحق بهر قل فلما بلغ ذلك عمر قال والله

لا اغرب بعدها ابدا وروى ايضا عن أبى حنيفة عن حماد عن ابراهيم قال قال عبد الله في البكر يزنى يجلدان مائة وينفيان سنة - قال وقال على حسبهما من الفتنة ان ينفيا - ولما لم يكن في حد القذف والخمر تغريب دل على انه تأديب له لدعارته -

قال (باب من قال لا يقام الحد حتى يعترف اربع مرات)

ذكر فيه حديث ماعز ثم قال (قال الشافعي انما كان ذلك في اول الاسلام لجهالة الناس بما عليهم الا ترى انه عليه السلام يقول في المعترف أسكر (1) أبه جنة لا يرى ان احدا ستر الله عليه يقر بذنبه الا وهو يجهل حده أو لا ترى انه عليه السلام قال اغد يا انيس على امرأة هذا فان اعترفت فارجمها - ولم يذكر عدد الاعتراف) - قلت - لو وجب الحد بالاقرار مرة لما اخر عليه السلام الواجب إلى الرابعة وفى قول الراوى فلما شهد على نفسه اربع شهادات دعاه النبي عليه السلام إلى آخره اشعار بان الشهادة اربعا هي العلة في الحكم وقد اخرج أبو داود حديث ماعز من طريق نعيم بن هزال وفى آخره انه عليه السلام قال له انك قلتها اربع مرات فبمن ويدل على انه عليه السلام انما اخر اقامة الحد إلى تمام الاربع لانه لا يجب قبل ذلك لا لما ذكره الشافعي ما اخرجه احمد في مسنده والطحاوى بسند صحيح عن بريدة كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل يقال له ما عز الحديث وفى آخره قال بريدة وكنا نتحدث اصحاب نبى الله صلى الله عليه وسلم ان ما عز بن مالك لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يطلبه وانما رجمه عند الرابعة واخرجه أبو داود ولفظه كنا اصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم نتحدث ان الغامدية وما عز بن مالك لو رجعا الحديث ولفظ النسائي لو لم يجيئا في الرابعة لم يطلبهما النبي صلى الله عليه وسلم واخرج أبو عمر في التمهيد بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رد ما عزا حتى شهد أو اقر اربع
__________
(1) كذا - وهو مخالف لما في السنن -

مرات ثم امر برجمه وقال ابن أبى شيبة ثنا وكيع وقال احمد ثنا اسود بن عامر كلاهما عن اسرائيل عن جابر عن عامر عن عبد الرحمن بن ابزى عن أبى بكر رضى الله عنه قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ماعز بن مالك فاعترف عنده مرة فرده ثم جاء فاعترف الثانية فرده ثم جاء فاعترف الثالثة فرده فقلت له ان اعترفت الرابعة رجمك فاعترف الرابعة فحبسه ثم سأل عنه فقالوا ما نعلم الا خيرا فامر برجمه - وهذا لفظ ابن أبى شيبة وجابر هو الجعفي تكلموا فيه واخرج له ابن حبان في صحيحه وقال صاحب التمهيد اجمعوا على انه يكتب حديثه واختلفوا في الاحتجاج به وشهد له بالصدق والحفظ الثوري وشعبة ووكيع وزهير بن معاوية وقال وكيع مهما شككتم في شئ فلا تشكوا في ان جابر الجعفي ثقة زاد في الاستذكار كان شعبة والثوري يشهدان له بالحفظ والاتقان وكان وكيع وزهير بن معاوية يوثقانه ويثنيان عليه - والاحاديث الصحيحة تدل على انه عليه السلام ما سأل عنه الا بعد الرابعة ثم حديث ما عز إن تأخر عن قوله عليه السلام فان اعترفت فهو ناسخ له وان تقدمه فقوله عليه السلام فان اعترفت محمول عليه كأنه عليه السلام يقول فان اعترفت الاعتراف المعروف في حديث ما عز وغيره ثم من اصل الشافعي حمل المطلق على المقيد في قضيتين وقوله فان اعترفت مطلق وقضية ما عز مقيدة بالاربع فوجب تقييد ذلك المطلق بها والقضية واحدة وفى الاستذكار قال أبو حنيفة واصحابه والثوري وابن أبى ليلى والحسن بن حى والحكم بن عتيبة واحمد واسحق لا يحد حتى يقر اربع مرات - ثم حكى البيهقى عن الشافعي (انه قال قوله فلعلك دليل على انه لم يكن فسرا قراره فيما مضى بما لا يحتمل غير الزنا) - قلت - قول أبى بكر إن اعترفت الرابعة وقول الراوى يشهد على

نفسه اربع شهادات وقوله عليه السلام انك قلتها اربع مرات - دليل على ان الاقرارات الماضية معتبرة مفسرة بالزنا وانما قال عليه السلام فلعلك تلقينا له ليرجع -

قال (باب الضرير في خلقته لا من مرض يصيب الحد)
ذكر فيه (عن يحيى بن سعيد وأبى الزنا عن أبى امامة ان رجلا قال احدهما أحبن وقال الآخر مقعد اصاب امة) الحديث ثم ذكر (انه روى عن أبى امامة من وجوه) - قلت - واختلف فيه على أبى امامة من وجه آخر ذكره البيهقى في كتاب الايمان في باب من حلف ليضربن عبده مائة سوط من طريق أبى داود من حديث أبى امامة (عن بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الانصار انه اشتكى رجل منهم حتى اضنى فعاد جلده على عظم) إلى آخره ثم ان الاحبن من به استسقاء وذلك من المرض وكذلك المقعد والذى اشتكى حتى اضنى فظهر أنه كان ضريرا من مرض فالحديث غير مطابق للباب -

قال (باب ما جاء في حد اللوطى - 1)
__________
(1) في الجوهر المطبوع تقديم هذا الباب قبل باب نفى البكر فأخرناه إلى هنا لمطابقة السنن -

ذكر في آخره حديث أبى موسى (إذا اتى الرجل الرجل) إلى آخره وفى سنده محمد بن عبد الرحمن عن خالد الحذاء فقال (لا اعرفه أي محمدا) - قلت - هو معروف يقال له المقدسي القشيرى روى عن جعفر بن حميد وحميد الطويل وخالد الحذاء وعبيد الله بن عمر وفطر بن خليفة - روى عنه أبو ضمرة وبقية وأبو بدر وسليمان بن شر حبيل ذكره ابن أبى حاتم في كتابه وقال ذكره البخاري قال وسألت أبى عنه فقال متروك الحديث كان يكذب ويفتعل الحديث - قال (باب من اتى بهيمة)

ذكر فيه حديث عكرمة (عن ابن عباس اقتلوه واقتلوا البهيمة) ثم ذكر (عن أبى رزين عن ابن عباس لا حد عليه) ثم قال (عكرمة عند اكثر الائمة من الثقات الاثبات) - قلت - أبو رزين ثقة لا نعلم احدا تكلم فيه واما عكرمة فقد تكلموا فيه قال ابن عمر لنافع لا تكذب على كما كذب عكرمة على ابن عباس وكذلك قال سعيد بن المسيب لمولاه وكذبه مجاهد وابن سيرين ويحيى بن سعيد ومالك وعن ابن أبى ذئب انه قال كان غير ثقة وقد ذكر الترمذي حديث عكرمة ثم حديث أبى رزين ثم قال وهذا اصح من الحديث الاول والعمل على هذا عند اهل العلم وهو قول احمد واسحق وذكر أبو داود ايضا الحديثين ثم قال وحديث عاصم يضعف حديث عمرو بن أبى عمرو - قال الخطابى يريد أن ابن عباس لو كان عنده في هذا الباب حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالفه وقال ابن معين عمرو بن أبى عمر وليس به بأس وليس بالقوى وقال
محمد بن اسمعيل صدوق ولكن روى عن عكرمة فاكثر ولم يذكر في شئ من حديثه انه سمع عكرمة وقد عارض هذا الحديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيوان الا لمأكلة ثم ذكر الحطابى الاختلاف في هذا الفعل ثم قال واكثر الفقهاء يعزر وكذلك قال عطاء والنخعي وبه قال مالك والثوري واحمد واصحاب الرأى وهو احد قولى الشافعي وفى الاحكام لعبد الحق عمرو بن أبى عمرو ثقة ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس انه عليه السلام قال اقتلوا الفاعل والمفعول به -

قال (باب من وقع على ذات محرم له أو ذات زوج) أو معتدة بنكاح أو بغيره مع العلم بالتحريم

ذكر فيه حديث البراء (ان ركبا معهم لواء اتوا إلى آخره ثم اخرجه عن البراء عن خاله) - قلت - هذا حديث مضطرب كما ترى وفى سنده ومتنه اضطراب غير ذلك ذكرناه في باب الخمس في الغنيمة والفئ وعلى تقدير صحته لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل هو محصن ام لا ولو كان محصنا فحده الرجم فلما لم يأمر عليه السلام بذلك بل بالقتل ثبت انه ليس بحد الزنا بل لانه استحل ذلك فصار مرتدا ويدل عليه ان البيهقى ذكر هذا الحديث فيما مضى في كتاب الفرائض في باب ميراث المرتد وذكره ايضا فيما مضى قريبا في باب مال المرتد إذا مات أو قتل على الردة ولفظه (فضرب عنقه وخمس ماله) وقال في ذلك الباب (قال اصحابنا ضرب الرقبة وتخميس المال لا يكون الا على المرتد فكأنه استحله مع علمه بتحريمه) انتهى كلامه وعقد اللواء يدل على المحاربة إذ لا تعقد الا لمن امر بها والمبعوث لاقامة حد الزنا لا يومر بها وقال الطحاوي وتخميس ماله يدل على انه صار محاربا إذ اجمعوا على ان المرتد الذى لم يحارب لا يخمس ماله فمنهم من يقول ماله فئ لا خمس فيه لانه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وأبو حنيفة واصحابه يجعلونه لورثته المسلمين واسم التزويج يسقط الحد وان لم يثبت بخلاف من رمى بمحرمه وقد اخرج الطحاوي بسند صحيح عن ابن المسيب ان رجلا تزوج امرأة في عدتها فرفع إلى عمر فضربهما دون الحد وجعل لها الصداق وقال ابن أبى شيبة ثنا وكيع عن هشام عن قتادة عن ابن المسيب ان امرأة تزوجت في عدتها فضربها عمر تعزيرا دون الحد - ولم يكونا جاهلين بالتحريم لانه كان اعرف بالله من ان يعاقب عليها (1) الحجة فثبت انهما كانا عالمين بالتحريم ولم يقم عليهما الحد وذلك بحضرة الصحابة ولم يخالفوه فدل على ان عقد النكاح وان لم يثبت له حكم النكاح في وجوب المهر بالدخول وفى العدة وثبوت النسب ونحوها لا يوجب الحد لان الذى يوجب الحد هو الزنا والزنا
لا يوجب شيئا من ذلك - فان قلت - ان لم يكن زنا فهو اعظم منه - قلنا - الحد امر توقيفي يجب في الزنا لا فيما هو اعظم منه الا ترى انه لا يجب في الكفر الذى هو اعظم من الزنا - ثم ذكر البيهقى (عن ابراهيم عن اسمعيل بن أبى حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس حديث من وقع على ذات محرم فاقتلوه) ثم قال (وقد رويناه من حديث عباد بن منصور عن عكرمة) - قلت - ابن أبى حبيبة متكلم فيه وروى عن ابن معين ليس بشئ وقال الدار قطني متروك حكاه الذهبي وداود ابن الحصين ايضا متكلم فيه قال ابن المدينى ما روى عن عكرمة منكر وقال أبو حاتم ليس بالقوى وقال ابن عيينة كنا نتقى حديثه وقال ابن عدى إذا روى عنه ثقة فصالح الا ان يروى عنه ضعيف فيكون البلاء منه مثل ابن أبى حبيبة وابن أبى يحيى - وعباد بن منصور ايضا ضعفه جماعة قال ابن معين ليس بشئ وقال ابن الجنيد متروك -
__________
(1) كذا

قال (باب ما جاء في حد الذميين)

ذكر فيه اثرا عن سماك عن قابوس بن مخارق - قلت - كذا في غير نسخة من هذا الكتاب وكذا في المعرفة للبيهقي والذى رأيته في كتب تاريخ الحديث كتاريخ البخاري والثقات لابن حبان والكمال لعبد الغنى والميزان والكاشف للذهبي قابوس بن أبى المخارق - ثم ذكر البيهقى (انه غير محتج به) - قلت - ذكره ابن حبان في الثقات من التابعين وفى الميزان للذهبي قال النسائي لا بأس به - وذكر البيهقى (ان الشافعي عورض بحديث بجالة وقال كنت كاتبا لجزى بن معاوية فأتانا

كتاب عمر قبل موته بسنة فقال الشافعي بجالة مجهول ولا نعرف ان جزيا كان كاتبا لعمر قال البيهقى كذا قال الشافعي في كتاب الحدود وقال في كتاب الجزية حديث بجالة متصل ثابت لانه ادرك عمر وكان رجلا في زمانه كاتبا لعماله وكأن الشافعي لم يقف على حاله حين صنف كتاب الحدود ثم وقف عليه حين صنف كتاب الجزية ان كان صنفه (1) وحديث بجالة اخرجه البخاري دون مسلم) - قلت - فثبت بهذا ان بجالة معروف وقد روى عنه عمرو بن دينار ويسير بن عمرو وغيرهما ووثقه أبو زرعة وغيره - وذكر البيهقى (عن الشافعي قال وسماك بن حرب عن على مما يوافق قولنا) - قلت -
__________
(1) كذا والذى في السنن - ان كان صنفه بعده -

كذا في غير نسخة من هذا الكتاب وسماك لم يروه عن على بل عن قابوس ان محمد بن أبى بكر كتب إلى على يسأله إلى آخره كما ذكره البيهقى في هذا الباب وفى الاستذكار عن النوري عن قابوس بن أبى ظبيان عن ابيه قال كتب محمد بن أبى بكر إلى على فذكره -

قال (باب من قال لا حد الا في القذف الصريح)

ذكر فيه قوله عليه السلام للاعرابي (فلعل ابنك نزعه عرق) - قلت - زوجة الاعرابي لم تطلب وقد ذكر صاحب الاستذكار حديث عويمر قال زعم بعض المتأخرين من اصحاب الشافعي ان في هذا الحديث دليلا على ان الحد لا يجب بالتعريض في القذف لقول عويمر أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا ولا حجة فيه لان المعرض به غير معين ولا جاء طالبا وانما يجب الحد على من عرض يقذف رجل يشير إليه أو يسميه في مشاتمة أو منازعة فطلب العرض به حده إذا علم انه تصد به القذف -

قال (باب ما يجب فيه القطع) ذكر فيه (عن الزهري عن عمرة عن عائشة قال عليه السلام تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا) ثم اخرجه من طرق جعله

في بعضها من لفظ عائشة (قالت لم تقطع يد سارق في عهده عليه السلام في اقل من ثمن مجن حجفة أو ترس وكلاهما ذو ثمن) ثم عزاه إلى الصحيحين وفى بعضها عن عروة مرسلا (ان يد السارق لم تقطع في عهده عليه السلام) إلى آخره - قلت اخرجه النسائي من حديث ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن عمرة عن عائشة موقوفا عليها واخرج ايضا عن الحارث بن مسكين عن ابن القاسم حدثنى مالك عن عبد الله بن أبى بكر عن عمرة قالت عائشة القطع في ربع دينار فصاعدا وروينا في مسند الحميدى ثنا سفيان وحدثناه اربعة عن عمرة عن عائشة لم يرفعوه عبد الله بن أبى بكر وزريق بن حكيم الايلى ويحيى بن سعيد وعبد ربه بن سعيد ورواه مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة موقوفا فقد اتفق ابن عيينة ومالك على
روايته عن يحيى بن سعيد موقوفا وقال الطحاوي حدثنى غير واحد من أصحابنا من اهل العلم عن احمد بن شيبان الرملي ثنا مؤمل بن اسمعيل الرملي عن حماد بن زيد عن ايوب عن عبد الرحمن بن القاسم عن عمرة عن عائشة قالت تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا - قال ايوب وحدث يحيى عن عمر عن عائشة ورفعه فقال له عبد الرحمن انها كانت لا ترفعه فترك يحيى رفعه واخرجه النسائي من حديث القاسم بن مبرور عن يونس قال ابن شهاب أخبرني عروة عن عائشة انه عليه السلام قال لا تقطع اليد الا في يعنى ثمن المجن ثلث دينار أو نصف دينار فصاعدا - فيظهر بهذا كله ان هذا الحديث اضطرب في متنه واضطرب ايضا في سنده مسند أو مرسلا وموقوفا -

قال (باب اختلاف الناقلين في ثمن المجن)

ذكر فيه حديثا (عن ايوب بن موسى عن عطاء عن ابن عباس قال كان ثمن المجن في عهده عليه السلام يقوم بعشرة دراهم ثم قال (خالفه الحكم فرواه عن عطاء ومجاهد عن ايمن الحبشى) ثم اسنده (عن ايمن قال كان يقال لا يقطع السارق الا في ثمن المجن واكثر وكان ثمن المجن يومئذ دينارا) ثم حكى البيهقى (عن البخاري قال ايمن الحبشى من اهل مكة مولى ابن أبى عمرة المكى سمع عائشة روى عنه ابنه عبد الواحد) ثم قال البيهقى (روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعة) - قلت - هذان حديثان رواهما عطاء احدهما عن ابن عباس والآخر عن ايمن فلا يعلل احدهما بالآخر ولهذا اخرج الحاكم في المستدرك حديث ابن عباس وقال صحيح على شرط مسلم وشاهده حديث ايمن ثم اخرجه من طريق سفيان عن منصور عن مجاهد عن ايمن الحديث وذكر عبد الرزاق عن ابراهيم عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال ثمن المجن الذى يقطع فيه دينار - قال واخبرنيه داود بن الحصين عن ابن المسيب مثله وابراهيم هو ابن أبى يحيى والشافعي حسن الظن فيه وقال صاحب التمهيد ثنا عبد الوارث ثنا قاسم ثنا محمد ثنا يوسف ثنا ابن ادريس ثنا محمد بن اسحاق عن عطاء عن ابن عباس قال قوم المجن الذي قطع فيه النبي صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم - قال النسائي ثنا عبيد الله بن سعد انا عمى ثنا أبى عن ابن اسحق حدثنى عمرو بن شعيب عن عطاء بن أبى رباح ححدثه ان عبد الله بن عباس كان يقول ثمنه عشرة دراهم - ثم حكى البيهقى (عن الشافعي قال إيمن الذى رواه عنه عطاء رجل حدث لعله اصغر من عطاء روى عنه عطاء حديثا عن تبيع عن كعب فهذا منقطع فقال خصمه روى شريك عن مجاهد عن ايمن بن ام ايمن فقال له الشافعي اخو اسامة قتل يوم حنين قبل ان يولد مجاهد ولم يبق

بعده عليه السلام فيحدث عنه) ثم ذكر البيهقى حديث عطاء عن ايمن مولى ابن الزبير عن تبيع عن كعب ثم قال وقد اشار إليه البخاري في التاريخ واستدل هو وغيره بذلك على ان حديثه في المجن منقطع) - قلت - كلام الشافعي يعطى ان ايمن الذى روى عنه عطاء غير ايمن اخى اسامة وانهما رجلان وقد حكاه صاحب المستدرك عن الشافعي بأصرح من هذا فذكر ما حكيناه عنه من حديث الحكم عن مجاهد عن ايمن ثم قال سمعت ابا العباس يقول سمعت الربيع يقول سمعت الشافعي يقول ايمن هذا هو ابن امرأة كعب وليس بابن ام ايمن ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال الحاكم والدليل على صحة قول الشافعي ما حدثناه أبو بكر بن اسحق ثنا اسمعيل بن قتيبة ثنا يحيى بن يحيى انا جرير عن منصور عن عطاء ومجاهد عن ايمن قال وكان ايمن رجلا يذكر منه خير قال لا تقطع يد السارق في اقل من ثمن المجن وكان ثمن المجن يومئذ دينارا فايمن بن ام ايمن الصحابي اخو اسامة لامه اجل وانبل من ان ينسب إلى الجهالة فيقال كان رجلا يذكر منه خير انما يقال مثل هذه اللفظة لمجهول لا يعرف بالصحبة انتهى كلامه وظاهر كلام البيهقى انهما رجل واحد وقد صرح بذلك جماعة فقال أبو حاتم بن حبان في الثقات ايمن بن عبيد الحبشى هو الذى يقال له ايمن بن ام ايمن مولى النبي صلى الله عليه وسلم نسب إلى امه كان اخا اسامة لامه ومن زعم ان له صحبة فقد وهم وحديثه في القطع مرسل وفى معرفة الصحابة لابي عبد الله بن منده ايمن ابن ام ايمن وهو ابن عبيد بن عمرو اخو اسامة لامه امهما ام ايمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر ابن مندة عن ابن اسحاق قال وممن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا من اهل بيته ايمن بن عبيد وكانت امه ام ايمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان اخا اسامة لامه - وفى كتاب ابن أبى حاتم ايمن الحبشى مولى ابن عمرو روى عن عائشة وجابر وتبيع روى عنه مجاهد وابنه عبد الواحد قال (خ) روى منصور عن مجاهد وعطاء عن ايمن بن ام ايمن قال (خ) وايمن رجل من التابعين لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك ابن أبى حاتم في ترجمة واحدة فهو تصريح بانهما واحد وفى الاستيعاب لابي عمر بن عبد البر ايمن بن عبيد الحبشى وهو ايمن ابن ايمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم اخو اسامة لامه كان ممن بقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ولم ينهزم وذكره ابن اسحق فيمن استشهد يوم حنين وذكر الطحاوي انه صحابي معروف الصحبة وقال في احكام القرآن ولد في عهده عليه السلام وعاش بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وإذا ثبت انهما واحد وان ايمن ابن ام ايمن من الصحابة كما عده جماعة منهم وانه بقى بعد النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر الطحاوي تحمل رواية مجاهد عنه على الاتصال وان قتل بحنين كما زعم الشافعي وغيره فرواية مجاهد عنه مرسلة
وان كان من التابعين كما زعم البخاري وغيره فروايته مرسلة والقائل بهذا المذهب يحتج بالمرسل كيف وقد تأيد بحديث ابن عباس الذى صححه صاحب المستدرك واخرجه عبد الرزاق من وجه ثان وصاحب التمهيد من وجه ثالث والنسائي من وجه رابع وتأيد ايضا بما سيأتي من حديث عبد الله بن عمرو وابن المسيب - ثم ذكر البيهقى حديث (عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده قال كان ثمن المجن على عهده عليه السلام عشرة دراهم) ثم حكى عن الشافعي انه قال هذا رأى من عبد الله بن عمرو) - قلت - إذا ذكر الصحابي شيئا واضافه إلى زمنه صلى الله عليه وسلم كان مرفوعا عندهم فليس هذا برأى بل هو خبر اخبر به وهو محمول عندهم على انه سمعه وقد اخرج الدار قطني من حديث الحجاج بن ارطاة عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقطع يد لسارق في اقل من عشرة دراهم - وفى كتاب الحجج لعيسى بن ابان ثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب قال مضت السنة ان لا تقطع

يد السارق الا في دينار أو عشرة دراهم - ومضت السنة بان قيمة المجن دينار أو عشرة دراهم وفى الحجج ايضا ثنا على بن عاصم عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب قال مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا تقطع اليد الا في عشرة دراهم وفى مصنف عبد الرزاق عن ابن جريج قال كان يقول لا تقطع يد السارق في اقل من عشرة دراهم وذكر الطحاوي في احكام القرآن بسند جيد عن ابن جريج قال كان قول عطاء على قول عمرو ابن شعيب لا تقطع اليد في اقل من عشرة دراهم - وفى كتاب الحجج عن مصعب بن سلام ويعلى بن عبيد قالا ثنا عبد الملك عن عطاء انه سئل ما يقطع فيه السارق قال ثمن المجن وكان في زمانهم يقوم دينارا أو عشرة دراهم وقال النسائي انا حميد ابن مسعدة عن سفيان عن العرزمى عن عطاء قال ادنى ما يقطع فيه ثمن المجن وثمن المجن عشرة دراهم - ثم حكى البيهقى عن الشافعي (انه قال لخصمه انت تزعم ان عمرو بن شعيب ليس ممن يقبل روايته) - قلت - الحنفية يعملون بروايته ولا يردون شيئا منها إذا لم يعارضه ما هو اقوى منه وقد قال البيهقى في باب من قال يرث قاتل الخطأ (الشافعي كالمتوقف في روايات عمرو بن شعيب إذا لم ينضم إليها ما يؤكدها) - قال (باب ما جاء عن الصحابة فيما يجب به القطع)

ذكر فيه (عن الشافعي - قال بعض الناس روينا قولنا عن على قلت رواية الزعافرى عن الشعبى عن على قال البيهقى رواية
داود الاودى الزعافرى لم اقف عليها وقد روى من وجه آخر مظلم) ثم ذكره ثم قال (اسناد يجمع مجهولين وضعفاء)

- قلت - قد جاء من وجه آخر ضعيف الا انه اجود من الرواية التى ذكرها البيهقى بلا شك فروى عبد الرزاق عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن يحيى بن الجزار عن على قال لا يقطع الكف في اقل من دينار أو عشرة دراهم - فعدل البيهقى عن هذه الرواية إلى تلك لزيادة التشنيع ثم قال (قال الشافعي فقال يعين خصمه قد روينا عن ابن مسعود قال لا يقطع الا في عشرة دراهم قلنا روى الثوري عن عيسى بن أبى عزة عن ابن مسعود انه عليه السلام قطع سارقا في خمسة دراهم وهذا اقرب ان يكون صحيحا عن عبد الله من حديث المسعودي عن القاسم عن عبد الله) قال البيهقى (حديث ابن مسعود منقطع يعنى حديث المسعودي قال وروى عن أبى حنيفة عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود ورواه المسعودي مرسلا والذى في معارضته ليس باضعف منه يعنى حديث ابن أبى عزة) - قلت - حديث المسعودي رواه عنه وكيع والثوري وابن المبارك وغيرهم والمسعودي ثقة روى له اصحاب السنن الاربعة واستشهد به البخاري وهو وان اختلط فقد ذكر ابن حنبل ان سماع وكيع منه قديم وان من سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه جيد ذكره صاحب الكمال فان حكمنا لرواية أبى حنيفة باعتبار الزيادة زال انقطاع هذا الاثر والا فلا علة فيه الا الانقطاع وحديث ابن أبى

عزة فيه ثلاث علل - الثوري مدلس وقد عنعن - وابن أبى عزة ضعفه القطان وذكره الذهبي في كتاب الضعفاء - والشعبى عن ابن مسعود منقطع - ذكره البيهقى في باب الزنا لا يحرم الحلال وسكت عنه هنا وظهر بهذا ان هذا السند اضعف من سند رواية المسعودي خلافا لقول البيهقى (والذى روى في معارضته ليس باضعف منه) وان سند رواية المسعودي اقرب ان يكون صحيحا خلافا لما قاله الشافعي - قال (باب القطع في كل ماله ثمن إذا سرق) من حرز وبلغت قيمته ربع دينار

ذكر فيه حديث (لا قطع في ثمر ولا كثر) ثم قال (قال الشافعي وبهذا نقول لا قطع في ثمر معلق لانه غير محرز وهو يشبه حديث عمرو بن شعيب ثم ذكر البيهقى حديث عمرو عن ابيه عن جده ولفظه لا يقطع يعنى اليد في ثمر معلق فإذا آواه
الجرين قطعت) - قلت - ذكر الطحاوي ان الحديث الاول تلقت العلماء متنه بالقبول واحتجوا به والحديث الثاني لا يحتجون به ويطعنون في اسناده ولاسيما ما فيه مما يدفعه الاجماع من غرم المثلين وقد ذكر البيهقى الحديث بما فيه من زيادة غرم المثلين فيما بعد في باب تضعيف الغرامة فيما مضى في باب من قال يرث قاتل الخطأ (ان الشافعي كالمتوقف في روايات عمرو بن شعيب إذا لم يضم إليها ما يؤكدها) فكيف خصص بحديثه عموم حديث لا قطع في ثمر ولا كثر - ثم ذكر البيهقى (عن عثمان لا قطع في طير وعن أبى الدارداء ليس على سارق الحمام قطع) ثم قال (اراد الطير والحمام المرسلة في غير جرز) قلت - فيه امران - احدهما - اراد الحمام بالتشديد قال ابن أبى شيبة في مصنفه الرجل يدخل الحمام فيسرق ثيابا - ثنا زيد بن حباب حدثنى معاوية بن صالح حدثنى أبو الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبى الدرداء سئل عن سارق الحمام فقال لا قطع عليه وقال الطحاوي السارق من الحمام المأذون في دخوله لا قطع عليه إذا كان غير حرز ثنا الربيع الجيزى ثنا عبد الله بن يوسف ثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخى عن بلال بن سعد أن ابا الدرداء اتى بسارق من الحمام فلم يقطعه

قال (باب ما يكون حرزا) ذكر فيه عن مالك عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله ان صفوان بن امية إلى آخره ثم اخرجه من طريق ابن عيينة عن عمرو عن طاوس مرسلا ثم قال (روى عن ابن كاسب عن ابن عيينة باسناده موصولا بذكر ابن عباس فيه وليس بصحيح)

قلت - ذكر صاحب التمهيد ان البزار اخرجه من حديث زكريا بن اسحاق عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس عنه عليه السلام وذكر المزى في اطرافه ان النسائي اخرجه عن محمد بن داود عن المعلى بن اسد عن وهيب عن عبد الله بن طاوس عن ابيه عن صفوان بن امية - قلت - يا رسول الله ان هذا سرق خميصة لى الحديث - ثم ذكر البيهقى في آخر الباب حديث ابن أبى حسين (قال عليه السلام لا قطع في ثمر معلق إلى آخره وقد روينا هذا موصولا من حديث عمرو بن شعيب عن ابيه) قلت ذكره فيما بعد في باب تضعيف الغرامة من حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن عبد الله بن عمرو - قال (باب السارق توهب له السرقة) ذكر فيه حديث سرقة رداء صفوان وقوله (انا اهبه له) وقوله عليه السلام (فهلا قبل ان تأتيني به - قلت - مذهب

الشافعي انه لو وهبه قبل الرفع إلى الامام يقطع وهذا الحديث حجة عليه لانه يدل على انه لو وهب السارق رداءه قبل ان يأتيه به لما قطعه وقال أبو يوسف لا قطع عليه محتجا بهذا الحديث ذكره صاحب التمهيد واختاره في الاستذكار وعزاه إلى أبى حنيفة وصاحبيه وفى المعالم للخطابي احتج به من رأى انه لا يقطع إذا ملكه قبل ان يرفع إلى الامام لانه يدل على انه لو وهبه منه أو ابرأه قبل ان يرفعه إلى الامام سقط عنه القطع - قال (باب من سرق عبدا صغيرا)

قال فيه (روى عن عمر أنه لم ير عليه القطع قال هؤلاء خلابون) ثم قال (قال اصحابنا معناه إذا كان العبد عاقلا فقد روى عن عمر أنه قطع رجلا في غلام سرقه) - قلت - الاول - اخرجه ابن أبى شيبة ثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبى ايوب عن معروف بن سويد ان قوما كانوا يسترقون رقيق الناس بافريقية فقال على بن رباح ليس عليهم قطع قد كان هذا على عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه فلم ير عليهم قطعا وقال هؤلاء خلابون وهذا السند رجاله ثقات - والثانى - رواه عبد الرزاق عن ابن جريج ورواه ابن أبى شيبة ثنا محمد بن بكر عن ابن جريج قال قال اخبرت ان عمر بن الخطاب قطع رجلا في غلام سرقه - وهو منقطع كما ترى -

قال (باب النباش يقطع إذا اخرج الكفن من القبر) (قال الشافعي لان هذا حرز مثله) - قلت - القبر ليس بحرز لاتفاق الجميع على انه لو دفن فيه دراهم فسرقها لم يقطع فكذا الكفن وهذا لان القبر انما حفر لدفن الميت فيه لا لاحراز الكفن لانه للبلى والهلاك ولانه لا مالك له فصار كالسرقة من بيت المال وكالآخذ الاشياء المباحة وهذا لانه من جميع المال ومقدم على الدين فلا يملكه الورثة كما لا يملكون ما يصرف ويستحيل ان يملكه الميت فثبت انه ليس في ملك احد ومطالبة الورثة بالكفن لا يدل على انه ملكهم كما يطالب بما سرق من بيت المال وان لم يملكه - وفى مصنف ابن أبى شيبة ثنا عيسى بن يونس عن معمر عن الزهري يقال أتى مروان بن الحكم بقوم يحتفرون القبور يعنى ينبشون فضربهم وتفاهم واصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون - وهذا سند صحيح - وفيه ايضا انا حفص عن اشعث عن الزهري قال أخذ نباش في زمن معاوية وكان مروان على المدينة فسأل من كان بحضرته من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة والفقهاء فلم يجدوا احدا قطعه فاجمع رأيهم على
ان يضربه ويطاف به - وفى الاستذكار كان الثوري وأبو حنيفة واصحابه لا يرون عليه قطعا وروى ذلك عن يزيد (1) ابن ثابت ومروان بن الحكم وافتى به الزهري - ثم ذكر البيهقى حديث أبى ذر (يكون البيت بالوصيف يعنى القبر)
__________
(1) كذا -

قلت - لو سلمنا ان تسمية القبر بيتا هو على سبيل الحقيقة فلا يقطع بالسرقة من البيت الا إذا كان حرزا وقد تقدم ان القبر ليس بحرز ألا ترى ان المساجد تسمى بيوتا قال الله تعالى (في بيوت اذن الله ان ترفع) ومع ذلك لو سرق منها لا يقطع إذا لم يكن ثم حافظ - وقال صاحب الاستذكار احتج من قطعه بقوله تعالى (الم نجعل الارض كفاتا احياء وامواتا) فانه (1) عليه السلام سماه بيتعا وليس في هذا كله ما يوجب التسليم له - ثم ذكر البيهقى حديث لعن المختفى عن مالك عن أبى الرجال عن عمرة مرسلا - ثم رواه من حديث يحيى بن صالح وأبى قتيبة عن مالك عن أبى الرجال عن عمرة عن عائشة موصولا ثم قال (الصحيح مرسل) - قلت فيه امران - احدهما - ان يحيى بن صالح ثقة اخرج له الشيخان وغيرهما وأبو قتيبة سلم بن قتيبة اخرج له البخاري في صحيحه فهذان ثقتان زاد الوصل فيقبل منهما وتابعهما عبد الله بن عبد الوهاب فرواه عن مالك كذلك كذا اخرجه صاحب التمهيد من حديثه فظهر بهذا ان الصحيح في هذا الحديث انه موصول - الامر الثاني - لا يلزم لعن المختفى انه يقطع كالغاصب والظالم فلا دلالة فيه على مدعاه -
__________
(1) لعله - وبأنه -

قال (باب السارق يعود فيسرق) ذكر فيه حديث مصعب بن ثابت عن ابن المنكدر عن جابر - قلت - في الاستذكار قال النسائي مصعب ليس بالقوى وان كان القطان روى عنه وهذا الحديث ليس بصحيح ولا اعلم في هذا الباب حديثا صحيحا عنه عليه السلام وفى حديث مصعب قتل السارق في الخامسة ولا اعلم احدا من اهل العلم قال به الا ما ذكره أبو مصعب صاحب مالك في مختصره عن اهل المدينة مالك وغيره قال فان سرق الخامسة قتل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان وعمر بن عبد العزيز قال وكان مالك يقول لا يقتل قال أبو عمر حديث القتل منكر لا اصل له وقد ثبت عنه عليه السلام لا يحل دم امرئ مسلم

الا باحدى ثلاث - الحديث ولم يذكر فيها السارق وقال عليه السلام في السرقة فاحشة وفيها عقوبة - ولم يذكر قتلا وعلى هذا جمهور اهل العلم في آفاق المسلمين - ثم ذكر البيهقى حديثا عن عبد الله بن أبى امية عن عبد الله بن الحارث ثم قال (مرسل حسن باسناد صحيح) - قلت - اضطرب في اسناده في اسم ابن أبى امية فقيل عبد الله وفى مراسيل أبى داود عبد ربه وكذا ذكره غيره واختلف ايضا في عبد الله بن الحارث فقيل هكذا وقيل الحارث بن عبد الله وقد ذكر البيهقى الاختلاف فيهما فيما بعد ومع هذا الاضطراب لم اقف على حال ان أبى امية بعد الكشف ولهذا قال عبد الحق في الاحكام هذا الحديث لا يصح للارسال وضعف الاسناد - ثم ذكر البيهقى من حديث القاسم وصفية (ان رجلا اقطع اليد والرجل سرق عند أبى بكر فقطع يده اليسرى) - قلت - كلاهما لم يسمعا ابا بكر وقد روى عنه وعن غيره من الصحابة خلاف هذا قال صاحب الاستذكار اختلف في هذا الحديث فروى انه انما قطع رجله وكان مقطوع اليد اليمنى فقط ذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم وغيره قال انما قطع أبو بكر رجل الاقطع وكان مقطوع اليد اليمنى فقط وقال الزهري ولم يبلغنا في السنة في القطع اليد والرجل لا يزاد على ذلك قال وانا معمر عن ايوب عن نافع عن ابن عمر قال انما قطع أبو بكر

رجل الذى قطعه يعلى بن امية كان مقطوع اليد قبل ذلك - وذكر عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان رجل اسود يأتي ابا بكر فيدنيه ويقرئه القرآن حتى بعث ساعيا فقال ارسلني معه فأرسله معه واستوصى به خيرا فلم يعبر منه الا قليلا حتى جاء قد قطعت يده فلما رآه أبو بكر فاضت عيناه قال ما شأنك قال ما زدت على انه كان يوليني شيئا من عمله فخنته فريضة واحدة فقطع يدى فقال أبو بكر تجدون الذى قطع هذا يخون عشرين فريضة ان كنت صادقا لافتدينك (1) منه ثم ادناه فكان الرجل يقوم الليل فيقرأ فإذا سمع أبو بكر صوته قال تا لله لرجل قطع هذا لقد اجترأ على الله فلم يعبر الا قليلا حتى فقد آل أبى بكر حليالهم ومتاعا فقام الاقطع فاستقبل القبلة ورفع يده الصحيحة والاخرى التى قطعت فقال اللهم أظهر على من سرقهم وكان معمر ربما قال اللهم أظهر على من سرق اهل هذا البيت الصالحين فما انتصف النهار حتى عثروا على المتاع عنده فقال أبو بكر ويلك انك لقليل العلم بالله فأمر به فقطعت رجله - وقال ابن أبى شيبة ثنا عيسى بن يونس عن الاوزاعي عن الزهري قال انتهى أبو بكر في قطع السارق إلى اليد والرجل - ثم ذكر البيهقى (عن عمر القطع في الثالثة والرابعة) - قلت - قد جاء عنه خلاف ذلك قال ابن أبى شيبة ثنا أبو اسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول ان عمر قال إذا سرق السارق فاقطعوا يده ثم إذا عاد فاقطعوا رجله ولا تقطعوا يده الاخرى وذروه يأكل بها الطعام
ويستنجى بها من الغائط ولكن احبسوه عن المسلمين - ثم ذكر البيهقى عن على عدم القطع في الثالثة والرابعة من وجهين قلت - وقد جاء ذلك عنه من وجهين آخرين قال ابن أبى شيبة ثنا جرير عن منصور عن ابى الضحى وعن مغيرة عن الشعبى قال (2) كان على يقول إذا سرق السارق مرارا قطعت يده ورجله ثم ان عاد استودعته السجن - وقال ايضا ثنا حاتم بن اسمعيل عن جعفر عن ابيه قال كان على لا يزيد على ان يقطع لسارق يدا ورجلا فإذا اتى به بعد ذلك قال انى لاستحى
__________
(1) كذا - (2) كذا

ان لا يتطهر لصلاته ولكن أمسكوا كله عن المسلمين وأنفقوا عليه من بيت المال - وقال ايضا ثنا أبو خالد عن الحجاج عن عمرو بن دينار أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن السارق فكتب إليه بمثل قول على قال وثنا أبو خالد عن حجاج عن سماك عن بعض اصحابه ان عمر استشارهم في سارق فأجمعوا على مثل قول على وبه قال الثوري وأبو حنيفة وصاحباه انه لا قطع بعد الثانية وانما فيه الغرم وهو قول الزهري والنخعي والشعبى والاوزاعي وحماد واحمد وروى عن جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم -

قال (باب غرم السارق)

ذكر فيه حديثا عن سعد بن ابراهيم عن اخيه المسور عن عبد الرحمن بن عوف ثم قال (ان كان سعد هذا ابن ابراهيم بن عبد الرحمن فلا نعرف في التواريخ له اخا معروفا يقال له المسور) إلى آخره - قلت - في كتاب ابن أبى حاتم مسور بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف اخو سعد وصالح ابني ابراهيم روى عن عبد الرحمن بن عوف مرسلا - روى عنه اخوه سعد بن ابراهيم، سمعت أبى يقول ذلك - وذكر ذلك صاحب الكمال وزاد مات سنة سبع ومائتين روى له النسائي فظهر بهذا ان سعد هو ابن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وانه لا وجه لترديد البيهقى وان له اخا يقال له المسور فان لم يثبت للمسور سماع من عبد الرحمن والحديث مرسل فالقائلون به يحتجون بالمرسل على ان ابن جرير الطبري اخرج هذا الحديث في تهذيب الآثار موصولا فقال ثنا احمد بن الحسن الترمذي ثنا سعيد بن كثير بن عفير ثنا المفضل بن فضالة عن يونس ابن يزيد عن سعد بن ابراهيم حدثنى اخى المسور بن ابراهيم عن ابيه عن عبد الرحمن بن عوف ان رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال إذا اقيم الحد على السارق فلا غرم عليه - واخرجه أبو عمر بن عبد البر من طريق ابن جرير وهذا السند ما خلا المسور واباه على شرط البخاري وأبوه ذكره ابن حبان في ثقات التابعين ثم قال ابن جرير ما ملخصه فيه البيان عن صحة قول من لم يضمن السارق بعد الحد وفساد قول من ضمنه ثم حكى عدم التضمين عن ابن سيرين والشعبى والنخعي وعطاء والحسن وقتادة قال وعلتهم مع الاثر القياس على اجماعهم على ان اهل العدل إذا ظهروا على الخوارج لم يغرموا ما استهلكوه وكذا قطاع الطريق ولو كان السارق في التضمين كالغاصب لتعديه لوجب الضمان على هؤلاء لتعديهم وظلمهم وكذا لو استهلك حربى مالا لمسلم غلب عليه ثم اسلم لم يتبع به اجماعا قال وهذا هو الصواب لقوله تعالى (فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا) فلم يأمر بالتغريم ولو كان لازما لعرفهم به كما عرفهم بالقطع - ثم قال البيهقى (وابراهيم بن عبد الرحمن لم يثبت له سماع من عمر إلى قوله ولا نعرف اخاه) - قلت - كذا في نسختنا من هذا الكتاب ولا تعلق لهذا الكلام بما قبله ثم

ذكر البيهقى بسنده (عن هشيم ثنا بعض اصحابنا عن الحسن كان يقول هو ضامن للسرقة مع القطع) - قلت - في سنده هذا المجهول وقد جاء عن الحسن بخلاف هذا قال عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني اسمعيل بن مسلم عن الحسن قال حسبه للقطع - ثم ذكر البيهقى (عن أبى حنيفة عن حماد عن ابراهيم انه كان يقول يضمن السرقة استهلكها أو لم يستهلكها وعليه القطع) - قلت - قد تقدم عنه وعن غيره عدم التضمين وحكاه ابن المنذر في الاشراف عن مكحول والثوري وقال ابن عبد البر هو قول سائر الكوفيين - وروى ابن أبى شيبة بسنده عن الشعبى قال ان وجدت السرقة بعينها عنده اخذت منه وقطعت يده وان كان قد استهلكها قطعت يده ولا ضمان عليه، ثم قال ثنا هشيم عن مغيرة عن ابراهيم واشعث عن ابن سيرين مثله، وروى بسنده عن عطاء نحو ذلك، وروى بسنده عن سعيد بن جبير سئل عن الرجل يسرق فيقطع يده أيغرم السرقة قال كفى بالقطع غرما - قال (باب ما جاء في تضعيف الغرامة) ذكره في آخره (عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب اصاب غلمان لحاطب ناقة لرجل إلى آخره) - قلت - في الاستذكار ما ملخصه ان العلماء تركوه للقرآن والسنة اما القرآن فقوله تعالى (فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) ولم يقل بمثليه واما السنة فانه عليه السلام قضى على من اعتق شقصا من عبد بقيمة حصة شريكه، وضمن الصحفة التى كسرها بعض اهله بصحفة مثلها ولانه خبر يدفعه الاصول فقد اجمع العلماء على ان من استهلك شيئا لا يغرم الا مثله أو قيمته وانه
لا يعطى احد بدعواه لقوله عليه السلام لو اعطى قوم بدعواهم لادعى قوم دماء قوم واموالهم ولكن البينة على المدعى وفى هذا الحديث تصديق المزني فيما ذكر من ثمن ناقته وفيه ايضا انه غرمه باعتراف عبيده وقد اجمعوا على ان اقرار العبد

على سيده في ماله لا يلزمه وايضا فان يحيى بن عبد الرحمن لم يلق عمر ولا سمع منه فهذه اربعة اوجه علل بها هذا الحديث وقد ذكر البيهقى في الباب الذى يلى هذا الباب عن الشافعي ما ملخصه انه استدل على ترك تضعيف الغرامة بوجهين من هذه الاربعة وذكر ابن وهب في موطأه الحديث بمعناه من طريقين من رواية يحيى بن عبد الرحمن عن ابيه وأبوه عبد الرحمن سمع عمر وروى عنه وليس عند جمهور رواة الموطأ عن ابيه قال أبو عمر اظن ابن وهب وهم فيه وذكر ايضا ان القصة كانت بعد موت حاطب وهو غلط لان حاطبا مات سنة ثلاثين في خلافة عثمان - قال (باب لا قطع على مختلس) ذكر فيه حديثا عن ابن جريج عن أبى الزبير عن جابر ثم ذكر (ان ابا داود قال لم يسمعه ابن جريج من أبى الزبير وبلغني عن ابن حنبل قال انما سمعه ابن جريج من ياسين الزيات) - قلت - اخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج قال قال

لى أبو الزبير قال جابر الحديث وهذا صريح في انه سمعه منه وكذلك اخرجه النسائي فقال انا محمد بن حاتم انا سويد هو ابن نصر انا عبد الله هو ابن المبارك عن ابن جريج قال اخبرني أبو الزبير فذكره وهذا سند صحيح وبهذا اللفظ ايضا اخرجه الطحاوي فقال ثنا يحيى بن عثمان ثنا نعيم هو ابن حماد ثنا ابن المبارك فذكره ويحيى اخرج له الحاكم في مستدركه وابن حبان

في صحيحه ونعيم اخرج له البخاري في صحيحه فهو ايضا سند صحيح وقد صرح فيه ايضا بالسماع فيحمل على انه سمعه منه مرة بلا واسطة ومرة بواسطة ياسين ويدل على ذلك ان الترمذي اخرجه من حديث ابن جريج عن أبى الزبير ثم قال حسن صحيح - ثم ذكر البيهقى حديث التى كانت تستعير ثم رجح رواية السرقة - قلت - الروايتان صحيحتان بالعمل بها كما روى عن ابن حنبل و؟؟؟؟؟ اولى من ترجيح احداهما -

قال (باب ما جاء في تفسير الخمر)

ذكر فيه قول عمر (نزل تحريمها يوم نزل وهى من خمسة من العنب والتمر والبر والشعير والعسل، والخمر ما خامر العقل) وفى آخره (فقلت ما ترى في السادسة تصنع بالسند قال لم يكن هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان لنهى عنه الا ترى انه قد عم الاشربة كلها فقال الخمر ما خامر العقل قال أبو بكر يعنى الاسماعيلي فيه دلالة على ان قوله والخمر ما خامر العقل من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه البخاري في الصحيح عن احمد بن أبى رجاء الا انه لم يذكر ولو كان لنهى

عنه فانه مما قيل للشعبى وهو الذى اجاب به) - قلت - هذا الكلام يقتضى انه في البخاري كما ساقه إلى قوله ولو كان لنهى عنه وليس هو كذلك في صحيح البخاري لا لفظا ولا معنى بل لفظه فقلت يا ابا عمر وفشئ يصنع بالسند من الرز قال ذاك لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو قال على عهد عمر كذا ذكره بالشك وكيف يسوق الشعبى هذا اللفظ من كلام عمر ثم يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم الا ترى انه قد عم الاشربة كلها فقال الخمر ما خامر العقل هذا لا يستقيم وقد صرح

البيهقى في آخر الباب الذى يلى هذا الباب (ان هذا قول عمر) ثم ذكر البيهقى حديث ابن عمر (لقد حرمت الخمر وما بالمدينة منها شئ) - قلت - قد كان بالمدينة سائر الانبذة غير الخمر لانها كانت تجلب إليها فلما نفى اسم الخمر عن بقية الانبذة دل على ان هذا الاسم عنده حقيقة الشراب العنب التى المستند وان ما سواها غير مسمى بهذا الاسم وان سمى به كان مجازا أو لهذا نفى اسم الخمر عنه مع وجوده عندهم بالمدينة وهذا علامة المجاز فثبت ان تسميته باسم الخمر على جهة التشبيه بها عند وجود السكر فوجب ان يحمل حديث -

الخمر من خمسة اشياء ونحوه على الحال التى يتولد منها السكر لانها حينئذ تعمل عمله في توليد السكر واستحقاق الحد وعليه يحمل قول عمر الخمر ما خامر العقل - لان المخامرة التغطية والقليل من الانبذة لا يخامر العقل وقد نفى أبو الاسود اسم الخمر عن الطلاء بقوله - دع الخمر تشربها الغواة فانني - رأيت اخاها مغتيا بمكانها فان لا يكنها أو تكنه فانه - اخوها غذته امه بلبانها
جعل الطلاء اخا للخمر واخو الشئ غيره اراد انهما معا من الكرم -

قال (باب الدليل على ان الطبخ لا يخرج هذه الاشربة من دخولها في الاسم والتحريم)

ثم ذكر فيه (عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال كل مسكر خمر) إلى آخره ثم قال (كذا رواه سائر اصحاب مالك عن مالك موقوفا غير ورح فانه رفعه) - قلت - ذكر أبو عمر هذا الحديث في التمهيد ثم قال موقوف في الموطأ لم يختلف فيه الرواة عن مالك الا عبد الملك بن اما جشون فانه رواه عن مالك عن نافع عن ابن عمر عنه عليه السلام فرفعه وذكر المزى في اطرافه ان النسائي رواه في الاشربة عن الحارث بن مسكين عن ابن القاسم عن مالك مرفوعا كذلك ثم ذكر البيهقى (عن

ابن عباس انه سئل عن الطلاء فقال ان النار لا تحل منها شيئا ولا تحرمه) - قلت - استدل البيهقى بهذا الاثر على التحريم وابن أبى شيبة ذكره في مصنفه في باب جواز شرب الطلاء اثناء آثار دالة على الاباحة فقال ثنا ابن فضيل عن الاعمش فذكره وفى لفظه ان النار لا تحل شيئا ولا تحرمه لان اوله كان حلالا -

قال (باب من رخص فيما لم يسكر) ذكر فيه قول ابن عباس (والسكر من كل شراب) - قلت - خرج قاسم بن اصبغ ثنا احمد بن زهير ثنا أبو نعيم الفضل ابن دكين عن مسعر عن أبى عون عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس قال حرمت الخمر بعينها القليل منها والكثير والسكر من كل شراب - قال ابن حزم صحيح وتابع ابا نعيم جعفر بن عون فرواه عن مسعر كذلك وتابع مسعرا الثوري فرواه عن أبى عون كذلك وفى التهذيب للطبري ثنا محمد بن موسى الحرشى ثنا عبد الله بن عيسى ثنا داود بن أبى هند عن عكرمة عن ابن عباس قال حرم الله الخمر بعينها والسكر من كل شراب - وروى أبو حنيفة في مسنده عن عون بن أبى جحيفة قال قال ابن عباس حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب -

قال (باب ما جاء في صفة نبيذهم) ذكر فيه (عن أبى خيثمة يعنى زهيرا عن أبى اسحاق عن عمرو بن ميمون قال انا لنشرب من النبيذ نبيذا يقطع لحوم الابل) - قلت - اخرج الطحاوي هذا الاثر عن روح بن الفرج عن عمرو بن خالد عن زهير وفى آخره قال وشربت من نبيذه فكان كاشد النبيذ وروح وثقه الخطيب وعمرو بن خالد ثقة ثبت كذا قال احمد بن عبد الله واخرجه الدار قطني من حديث شريك عن أبى اسحاق ولفظه انى شربت هذا النبيذ الشديد يقطع ما في بطوننا من لحوم الابل وقال ابن أبى شيبة ثنا الاحوص عن أبى اسحاق عن عمرو بن ميمون قال قال عمر انا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم الابل في بطوننا ان تؤذينا فمن رابه من شرابه شئ فليمزجه بالماء - وقال ايضا ثنا وكيع ثنا اسمعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم حدثنى عتبة بن فرقد قال قدمت على عمر فدعا بعس من نبيذ قد كان (1) يصير خلا فقال اشرب فاخذته فشربته فما كدت ان اسيغه ثم اخذه فشربه ثم قال يا عتبة انا نشرب هذا النبيذ الشديد لنقطع به لحوم الابل في بطوننا ان تؤذينا - ثم قال البيهقى (واما الصفة ففيما انا أبو بكر) فذكر قول الحبشية (كنت انبذله في سقاء من الليل فإذا اصبح شرب منه)
__________
(1) كذا

ثم ذكر بمعنى ذلك من وجوه ثم قال (على مثل هذه الصفة كان نبيذ عمر وغيره من الصحابة الا ترى ان عمر انما احل

الطلاء حين ذهب سكره وشره وحظ شيطانه وذلك فيما انا أبو زكريا) فذكر بسنده (ان عمر لما قدم الشام شكوا له وباء الارض إلى ان قالوا هل لك ان نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر قال نعم فطبخوه حتى ذهب من الثلثان وبقى الثلث إلى ان قال فأمرهم عمر أن يشربوه) ثم ذكر (ان عمر كتب ان اطبخوا شرابكم حتى يذهب نصيب الشيطان منه فان للشيطان اثنين ولكم واحد) - قلت - قد ورد مثل هذا عن عمر وغيره من السلف قال عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن ايوب عن ابن سيرين قال كتب لنوح من كل شئ زوجان وفيه ان الملك قال له وتطبخه حتى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث - قال ابن سيرين فوافق ذلك كتاب عمر بن الخطاب وعن معمر عن عاصم عن الشعبى قال كتب عمر إلى عمار أما بعد فانه جاءتنا اشربة من الشام كأنها طلاء الابل قد طبخ حتى ذهب ثلثاه الذى فيه خبث الشيطان وريح جنونه وبقى ثلثه فاصطنعه وأمر من قبلك ان يصطنعوه - وعن ابن التيمى عن منصور عن ابراهيم عن سويد بن غفلة قال كتب عمر إلى عماله ان
يرزقوا الناس الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقى ثلثه - وفى مصنف ابن أبى شيبة ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن داود بن أبى هند سألت سعيد بن المسيب عن الشراب الذى كان عمر اجازه للناس قال هو الطلاء الذى طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقى ثلثه - ثنا على بن مسهر عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن انس ان ابا عبيدة ومعاذ بن جبل وابا طلحة كانوا يشربون من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقى ثلثه - ثنا وكيع عن الاعمش عن ميمون هو ابن مهران عن ام الدرداء قالت كنت اطبخ لابي الدرداء الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقى ثلثه لشربه وعن على انه كان يرزق الناس من الطلاء الذى ذهب ثلثاه وبقى ثلثه ثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبى عبد الرحمن قال كان على يرزقنا الطلاء فقلت له ما هيئته قال اسود يأخذه احدنا باصبعه - ثنا وكيع عن سعد بن اوس عن انس بن سيرين قال كان انس بن مالك سقيم البطن فأمرني ان اطبخ له طلاء حتى ذهب ثلثاه وبقى ثلثه فكان يشرب منه الشربة على اثر الطعام - ثنا ابن نمير ثنا اسمعيل عن مغيرة عن شريح ان خالد ابن الوليد كان يشرب الطلاء بالشام - وقد تقدم في آخر باب الدليل على ان الطبخ لا يخرج هذه الاشربة من دخولها في الاسم والتحريم ما اخرجه ابن أبى شيبة من قول ابن عباس ان النار لا تحل شيئا إلى آخره وهذا كله يقتضى جواز شرب هذا المطبوخ وقد قال صاحب الاستذكار لا اعلم خلافا بين الفقهاء في جواز شرب العصير إذا طبخ فذهب ثلثاه وبقى ثلثه وقد تقدم من كلام البيهقى خلاف هذا فقال باب الدليل على ان الطبخ لا يخرج هذه الاشربة إلى آخره وذكر هناك قول أبى عبيد (قد جاء في الاشربة آثار كثيرة باسماء مختلفة) فذكر الخمر والسكر والبتع والجعة والمزر والسكركة والفضيخ والخليطين والمنصف وهو ان يطبخ عصير العنب قبل ان يغلى حتى يذهب نصفه وان طبخ حتى يذهب ثلثاه

ويبقى ثلثه فهو الطلاء سمى بذلك لانه يشبه بطلاء الابل في ثخنه وسواده ثم قال (وهذه الاشربة كلها كناية عن اسم الخمر ولا احسبها الا داخلة في قوله عليه السلام ان ناسا من امتى يشربون الخمر باسم يسمونها به ومما يبينه قول عمر الخمر ما خامر العقل) وقال في الخلافيات ما اسكر كثيره فقليله حرام من أي الاجناس كان من مطبوخ ونى - قال (باب ما جاء في الكسر بالماء) ذكر فيه حديثا عن احد الوفد الذين وفدوا إلى نبى الله صلى الله عليه وسلم من عبد القيس ثم قال (الروايات الثابتة في قصة وفد عبد القيس خالية عن هذه اللفظة وفى هذا الاسناد من يجهل حاله) - قلت - رواه أبو داود في سننه باسناد رجاله ثقات معروفون ليس فيهم مجهول الا هذا الصحابي الذى هو من جملة وفد عبد القيس والصحابة عندهم عدول لا تضرهم الجهالة
وكذا قال البيهقى في غير موضع وإذا كان كذلك فهذه اللفظة زيادة من ثقة فهى مقبولة - ثم ذكر البيهقى هذا الحديث من جهة أبى هريرة وفى آخره (فان خشى شربه فليصب عليه الماء) ثم قال (رواه جماعة لم يذكروا فيه هذه اللفظة فيشبه

ان تكون من قول بعض الرواة) - قلت - هذا دعوى والراوي إذا كان ثقة قبلت زيادته كما تقدم - ثم ذكر حديثا عن اسرائيل هو ابن يونس عن على بن بذيمة عن قيس بن حبتر عن ابن عباس - قلت - هذا سند جيد واخرجه أبو داود بسند جيد ايضا عن سفيان هو الثوري عن ابن بذيمة بسنده والرفع زيادة من ثقة فوجب قبوله - ثم ذكر حديثا عن عائشة في سنده ثمامة بن كلاب فقال (مجهول) - قلت - ذكره ابن حبان في الثقات من اتباع التابعين - ثم ذكر رواية فيها عكرمة

ابن عمار - قلت - تقدم الكلام عليه في باب مس الفرج بظهر الكف ثم ذكر حديثا في سنده عبد الملك بن نافع فقال (مجهول) - قلت - ذكره ابن حبان في الثقات من التابعين ثم ذكر اثرا عن عمر في كسر الشراب المشتد بالماء ثم قال

(انما كان اشتداده بالحموضة أو بالحلاوة) - قلت - في مصنف عبد الرزاق ثنا ابن جريج اخبرني اسمعيل ان رجلا عب في شراب نبذ لعمر بطريق المدينة فسكر فتركه عمر حتى افاق فحده ثم اوجعه عمر بالماء فشرب منه قال ونبذ نافع بن

عبد الحارث لعمر بن الخطاب في المزاد وهو عامل له فاستأخر عمر حتى عدا الشراب طوره فدعا به عمر فوجده شديدا فاوجعه بالماء ثم شرب وسقى الناس - فقوله فسكر يضعف تأويل البيهقى -

قال (باب الرخصة في الاوعية بعد النهى) قلت - في الاستذكار كان الشافعي يكره الانتباذ في هذه الاوعية وقال ابن القاسم كره مالك الانتباذ في الدباء والمزفت

قال أبو عمر اظنهم احتاطوا فبقوا على اصل النهى ولم يقبلوا رخصة النسخ -

قال (باب من اقيم عليه الحد اربعا ثم عاد) ذكر فيه حديث رفع القتل في الرابعة عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عنه عليه السلام - قلت - سكت عن الحديث وهو مرسل وقبيصة معدود من التابعين وفيه علة اخرى وهى ان الزهري لم يسمعه من قبيصة ذكرها الطحاوي في الرد

على الكرابيسى وقال مستدلا على ذلك ثنا يونس هو ابن عبيد ثنا بشر بن بكر ثنا الاوزاعي عن ابن شهاب انه بلغه عن قبيصة بن ذؤيب فذكر الحديث وسنده على شرط مسلم - قال (باب من وجد منه ريح شراب)

ذكر فيه حديثا في سنده محمد بن على بن ركانة فذكر بسنده (عن ابن المدينى قال مجهول) - قلت - هو معروف وهو ابن على بن زيد بن ركانة روى عنه ابن جريج وابن اسحق وخرج له أبو داود في سننه ووثقه ابن حبان -

قال (باب ما جاء في اقامة الحد حال السكر أو حتى يذهب) ذكر فيه (ان مطيع بن الاسود ضرب شاربا ضربا شديدا فقال عمركم ضربته فقال ستين فقال قتلته اقص عنه بعشرين

قال أبو عبيد يقول اجعل شدة الضرب قصاصا بالعشرين التى بقيت) قال البيهقى (فيه ان الزيادة على الاربعين تعزير وليس بحد) - قلت - بل هي حد لما في الصحيح ان النبي عليه السلام وابا بكر جلدا في الخمر اربعين وجلد عمر ثمانين ذكره البيهقى قبل هذا الباب وبعده - قال (باب ما جاء في عدد حد الخمر)

ذكر في آخره (عن على انه جلد في الخمر اربعين جلدة بسوط له طرفان) ثم قال (وكأنه اراد صار اربعين بالطرفين فقد روينا في الحديث الموصول انه امره بجلده اربعين) - قلت - إذا جلد بسوط له طرفان اربعين صار الكل ثمانين وتاويل

البيهقى بعيد جدا مخالف لمقتضى اللفظ وقال القاضى عياض المعروف من مذهب على الجلد في الخمر ثمانين ومنه قوله في قليل الخمر وكثيرها ثمانون جلدة - وروى عنه انه جلد المعروف بالنجاشى والمشهور أنه هو الذى اشار على عمر باقامة الحد ثمانين

وروى انه جلد اربعين بسوط له رأسان فتكون جملتها ثمانين وذهب الطبري في التهذيب إلى ان حد الخمر ثمانون واول ضربه عليه السلام اربعين بان المضروب كان عبدا أو انه ضربه كذلك بسوطين واستدل على ذلك بحديث انس انه عليه السلام ضربه بجريدتين نحوا من اربعين -

قال (باب السلطان يكره على الاختتان وما ورد في الختان) ذكر فيه حديث الفطرة - قلت - مذهبه ان الختان واجب ومقصوده من هذا الحديث الاستدلال على ذلك ودلالته على انه سنة اظهر قال الخطابى ذهب اكثر العلماء إلى ان الفطرة هي السنة قال النووي وكذا ذكره جماعة غير الخطابى قالوا ومعناه انها من سنن الانبياء عليهم السلام ثم ان معظم هذه الخصال سنة وليست بواجبة عند العلماء وفى بعضها خلاف في وجوبه انتهى كلامه والاستدلال بهذا الحديث على سنية الختان من وجهين - احدهما - ان الفطرة هي السنة كما تقدم والسنة تذكر في مقابلة الواجب - والثانى - ان الاشياء التى ذكرت في الحديث مع الختان ليست بواجبة وفى شرح العمدة الاستدلال بالقران في هذا المكان قوى لان لفظ الفطرة لفظة واحدة استعملت في هذه الاشياء الخمسة فلو فرقت في الحكم اعني ان تستعمل في بعض هذه الاشياء لا فادة الوجوب وفى بعضها لا فادة الندب لزم استعمال اللفظ الواحد في معنيين مختلفين وفيه ما عرف في علم الاصول وانما يضعف دلالة الاقتران إذا استعملت الجمل في الكلام ولم يلزم منه استعمال اللفظ الواحد في معنيين كما جاء في الحديث لا يبولن احدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة - فاستدل به بعض الفقهاء على ان اغتسال الجنب في الماء يفسده لكونه مقرونا بالنهي عن البول فيه ثم ذكر البيهقى حديث عثيم ابن كليب (عن ابيه عن جده قال عليه السلام له الق عنك شعر الكفر واختتن) - قلت - هو عثيم بن كثير بن كليب ومع

ضعف الواسطة بين ابن جريج وعثيم يحمل الحديث على الاستحباب بقرينة انه ذكر معه القاء شعر الكفر وليس بواجب

بواجب ثم ذكر عن ابن عباس حديث (الختان سنة للرجال مكرمة للنساء) ثم قال (اسناد ضعيف والصحيح موقوف) ثم ذكر عن رجل عن ابن عباس كره ذبيحة الارغل وقال لا تقبل صلاته ولا تجوز شهادته) - قلت - فيه هذا المجهول ثم ذكر عنه (قال لا تقبل صلاة رجل لم يختتن) - قلت - في سنده ابن أبى يحيى وحاله معروف ثم قال (وهذا يدل على انه كان يوجبه وان قوله سنة للرجال اراد به سنة النبي عليه السلام الموجبة) - قلت - كيف يستدل بهذا وهو من طريقه ضعيف ثم ذكر حديث (اختنن ابراهيم عليه السلام) وقال (قال الله تعالى ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا) وذكر (ان هذا احسن ما يستدل به) - قلت - النبي عليه السلام مامور باتباعه في التوحيد بقرينة قوله بعد ذلك حنيفا وما كان من المشركين - ولو سلمنا انه امر باتباعه في الختان لسنا نعلم ان ابراهيم عليه السلام امر بالختان وجوبا أو كان مستحبا في حقه وفى الاستذكار من ملة ابراهيم سنة وفريضة وكل يتبع على وجهه ثم ذكر الكلمات التى ابتلى بها ابراهيم (وانها عشر ومنها الختان) ثم قال (قال اصحابنا الابتلاء انما يقع في الغالب بما يكون واجبا) - قلت - لو كان كذلك لكانت هذه الاشياء كلها واجبة لان ابراهيم عليه السلام ابتلى بها والنبى عليه السلام امر باتباعه على ما قرره البيهقى

وليس الامر كذلك بل الاشياء التى قرنت بالختان في هذا الاثر ليست بواجبة والنزاع في الختان وقال ابن المنذر ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سنة تتبع والاشياء على الاباحة -

قال (باب الحدود كفارات)

ذكر فيه الحديث ثم ذكر حديث (لا ادرى الحدود كفارة) من وجهين مرفوعا ومن وجه واحد مرسلا ثم قال (ان صح يحتمل) إلى آخره - قلت - صحيح بلا شك لانه لو روى من وجه مرسلا ومن وجه مرفوعا رجح الرفع لانه زيادة فكيف وقد روى مرفوعا من وجهين وقد رواه أبو داود بسند صحيح من حديث عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبى ذئب عن سعيد المقبرى عن أبى هريرة عنه عليه السلام وكذلك رواه الحاكم ثم قال صحيح على شرط الشيخين -

قال (باب الستر على اهل الحدود)

ذكر فيه حديثا عن شعبة عن يحيى بن سعيد عن ابن المنكدر عن ابن هزال عن ابيه ثم قال (كذا رواه جماعة عن شعبة) ثم ذكره (عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن ابن المنكدر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) الحديث ثم قال (هذا اصح

مما قبله) - قلت - الاول رواه عن شعبة جماعة كما ذكر البيهقى وشعبة اجل من ابن بلال فروايته اصح من روايته وقد رواه النسائي عن عباس العنبري عن أبى داود عن شعبة كذلك -

قال (باب الضمان على البهائم) ذكر فيه حديث ناقة البراء من عدة طرق ثم ذكره من حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن حرام عن ابيه

قلت - اضطرب اسناد هذا الحديث اضطرابا شديدا واختلف فيه عن الزهري فروى عنه على سبعة اوجه ذكرها ابن القطان ثم قال ولا ابعد زيادة على هذا ولكن هذا المتيسر وذكر عبد الحق بعض الاختلاف فيه ثم قال وفيه اختلاف اكثر من هذا وذكر ابن عبد البر بسنده عن أبى داود قال لم يتابع احد عبد الرزاق على قوله في هذا الحديث عن ابيه وقال أبو عمر انكروا عليه قوله فيه عن ابيه وقال ابن حزم هو مرسل رواه الزهري عن حرام بن سعد بن محيصة عن ابيه ورواه الزهري ايضا عن أبى امامة بن سهل بن حنيف ان ناقة للبراء - ولم يسمع سعد بن محيصة من ابيه ولا أبو أمامة من البراء انتهى كلامه ثم ان الشافعي وغيره تركوا العمل بعموم هذا الحديث قال الطحاوي وجدنا اهل العلم جميعا لا يختلفون انه لا يجب على اهلها ما اصابت بالليل من بنى آدم وظاهر الحديث يخالف ذلك - ثم ذكر البيهقى عن جماعة قصة نفش الغنم - قلت - على تقدير أن يكون شريعته شريعة لنا فالشافعية وغيرهم يخالفون هذه القصة ولا يحكمون بها وهى منسوخة بحديث العجماء جبار -

قال (باب الدابة تنفح برجلها ذكر فيه حديث (الرجل جبار) - من طريق سفيان بن حسين عن الزهري عن ابن المسيب عن أبى هريرة ثم حكى (عن
الشافعي انه غلط) وعن الدار قطني (انه وهم وانه لم يتابع سفيان على قوله الرجل جبار احد) ثم ذكره من حديث آدم عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبى هريرة ثم قال (لم يتابعه احد عن شعبة) ثم ذكره مرسلا من حديث أبى قيس الاودى

عن هزيل ثم قال (لا تقوم به حجة) ثم قال (ورواه قيس بن الربيع موصولا بذكر ابن مسعود وقيس لا يحتج به) - قلت أبو قيس احتج به البخاري ووثقه جماعة فكيف لا تقوم به حجة مع ان مرسلة تأيد بمسند قيس وهو وان تكلموا فيه فقد وثقه أبو الوليد الطيالسي وعفان وقال معاذ قال لى شعبة ألا ترى إلى يحيى بن سعيد يقع في قيس بن الربيع لا والله ماله إلى ذلك سبيل وقال ابن عدى عامة رواياته مستقيمة والقول فيه ما قال شعبة وانه لا بأس به وتأيد ايضا بمسند آدم عن شعبة وبمسند سفيان بن حسين وهو وان تكلم فيه فقد وثقه ابن معين وغيره واخرج له مسلم وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في المستدرك واخرج حديثه هذا أبو داود والنسائي ورواه ايضا زياد بن عبد الله البكائى عن الاعمش عن أبى قيس عن هزيل عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فوصله واسنده وكذا ذكر صاحب التمهيد والبكائي وان تكلم فيه يسيرا فقد وثقه جماعة واخرج له الشيخان في صحيحيهما والشافعي يحتج بالمرسل إذا روى من وجه آخر مرسلا أو مسندا وهذا المرسل روى من وجوه عديدة كما ترى وقال ابن عبد البر كان الشعبى يفتى بان الرجل جبار - قال (باب علة الحديث الذى فيه النار جبار) ذكره من حديث عبد الرزاق عن معمر ثم ذكر (عن معمر قال لا اراه الا وهما) ثم ذكر (عن ابن حنبل انه قال ليس

بشئ لم يكن في الكتب) ثم ذكر عنه ما معناه ان النار تمال فتكتب بالياء كما تكتب البير - قلت - اخرجه ابن ماجه واخرجه أبو داود من حديث عبد الملك الصنعانى وقال الخطابى لم ازل اسمع اصحاب الحديث يقولون اخطأ فيه عبد الرزاق انما هو البئر حتى وجدته لابي داود عن عبد الملك عن معمر فدل انه لم ينفرد به عبد الرزاق وقال ابن حزم هو خبر صحيح تقوم به الحجة وحكى صاحب التمهيد عن ابن معين انه قال اصله البئر جبار ولكنه صحفه معمر قال أبو عمر في قوله نظر ولا نسلم له حتى يتضح وقال في الاستذكار لم يأت ابن معين على ذلك بدليل وليس هذا يرد احاديث الثقات انتهى كلامه ثم انه ان كان ثم تصحيف فنسبته إلى عبد الرزاق اظهر من نسبته إلى معمر لان معمرا قال لا اراه الا وهما - * * * خاتمة المجلد الثامن
إلى ذلك سبيل وقال ابن عدى عامة رواياته مستقيمة والقول فيه ما قال شعبة وانه لا بأس به وتأيد ايضا بمسند آدم عن شعبة وبمسند سفيان بن حسين وهو وان تكلم فيه فقد وثقه ابن معين وغيره واخرج له مسلم وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في المستدرك واخرج حديثه هذا أبو داود والنسائي ورواه ايضا زياد بن عبد الله البكائى عن الاعمش عن أبى قيس عن هزيل عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فوصله واسنده وكذا ذكر صاحب التمهيد والبكائي وان تكلم فيه يسيرا فقد وثقه جماعة واخرج له الشيخان في صحيحيهما والشافعي يحتج بالمرسل إذا روى من وجه آخر مرسلا أو مسندا وهذا المرسل روى من وجوه عديدة كما ترى وقال ابن عبد البر كان الشعبى يفتى بان الرجل جبار - قال (باب علة الحديث الذى فيه النار جبار) ذكره من حديث عبد الرزاق عن معمر ثم ذكر (عن معمر قال لا اراه الا وهما) ثم ذكر (عن ابن حنبل انه قال ليس

بشئ لم يكن في الكتب) ثم ذكر عنه ما معناه ان النار تمال فتكتب بالياء كما تكتب البير - قلت - اخرجه ابن ماجه واخرجه أبو داود من حديث عبد الملك الصنعانى وقال الخطابى لم ازل اسمع اصحاب الحديث يقولون اخطأ فيه عبد الرزاق انما هو البئر حتى وجدته لابي داود عن عبد الملك عن معمر فدل انه لم ينفرد به عبد الرزاق وقال ابن حزم هو خبر صحيح تقوم به الحجة وحكى صاحب التمهيد عن ابن معين انه قال اصله البئر جبار ولكنه صحفه معمر قال أبو عمر في قوله نظر ولا نسلم له حتى يتضح وقال في الاستذكار لم يأت ابن معين على ذلك بدليل وليس هذا يرد احاديث الثقات انتهى كلامه ثم انه ان كان ثم تصحيف فنسبته إلى عبد الرزاق اظهر من نسبته إلى معمر لان معمرا قال لا اراه الا وهما - * * * خاتمة المجلد الثامن وقع الفراغ من المجلد الثامن...من الجوهر النقى في يوم الخميس الثاني عشر من شهر ذى القعدة الحرام سنة اربع وخمسين وثلثمائة والف من هجرة النبي الكريم عليه وعلى آله وصحبه افضل الصلاة واكمل التسليم والحمد لله رب العالمين

الجوهر النقي - المارديني ج 9
الجوهر النقي
المارديني ج 9

ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا..الجزء التاسع الجوهر النقي للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير بابن التركماني المتوفي سنة خمس وأربعين وسبع مائة دار الفكر

[ قال (باب الرخصة في الاقامة بدار الشرك لم لا يخاف الفتنة) ]

[ ذكر فيه حديث ابن شهاب عن عمرو بن عبد الرحمن بن امية عن أبيه عن يعلى ثم قال (ورواه عمرو بن الحارث عن ابن شهاب فقال عمر بن عبد الرحمن بن امية ابن اخى يعلى) - قلت - كذا في غير نسخة من نسخ هذا الكتاب عمر، واخرجه ابن حيان في صحيحه من حديث عمرو بن الحارث عن ابن شهاب ان عمرو بن عبد الرحمن ابن اخى يعلى واخرجه النسائي كذلك ولفظه عمرو بن عبد الرحمن بن امية ابن اخى يعلى - ]

[ قال (باب المسلم يتوقى في الحرب قتل ابيه) ]

[ ذكر فيه حديث اسمعيل بن سميع (عن مالك بن عمير جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم) الحديث ثم قال (مرسل جيد) قلت ابن سميع تركه جرير وابن عيينه وزائدة لمذهبه ومالك حاله مجهول كذا قال ابن القطان - ]

[ قال (باب شهود من لا فرض عليه ]

[ ذكر فيه حديثا في سنده يزيد بن عياض فقال (لا يحتج به) - قلت - هذا جرح يسير ولم ار احدا ذكر فيه مثل هذا بل اغلظوا الكلام فيه فقال ابن معين ليس بشئ ولا يكتب حديثه وقال مرة ليس بثقة وضعفه ابن المدينى والدار قطني وسئل عنه مالك فقال الكذب الكذب وقال البخاري ومسلم منكر الحديث وقال السعدى ذهب حديثه وقال النسائي واحمد بن صالح والازدى متروك الحديث جدا ذكر ذلك ابن الجوزى - ]

[ قال (باب قوله تعالى وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا) بايديكم إلى التهلكة ذكر فيه (عن قيس بن أبى حازم عن مدرك بن عوف انه كان جالسا عند عمر) إلى آخره ثم ذكره من وجه آخر وفيه ]

[ مالك بن عوف ثم قال (قال يعقوب) يعنى ابن سفيان وهو احد الرواة (مالك اشبه) - قلت - ذكره ابن أبى حاتم في كتابه وابن حبان في الثقات وأبو عمر في الاستيعاب فقال مدرك بن عوف ولم يقل احد منهم مالك - ]

[ قال (باب النفير وما يستدل به على ان) الجهاد فرض على الكفاية ]

[ ذكر فيه حديث أبى قتادة (انه عليه السلام لم يفضل على الجهاد شيئا الا المكتوبة) ثم قال (هذا يدل على انه فرض على الكفاية حيث فضل عليه المكتوبة بعينها) - قلت - فروض الاعيان متفاوتة في نفسها بعضها افضل من بعض فلا يلزم من تفضيل الصلاة على الجهاد أن يكون فرض كفاية ثم ذكر في آخر هذا الباب (عن على يجزى عن الجماعة إذا مروا ان يسلم احدهم إلى آخره - قلت - هذا غير مناسب للباب وكأنه اراد تشبيه الجهاد بالسلام ورده فقصر في العبارة ويدل على انه اراد هذا قوله في كتاب المعرفة وجعله يعنى الشافعي شبيها بالصلاة على الجنازة ورد السلام وغير ذلك من فروض الكفايات - ]

[ قال باب سهمان الخيل قلت - ما ذكره البيهقى في هذا الباب قد ذكره فيما تقدم في باب سهم الراجل والفارس من كتاب قسم الغنيمة والفئ وقد تكلمنا معه هناك - ]

[ قال (باب قسم الغنيمة في دار الحرب) ذكر فيه قسمته عليه السلام غنائم بنى المصطلق ثم ذكر (عن أبى يوسف انه اجاب بان بلادهم صارت دار اسلام وبعث الوليد بن عقبة يأخذ صدقاتهم) ثم ذكر (عن الشافعي انه اجابه بانها كانت سنة خمس وانهم اسلموا بعدها بزمان وانما بعث إليهم ]

[ الوليد مصدقا سنة عشر) ثم ذكر (ان الوليد كان زمن الفتح صبيا وذلك سنة ثمان ولا يبعثه مصدقا الا بعد ان يصير رجلا) ثم استدل على ذلك بحديث أبى موسى الهمداني (عن الوليد بن عقبة انه جئ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة وقد خلق بالخلوق فلم يمسه) ثم قال (قال ابن حنبل وروى انه سلح يومئذ فتقذره رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى آخره - قلت - في التمهيد في ترجمة الوليد قال أبو موسى هذا مجهول والحديث منكر مضطرب لا يصح وفى كتاب ابن أبى حاتم عن البخاري لا يصح حديثه قال أبو عمر ولا يمكن ان يكون من بعث مصدقا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ]

[ صبيا يوم الفتح ويدل ايضا على فساد حديثه ان الزبير وغيره من اهل العلم بالسير ذكروا ان الوليد وعمارة ابني عقبة خرجا ليردا اختهما ام كلثوم عن الهجرة وكانت هجرتها في الهدنة بين النبي عليه السلام وبين اهل مكة ومن كان غلاما مخلقا يوم الفتح ليس يجئ منه مثل هذا وذلك واضح وقد ذكر البيهقى خروج الوليد واخيه ليردا اختهما فيما بعد في باب نقض الصلح لا يجوز وذكر في الاستيعاب نحو هذا وزاد انه لا خلاف بين اهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت ان قوله تعالى ان جاءكم ]

[ فاسق بنبأ - نزل في الوليد وذلك انه عليه السلام بعثه إلى بنى المصطلق مصدقا إلى آخره قال ومن حديث الحكم عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال نزل في على والوليد في قصة ذكرها قوله تعالى أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا - وذكر الحاكم ]

[ في المستدرك بسنده عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال كان الوليد في زمن رسول الله صى الله عليه وسلم رجلا - ]

[ قال (باب المنع من صبر الكافر بعد الاسار بان يتخذ غرضا) ذكر فيه حديث عدى بن ثابت (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال عليه السلام لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا) ثم قال (اخرجه مسلم وذكره البخاري) - قلت - هذا اللفظ يحتمل انه ذكره محتجا به أو غير محتج به والبخاري ذكر الحديث الذى ذكره البيهقى بعد هذا من طريق سعيد بن جبير عن ابن عمر ثم قال وقال عدى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم - ]

[ قال (باب جريان الرق على الاسير وان اسلم إذا كان اسلامه بعد الاسر) ذكر فيه حديث الرجل الذى اسر من بنى عقيل - قلت - وذكر في كتاب المعرفة عن الشافعي انه قال فيه دلالة على ان لا بأس ان يعطى المسلمون المشركين كل من يجرى عليه الرق وان اسلم إذا كان لا يسترق وهذا العقيلى لا يسترق؟ لموضعه فيهم انتهى ما ذكره وهو مشكل وفى تجويزه مخالفة الاجماع على ما ذكره الطحاوي فانه قال اجمعوا على ان ذلك منسوخ وانه ليس للامام ان يفدى من اسر من المسلمين بمن في يده من اسرى امل الحرب الذين قد اسلموا وذكر ابن حبان في ]

[ صحيحه هذا الحديث ثم قال ترك عليه السلام قبوله منه لانه علم باعلام الله اياه انه كاذب في قوله فلم يقبل ذلك منه في اسره كما كان يقبل مثله من مثله إذا لم يكن اسيرا فاما اليوم فقد انقطع الوحى فإذا قال الحربى إنى مسلم قبل منه ورفع عنه السيف سواء كان اسيرا أو محاربا وفى شرح مسلم للقرطيى قوله إنى مسلم ظاهره انه صار مسلما بدخوله في دين الاسلام وظاهر قوله عليه السلام انه لم يقبل ذلك منه لما اجابه بقوله لو قلتها وانت تملك امرك افلحت وحينئذ يلزم منه اشكال عظيم فان ظاهره انه لم يقبل اسلامه لانه اسير مغلوب عليه لا يملك نفسه وعلى هذا فلا يصح اسلام الاسير في حال كونه اسيرا وصحة اسلامه معلوم من الشريعة لا يختلف فيه غير أن اسلامه لا يزيل ملك مالكه بوجه وهو ايضا معلوم من الشرع ولما ظهر هذا الاشكال اختلفوا في الانفصال عنه فقال بعض العلماء ممكن ان يكون علم النبي صلى الله عليه وسلم من حاله انه لا يصدق في
ذلك بالوحى ولذلك لما سأله في المرة الثانية فقال إنى جائع فأطعمني وظمآن فاسقني قال هذه حاجتك - وقال بعضهم بل اسلامه صحيح وليس فيه ما يدل على انه رد اسلامه فاما قوله لو قلت وانت تملك امرك افلحت - أي لو قلت كلمة الاسلام قبل ان تؤسر لبقيت حرا من احرار المسلمين لك ما لهم من الحرية في الدنيا وثواب الجنة في الآخرة وإذا قلتها وانت اسير فان حكم الرق لا يزول عنك باسلامك - فان قيل - فلو كان مسلما فكيف يفادى به من الكفار رجلان مسلمان - فالجواب انه ليس في الحديث نص على انه رجع إلى بلاده بلاد الكفر فيمكن ان يقال انما فدى بالرجلين من الرق واعتق منه بسبب ذلك وبقى مع المسلمين حرا من االاحرار - وفى شرح مسلم لما زرى ومما يسأل عنه من هذا الحديث ان يقال كيف قال له إنى مسلم ثم فادى به ومن اظهر الاسلام قبل منه من غير بحث عن باطنه وقد وقع في احاديث كثيرة الاخذ بالظواهر في هذا والبينة على انه لم يؤمر أن يبحث عما في قلوب الناس قيل اما الشافعي فانه اباح في احد قوليه المفاداة بالاسير إذا اسلم ورأى انه لما كان للامام قبل اسلامه الخيار في المفاداة به لم يسقط هذا الخيار في ذلك بعد اسلامه ويحتج بهذا الحديث واما اصحابنا القائلون ان حكم الاسر إذا اسلم ان يسترق فانهم قد يعتذرون عن المفاداة بهذا بان يقولوا يمكن ان يكون هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ومع هذا الرجل اوحى إليه انه غير مؤمن وانه مستاح ألا ترى قوله صلى الله عليه وسلم بعد هذا لما سأله ان يطعمه ويسقيه هذه حاجتك - ]

[ قال (باب قتل النساء والصبيان) ذكر فيه قوله عليه السلام في حديث الصعب (هم منهم) ثم ذكر بعثه عليه السلام إلى ابن أبى الحقيق وفيه نهيه عليه السلام عن قتلهم ثم ذكر (عن سفيان بن عيينة والزهرى ان حديث ابن أبى الحقيق ناسخ لحديث الصعب) ثم ذكر (ان الشافعي) اعترض على ذلك بان حديث الصعب بعد حديث ابن أبى الحقيق قال ولم نعلمه رخص في قتل النساء والولدان ثم نهى عنه) - قلت - قد صح انه عليه السلام نهى عن ذلك بعد الترخيص وان لم يثبت ذلك بحديث ابن أبى الحقيق فقد تبين بغيره وذلك ان ابن حيان ذكر في صحيحه حديث ابن عمر أنه عليه السلام في بعض اسفاره رأى امرأة مقتولة فنهى عن ]

[ قتل النساء والصبيان ثم ذكر حديث الصعب ثم قال - باب البيان بان خبر الصعب منسوخ نسخه حديث ابن عمر الذى ذكرناه قبل - ثم ذكر في هذا الباب عن الصعب كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة احاديث قال سألت
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اولاد المشركين ان نقتلهم معهم قال نعم فانهم منهم ثم نهى عنهم يوم حنين ثم ذكر الحديثين الآخرين قال في موضع آخر ذكر الخبر المصرح بان نهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل الذرارى من المشركين كان يعد قوله صلى الله عليه وسلم هم منهم - ثم ذكر هذا الحديث بهذا اللفظ ثم ذكر ايضا في صحيحه قوله عليه السلام ادرك خالدا وقل له لا يقتل ذرية ولا عسيفا - من حديث المرقع بن صيفي عن جده رباح وعن حنظلة الكاتب كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال سمعه المرقع من حنظلة وسمعه من جده رباح وهما محفوظان وذكر صاحب المستدرك حديث المرقع عن رباح وقال صحيح على شرط الشيخين وقد ذكر البيهقى هذا الحديث فيما بعد في باب المرأة تقاتل ولفظه (لا تقتل امرأة ولا عسيفا) واسلام خالد قبل الفتح بعد العمرتين وذكر البيهقى في الدلائل (انه اسلم في صفر سنة ثمان من ]

[ الهجرة) وذكر ابن حبان ايضا ان اسلامه كان سنة ثمان فحديثه ناسخ لما في حديث الصعب من الاباحة بل النسخ بين في نفس حديث الصعب كما تقدم ثم ذكر البيهقى (انه عليه السلام كان لا يغير حتى يصبح) ثم ذكر (عن الشافعي ان ذلك ليس بتحريم للاغارة ولكنه على ان يبصر من معه كيف يغيرون احتياطا من ان يؤتوا من كمين أو من حيث لا يشعرون وقد يختلط الحرب إذا اغاروا ليلا فيقتل بعض الملسمين بعضا قد اصابهم ذلك في قتال ابن عتيك فقطعوا رجل احدهم) ]

[ قلت - ذكر البيهقى في كتب المعرفة ان الشافعي اراد في قتال ابن عتيك خروجه في قتل ابن أبى الحقيق لان في تلك لقصة ابن عتيك سقط فوثئت رجله ويحتمل انه اراد في قتل كعب بن الاشرف فغلط الكاتب - ]

[ قال (باب من اختار الكف عن القطع والتحريق) ذكر فيه اثر أبى بكر من حديث ابن شهاب عن ابن المسيب ثم ذكر (عن احمد انه قال حديث منكر) - قلت - ذكر في كتاب المعرفة انه لم يقف على المعنى الذى لاجله انكره وكان ابنه عبد الله يزعم انه كان ينكر أن يكون ذلك من حديث الزهري -

[ قال باب تحريم قتل ماله روح الا بان يذبح فيؤكل
ذكر فيه (عن مالك عن يحيى بن سعيد أن ابا بكر بعث جيوشا إلى الشام) فذكره إلى ان يقال (ولا تعقرن شاة ولا بعيرا ]

[ الا لمأكلة) - قلت - إذا جاز الذبح للاكل فلضرر الكفار ونفعه اكثر اولى بالجواز ولهذا عقر الدابة حال القتال كما يذكره البيهقى في الباب الذى يتلوه وقد ذكر تلك وصية أبى بكر بطولها وذكرها البيهقى في الباب السابق بمعناه وفيها (فلا تقطعن شجرا مثمرا ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه) - مع ان قطع الشجر يجوز عند الحاجة بالاتفاق وقد ذكر البيهقى جوازه فيما مضى من قريب -

[ قال (باب من رأى قتل من لا قتال فيه) ]

[ ذكر فيه قتل دريد وكان شيخا ووقتل الزبير بن باطا يوم قريظة وكان اعمى - قلت - دريد كان ذا رأى، وضرر مثله اشد من ضرر المقاتل وسيأتى من كلام البيهقى ايضا (انه كان ذا رأى) واما الهرم الذى لا يقاتل وليس له رأى فهو ملحق بالاطفال واما الزبير وغيره من بنى قريظة فانما استحل عليه السلام دماءهم لما ظهرتهم الاحزاب عليه وكانوا في عهد فرأى ذلك نقضا لعدهم، كذا قال أبو عبيد وذكر البيهقى ذلك فيما بعد في باب نقض العهد من ابواب الجزية وذكر البيهقى فما تقدم في باب ما يفعل بالبالغين (ان الزبير سأل ثابت بن قيس ان يقتله فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فأمره بقتله) ثم ذكر البيهقى حديث الحسن (عن سمرة اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم) = قلت - فيه امران - احدهما - ان في سنده الحجاج بن ارطاة ضعفه البيهقى في باب الوضوء من لحوم الابل وقال في باب الدية ارباع (مشهور بالتدليس وانه يحدث عن من لم يلقه ولم يسمع منه قاله الدار قطني) - والثانى - ان اكثر الحافظ لا يثبتون سماع الحسن من سمرة في غير حديث العقيقة كذا قال البيهقى في باب النهى عن بيع الحيوان بالحيوان ثم على تقدير صحة الحديث لم يرد بالشيوخ الهرمين وقد ذكر البيهقى الحديث في كتاب المعرفة وفى آخره يعنى الصغار ثم قال البيهقى (فإذا كان المراد بالشرخ الصغار فالمراد بالشيوخ في مقابلتهم الرجال والشيوخ المسنون) ثم حكى البيهقى (عن الشافعي انه قال ولو جاز أن يعاب قتل من عدا الرهبان لمعنى انهم لا يقاتلون لم يقتل الاسير ولا الجريح - ]

[ إلى ان قال ولا اعلم يثبت عن أبى بكر خلاف هذا) - ثم قال البيهقى (وانما قال هذا لان الروايات التى ذكرناها عن أبى بكر كلها مراسيل الا انها رويت من اوجه ورواها ابن المسيب وهو حسن المرسل) - قلت - قد كفانا مؤنة البحث مع امامه فان الشافعي يحتج بالمرسل في مواضع - منها - ان يروى من وجه آخر مرسلا أو يكون من مراسيل ابن المسيب على ما ذكره ابن الصلاح وغيره وقد وجد هذان الامران ههنا وروى ايضا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ذكرها البيهقى في الباب السابق وذكر فيه حديث على وقال في آخره (وهو بشواهده مع ما فيه من الآثار يقوى) ومما روى في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم مما لم يذكره البيهقى ما اخرجه الطحاوي في شرح الآثار فقال ثنا ابن أبى داود يعنى ابراهيم ثنا اصبغ بن الفرج ثنا على بن عابس عن ابان بن تغلب عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن ابيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية قال لا تقتلوا شيخا كبيرا - وهذ السند رجاله ثقات ما خلا ابن عابس فانه متكلم فيه واخرج له الحاكم في المستدرك وابن بريدة ثقة سواء كان سليمان أو عبد الله واصل الحديث في صحيح مسلم وفى غيره من حديث سليمان وحكى البيهقى في كتاب المعرفة عن الشافعي انه قال ويترك قتل الرهبان اتباعا لابي بكر رضى الله عنه ونص في هذا الكتاب على قتل من لا قتال فيه سوى الرهبان ونص على انه انما قاله في الرهبان اتباعا لا قياسا ثم ذكر البيهقى في الكتاب المذكور اثر ابى بكر من وجوه ثم قال وفى كل هذه الروايات ذكر الشيخ الكبير فان كان يتبع ابا بكر في الرهبان فليتبعه في الكبير ويشبه ان يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم انما لم ينكر قتله يعنى دريدا لما كان فيه من رأى الحرب وتدبير القتال ثم ذكر في هذا الكتاب اعني السنن (عن الشافعي انه ضعف حديث المرقع بأنه ليس بالمعروف) - قلت - بل هو معروف اخرج له ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وروى عنه أبو الزناد ويونس بن أبى اسحق وموسى بن عقبة وغيرهم وقال الذهبي في الكاشف ثقة وحديثه هذا اخرجه ابن حبان في صحيحه كما تقدم واخرجه البيهقى في كتاب المعرفة وقال اسناد لا بأس به - قال (باب امام العبد) ]

[ ذكر فيه حديث المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم ادناهم) - قلت العبد لم يدخل في الحديث لان دمه لا يكافئ دم الحر ولا ديته ديته - فان قيل - المرأة تدخل وان لم تكافئ ديتها دية الرجل - قلنا - دمها يكافئ دمه وديتها تكافئ دية النساء ودية العبد لا تكافئ دية غيره من العبيد لاختلاف قيمهم ويدل على ان العبد لم يدخل في الحديث
قوله وهم يد على من سواهم - إذ العبد لا يدله على غيره وانما اليد للاحرار فإذا المراد الاحرار من الموالى ومن لا عشيرة له ردا على الجاهلية لانهم كانوا لا يعتدون باجازة من لا عشيرة له -

[ قال (باب الغلول حرام) ]

[ ذكر في أخره من حديث أبى الوليد (ثنا أبو عوانة عن قتادة عن سالم بن أبى الجعد عن معدان عن ثوبان قال عليه السلام من مات وهو برئ من ثلاث) الحديث - قلت - اخرجه الترمذي عن قتيبة عن أبى عوانة بسنده الا انه لم يذكر معدان ]

[ ثم اخرجه من طريق سعيد عن أبى عوانة عن قتادة وذكر معدان ثم قال الترمذي ورواية سعيد اصح - قال (باب لا يقطع من غل ولا يحرق متاعه) ذكر فيه من حديث زهير بن محمد (عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده انه عليه السلام وابا بكر وعمر احرقوا متاع الغال) إلى آخره ثم قال (يقال ان زهيرا هذا مجهول وليس بالمكي) قلت - ذكر الحاكم هذا الحديث في مستدركه وقال غريب صحيح وذكره أبو داود في سننه وسكت عنه وقال الحافظ المزى في اطرافه زهير بن محمد التميمي عن عمرو بن شعيب ]

[ عن ابيه عن جده عبد الله بن عمرو ثم ذكر هذا الحديث وقال ابن ابى حاتم في كتابه زهير بن محمد التميمي كان يكون بالمدينة ومكة انتهى كلامه وظهر بهذا كله ان زهيرا المذكور في هذ الحديث هو المكى وليس بمجهول - ]

[ قال (باب من زعم لا تقام الحدود في ارض الحرب حتى يرجع منه) ]

[ ذكر فيه (عن الشافعي قال قال أبو يوسف ثنا بعض اشياخنا ثور بن يزيد عن حكيم بن عمير أن عمر كتب إلى عمير بن سعد) إلى آخره ثم قال (قال الشافعي ما روى عن عمر مستنكر) - قلت - اخرجه ابن أبى شيبة في المصنف فقال ثنا ابن
مبارك عن أبى بكر بن أبى مريم عن حكيم بن عمير قال كتب عمر بن الخطاب الا لا يجلدن امير جيش ولا سرية احدا الحد حتى يطلع على الدرب لئلا يحمله حمية الشيطان ان يلحق بالكفار - وبالاسناد إلى ابن أبى مريم عن حميد بن فلان بن رومان ان ابا الدرداء نهى ان يقام على احد حد في ارض العدو - احتج أبو يوسف في كتاب الخراج لهذه المسألة فقال ثنا الاعمش عن ابراهيم عن علقمة قال غزونا بارض الروم ومعنا حذيفة وعلينا رجل من قريش فشرب الخمر فأردنا ان نحده فقال حذيفة تحدون اميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطمعون فيكم - وذكر ابن أبى شيبة هذا الاثر عن عيسى بن يونس عن الاعمش، وروى عبد الرزاق عن ابن عيينة عن الاعمش عن ابراهيم عن علقمة قال اصاب امير الجيش وهو الوليد بن عقبة شرابا فسكر فقال الناس لابي مسعود وحذيفة بن اليمان اقيما عليه الحد فقالا لا نفعل نحن بازاء العدو ونكره ان يعلموا فيكون جرأة منهم علينا وضعفا بنا - وفى المعالم قال الاوزاعي لا يقطع امير العسكر حتى يقفل من الدرب فإذا فقل قطع - ]

[ قال باب بيع الدرهم بالدرهمين في ارض الحرب ذكر فيه قوله عليه السلام (واول ربا اضعه ربا العباس) - قلت - مذهب البيهقى واصحابه ان البيع المذكور لا يجوز وان الربا ثابت بين المسلم والحربي وهذا الحديث يدل على خلاف ذلك وانه لا ربا بينهما وذلك انه عليه السلام قال ذلك في خطبته يوم عرفة في حجة الوداع في السنة التاسعة وكان اسلام العباس قبل ذلك قال صاحب التمهيد اسلم قبل فتح خيبر وكان يكتم اسلامه وذلك في حديث الحجاج بن علاط انه كان مسلما فسره ما يفتح الله على المسلمين ثم اظهر اسلامه يوم فتح مكة وشهد حنينا والطائف وتبوك ويقال ان اسلامه قبل بدر وكان يحب ان يقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان مقامك بمكة خير فلذلك قال عليه السلام يوم بدر من لقى منكم العباس فلا يقتله فانه انما اخرج مكرها - وفى الصحيح انه عليه السلام اتى وهو بخيبر بقلادة الحديث وفى آخره قال عليه السلام الذهب بالذهب وزنا بوزن فثبت ان الربا كان محرما وان العباس بمكة يعامل بالربا إلى الفتح - قال الطحاوي فدل وضع النبي عليه السلام رباه على ان الربا بين المسلمين والمشركين في دار الحرب جائز على ما يقوله أبو حنيفة والثوري والنخعي قبلهما لان قوله عليه السلام وربا الجاهلية موضوع - دليل على انه كان قائما إلى ان ذهبت الجاهلية بفتح مكة ووضع ربا العباس دليل على انه كان قائما إلى ذلك الوقت لانه لا يضع الا ما كان قائما قال الفقيه أبو الوليد بن رشد وهذا استدلال صحيح لانه لو لم يكن الربا بين المسلمين والمشركين حلالا في دار الحرب لكان ربا العباس موضوعا يوم اسلم وما قبض
منه بعد ذلك مردودا لقوله تعالى (وان تبتم فلكم رؤس اموالكم) الآية - ]

[ قال (باب حمل السلاح إلى ارض العدو) ذكر فيه من طريق أبى داود حديث أبى اسحاق عن ذى الجوشن إلى آخره - قلت - ذو الجوشن ذكره صاحب الاستيعاب وغيره في الصحابة وليس في القدر الذى ذكره البيهقى من حديث حمل السلاح إلى ارض العدو وقد ذكر ابن أبى شيبة في مسنده هذا الحديث كما ذكره البيهقى وزاد فيه ثم قال لى يا ذا الجوشن ألا تسلم فتكون من اول هذا الامر قال قلت لا قال لم قلت انى رأيت قومك ولعوابك قال كيف بلغك عن مصارعهم قال قلت قد بلغني قال فانى نهدى بك (1) قلت ان تغلب
__________
(1) كذا - وفى مسند احمد فانا نهدى لك - ولعل الصواب فأنى يهدى لك - وتكون أنى بمعنى متى ويهدى بمعنى يتبين كما قيل في قوله تعالى (أو لم يهد لهم) والمعنى فمتى يتبين لك - ح ]

[ على الكعبة ولقطها (1) قال لعلك ان عشت ان ترى ذلك قال يا بلال خذ حقيبة الرجل فزرده من العجوة فلما ادبرت قال اما انه خير فرسان بنى عامر قال فوالله انى باهلي إذ أقبل راكب فقلت من اين؟ قال من مكة قلت ما فعل الناس قال قد والله غلب عليها محمد وقاتها (2) قلت هبلتنى امى أو اسلم يومئذ ثم اسأله الحيرة لا قطعنيها - وروى ابن منده في معرفة الصحابة الحديث بهذه الزيادة وقال كان ابن ذى الجوشن جارا لابي اسحاق فلا اراه سمعه الا من ابن ذى الجوشن - انتهى كلامه وبهذه الزيادة يتم المقصود ويظهر وجه الاستدلال على ما قصده البيهقى من عقد الباب - قال (باب ما احرزه المشركون على المسلمين) ذكر فيه خروج المرأة بناقة النبي صلى الله عليه وسلم من وجهين ثم اخرجه من وجه ثالث فقال ثنا أبو زكريا وأبو سعيد قالا ثنا أبو العباس انا الربيع انا الشافعي ثنا سفيان وعبد الوهاب عن ايوب عن أبى قلابة عن أبى المهلب عن عمران الحديث)
__________
(1) كذا - وفى مسند احمد - وقطنتها - ح - (2) كذا وفى مسند احمد - وقطنها - ]

[ وفى آخره (قالا معا أو احدهما في الحديث وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ناقته) قلت - هذا الحديث اخرجه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه من حصر جماعة (1) عن ايوب وليس في حديث احد منهم هذه الزيادة
وقد شك الشافعي هل قالاها أو قالها احدهما وأحدهما وهو عبد الوهاب وان خرج له في الصحيح ففيه ضعف كذا قال ابن سعد واختلط ايضا وإذا دارت هذه الزيادة بينه وبين ابن عيينة ضعفت على ان النسائي والترمذي وابن ماجة اخرجوا الحديث من طريق ابن عيينة بدون الزيادة واخرجها الطحاوي في كتاب اختلاف العلماء من جهة عبد الوهاب فدل ذلك على انه هو الذى قالها دون ابن عيينة مع ان عبد الوهاب اختلف عليه فرواه مسلم عن اسحاق ابن ابراهيم عنه بدون الزيادة - وليس الضمير في قوله قالا أو احدهما راجعا إلى أبى زكريا وأبى سعيد شيخي البيهقى لانه روى الحديث في كتاب المعرفة عن أبى عبد الله وأبى زكريا وأبى سعيد وفى آخره قالا فتعين عود الضمير إلى سفيان وعبد الوهاب واخرج البيهقى في كتاب المعرفة الزيادة من وجه آخر وفيه يحيى بن أبى طالب عن على بن عاصم وابن أبى طالب وثقه الدار قطني وغيره وقال موسى بن هارون أشهد أنه يكذب عنى في كلامه ولم يعن في الحديث فالله اعلم وقال أبو عبيد الآجرى خط أبو داود على حديثه ذكره صاحب الميزان، وابن عاصم قال يزيد بن هارون ما زلنا نعرفه بالكذب وكان احمد سيئ الرأى فيه وقال يحيى ليس بشئ وقال النسائي متروك وقال ابن عدى الضعف على حديثه بين -
__________
(1) كذا - ]

[ قال (باب من فرق بين وجوده قبل القسم وبعده) ذكر فيه حديثا عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس - قلت - ذكر عبد الحق في الاحكام عن ابن عدى انه قال وقد روى يعنى هذا الحديث عن مسعر عن عبد الملك قال وقد روى عن مسلمة بن على واسمعيل بن عياش وفى الاستذكار ذكر الطحاوي ان على بن المدينى روى عن يحيى بن سعيد أنه سأل مسعرا عن هذا الحديث فقال

[ هو من حديث عبد الملك بن ميسرة ثم ذكر البيهقى التفريق المذكور عن عمر مرسلا من ثلاثة اوجه احدها من رواية قبيصة عنه ثم قال (منقطع قبيصة لم يدرك عمر) قلت - قد تقدم في باب استبراء ام الولد أن سماعه ممكن وذكر عبد الرزاق من طريق مكحول وذكره ابن أبى شيبة من طريق زهرة بن يزيد المرادى كلاهما عن عمر فهذه من خمسة اوجه عن عمر يشد بعضها بعضا وروى عن على ايضا من ثلاثة اوجه اخرجه البيهقى وغيره عن قتادة عنه وقال ابن أبى شيبة ثنا معتمر بن سليمان عن ابيه ان عليا كان يقول فيما احرز العدو من اموال المسلمين انه بمنزلة اموالهم - وقال ايضا ثنا يزيد بن هارون عن
حماد بن سملة عن قتادة عن خلاس عن على قال ما احرز العدو فهو جائز - وفى المحلى رواية خلاس عن على صحيحة وقال ايضا اعني ابن أبى شيبة ثنا يزيد بن هارون عن حجاج عن أبى اسحاق عن سليمان بن ربيعة فيما احرز العدو قال صاحبه احق به ما لم يقسم وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال سمعنا ان ما احرز العدو فهو للمسلمين يقتسمونه وفى المحلى ان الرد إلى صاحبه قبل القسمة لا بعدها صح عن عطاء وشريح والحسن وابراهيم وهو قول الليث وابن حنبل قال وذكره ابن أبى الزناد عن ابيه عن القاسم بن محمد وعروة وخارجة وعبيد الله بن عبد الله وأبى بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار في مشيخة من نظرائهم - وحكاه الخطابى في المعالم عن الثوري والاوزاعي - وفى شرح الآثار للطحاوي روى عن أبى عبيدة ابن الجراح وزيد بن ثابت وابن عمر وعلى بن أبى طالب ومجاهد وشريح وابراهيم وعامر وقتادة - وذكر صاحب الاستذكار انه قول جماعة منهم مالك والحسن بن حى - وفى موطأ مالك بلغه ان عبدا لابن عمر أبق وان فرسا له عار فأصابهما المشركون ثم غنمهما المسلمون فردا على ابن عمر وذلك قبل ان يصيبهما المقاسم -

[ قال (باب فتح مكة) ذكر فيه حديث أبى هريرة وفيه (ترون اوباش قريش واتباعهم ثم قال بيديه احداهما على الاخرى وفى رواية احصدوهم حصدا فانطلقنا فما يشاء احد منا ان يقتل احدا الا قتله وما احد يوجه الينا شيئا فقال أبو سفيان ابيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم وفى رواية فقال عليه السلام من دخل داره فهو آمن ومن القى السلاح فهو آمن) - قلت - مذهب الشافعي انها فتحت صلحا وهذا الحديث في الحقيقة حجة عليه اخرجه ابن حبان في صحيحه وقال فيه بيان واضح ان فتح مكة عنوة لا صلحا وقال النووي في شرح مسلم هذا الحديث (1) قال مالك وأبو حنيفة واحمد وجماهير العلماء واهل السير فتحت عنوة واحتجوا بقوله احصدوهم حصدا وبقوله ابيحت خضراء قريش قالوا وقال عليه السلام من فعل كذا فهو آمن
__________
(1) كذا - ]

[ فلو كانوا كلهم آمنين لم يحتج إلى هذا وكيف يدخلها صلحا ويخفى ذلك على على حتى يريد قتل الرجلين اللذين دخلا في الامان وكيف يحتاج إلى امان ام هانئ بعد الصلح انتهى كلامه (1) وقوله عليه السلام ما ترون انى صانع بكم، يدل على انه مخير فيهم وانه لم يكن امان سابق إذ لو كان امان لقالوا وما تقدر أن تصنع وقد انعقد بيننا وبينك امان مع علمهم انه كان اوفى الخلق
ذمة واصدقهم عهدا وظهر بهذا ان قوله عليه السلام اذهبوا فانتم الطلقاء - انشاء للمن عليهم والاطلاق وتسمية هذه الغزوة غزوة الفتح يدل على ذلك ايضا وكذا قوله تعالى انا فتحنا لك فتحا مبينا - وقوله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح - المراد بهما عند الجمهور فتح مكة وهذا اللفظ لا يستعمل في الصلح انما يستعمل في الغلبة والقهر وايضا فان اهل السير عدوا الفتح
__________
(1) وليس هو بنصه بل بحذف وتلخيص - ح - ]

[ من جملة الغزوات التى قاتل فيها النبي صلى الله عليه وسلم وعدها ابن سعد تسعا منها الفتح ثم قال هذا الذى اجتمع لنا عليه وادعى المازرى ان الشافعي انفرد بقوله فتحت صلحا قال وتاويلهم انه عليه السلام انما امر بقتل من لم يقبل امانه وان المعاقدة على ذلك كانت، دعوى واضافة إلى الحديث ما ليس فيه وكيف يتفق المعاقدة على مثل هذا ولما رأى الشافعي انه عليه السلام لم يستبح اموالها ولا قسمها بين الغانمين اعتقد أنه صلح وهذا لا تعلق له فيه لان الغنيمة لا يملكها الغانمون بنفس القتال على قول كثير من اصحابنا وللامام ان يخرجها عنهم ويمن على الاسرى بانفسهم وحريمهم واموالهم وكأنه صلى الله عليه وسلم رأى من المصلحة بعد إثخانهم والاستيلاء عليهم ان يبقيهم لحرمة العشيرة وحرمة البلد وما رجا من اسلامهم وتكثير ]

[ عدد المسلمين بهم فلا يرد ما قدمناه من الادلة الواضحة بمثل هذا المحتمل - وفى التجريد للقدورى لم يكن أبو سفيان رسولا لاهل مكة حتى يعقد لهم الصلح وانما خرج متجسسا ولم يعلم انه عليه السلام قصدهم ولو كان ثم امان سابق لم يلتجوا إلى دخول الكعبة ولم يقاتلوا ولم يستثن عليه السلام بعد ذلك الجماعة الذين استثناهم فدل ذلك انه عليه السلام دخلها بلا امان وانشأ الامان بمكة ولهذا قال عبد الله بن رواحة - اليوم نضربكم على تأويله - وذكر شارح العمدة حديث أبى شريح لخزاعي فلا يحل لاحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة فان احد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا ان الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وانما أذن لرسوله ساعة من نهار الحديث قال فيه دليل على ]

[ ان مكة فتحت عنوة وهو مذهب الاكثرين وقال الشافعي وغيره فتحت صلحا وقيل في تأويل الحديث ان القتال كان جائزا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة ولو احتاج إليه فعله ولكن ما احتاج إليه وهذا التأويل يضعفه قوله عليه السلام فان احد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه يقتضى وجود قتال منه صلى الله عليه وسلم ظاهرا وايضا
السير التى دلت على وقوع القتال وقوله عليه السلام من دخل دار أبى سفيان فهو آمن إلى غيره من الامان المعلق على اشياء بخصوصها يبعد هذا التأويل - ]

[ قال (باب من قال لا يفرق بين الاخوين) ذكر فيه حديث ابن أبى ليلى عن على ثم ذكره من حديث الحجاج عن الحكم عن ميمون بن أبى شبيب عن على ثم قال (الحجاج لا يحتج به وحديث أبى خالد الدالانى عن الحكم اولى ان يكون محفوظا لكثرة شواهده) - قلت - اخرج الحاكم في المستدرك حديث ابن أبى ليلى ثم قال غريب صحيح على شرط الشيخين وقيل عن الحكم عن ميمون عن على وهو صحيح ايضا ثم اخرج حديث الدالانى ثم قال هذا متن آخر باسناد صحيح وكذا فعل المزى في اطرافه فجعلهما متنين وعزا حديث الحجاج إلى الترمذي وحديث الدالانى إلى أبى داود -

[ قال (باب الاسير يستعين به المشركون) على قتال المشركين (قال الشافعي قيل يقاتلهم قاتل الزبير واصحابه ببلاد الحبشة مشركين عن مشركين ولو قيل يمتنع عن قتالهم لمعان ذكرها ]

[ لكان مذهبا ولا نعلم خبر الزبير يثبت) - قلت - ذكر البيهقى خبر الزبير هنا بسنده وسكت عنه ونص في كتاب المعرفة على انه حديث حسن ثم بعد ثبوته في الاستدلال به نظر لان الزبير لم يقاتل معهم وانما حضر لينظر على من تكون الوقعة ثم اخبر اصحابه بان الله اظهر النجاشي - ]

[ قال (باب ما يستحب من الجيوش والسرايا) ذكر فيه حديثا ثم حكى (عن أبى داود انه قال اسنده جرير بن حازم وهو خطأ) قلت - هذا ممنوع لان جريرا ثقة وقد زاد الاسناد فيقبل قوله كيف وقد تابعه عليه غيره قال الترمذي وقد رواه حبان بن على العنزي عن نفيل عن الزهري عن ]

[ عبيدالله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر المزى في اطرافه ان الترمذي قال بعد ذكر هذا الحديث وروى حبان عن يونس عن الزهري نحوه - ]

[ قال (باب من يؤخذ منه الجزية من اهل الكتاب) وهم اليهود والنصارى (قال الشافعي قال الله تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله) إلى قوله (من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية) - قلت - وفى الخلافيات للبيهقي لا يقبل الجزية من اهل الاوثان قال الله تعالى (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم - ثم استثنى اهل الكتاب بقوله حتى يعطوا الجزية - انتهى كلامه وعند الحنفية تخصيص اهل الكتاب بأداء الجزية لا ينفى الحكم عن غيرهم والوثنى العجمي لا يتحتم قتله بل يجوز استرقاقه فلم يتناوله قوله تعالى اقتلوا المشركين - بل هو مختص بالوثنى العربي الذى يسقط قتله بعلة واحدة وهى الاسلام بخلاف العجمي لانه يسقط قتله بعلة اخرى وهى الاسترقاق ]

[ وذكر البيهقى في هذا الباب حديث بريدة (إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى احدى ثلاث خصال - وفيه - فان هم أبوا فادعهم إلى اعطاء الجزية) - قلت - التبويب خاص ولفظ المشركين عام فهو غير مطابق لمدعاه قال النووي في شرح مسلم هذا مما يستدل به مالك والاوزاعي وموافقوهما في جواز أخذ الجزية من كل كافر عربيا كان أو اعجميا كتابيا أو مجوسيا أو غيرهما - وذكر الخطابى هذا الحديث في المعالم ثم قال ظاهره موجب قبول الجزية من كل مشرك كتابي أو غير كتابي من عبدة الشمس والنيران والاوثان انتهى كلامه ويؤيد هذا المذهب قوله عليه السلام في حديث ابن عباس ويؤدى إليهم العجم الجزية اخرجه الترمذي وقال حسن صحيح وذكره البيهقى بعد في باب من زعم انما يؤخذ الجزية من العجم - وقوله عليه السلام في المجوس سنوا بهم سنة اهل الكتاب - نص في انهم ليسوا من اهل الكتاب ويدل على ان الجزية تؤخذ من غير اهل الكتاب لكونهم في معناهم ]

[ قال (باب من لحق باهل الكتاب قبل نزول الفرقان) قلت - في نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمع العلماء ان ذبيحة الكتابى مطلقا حلال للمسلم الا الشافعي فانه لم يجز الا ذبيحة من
دان هو أو احد من آبائه بذلك الدين قبل نزول الفرقان واما بعد نزوله فان ذبيحته لا تحل للمسلم - وفى احكام القران للطحاوي قال الشافعي من دان بدين النصرانية أو اليهودية بعد نزول الفرقان فليس من اهلها ولا يقر عليها ولا تؤكل ذبيحته ولا يحل نكاحه - ولم يفرق في سبب نزول - لا اكراه في الدين - بين من دان منهم باليهودية قبل نزول الفرقان وبعده فدل على استواء الحكم وقد روينا عن ابن عباس قال كلوا من ذبائح بنى تغلب وتزوجوا من نسائهم فانه تعالى يقول (ومن يتولهم منكم فانه منهم) ولم يفرق ايضا بين من تولاهم قبل نزوله أو بعده ولما قال عدى بن حاتم ان لى دينا سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال له ألست ركوسيا؟ فنسبه إلى صنف من النصرانية ولم يسأله هل دان بذلك قبل النزول أو بعده - قال (باب من أخذت منهم عربا كانوا أو عجما) ]

[ - قلت - قد ورد انها لا تؤخذ من العرب قال عبد الرزاق انا معمر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح عبدة الاوثان على الجزية الا من كان منهم من العرب - والقائلون بهذا المذهب يحتجون بالمرسل - قال أبو عمر فاستثنى العرب ]

[ وان كانوا عبدة اوثان من بين سائر الاوثان وبه يقول ابن وهب - قال (باب المجوس اهل كتاب والجزية تؤخذ منهم) ]

[ ذكر فيه حديثا من طريق سعيد بن المرزبان عن نصر بن عاصم عن على ثم حكى (عن ابن خزيمة انه قال وهم ابن عيينة رواه عن أبى سعد البقال يعنى ابن المرزبان عن نصر بن عاصم وانما هو عيسى بن عاصم الاسدي) ثم ذكر البيهقى حديث بجالة ثم حكى (عن الشافعي قال حديث بحالة متصل ثابت لانه ادرك عمر وكان رحلا في زمانه كاتبا لعماله وحديث نصر بن عاصم عن على عن النبي صلى الله عليه وسلم متصل وبه نأخذ) قلت - اختلف كلام الشافعي في بجالة فأثبت حديثه هنا وهو ثناء عليه وقد مضى في باب حد الذميين انه قال (بجالة مجهول وليس بالمشهور) وقد تقدم ان نصر بن عاصم وهم وانما هو عيسى بن عاصم والظاهر أن رواية عيسى هذا عن على مرسلة لانهم نصوا على أن روايته عن ابن عمر وابن عباس مرسلة فما الذى ينفعه اتصال رواية نصر بن عاصم على ان العقيلى قال عن نصر هذا لا يتابع على حديثه كذا في الميزان والبقال متكلم فيه قال ابن معين ليس بشئ وقال الفلاس متروك وقال أبو زرعة مدلس وقال البخاري منكر الحديث وقال ]

[ النسائي ضعيف وسكت عنه البيهقى هنا وقال فيما مضى في باب أخذ السلاح في الحرب (غير قوى) وقال في باب دية اهل الذمة (لا يحتج به) وقال صاحب التمهيد في قوله عليه السلام في المجوس سنوا بهم سنة اهل الكتاب - يعنى في الجزية دليل على أنهم ليسوا اهل كتاب وعلى ذلك جمهور الفقهاء وقد روى عن الشافعي انهم كانوا اهل كتاب فبدلوا واظنه ذهب في ذلك إلى شئ روى عن على من وجه فيه ضعف يدور على أبى سعد البقال ثم ذكر هذا الاثر ثم قال واكثر اهل العلم يأبون ذلك ولا يصححون هذا الاثر والحجة لهم قوله تعالى ان تقولوا انما انزل الكتاب على طائفتين من قبلنا - يعنى اليهود والنصارى وقوله تعالى يا اهل الكتاب لم تحاجون في ابراهيم وما انزلت التوراة والانجيل الا من بعده - وقال تعالى يا اهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والانجيل فدل على ان اهل الكتاب هم اهل التوراة والانجيل اليهود والنصارى لا غير وقد روى عبد الرزاق عن ابن جريج قال قلت لعطاء المجوس اهل كتاب قال لا وقال ايضا انا معمر قال سمعت الزهري سئل أتوخذ الجزية ممن ليس من اهل الكتاب قال نعم أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من اهل البحرين وعمر

[ من اهل السواد وعثمان من بربر - ثم ذكر البيهقى (عن الشافعي قال وقد روى من حديث الحجاز حديثان منقطعان بأخذ الجزية من المجوس) ثم ذكرهما البيهقى من حديث مالك عن جعفر بن محمد عن ابيه ان عمر الخ) ومن حديث مالك (عن ابن شهاب بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين) إلى آخره ثم قال البيهقى (وابن شهاب انما أخذ حديثه هذا عن ابن المسيب وابن المسيب حسن المرسل كيف وقد انضم إليه ما تقدم) - قلت - قد روى ذلك في حديث مسند متصل صحيح وهو حديث عمرو بن عوف الذى اخرجه الشيخان كما ذكره البيهقى بعد في هذا الباب وحديث ابن شهاب روى مسندا فاخرجه الدار قطني من حديث عبد الرحمن بن مهدى عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه عليه السلام أخذ الجزية من مجوس البحرين وبهذا يعلم ان ابن المسيب لم يتعين لكون ابن شهاب أخذ حديثه عنه كما زعم البيهقى - ]

[ قال (باب الفرق بين نكاح نساء من يؤخذ منه الجزية وذبائحهم) ثم ذكر (انه عليه السلام عرض الاسلام على مجوس هجر فمن اسلم قبل منه ومن أبى ضربت عليه الجزية على ان لا تؤكل
لهم ذبيحة ولا تنكح لهم امرأة) - قلت - عبارته في التبويب تعطى أن من تؤخذ منه الجزية بين نكاح نسائهم وبين أكل ذبائحهم فرق وليس ذلك مراده بل مراده أن من تؤخذ منه الجزية مفترقون فبعضهم تؤكل ذبائحهم وتنكح نساؤهم والبعض لا كالمجوس - ]

[ قال (باب كم الجزية) ذكر فيه حديث الاعمش عن أبى وائل عن مسروق عن معاذ ثم ذكر حديث الاعمش عن ابراهيم عن مسروق عن معاذ ثم ذكر (عن أبى داود أنه قال حديث منكر بلغني عن احمد أنه كان ينكر هذا الحديث انكارا شديدا) ثم زعم البيهقى (أن المنكر الرواية الثانية وان الاولى محفوظة) - قلت - ذكر ابن حزم ان مسروقا لم يسمع من معاذ ولم يلقه وكذا ذكر عبد الحق عن ابن عبد البر - ]

[ قال (باب الذمي يسلم فترفع عنه الجزيه) ]

[ قلت - ذكر صاحب الاستذكار عن الشافعي قال إذا اسلم في بعض السنة أخذت منه بحسابه وحكى عن مالك وأبى حنيفة واصحابه وابن حنبل انه يسقط ما مضى قال وهو الصواب لعموم قوله عليه السلام ليس على المسلم جزية - وقال عمر ضعوا الجزية عمن اسلم - ولا يوضع الا ما مضى والحديث ذكره البيهقى في هذا الباب وذكر فيه (ان رجلا اسلم فكتب عمر أن لا تؤخذ منه الجزية) - ]

[ قال (باب الحربى إذ الجأ إلى الحرم وكذا) من وجب عليه الحد - قلت - مراده انه يقام عليه الحد في الحرم ثم استدل على ذلك بقوله عليه السلام (اقتلوه يعنى ابن خطل وبتأمينه عليه السلام الناس الا اربعة) ثم ذكر قوله عليه السلام في حديث أبى شريح (فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر ان يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة فان احد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا ان الله اذن لرسوله) ]

[ الحديث ثم حكى عن الشافعي انه قال (انما معنى ذلك والله اعلم انها لم يحلل ان ينصب عليها الحرب حتى تكون كغيرها فقد أمر النبي عليه السلام عندما قتل عاصم بن ثابت وخبيب بقتل ابى سفيان في داره بمكة غيلة ان قدر عليه وهذا في الوقت الذى كانت فيه محرمة فدل انها لا تمنع احدا من شئ وجب عليه وانها انما تمنع من ان ينصب عليها الحرب كما ينصب على غيرها) ثم ذكر البيهقى بعثه صلى الله عليه وسلم إلى ابى سفيان من يقتله وفى آخره (ان عمرو بن امية جاء إلى خبيب وهو مصلوب فانزله واهال عليه التراب) - قلت - ذكر شارح العمدة في حديث ابن خطل ان اباحته عليه السلام لقتله قد تمسك به في اباحة قتل الملتجئ إلى الحرم ويجاب عنه بانه محمول على الخصوصية التى دل عليها قوله صلى الله عليه وسلم ولم تحل قبلى ولا تحل لاحد بعدى وانما احلت لى ساعة من نهار - وقال في شرح حديث أبى شريح قوله عليه السلام فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر ان يسفك بها دما - يؤخذ منه امران - احدهما - تحريم القتال لاهل مكة وهو الذى يدل عليه سياق الحديث ولفظه وقد قال بذلك بعض الفقهاء وفى التلخيص في اول كتاب النكاح في ذكر الخصائص لا يجوز القتال بمكة حتى لو تحصن جماعة من الكفار فيها لم يجز لنا قتالهم فيها وحكى الماوردى ايضا ان من خصائص الحرم ان لا يحارب اهله ان بغوا على اهل العدل فقد قال بعض الفقهاء يحرم قتالهم بل يضيق عليهم حتى يرجعوا إلى الطاعة ويدخلوا في احكام اهل العدل وقد قيل أن الشافعي اجاب عن الاحاديث بأن معناها تحريم نصب القتال عليهم وقتالهم بما يعم كالمنجنيق وغيره إذا لم يمكن اصلاح الحال بدون ذلك بخلاف ما إذا تحصن الكفار في بلد آخر فانه يجوز قتالهم على كل وجه وبكل شئ واقول هذا التأويل على خلاف الظاهر القوى الذى دل عليه العموم في النكرة في سياق النفى في قوله فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما وايضا فان النبي صلى الله عليه وسلم بين خصوصيته باحلالها ساعة من نهار وقال فان احد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا ان الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم - فان هذا اللفظ يفيد أن المأذون لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لم يؤذن فيه لغيره والذى أذن للرسول فيه انما هو مطلق القتال ولم يكن قتال النبي صلى الله عليه وسلم لاهل مكة بمنجنيق وغيره مما يعم كما حمل عليه الحديث في هذا التأويل وايضا فان الحديث وسياقه يدل على ان هذ التحريم لاظهار حرمة المنفعة (1) بتحريم مطلق القتال فيها وسفك الدم وذلك لا يختص بما يستأصل وايضا فتخصيص الحديث بما يستأصل ليس لنا دليل على تعيينه لان يحمل عليه الحديث فلو أن قائلا ابدى معنى آخر خص به الحديث لم يكن هذا اولى منه - الثاني
__________
(1) لعله - البقعة - ح - ]

[ يستدل به أبو حنيفة رحمه الله في أن الملتجئ إلى الحرم لا يقتل به لقوله عليه السلام لا يحل لامرئ ان يسفك بها دما - وهذا عام يدخل فيه صورة النزاع انتهى كلامه وقد ذكر البيهقى ايضا خصوصيته عليه السلام بالقتل فيه فقال في الخصائص في كتاب النكاح باب دخوله الحرم بغير احرام والقتل فيه) ثم ذكر حديث ابن خطل وحديث أبى شريح والسند الذى خرج به البيهقى بعثه عليه السلام لابي سفيان سند ضعيف وعلى تقدير صحته ليس فيه ان ذلك كان عندما قتل عاصم وخبيب كما ذكر الشافعي وليس فيه ايضا انه أمر بقتله في داره بمكة كما ذكر الشافعي ايضا بل لفظه فان اصبتما منه غرة فاقتلاه - وفى مغازى محمد بن سعد ثم سرية كرز بن جابر إلى العرنيين في شوال سنة ست من مهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سرية عمرو بن امية الضمرى وسلمة بن اسلم إلى أبى سفيان بن حرب بمكة إلى آخره ولفظه ايضا ان اصبتما منه غرة فاقتلاه - ومقتل عاصم وخبيب كان في الثالثة فبينه وبين البعثة إلى أبى سفيان من البعد ما ترى ولم يذكر ابن سعد أن عمرا انزل خبيبا واهال عليه التراب كما في رواية البيهقى وكيف يترك هذه المدة الطويلة مصلوبا هذا بعيد جدا وذكر الطحاوي في كتابه الكبير في اختلاف العلماء قول الشافعي أمر عليه السلام عندما قتل عاصم وخبيب بقتل أبى سفيان إلى آخره ثم قال الطحاوي هذا الذى حكاه لم نجد له اصلا ولا ندرى عمن أخذه - ثم ذكر البيهقى في آخر هذه الباب اثرا عن ابن عباس إلى آخره ثم قال (وهذا رأى منه تركناه بالظواهر التى وردت في اقامة الحدود دون تخصيص الحرم) إلى آخره - قلت ذكر الطحاوي في كتابه المشكل حديث عبد الله بن عمرو كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلوا بقبر أبى رغال فقال كان امرءا من ثمود وكان منزله بالحرم فلما اهلك الله عزوجل قومه بما اهلكهم به منعه لمكانه من الحرم وانه خرج حتى إذا بلغ ههنا اصابته النقمة بهذا المكان - الحديث ثم قال وإذا كان الحرم يمنع في الجاهلية من العقوبات التى معها اتلاف الانفس كان في الاسلام من مثل ذلك امنع وشد ذلك ما روى عن ابن عباس - فذكر الاثر المذكور ثم قال وما روى عن ابن عمر أنه قال لو وجدت قاتل عمر في الحرم ماهجته - ثم قال ولا نعلم لاحد من الصحابة خلافا لهما وقوله تعالى ومن دخله كان آمنا - يوجب ذلك والقرآن نزل بلغتهم وهم العالمون بما خوطبوا به انتهى كلامه وروى عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج سمعت ابن أبى حسين يحدث عن عكرمة بن خالد قال قال عمر لو وجدت فيه قاتل الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه - ورجال هذا السند على شرط الصحيح وفى اتصاله نظر وابن أبى حسين اسمه عبد الله بن عبد الرحمن وذكر ابن حزم هذا القول عن جماعة ثم قال فهؤلاء عمر وابنه عبد الله وابن عباس وأبو شريح ولا مخالف لهم من
الصحابة ومن التابعين عطاء وعبيد بن عمير ومجاهد وسعيد بن جبير والزهرى ويخبر بذلك عن علمائه وهم التابعون من اهل المدينة ويخبر أن السنة مضت بذلك وقوله تعالى ومن دخله كان أمنا - ليس بخبر لان الكفرة قتلوا فيه فتعين انه امر انتهى ]

[ كلامه وتبين بهذا ان الذى ذهب إليه هؤلاء هو الموافق لظواهر الكتاب والسنة وآراء الصحابة نصا ودلالة وكيف يترك هذا كله ببعثه عليه السلام إلى أبى سفيان وهى واقعة عين محتملة للتأويل وبما قد قام الدليل على انه كان خاصا بالنبي عليه السلام - ]

[ قال (باب ذبائح نصارى بنى تغلب) ]

[ ذكر اباحتها من رواية مالك عن ثور عن ابن عباس ثم من روايته عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس ثم قال قال الشافعي (سكت صاحبنا عن ذكر عكرمة) قال البيهقى (يعنى مالكا لم يذكر عكرمة في اكثر الروايات عنه وكأنه لا يرى ان يحتج به وثور انما رواه عنه فلا ينبغى ان يحتج به) - قلت - ذكر صاحب الاستذكار أن الزهري واكثر العلماء ذهبوا إلى اباحتها وقال في التمهيد زعموا أن مالكا اسقط عنه ذكر عكرمة لانه كره ان يكون في كتابه لكلام ابن المسيب وغيره فيه ولا ادرى صحة هذا لان مالكا ذكره في الحج وصرح به ومال إلى روايته عن ابن عباس وترك رواية عطاء في تلك المسألة وعطاء اجل التابعين في المناسك والثقة والامانة وعكرمة من اجلة العلماء لا يقدح فيه كلام من تكلم فيه لانه لا حجة معه وقال الشافعي في بعض كتبه نحن نتقى حديثه وقد روى عن ابن أبى يحيى والقاسم العمرى واسحق بن أبى فروة وهم ضعفاء متروكون وهؤلاء اولى ان يتقى حديثهم - وذكر ابن حبان عكرمة في الثقات وقال من زعم انا كنا نتقى حديثه فلم ينصف إذ لم يتق الرواية عن ابن أبى يحيى وذويه انتهى كلامه - وقد ذكرنا فيما مضى في باب من صلى وفى ثوبه اذى عن ابن معين انه قال إذا رأيت الرجل يقع في عكرمة وحماد بن سلمة فاتهمه في الاسلام وقال أبو عبد الله المروزى اجمع عامة اهل العلم على الاحتجاج بحديث عكرمة واتفق على ذلك رؤساء اهل العلم بالحديث من اهل عصرنا منهم احمد وابن راهويه وابن معين وسألت ابن راهويه عن الاحتجاج بحديثه فتعجب من سؤالي وقال عكرمة عندنا امام الدنيا - ]

[ قال (باب المهادنة إلى غير مدة) ذكر فيه حديث عبد الرزاق (عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن عمر أجلى اليهود والنصارى) الحديث ثم قال (رواه مسلم واخرجه البخاري فقال وقال عبد الرزاق وكذلك رواه الفضيل بن سليمان عن موسى بن عقبة) - قلت - كذا اخرجه البخاري في كتاب المزارعة معلقا واخرجه في الخمس عن احمد بن المقدام عن فضيل بن سليمان متصلا فذهل البيهقى عن هذا وجعله من تعليقات البخاري - ]

[ قال (باب من جاء من عبيد اهل الحرب مسلما) ]

[ ذكر في آخره (عن ابن عباس قال وان هاجر عبد منهم يعنى اهل الحرب أو امة فهما حران ولهما ما للمهاجرين) ثم قال (اخرجه البخاري في الصحيح - قلت - لم اجد هذا الاثر في صحيح البخاري بعد الكشف - ]

[ قال (باب ذكاة ما في بطن الذبيحة) ]

[ قال (باب البزاة المعلمة إذا أكلت) ذكر فيه (عن ابن عباس قال إذا أكل الكلب فلا تأكل وإذا أكل الصقر فكل) إلى آخره - قلت - ذكر صاحب الاستذكار قول ابن عباس هذا ثم قال ولا مخالف له من الصحابة من وجه يصح - وفى نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمعوا ان البازى إذا أكل منه أكل صاحبه بقيته الا الشافعي فانه منع من أكله - ]

[ قال (باب من ترك التسمية وهو ممن تحل ذبيحته) - قلت - مراده انها تحل ولو ترك التسمية واستدل على ذلك بما اخرجه من حديث هشام بن عروة (عن أبيه عن عائشة قالوا يارسول الله ان ههنا اقواما حديث عهد بشرك) إلى أخره ثم ذكر (ان جماعة رووه عن هشام كذلك موصولا) ثم اخرجه من حديث جعفر بن عون عن هشام عن ابيه مرسلا ثم قال (وكذلك رواه مالك وحماد بن سلمة عن هشام)
- قلت - (وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن هشام) وذكر صاحب التمهيد أن جماعة رووه عن هشام مرسلا كما رواه مالك منهم ابن عيينة ويحيى القطان انتهى كلامه فقد اضطرب سند هذا الحديث كما ترى ومع اضطرابه لا دليل فيه على مدعى البيهقى إذ ليس فيه ترك التسمية قال صاحب التمهيد فيه ان ما ذبحه المسلم ولم يعرف هل سمى الله عليه ام لا انه لا بأس بأكله وهو محمول على انه قد سمى والمؤمن لا يظن به الا الخير وذبيحته وصيده ابدا محمول على السلامة حتى

[ يصح غير ذلك من تعمد ترك التسمية ونحوه - وقال ابن الجوزى في الكشف لمشكل الصحيحين في شرح هذا الحديث الظاهر من المسلم والكتابي انه يسمى فيحمل امره على احسن احواله ولا يلزمنا سؤالنا عن هذا وقوله سموا انتم - ليس بمعنى انه يجزى عما لم يسم عليه ولكن لان التسمية على الطعام سنة - قال (باب سبب نزول ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) ذكر فيه (عن ابن عباس ان سبب نزولها قول اليهود نأكل مما قتلنا ولا نأكل مما قتل الله) - قلت - الصحيح المشهور أن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب وايد ذلك قوله عليه السلام في حديث أبى ثعلبة في الصحيحين وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل - وفى حديث عدى إذا ارسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله - والاصل تحريم الميتة وما خرج عن ذلك الا ما كان مسمى عليه فغيره يبقى على اصل التحريم داخلا تحت النص المحرم للميتة - وفى الموطأ ان عبد الله بن عياش بن أبى ربيعة المخزومى أمر غلاما له ان يذبح ذبيحة فلما ارد أن يذبح قال له سم فقال الغلام قد سميت فقال له سم الله ويحك قال قد سميت الله تعالى فقال ابن عياش والله لا أطعمها ابدا - قال صاحب الاستذكار هذا واضح في ان من ترك التسمية عمدا لم تؤكل ذبيحته وهو مذهب مالك ]

[ والثوري وأبى حنيفة واصحابه والحسن بن حى واسحق بن راهويه عن ابن حنبل ثم ذكر البيهقى عن ابن عباس في قوله تعالى وان الشياطين ليوحون إلى اوليائهم ليجادلوكم - (قال يقولون ما ذبح الله فلا تأكلوه وما ذبحتم انتم فكلوه فانزل الله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) - قلت - ذكر الحاكم في المستدرك عن ابن عباس وان الشياطين ليوحون قال يقولون ما ذبح فذكر اسم الله عليه فلا تأكلوه وما لم يذكر اسم الله عليه فكلوه فقال الله عزوجل ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه - ثم قال الحاكم صحيح على شرط مسلم - ]

[ قال (باب من رمى صيدا أو ارسل كلبا فقطعه قطعتين) ]

[ ذكر فيه حديث (ما ردت عليك قوسك ويدك فكل) - قلت - ذكر في الخلافيات إذا ضرب الصيد فقطعه قطعتين أكل وان كانت احدى القطعتين اقل من الاخرى وقال أبو حنيفة ان ابان الرأس أكل الجميع وان ابان يدا أو رجلا لم يؤكل المبان منه انتهى كلامه والحديث المذكور في الباب الذى يليه وهو قوله عليه السلام ما ابين من البهيمة وهى حية فهو ميتة حجة لابي حنيفة لان العضو امين منها وهى حية ويتصور بقاؤها حية وهذا الخبر وان ورد على سبب خاص فالصحيح ان العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب وقوله عليه السلام ما ردت عليك أي من الصيد والعضو المبان ليس بصيد - ]

[ قال (باب ما لفظ البحر أو طفا من ميتة) ]

[ ذكر فيه حديث القاء البحر الدابة (وان ابا هريرة وزيد بن ثابت لم يريا بأكل ما لفظ البحر بأسا وان عمر قرأ احل لكم صيد البحر وطعامه فقال طعامه ما رمى به وقول ابن عباس طعامه ما لفظ به) قلت - لا خلاف في حل ما القاه البحر ورمى به وذكر البيهقى في هذا الباب (عن جعفر عن ابيه عن على قال الحيتان والجراد ذكى كله) قلت - في سنده عبد الله ابن الوليد متكلم فيه يسير أو على تقدير صحته فعمومه مخصوص بالطافى بدليل ما اخرجه ابن أبى شيبة في مصنفه فقال ثنا حفص عن جعفر عن ابيه قال قال على ما مات في البحر فانه ميتة وقال الطحاوي ثنا محمد بن خزيمة ثنا حجاج ثنا حماد عن عطاء بن السائب عن ميسرة ان عليا قال ما قذف البحر حلال وكان يكره الطافى من السمك وذكر صاحب الاستذكار الكراهة عن ابن المسيب والحسن والنخعي ثم ذكر البيهقى (عن شعبة عن اجلح عن ابن أبى الهذيل عن ابن عباس قال لا بأس بالطافى من السمك) قلت - في مصنف ابن أبى شيبة ثنا على بن مسهر عن الاجلح عن ابن أبى الهذيل سأل رجل ابن عباس قال انى آتى البحر فأجده قد جفل سمكا كبيرا فقال كل ما لم تر سمكا طافيا وذكر عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري ]

[ عن الاجلح عن ابن أبى الهذيل سأل ابن عباس عن اشياء وفى آخره انه قال لابن عباس انى اجد البحر قد جفل سمكا
قال فلا تأكل منه طافيا - قال (باب من كره أكل الطافى) ذكر فيه حديثا رواه جماعة عن الثوري عن أبى الزبير عن جابر موقوفا ثم قال (وخالقهم أبو احمد الزبيري فرواه عن الثوري مرفوعا وهو واهم فيه) - قلت - الزبيري ثقة وقد زاد الرفع فوجب قبوله وقد جاء له شواهد ستجئ ان شاء الله تعالى

[ ثم اسنده البيهقى عن يحيى بن سليم ثنا اسمعيل بن امية عن أبى الزبير مرفوعا ثم قال (يحيى بن سليم كثير الوهم سيئ الحفظ وقد رواه غيره عن اسمعيل موقوفا) - قلت - ذكر الدار قطني في سننه رواية يحيى ثم قال رواه غيره موقوفا ثم اخرجه من حديث اسمعيل بن عياش عن اسمعيل موقوفا فتبين ان ذلك الغير الذى رواه موقوفا هو ابن عياش وقد قال البيهقى في غير موضع (لا يحتج به) وقال في باب ترك الوضوء من الدم (ما روى عن اهل الحجاز ليس بصحيح) واسمعيل بن امية مكى ويحيى بن سليم وثقة ابن معين وغيره واخرج له البخاري ومسلم والجماعة كلهم وقد زاد الرفع فكيف تعارض روايته برواية ابن عياش مع روايته لهذا الحديث عن مكى ورواية ابن أبى ذئب لهذا الحديث عن أبى الزبير مرفوعا تشهد لرواية يحيى بن سليم وقول البخاري لا اعرف لابن ابى ذئب عن أبى الزبير شيئا هو على مذهبه في انه يشترط لاتصال الاسناد المعنعن ثبوت السماع وقد انكر مسلم ذلك انكارا شديدا وزعم انه قول مخترع وان المتفق عليه انه يكفى للاتصال امكان اللقاء والسماع وابن أبى ذئب ادرك زمان ابى الزبير بلا خلاف وسماعه منه ممكن ثم قال (ورواه عبد العزيز بن عبيد الله عن وهب بن كيسان عن جابر مرفوعا وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به) - قلت - اخرج له الحاكم في المستدرك في ابواب الاحكام حديثا وصحيح سنده واخرج حديثه هذا الطحاوي في احكام القرآن فقال ثنا الربيع بن سليمان المرادى ثنا اسد ابن موسى ثنا اسمعيل بن عياش حدثنى عبد العزيز بن عبيد الله عن وهب بن كيسان ونعيم بن عبد الله المجمر عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما جزر عنه البحر فكل وما القى فكل وما وجدته ميتا طافيا فوق الماء فلا تأكل وقوله تعالى حرمت عليكم الميتة - عام خص منه غير الطافى من السمك بالاتفاق وبالحديث المشهور والطافي مختلف فيه فبقى داخلا في عموم الآية - قال (باب ما جاء في أكل الجراد) ]

[ ذكر فيه حديث ابن عمر (احلت لنا ميتتان) إلى آخره ثم قال (الصحيح انه موقوف على ابن عمر) - قلت - قد تقدم الكلام على هذا الحديث في باب الحوت يموت في الماء والجراد في اثناء ابواب ما يفسد الماء - ]

[ قال (باب ما جاء في الضفدع) ذكر فيه حديث النهى عن قتل الضفدع - قلت - فيه دلالة على انه ليس كل ما يسكن الماء له حكم السمك فكما خرج ]

[ الضفدع عن عموم قوله عليه السلام الحل ميتته - بهذا الدليل يخرج خنزير الماء ونحوه بدليل آخر وهو قوله تعالى أو لحم خنزير - وحكى الطحاوي عن الشافعي انه لا بأس بأكله - قال (كتاب الاضحية) ذكر فيه من حديث ابن عقيل (عن على بن الحسين عن أبى رافع كان عليه السلام إذا ضحى اشترى كبشين) الحديث - قلت في التهذيب لابن جرير الطبري رواه مؤمل واسحق عن سفيان عن ابن عقيل عن أبى سلمة عن عائشة أو عن أبى هريرة ورواه مسلم بن ابراهيم عن حماد عن ابن عقيل عن عبد الرحمن بن جابر وذلك دليل على وهائه وقد ذكره البيهقى فيما بعد في ]

[ باب الرجل يضحى عن نفسه واهل بيته وذكر الاختلاف في سنده وقال بعد ذلك (باب قول المضحي اللهم منك واليك وقوله عن غيره اللهم تقبل من فلان) وذكر حديثين ثم قال (قال الشافعي وقد روى من وجه لا يثبت مثله انه عليه السلام ضحى بكبشين فقال في احدهما عن محمد وآله وفى الآخر عن محمد وامته) ثم ذكر البيهقى (انه اراد حديث ابن عقيل هذا) ثم ذكر البيهقى حديث زيد بن الحباب (عن عبد الله بن عياش عن الاعرج عن أبى هريرة من وجد سعة) إلى آخره ثم قال (وكذا رواه حيوة بن شريح ويحيى بن سعيد العطار عن عبد الله بن عياش وبلغني عن الترمذي قال الصحيح انه موقوف قال ورواه جعفر بن ربيعة وغيره عن الاعرج عن أبى هريرة موقوفا وحديث ابن الحباب غير محفوظ قال وكذلك رواه عبيد الله بن أبى جعفر عن الاعرج عن أبى هريرة موقوفا) - قلت - تبين بهذا ان ثلاثة رووه مرفوعا عن ابن عياش حيوة ويحيى العطار وابن الحباب ومن طريقه اخرجه ابن ماجة في سننه واخرجه الحاكم في المستدرك من حديث عبد الله بن يزيد المقرى عن ابن عياش كذلك مرفوعا وقال صحيح الاسناد اوقفه ابن وهب الا ان
الزيادة من الثقة مقبولة والمقرى فوق الثقة واخرجه الدار قطني في سننه من طريق عبيد الله بن أبى جعفر عن الاعرج مرفوعا بخلاف ما ذكر البيهقى وعلم بذلك ان حديث ابن الحباب محفوظ وان الذين رووا الرفع عن ابن عياش اربعة ]

[ وتابعهم على ذلك ابن أبى جعفر عن الاعرج كما ذكر الدار قطني والرفع زيادة فوجب قبوله ثم ذكر البيهقى حديث (ما انفقت الورق في شئ افضل من نحيرة في يوم عيد) وفى سنده ابراهيم الخوزى فقال (ليس بالقوى) قلت - الان القول فيه هنا وقد ضعفه في باب الرجل يطيق المشى وحكى عن ابن معين (انه ليس بثقة) وفى الضعفاء لابن الجوزى قال احمد والنسائي وعلى بن الجنيد متروك وقال يحيى ليس بشئ وقال الدار قطني منكر الحديث - ثم ذكر البيهقى قوله عليه السلام في الاضاحي (سنة ابيكم ابراهيم) وفى سنده عائذ الله المجاشعى عن أبى داود نفيع بن الحارث فحكى (عن البخاري قال عائذ الله المجاشعى عن أبى داود لا يصح حديثه) قلت - سكت البيهقى عن أبى داود نفيع وهو متروك ذكره الذهبي في كتابيه الكاشف والضعفاء - ]

[ قال (باب الاضحية سنة) ذكر فيه حديث من (ذبح قبل ان يصلى فليعد مكانها) ثم ذكر حديث البراء (ان خاله ابا بردة ذبح) إلى آخره ثم قال (استشهد به البخاري) - قلت - هذا الحديث اخرجه في مواضع محتجا به متصلا واخرجه في بعض المواضع مستشهدا به فتخصيص البيهقى استشهاده يوهم انه لم يحتج به وليس الامر كذلك ثم الامر بالاعادة في هذا الحديث وفيما قبله وفيما ]

[ بعده يدل على الوجوب وهو خلاف مدعى البيهقى ثم ذكر البيهقى (عن الشافعي انه قال فاحتمل ان يكون انما امره ليعود لضحيته ان الضحية واجبة واحتمل ان يكون امره ان يعود إن اراد أن يضحى لان الضحية قبل الوقت ليست باضحية تجزيه فيكون في عداد من ضحى فوجدنا الدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الضحية ليست بواجبة وهى سنة ثم ذكر الشافعي حديث ام سلمة إذا دخل العشر فاراد احدكم ان يضحى الحديث ثم قال فيه دلالة على ان الضحية ليست بواجبة لقوله عليه السلام فاراد احدكم ان يضحى - ولو كانت واجبة اشبه ان يقول فلا يمس من شعره حتى يضحى) قال البيهقى (وفى الحديث الثابت ان اول ما نبدأ به في يومنا هذا ان نصلى ثم نرجع فننحر فمن يعمل ذلك فقد اصاب سنتنا)
قلت - قول الشافعي واحتمل ان يكون امره ان يعود أن اراد أن يضحى - في غاية البعد لانه مخالفة للظاهر وتقدير شئ لا ضرورة إليه ولا دلالة في الكلام عليه وذكر الارادة في حديث ام سلمة لا ينفى الوجوب لان الارادة شرط لجميع الفرائض وليس كل احد يريد التضحية وقد استعمل ذلك في الواجبات كقولهم من اراد الحج فليلب وكقوله عليه السلام من اراد الجمعة فليغتسل من اراد الحج فليتعجل - وقوله عليه السلام فقد اصاب سنتنا - أي سيرتنا وطريقتنا وذلك قدر مشترك بين الواجب والسنة المصطلح عليها ومثله قوله عليه السلام سنوا بهم سنة اهل الكتاب - من سن سنة حسنة - ولم تكن السنة مصطلح عليها

[ معروفة في ذلك الوقت وقد قال البيهقى فيما تقدم في اثناء ابواب حد الشرب في قول ابن عباس الختان سنة (اراد سنة النبي عليه السلام الموجبة) ثم ذكر البيهقى حديث (ثلاث هن على فرائض) - قلت - في سنده أبو جناب يحيى بن أبى حية الكلبى سكت عنه البيهقى هنا وضعفه فيما مضى في باب لا فرض اكثر من الخمس وفى كتاب الضعفاء لابن الجوزى كان يحيى القطان يقول لا استحل ان اروى عنه وقال عمرو بن على متروك الحديث وقال يحيى وعثمان بن سعيد والنسائي والدار قطني ضعيف وقال ابن حبان كان يدلس على الثقات ما سمع من الضعفاء فالتزقت به المناكير التى يرويها عن المشاهير فحمل عليه احمد بن حنبل حملا شديدا ثم ذكر البيهقى (ان بعض اصحابهم احتج بحديث عمر ومولى المطلب عن المطلب ورجل من بنى سلمة عن جابر انه عليه السلام صلى للناس) الحديث وفيه (انه دعا بكبش فذبحه وقال عنى وعن من لم يضح من امتى) - قلت - فيه اشياء - احدها - ان المطلب لم يسمع من جابر كذا قال أبو حاتم وذكر الترمذي هذا الحديث ثم قال غريب ويقال ان المطلب لم يسمع من جابر وفى موضع آخر من كتاب الترمذي قال محمد لا اعرف للمطلب سماعا من احد من الصحابة الا قوله حدثنى من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول ]

[ لا نعرف له سماعا من احد من الصحابة انتهى كلام الترمذي قال محمد بن سعد لا يحتج بحديث المطلب لانه يرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا وليس له لقاء - الثاني - ان مولى المطلب قال فيه ابن معين ليس بالقوى وليس بحجة - الثالث - ان هذا الحديث متروك عند الشافعية إذ الكبش الواحد لا يجوز عن اكثر من واحد وقد نص الشافعي على ذلك في آخر هذا الباب والحديث لا ينفى وجوب الاضحية لانه عليه السلام تطوع عنهم بذلك ويجوز أن يتطوع الرجل عمن وجب عليه كما يتطوع عن نفسه ودل الحديث على أن الانسان له ان يتطوع عن غيره بما شاء وهم لا يقولون بذلك - وفى التهذيب
لابن جرير الطبري ما ملخصه ظن بعض اهل العبارة ان ذلك كان باشراكه لهم في ملك ضحيته فزعم ان للجماعة ان يشتركوا في الشاة ويجزيهم عن التضحية ولو كان كذلك لم يحتج احد من هذه الامة إلى التضحية ولما كان لقوله عليه السلام من وجد سعة فلم يضح وجه وكيف يقول ذلك وقد ضحى هو عنهم وذبحه افضل - ]

[ قال (باب السنة لمن اراد أن يضحى ان لا ياخذ) من شعره وظفره إذا اهل ذو الحجة حتى يضحى ذكر فيه حديث ام سلمة (إذا دخل العشر وأراد احدكم ان يضحى فلا يمس من شعره ولا بشره شيئا) ثم ذكر (عن الشافعي انه اختيار لا واجب) واستدل على ذلك بحديث عائشة (انا فتلت قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم) وفى آخره (فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ احله الله حتى نحر الهدى - قال الشافعي البعثة بالهدى اكثر من ارادة التضحية) قلت - في بعض طرق هذا الحديث في الصحيح كنت افتل قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث بهديه إلى الكعبة فما يحرم عليه شئ مما حل للرجل من اهله حتى يرجع الناس - فثبت بهذا ان الذى كان لا يجتنبه هو ما يجتنبه المحرم من اهله لا ما سوى ذلك من حلق شعر وقص ظفر ولا يخالف حديث ام سلمة - ثم لو كان لفظ الحديث كما اورده البيهقى امكن العمل بالحديثين فحديث ام سلمة يدل على ان ارادة التضحية تمنع من الحلق والقلم وحديث عائشة يدل على ان بعث الهدى ]

[ غير مانع فيعمل ولا يلزم من كون البعث غير مانع ان يكون ارادة التضحية غير مانعة - وفى التمهيد ذكر الاثرم ان احمد كان يأخذ بحديث ام سلمة قال ذكرت ليحيى بن سعيد الحديثين قال ذاك له وجه وهذا له وجه حديث عائشة إذا بعث بالهدى واقام وحديث ام سلمة إذا اراد أن يضحى بالمصر - والاشبه في الاستدلال ان يقال كان عليه السلام يريد التضحية لانه لم يتركها اصلا ومع ذلك لم يجتنب شيئا على ما في حديث عائشة فدل على ان ارادة التضحية لا تحرم ذلك - قال (باب الرجل يضحى عن نفسه واهل بيته)

[ ذكر فيه حديثا عن ابن عقيل عن ابى سلمة ثم ذكر (انه روى عن ابن عقيل عن عبد الرحمن بن جابر) ثم ذكر أنه روى عن ابن عقيل عن على بن الحسين ثم قال وكأنه سمعه منهما قلت الصواب ان يقال وكأنه سمعه منهم - ]

[ قال (باب لا يجزى الجذع الا من الضأن) ]

[ ذكر فيه من حديث اسحاق بن ابراهيم الحنينى (قال ذكره هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة قال جاء جبريل إلى النبي عليهما السلام) الحديث ثم قال (واسحاق ينفرد به وفى حديثه ضعف) - قلت - ذكر الحاكم في المستدرك هذا الحديث من طريق اسحاق المذكور ثنا هشام بن سعد عن زيد بن اسلم فذكره بسنده ثم قال صحيح الاسناد - ]

[ قال (باب وقت الاضحية) ]

[ ذكر فيه حديث (ان اول ما نبدأ به في يومنا هذا ان نصلى ثم نرجع فننحر) وفى رواية اخرى (ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه) ثم قال البيهقى (من ضحى بعد الوقت الذى تحل فيه الصلاة ويمضى مقدار صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وخطبته اجزأت اضحيته) - قلت - الفاظ هذا الحديث تقتضي فعل الصلاة فمن اعتبر وقت الصلاة والخطبتين فقد ادعى شيئا مخالفا للظاهر - وفى المحلى لا معنى لمنع الشافعي الضحية قبل تمام الخطبة لانه عليه السلام لم يحد وقت التضحية بذلك - ]

[ قال (باب يستحب ان يتولى ذبح نسكه أو يشهده) - قلت ذكر في هذا الباب حديثا عن على وضعفه ثم ذكر حديث عمران بن حصين (انه عليه السلام قال يا فاطمة قومي فاشهدي اضحيتك) وسكت عن هذا الحديث واخره عن ذلك الحديث والحاكم قد صحح في المستدرك اسناده - ]

[ قال (باب قول المضحي اللهم منك واليك) ]

[ ذكر فيه من حديث حنش بن الحارث قال (كان على يضحى بكبش عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى آخره - قلت ذكر الحافظ المزى هذا الحديث في اطرافه في ترجمة حنش بن ربيعة ويقال ابن المعتمر عن على وعزاه إلى أبى داود
والترمذي ووقع في سنن البيهقى حنش بن الحارث كما ترى واظنه وهما - ]

[ قال (باب الرخصة في الاكل من لحوم الضحايا) ]

[ ذكر فيه حديث أبى مسهر (ثنا يحيى بن حمزة حدثنى الزبيدى عن عبد الرحمن بن جبير عن ابيه عن ثوبان) ثم ذكره من طريق محمد بن المبارك (حدثنى يحيى بن حمزة بسنده عن ثوبان قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلح هذا اللحم فلم يزل يأكل منه حتى بلغ المدينة زاد أبو مسهر في حجة الوداع) ثم قال (ولا اراها محفوظة) - قلت - قد تقدم في اوائل كتاب الاضحية قول صاحب المستدرك زيادة الثقة مقبولة والمقبرى فوق الثقة وكذا نقول هنا أبو مسهر عبد الاعلى بن مسهر شيخ الشام فوق الثقة قال ابن معين منذ خرجت من باب الانبار إلى أن رجعت لم ار مثله فكيف لا يقبل زيادته هذه ولو كانت غير محفوظة لم يذكرها مسلم في صحيحه وهو اجل من محمد بن المبارك قال ابن معين محمد بن المبارك شيخ الشام بعد أبى مسهر ذكره صاحب الكمال - ]

[ قال (باب الاضحية في السفر) ذكر فيه حديث ثوبان (انه عليه السلام ذبح اضحيته في السفر) الحديث ثم قال (رواه مسلم في الصحيح) - قلت - لفظ مسلم ذبح اضحيته ثم قال يا ثوبان - وليس فيه قوله في السفر وهذا هو مقصود البيهقى الذى عقد الباب لاجله والمتبادر إلى الذهن من قوله (رواه مسلم في الصحيح) ان قوله في السفر في صحيحه وليس الامر كذلك - قال (باب من قال الاضحى جائز يوم النحر وايام منى) ]

[ ذكر فيه حديثا من طريق سليمان بن موسى عن جبير بن مطعم - قلت - سليمان هذا متكلم فيه وحديثه هذا اضطرب اضطرابا كثيرا بينه صاحب الاستذكار وبين البيهقى بعضه في هذا الباب قال (ورواه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف عند بعض اهل النقل (قلت هو ضعيف عند كلهم أو اكثرهم وقد ذكره البيهقى فيما مضى في باب المعتكف يصوم فقال (ضعيف بمرة لا يقبل منه ما ينفرد به) ثم ذكر (عن ابن عباس قال الاضحى ثلاثة ايام بعد يوم النحر) - قلت - في سنده طلحة بن
عمرو الحضرمي ضعفه ابن معين وأبو زرعة والدارقطني وقال احمد متروك ذكره الذهبي في كتاب الضعفاء وقد ذكر الطحاوي في احكام القرآن بسند جيد عن ابن عباس قال الاضحى يومان بعد يوم النحر ]

[ قال (باب من قال الاضحى يوم النحر ويومين بعده) - قلت - لم يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ وقد ذكر البيهقى في هذا الباب عن ثلاثة من الصحابة (أن ايام النحر ثلاثة) وقد تقدم في الباب السابق انه روى عن ابن عباس ايضا وقال الطحاوي في احكام القرآن لم يرو عن احد من الصحابة خلافهم فتعين اتباعهم إذ لا يوجد ذلك الا توقيفا وفى الاستذكار روى ذلك عن على وابن عباس وابن عمر ولم يختلف فيه عن أبى هريرة وأنس وهو الاصح عن ابن عمر وهو مذهب أبى حنيفة والثوري ومالك - وفى نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمع الفقهاء أن التضحية في اليوم الثالث عشر غير جائزة الا الشافعي فانه اجازها فيه - قال (من قال الضحايا إلى آخر الشهر) ]

[ قال في آخره (وفى كلاهما نظر وحديث سليمان بن موسى اولا هما ان يقال به) - قلت - كذا رأيته في هذه النسخة وفى نسخة اخرى جيدة والصواب ان يقال في كليهما - وقول الصحابة الذين لم يرو عن غيرهم من الصحابة خلافه اولى ان يقال به في هذه المسألة كما سبق تقريره والله اعلم - قال (باب العقيقة سنة) ]

[ ذكر في اوله حديث سلمان وسمرة وظاهرهما دليل على وجوبها فهما غير مطابقين لمدعاه - ]

[ قال (باب ما يستدل به على انها على الاختيار) ذكر فيه حديثا (عن عمرو بن شعيب مرسلا انه عليه السلام قال) ثم ذكره من وجه آخر (عن عمرو بن شعيب عن ابيه اراه عن جده) - قلت - اقتصر على هذين الوجهين وللحديث وجه ثالث احسن منهما قال ابن أبى شيبة ثنا عبد الله ابن نمير ثنا داود بن قيس وقال عبد الرزاق انا داود بن قيس سمعت عمرو بن شعيب يحدث عن ابيه عن جده قال سئل
النبي صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال لا احب العقوق الحديث واخرجه النسائي عن احمد بن سليمان هو الرهاوى الحافظ عن أبى نعيم عن داود كذلك - قال (باب ما يعق عن الغلام والجارية) ذكر فيه حديث ابن عيينة عن عبيد الله بن أبى يزيد عن ابيه عن سباع بن ثابت ثم اخرجه من حديث ]

[ حماد بن زيد عن عبيد الله عن سباع ثم قال (قال أبو داود حديث سفيان وهم) - قلت - اعترض صاحب التمهيد على أبى داود فقال لا ادرى من اين قال هذا وابن عيينة حافظ وقد زاد في الاسناد وله عن عبيد الله بن أبى يزيد عن ابيه عن سباع عن ام كرز ثلاثة احاديث ثم قال البيهقى (ورواه المزني عن الشافعي عن سفيان عن عبيد الله عن سباع بن وهب) ثم قال (والمزنى واهم فيه في موضعين احدهما ان سائر الرواة رووه عن ابن عيينة عن عبيد الله عن ابيه والآخر أنهم قالوا سباع بن ثابت ورواه الطحاوي عن المزني في كتاب السنن في احد الموضعين على الصواب كما رواه سائر الناس) - قلت - اخرجه البيهقى في كتاب المعرفة من حديث الطحاوي عن المزني ثنا الشافعي ثنا سفيان عن عبيد الله بن أبى يزيد عن ابيه عن سباع بن ثابت وكذا رويناه في كتاب السنن المذكور من طريق الطحاوي عن المزني من نسخة جيدة قديمة فظهر بهذا أن رواية الطحاوي عن المزني على الصواب في الموضعين معا لا في احدهما كما ذكر البيهقى في هذا الكتاب - ]

[ قال (باب من اقتصر في عقيقة الغلام على شاة) ذكر فيه من حديث ايوب (عن عكرمة عن ابن عباس عق عليه السلام عن الحسن كبشا وعن الحسين كبشا) - قلت - قد اضطرب فيه على عكرمة من وجهين - احدهما - أن ابا حاتم قال روى عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وهو الاصح - الثاني - أن النسائي اخرج من حديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس انه عليه السلام عق عن الحسن والحسين بكبشين كبشين - ]

[ قال (باب التاذين في أذن من يولد) ذكر فيه (انه عليه السلام اذن في أذن الحسن) - قلت - في سنده عاصم بن عبيد الله سكت عنه البيهقى هنا وهو ضعيف
عندهم وقد ضعفه البيهقى ايضا في باب استبانة الخطأ ]

[ قال (باب ما جاء في الرخصة في الجمع بينهما يعنى ابا القاسم ومحمدا) ] ذكر فيه حديث على (ان ولد لى بعدك) الحديث ثم قال (مختلف في وصله) - قلت - اخرجه الترمذي فقال ثنا محمد بن بشار ثنا يحيى القطان ثنا فطر بن خليفة حدثنى منذر الثوري عن ابن الحنفية عن على الحديث ثم صححه الترمذي والسند إلى منذر متصل وصرح البيهقى في روايته بسماع منذر من ابن الحنفية وابن الحنفية سمع عليا فالسند إذا متصل وفطر اخرج له البخاري فيما ذكر صاحب الكمال وأبو الوليد الباجى وباقى السند على شرط الشيخين وإلى جواز التكنى بابى القاسم لمن اسمه محمد ذهب مالك وجمهور السلف وفقهاء الامصار وجمهور العلماء وقد اشتهر جماعة تكنوا بأبى القاسم في العصر الاول وفيما بعد ذلك إلى اليوم مع كثرة فاعلي ذلك وعدم الانكار كذا في شرح مسلم للنووي - ]

[ قال (باب أقروا الطير على اكنانها ذكر فيه الحديث بهذا اللفظ ثم قال (وقال غيره عن سفيان على مكناتها وهى بنصب الكاف ايضا جمع مكان كما بلغني) قلت الوجه ان يقال بفتح الكاف وقد تتبعت كتب اهل الحديث واللغة فلم اجد في شئ منها هذه اللفظة مقيدة بفتح الكاف وليست جمع مكان كما زعم وفى الصحاح المكنة بكسر الكاف واحدة المكن والمكنات وفى الحديث اقروا الطير على مكناتها - ومكناتها بالضم وفى الفائق للزمخشري مكناتها وروى مكناتها المكنات بمعنى الامكنة يقال الناس على مكناتهم وسكناتهم وقيل المكنة من التمكن كالتبعة والطلبة من التتبع والتطلب والمكنات والامكنة ايضا جمع المكان على مكن ثم على مكنات كقولهم حمر وحمرات وصعد وصعدات - قال (باب ما جاء في الفرع والعتيرة) ]

[ ذكر فيه حديثا في آخره (وتكفأ اناءك) ثم قال في آخر الباب (قال أبو عبيد الفرع اول شئ تنتجه الناقة إلى ان قال وقوله خير من ان تكفأ اناءك يقول إذا إذ بحته حين تضعه امه بقيت الام بلا ولد ترضعه فانقطع لذلك لبنها يقول فإذا فعلت ذلك فقد كفأت اناءك واهرقته) - قلت - إذ انقطع اللين أي شئ يبقى منه ولو بقى شئ لماذا يهراق والصواب في معناه ]

[ ما ذكره الخطابى في المعالم فقال وقوله وتكفأ اناءك يريد بالاناء المحلب الذى يحلب فيه يقول إذا ذبحت حوارها انقطعت ]

[ مادة اللبن فترك الاناء مكفوء الا يحلب فيه - قال (باب ما يحرم من جهة ما لا تأكله العرب) ذكر فيه قوله تعالى (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ثم قال (قال الشافعي وانما يكون الطيبات والخبائث عند الآكلين كانوا لها وهم العرب الذين سألوا عن هذا وفيهم نزلت الاحكام - قلت - اعترض أبو بكر الرازي في احكام ]

[ القرآن على الشافعي بما ملخصه انه عليه السلام لم يعتبر هذا بل جعل كونه ذا ناب من السباع وذا مخلب من الطير علما على التحريم فلا يزاد عليه ولا ينقص منه ولان الخطاب بالتحريم لم يختص بالعرب فاعتبار ما يستقذره لا دليل عليه ثم انه ان اعتبر استقذار جميع العرب فجميعهم لم يستقذروا الحيات والعقارب والاسد والذئب والفار، بل الاعراب يستطيبون ]

[ هذه الاشياء وان اعتبر بعضهم ففيه امران - احدهما - ان الخطاب لجميعهم فكيف يعتبر بعضهم - والثانى - لم كان اعتبار البعض المستقذر اولى من اعتبار البعض المستطيب وزعم انه اباح الضبع والثعلب لان العرب كانت تأكله وقد كانت تأكل الغراب والحدأة والاسد إن لم يكن فيهم من يمتنع من ذلك واعتباره ما يعد وعلى الناس ان اراد في سائر احواله فذلك لا يوجد في الغراب والحدأة والحية وقد حرمها والاسد قد لا يعدو إذا شبع وان اراد العدو في بعض الاحوال فالجمل الهائج قد يعدو على الانسان وكذا الثور ولم يعتبر ذلك هو ولا غيره والسنور لا يعدو ثم ذكر البيهقى حديث ام شريك (أمر عليه السلام بقتل الاوزاغ) ثم قال (رواه البخاري في الصحيح عن عبيد الله بن موسى أو عن رجل عن عبيد الله) - قلت هذه العبارة موهمة والبخاري اخرج هذا الحديث في صحيحه في احاديث الانبياء فقال ثنا عبيدالله بن موسى أو ابن سلام عنه فذكره واخرجه في بدء الخلق عن صدقة بن الفضل عن ابن عيينة عن عبد الحميد بن جبير - ]

[ قال (باب ما جاء في الضبع والثعلب)
ذكر فيه حديث ابن أبى عمار عن جابر - قلت - حديث النهى عن كل ذى ناب من السباع صحيح ثابت مشهور مروى من عدة طرق فلا يعارض به حديث الضبع صيد - لانه انفرد به عبد الرحمن بن أبى عمار وليس هو بمشهور بنقل العلم ]

[ ولا ممن يحتج به إذا خالفه من هو اثبت منه كذا قال صاحب التمهيد - فان قيل - فقد رواه البيهقى فيما بعد من طريق عطاء ايضا عن جابر - قلنا - في ذلك الطريق شخصان فيهما كلام وهما حسان بن ابراهيم عن ابراهيم بن ميمون الصائغ اما حسان فقد ذكره النسائي في الضعفاء وقال ليس بالقوى وام الصائغ فقد ذكره الذهبي في كتابه في الضعفاء وقال قال أبو حاتم لا يحتج به وفى مصنف عبد الرزاق عن الثوري عن سهيل بن أبى صالح قال سأل رجل ابن المسيب عن أكل الضبع فنهاه فقال له ان قومك ياكلونها فقال ان قومي لا يعلمون قال سفيان وهذا القول احب إلى قلت لسفيان فاين ما جاء عن عمر وعلى وغيرهما فقال أليس قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذى ناب من السباع فتركها احب إلى وبه يأخد عبد الرزاق واخرج الدارمي من حديث عبد الله بن يزيد السعدى سألت سعيد بن المسيب عن الضبع فقال ان أكلها لا يصلح وهل يأكلها احد فقال شيخ سمعت ابا الدرداء يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذى نهبة وعن كل خلسة وعن كل مجثمة وعن كل ذى ناب من السباع - قال صدقت - وفى الاشراف لابن المنذر قال الاوزاعي كان العلماء بالشام يعدون الضبع من السباع ويكرهون أكلها - ثم ذكر البيهقى (عن عبد الرحمن بن معقل السلمى قال قلت يا رسول الله ما تقول في الضبع فقال لا آكله والا انهى عنه) الحديث ثم قال (روى عن خزيمة بن حزء حديث يوافق حديث السلمى في بعضه ويخالفه في بعضه وفى كلا الاسنادين ضعف) - قلت - ذكر الترمذي حديث خزيمة ولفظه أو يأكل الضبع احد - وذكره ابن ماجه ولفظه ومن يأكل الضبع - وكذا ذكره ابن أبى شيبة في كتابيه المصنف والمسند وكذا في تاريخ البخاري ومعرفة الصحابة لابن منده فظهر بهذا انه غير موافق لحديث السلمي في الضبع الذى عقد البيهقى ]

[ الباب لاجله ثم انه لا ذكر للثعلب في هذا الباب الا في هذين الحديثين وظاهر قوله عليه السلام فيه في حديث السلمى أو يأكل ذلك احد - وفى حديث خزيمة ومن يأكل الثعلب - يقتضى حرمته وظاهر عطف البيهقى الثعلب على الضبع يقتضى حله وكذا نقل ابن حزم في المحلى عن الشافعي انه يبيح الثعلب فالحديثان إذا غير مطابقين لمدعى البيهقى ثم ذكر حديث سلمان (الحلال ما احل الله في القرآن والحرام ما حرم الله في القرآن وما سكت عنه فقد عفا عنه) - قلت - هذا
الحديث روى مرفوعا وموقوفا قال الترمذي وكأن الموقوف اصح ثم انه لا مناسبة لهذا الحديث للباب بخصوصه الا ان يريد البيهقى اباحة الضبع والثعلب لكون القرآن سكت عنهما فان اراد ذلك لزمه اباحة كل ذى ناب من السباع وذى مخلب من الطير - ]

[ قال (باب ما جاء في الضب) ]

[ ذكر فيه حديث (اسمعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبى راشد الحبرانى عن عبد الرحمن بن شبل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اكل الضب) ثم قال (تفرد به ابن عياش وليس بحجة) قلت - ضمضم حمصي وابن عياش إذا روى عن الشاميين كان حديثه صحيحا كذا قال ابن معين والبخاري وغيرهما وكذا قال البيهقى فيما مضى في باب ترك الوضوء من الدم ولهذا اخرج أبو داود هذا الحديث وسكت عنه وهو حسن عنده على ما عرف وقد صحح الترمذي لابن عياش عدة احاديث من روايته عن اهل بلده - منها - حديث لا وصية لوارث - اخرجه من حديث ابن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبى امامة - ومنها - حديث ما ملا آدمى وعاء شرا من بطن - اخرجه من حديث ابن عياش قال حدثنى أبو سلمة الحمصى وحبيب بن صالح عن يحيى بن جابر الطائى عن مقدام بن معد يكرب وحبيب بن صالح شامى ايضا - ]

[ قال (باب بيان ضعف الحديث الذى روى) في النهى عن لحوم الخيل ذكر فيه حديث بقية (حدثنى ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام عن ابيه عن جده عن خالد بن الوليد قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير) ثم ذكره من طريق آخر من حديث الدارقطني وفيه (نهى يوم خيبر) ثم قال (ورواه محمد بن حمير عن ثور عن صالح سمع جده المقدام ورواه عمر بن هارون البلخى عن ثور عن يحيى بن المقدام عن ابيه عن خالد فهذا اسناد مضطرب) ثم ذكر البيهقى (عن البخاري انه قال صالح بن يحيى فيه نظر وعن موسى بن هارون قال لا يعرف صالح بن يحيى ولا ابوه الا بجده وهذا ضعيف قال وزعم الواقدي ان خالدا اسلم
بعد فتح خيبر) - قلت - هذا الحديث اخرجه أبو داود وسكت عنه فهو حسن عنده وقال النسائي انا اسحاق بن ابراهيم اخبرني بقية أخبرني ثور بن يزيد عن صالح فذكره بسنده وقد صرح فيه بقية بالتحديث عن ثور وثور حمصي اخرج له البخاري وغيره وبقية إذا صرح بالتحديث عن ثقة كان السند حجة كذا قال ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي وغيرهم خصوصا إذا كان الذى حدث عنه بقية شاميا قال ابن عدى صاحب الكامل إذا روى بقية عن اهل الشام فهو ثبت - وصالح ذكره ابن جبان في الثقات وابوه يحيى ذكره الذهبي في الكاشف وقال وثق وابوه المقدام بن معد يكرب صحابي فهذا سند جيد كما ترى وقد اخرجه أبو داود من وجه آخر وسكت عنه فقال ثنا عمرو بن عثمان ثنا محمد بن حرب ثنا أبو سلمة يعنى سليمان بن سليم عن صالح بن يحى بن المقدام عن جده المقدام بن معد يكرب عن خالد بن الوليد قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر فأتت اليهود فشكوا ان الناس قد اسرعوا إلى حظائرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لا يحل اموال المعاهدين الا بحقها وحرام عليكم حمر الاهلية وخيلها وبغالها وكل ذى ناب من السباع وكل ذى مخلب من الطير - ورجال هذا السند ثقات ولم يذكر البيهقى سنده إلى محمد بن حمير وعمر بن هارون لينظر في على ان عمر ]

[ ابن هارون متروك ومحمد بن حمير ذكره ابن الجوزى في كتاب الضعفاء وقال قال يعقوب بن سفيان ليس بالقوى فكيف توجب رواية مثل هذين اضطرابا لما رواه اسحاق الحنظلي وغيره عن بقية واختلف في وقت اسلام خالد فقيل هاجر بعد الحديبية وقيل بل كان اسلامه بين الحديبية وخيبر وقيل بل كان اسلامه سنة خمس بعد فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنى قريظة وكانت الحديبية في ذى القعدة سنة ست وخيبر بعدها سنة سبع انتهى كلامه وهذا الحديث يدل على انه شهد خيبر ولو سلم انه اسلم بعدها فغاية ما فيه انه ارسل الحديث ومراسيل الصحابة في حكم الموصول المسند لان روايتهم عن الصحابة كما ذكره ابن الصلاح وغيره - قال (باب لحوم الحمر الاهلية) ]

[ ذكر فيه حديث الحكم وقول جابر أبى ذلك البحر يعنى ابن عباس ثم قال البيهقى (لو علم ابن عباس انه عليه السلام حرمه لم يصر إلى غيره الا انه لم يعلمه) - قلت - قد ورد عنه ما يدل على انه علمه فاخرج الدارمي بسند على شرط الشيخين من حديث مجاهد عن ابن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الاهلية يوم خيبر وقال صاحب التمهيد
لا خلاف بين العلماء في تحريم الحمر الانسية الا ابن عباس وعائشة كانا لا يريان بأكلها بأسا على اختلاف في ذلك عن ابن ]

[ عباس والصحيح عنه فيه ما عليه الناس روى عبيدالله بن موسى عن الثوري عن الاعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الانسية - وقال الطحاوي في احكام القرآن ثنا يونس ثنا ابن وهب حدثنى يحيى بن عبد الله بن سالم عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومى عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الانسية - واخرج صاحب التمهيد من حديث محمد ابن الحنفية عن على انه مر ]

[ بابن عباس وهو يفتى في متعة النساء انه لا بأس بها فقال له على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها وعن لحوم الحمر الاهلية يوم خيبر - واخرج ايضا عن ابن الحنفية قال تكلم على وابن عباس في متعة النساء فقال له على انك امرؤ تائه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الاهلية - ]

[ قال (باب ذكاة ما في بطن الذبيحة) ]

[ ذكر فيه من طرق حديث (ذكاة الجنين ذكاة امه) - قلت - ذكر عبد الحق في الاحكام ان اسانيده لا يحتج بها ولو خرج حيا يجب تذكريته باتفاق العلماء فقد تركوا عمومه ولانه إذا كان حيا ثم مات بموت امه فانه يموت خنقا فهو من ]

[ المنخنقة التى ورد النص بتحريمها والى تحريمه ذهب أبو محمد بن حزم ولم يرض بسند الحديث ثم ذكر البيهقى عن جماعة في قوله تعالى (احلت لكم بهيمة الانعام - انه الجنين) - قلت - يعكر على هذا التفسير الاستثناء في قوله تعالى الا ما يتلى عليكم إذ ليس في الاجنة شئ يستثنى من الاول وقد جاء عن ابن عباس الا ما يتلى عليكم - الخنزير وعن مجاهد الميتة وما ذكر معها وعن الحسن بهيمة الانعام الشاة والبقرة والبعير - ]

[ قال (باب اباحة قطع العروق والكى)
ذكر فيه حديث معمر (عن الزهري عن انس انه عليه السلام كوى اسعد بن زرارة) قلت ذكر أبو عمر في الاستذكار أن حديث اسعد بن زرارة قد روى عن ابن شهاب باسنادين - احدهما - رواه معمر عن ابن شهاب عن انس ولم يروه عن ]

[ ابن شهاب غير معمر وهو عند اهل العلم بالحديث مما اخطأ فيه معمر بالبصرة فيما املاه من حفظه هنا لك والآخر رواه ابن جريج ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبى امامة بن سهل بن حنيف وهو اولى بالصواب عندهم في الاسناد انتهى كلامه ولم يذكر البيهقى الاسناد الثاني - ]

[ قال (باب ادوية النبي صلى الله عليه وسلم) ذكر فيه من حديث زيد بن الحباب (ثنا سفيان الثوري عن أبى اسحاق عن أبى الاحوص عن عبد الله قال عليه السلام عليكم بالشفائين العسل والقرآن ثم قال رفعه غير معروف والصحيح موقوف) إلى آخره - قلت - زيد بن الحباب وثقه ابن ]

[ المدينى وابن معين وغيرهما وقد زاد الرفع فوجب قبوله وقد جاء من وجه آخر مرفوعا اخرجه صاحب المستدرك من ]

[ حديث عبد الله بن محمد بن اسحاق عن أبى الاحوص عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالشفائين الحديث ثم قال صحيح على شرط الشيخين - ]

[ قال (باب من اباح الاستصباح به) أي بالزيت النجس - ذكر فيه حديث (انتفعوا به ولا تأكلوه) ثم قال (وروى عن ابن جريج عن ابن شهاب والطريق إليه غير قوى) ثم ذكره من رواية يحيى بن ايوب عن ابن جريج - قلت - ذكره عبد الحق في احكامه وعلله بيحيى هذا فقال لا يحتج به والظاهر أن البيهقى لاجله جعل هذا الطريق غير قوى وهو ممن احتج بهم الشيخان في صحيحيهما ويعرف بالغافقى المصرى وقد جاء لهذا السند شاهد بسند رجاله ثقات فقال الطحاوي في كتابيه المشكل واختلاف العلماء ثنا فهد ابن سليمان ثنا الحسن بن الربيع ثنا عبد الواحد بن زياد عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن فارة وقعت في سمن فقال ان كان جامدا فخذوها وما حولها فألقوه وان كان ذائبا أو مائعا فاستصبحوا به أو فاستنفعوا به وذكر هذا الحديث صاحب التمهيد ايضا وقد ذكرنا في ابواب البيع القائلين بجواز بيع الزيت النجس والانتفاع به - ]

[ قال (باب ما يحل من الميتة) ذكر فيه قوله تعالى (انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل بن لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه -) ]

[ قال مجاهد غير باغ ولا عاد يقول غير قاطع للسبيل ولا مفارق الائمة ولا خارج في معصية الله تعالى) - قلت - هذا التفسير يقتضى أن العاصى لا يأكل الميتة حال المخمصة وليس كذلك على ما قدمنا في باب لا تخفيف عمن كان سفره في معصية وقد بسطنا الكلام على هذه الآية هناك وذكرنا من خالف مجاهدا في تفسيرها ثم ذكر البيهقى حديث أبى واقد (ان رجلا قال يا رسول الله انا نكون بالارض فتصيبنا بها المخمصة فمتى تحل لنا الميتة فقال ما لم يصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفئوا بها بقلا فشأنكم قال أبو عبيد هو من الحفأ وهو مهموز مقصور وهو اصل البردى الابيض الرطب وهو يؤكل فقوله تحتفئوا يقول ما لم تقتلعوا هذا بعينه فتأكلوه) - قلت - ذكر الهروي في الغريبين هذا القول ثم قال قال أبو سعيد صوابه تحتفوا بها ]

[ بقلا مخفف الفاء وكل شئ استؤصل فقد احتفى ومنه احفاء الشعر ويقال احتفى الرجل يحتفى إذا أخذ من وجه الارض باطراف اصابعه ومن قال تحتفئوا بالهمز من الحفأ فباطل لان البردى ليس من البقل والبقول ما ينبت من العشب على وجه الارض مما لا عرق له ولا بردى في بلاد العرب - وذكر الزمخشري في الفائق الحديث ثم قال الاحتفاء اقتلاع الحفأ وهو البردى وقيل اصله، فاستعير لاقتلاع البقل وروى تحتفوا من احتفى القوم المرعى إذا رعوه وقلعوه وروى تحتفوا من احتفاف النبت وهو جزه وحفت المرأة وجهها واحتفت وروى تجتفئوا بالجيم من اجتفأت الشئ إذا قلعته ورميت به ومنه الجفاء وروى تختفوا بالخاء من اختفيت الشئ إذا اخرجته والمختفي النباش - ]

[ قال (باب ما جاء فيمن مر بحائط انسان) ]
فشأنكم قال أبو عبيد هو من الحفأ وهو مهموز مقصور وهو اصل البردى الابيض الرطب وهو يؤكل فقوله تحتفئوا يقول ما لم تقتلعوا هذا بعينه فتأكلوه) - قلت - ذكر الهروي في الغريبين هذا القول ثم قال قال أبو سعيد صوابه تحتفوا بها ]

[ بقلا مخفف الفاء وكل شئ استؤصل فقد احتفى ومنه احفاء الشعر ويقال احتفى الرجل يحتفى إذا أخذ من وجه الارض باطراف اصابعه ومن قال تحتفئوا بالهمز من الحفأ فباطل لان البردى ليس من البقل والبقول ما ينبت من العشب على وجه الارض مما لا عرق له ولا بردى في بلاد العرب - وذكر الزمخشري في الفائق الحديث ثم قال الاحتفاء اقتلاع الحفأ وهو البردى وقيل اصله، فاستعير لاقتلاع البقل وروى تحتفوا من احتفى القوم المرعى إذا رعوه وقلعوه وروى تحتفوا من احتفاف النبت وهو جزه وحفت المرأة وجهها واحتفت وروى تجتفئوا بالجيم من اجتفأت الشئ إذا قلعته ورميت به ومنه الجفاء وروى تختفوا بالخاء من اختفيت الشئ إذا اخرجته والمختفي النباش - ]

[ قال (باب ما جاء فيمن مر بحائط انسان) ]

[ ذكر فيه (ان الشافعي قال روى فيه حديث لو كان يثبت مثله عندنا لم نخالفه) ثم ذكره البيهقى وتكلم عليه ثم قال (وقد روى من اوجه اخر ليست بقوية) ثم ذكر منها حديثا عن الحسن عن سمرة ثم قال (احاديث الحسن عن سمرة لا يثبتها بعض الحفاظ) - قلت - قد قدمنا في باب النهى عن بيع الحيوان بالحيوان ما على هذا ثم ذكر البيهقى من حديث ]

[ يزيد بن هارون عن الجريرى عن أبى نضرة عن أبى سعيد ثم علله بان (يزيد روى عن الجريرى بعد اختلاطه) ثم قال (ورواه حماد بن سلمة عن الجريرى وليس بالقوى) - قلت - هذا الحديث اخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق يزيد بن هارون وكذا اخرجه ابن ماجه في سننه وحماد بن سلمة اخرج له مسلم وذكره أبو الوليد الباجى في رجال البخاري وقد قدمنا في باب من صلى وفى ثوبه أو نعله اذى ثناء العلماء عليه وقال العجلى روى عن الجريرى في الاختلاط يزيد بن هارون وابن المبارك وابن أبى عدى وكل ما روى عنه مثل هؤلاء الصغار فهو مختلط وانما الصحيح حماد بن سلمة وابن علية وعبد الاعلى من اصحهم سماعا منه - ]

الجوهر النقي - المارديني ج 10
الجوهر النقي
المارديني ج 10

ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا الجزء العاشر الجوهر النقي للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير بابن التركماني المتوفي سنة خمس وأربعين وسبع مائة دار الفكر

قال (باب ما جاء في أكل الطين) ذكر فيه حديث (من انهمك في أكل الطين فقد اعان على قتل نفسه) وفى سنده عبد الله بن مروان فقال (مجهول) - قلت هو معروف الحال قال صاحب الميزان قال ابن عدى احاديثه فيها نظر وقال ابن حبان يلزق المتون الصحاح بطرق اخر لا يحل الاحتجاج به - ثم ذكر البيهقى الحديث من وجه آخر ولفظه (من أكل الطين فكأنما اعان على قتل نفسه) وفى سنده عبد الملك بن مهران فذكر (عن ابن عدى انه مجهول) - قلت - روى عنه بقية وسهل بن عبد الله المروزى قال العقيلى

صاحب مناكير غلب عليه الوهم لا يقيم شيئا من الحديث ثم قال البيهقى (هذا لو صح لم يدل على التحريم وانما يدل على كراهية الاكثار منه) - قلت - بل هو دال على التحريم لان الاعانة على قتل النفس محرمة فكذا هذا ولهذا قطع صاحب المهذب وغيره بتحريم أكل التراب كذا قال النووي في الروضة وما ذكره البيهقى في آخر هذا الباب عن مالك يدل على ذلك ثم انه في الوجه الثاني علق الامر على مطلق الاكل من غير قيد الاكثار منه -

قال (باب ما جاء في المسابقة بالعدو)

ذكر فيه مسابقة النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة من حديث أبى اسحق الفزارى (عن هشام بن أبى سلمة عن عائشة) ثم اخرجه من وجه آخر عن الفزارى عن هشام عن ابيه وأبى سلمة عن عائشة ثم قال (ورواه أبو اسامة عن هشام عن رجل
عن أبى سلمة عن عائشة ورواه جرير عن هشام عن ابيه عن عائشة) - قلت - وكذلك اخرجه النسائي من حديث أبى اسحق الفزارى عن هشام عن ابيه عن عائشة وكذلك اخرجه النسائي وابن ماجه من طريق سفيان بن عيينة عن هشام عن ابيه عن عائشة فينبغي ان يكون هذا هو الصواب لاجتماع عدة من الرواة عليه ويحتمل انه سمع الحديث من ابيه ومن أبى سلمة - قال (باب ما جاء في المصارعة) ذكر فيه حديث سعيد بن جبير (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبطحاء فاتى عليه يزيد بن ركانة أو ركانة بن يزيد فقال يا محمد هل لك ان تصارعني) الحديث ثم قال (مرسل جيد) - قلت - الذى في كتب اهل هذا الشان ركانة بن عبد يزيد وليس في شئ منها فيما علمت يزيد بن ركانة ولا ركانة بن يزيد وكيف يكون جيدا وفى سنده حماد بن سلمة قال فيه البيهقى في باب من مر بحائط انسان (ليس بالقوى) وفى باب من صلى وفى ثوبه أو نعله اذى (مختلف في عدالته) وركانة هذا هو طلق امرأته سهيمة البتة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما اردت الحديث -

قال (باب الرجلين يستبقان بفرسيهما إلى آخره) ذكر فيه حديث أبى هريرة (من ادخل فرسا بين فرسين) الحديث من وجهين ثم قال (تفرد به سفيان بن حسين وسعيد ابن بشير عن الزهري واخرجهما أبو داود) - قلت - ففى تفردهما به ثلاث علل - الاولى - انه تكلم فيهما قال البيهقى في باب الدابة تنفح برجلها (سفيان بن حسين ضعيف الحديث عن الزهري قاله يحيى بن معين) وقال ابن معين سعيد بن بشير ليس بشئ وضعفه احمد والنسائي وقال ابن نمير منكر الحديث ليس بشئ - الثانية - ان أبا داود قال بعد اخراجه للحديث من الوجهين رواه معمر وشعيب وعقيل من الزهري عن رجال من اهل العلم وهذا اصح عندنا - الثالثة - ان ابن أبى حاتم قال في كتاب العلل سألت أبى عن حديث سفيان بن حسين فقال خطأ لم يعمل سفيان شيئا لا يشبه ان يكون عن النبي صلى الله عليه وسلم واحسن احواله ان يكون قول سعيد فقد رواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قوله -

قال (باب النهى عن التحريش بين البهائم) ذكر ذلك من حديث الاعمش (عن أبى يحيى عن مجاهد عن ابن عباس عنه عليه السلام) ثم قال (وكذلك روى عن شريك عن الاعمش) - قلت - اخرج الترمذي هذا الحديث بالسند الاول عن الاعمش ثم قال وروى شريك هذا
الحديث عن الاعمش عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ولم يذكر فيه عن أبى يحيى وهذا مخالف لما ذكره البيهقى عن شريك - قال (باب كراهية انزاء الحمر على الحيل)

ذكر فيه حديث سفيان (عن أبى جهضم عن عبيد الله عن ابن عباس امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باسباغ الوضوء الحديث) ثم قال (كذا قال الثوري عبيد الله وانما هو عبد الله بن عبيد الله بن عباس كذا رواه حماد بن زيد) - قلت - في اطراف المزى رواه محمد بن عيسى بن الطباع وغيره عن حماد بن زيد كرواية الثوري -

قال (باب من كره الايمان بالله الا فيما كان طاعة) ذكر فيه حديثا ثم قال (كذا رواه بشار بن كدام وهو اخو مسعر) - قلت - بشار هذا ضعفه أبو زرعة وذكر عبد الغنى

المقدسي في الكمال ان الدار قطني قال قال البخاري هو اخو مسعر ولم يصنع شيئا قال قال لنا أبو العباس بن سعد ليس بينه وبين مسعر نسب هو من بنى سليم ومسعر من بنى هلال

قال (باب ما جاء في اليمين الغموس)

ذكر فيه قول الشافعي (فان قيل وما الحجة في ان لا يكفر (1) يعنى في الغموس وقد عمد الباطل قيل وقد اقر بها قول النبي صلى الله عليه وسلم فليأت الذى هو خير وليكفر عن يمينه فقد امره ان يعمد إلى الحنث) - قلت - اوجب الله الكفارة في اليمين المعقودة على مستقبل يمكن فيه الحنث والبر والغموس ليست كذلك لانها على ماض ليس فيه على امر ينتظر فيه الحنث أو البر وقوله عليه السلام فليأت الذى هو خير - ورد فيمن سبق منه يمين منعقدة يجب عليه الكفارة إذا حنث فيها بالنص ولما كانت على معصية امره الشارع بالحنث فيها فعمد الحنث فيها مأمور به وعمد الغموس منهى عنه فكيف يقاس على تلك -
__________
(1) كذا

ثم ذكر البيهقى حديثا من رواية عبيدة عن ابن الزبير ثم قال (وعبيدة مات قبل ابن الزبير فيما زعم اهل التواريخ يتسع سنين فتبعد روايته عنه) - قلت - المشهور عند اهل التواريخ خلاف هذا توفى ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين وقيل اثنتين وسبعين وقال الكلاباذى قال عمرو بن على مات عبيدة سنة اثنتين وسبعين وقال ابن نمير مثله وقال أبو عيسى سنة ثلاث وسبعين وقال السمعاني في الانساب سنة اثنين أو ثلاث وسبعين وكذا ذكر أبو الوليد الباجى في كتابه على رجال البخاري عن أبى نعيم وعلى تقدير تسليم أنه مات قبل ابن الزبير بالمدة المذكورة فهو لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم فلا يبعد أن يروى عمن لقيه صلى الله عليه وسلم وان مات هو قبله على ان صاحب الكمال قد صرح بسماعه من ابن الزبير

ثم ذكر البيهقى عن عبثر عن ليث عن ابراهيم عن علقمة عن ابن مسعود (قال الايمان اربعة) إلى آخره ثم قال (رواه الثوري عن ليث عن زياد بن كليب عن ابراهيم من قوله وهو اشبه) - قلت - بل الاول اشبه لان عبثر ثقة روى له الجماعة وقد زاد في السند ويشهد له ما ذكره البيهقى بعد من رواية ابى العالية عن ابن مسعود وذكر أبو عمر في التمهيد ان عامة العلماء على مذهب ابن مسعود في أنه لا كفارة في الغموس وفى الاشرف لابن المنذر قال الحسن إذا حلف على امر كاذبا يتعمده فليس فيه كفارة وبه قال مالك والاوزاعي والثوري ومن تبعهم من اهل المدينة والشام والعراق واحمد واسحاق وأبو ثور واصحاب الحديث واصحاب الرأى وقال الشافعي فيها الكفارة ولا نعلم خبرا يدل على ذلك والكتاب والسنة دالة على الاول واليمين التى يقتطع بها مال حرام اعظم من ان تكفر - قال (باب قوله أقسم أو اقسمت)

قلت - ذكر الطحاوي عن الشافعي ان اقسم ليس بيمين وعن أبى حنيفة وصاحبيه انه يمين والدليل على ذلك قوله تعالى (فلا اقسم بمواقع النجوم) ثم قال تعالى (وانه لقسم) فدل على ان قول القائل اقسم يمين وان لم يقل بالله وقال تعالى (إذ اقسموا ليصر منها مصبحين ولا يستثنون) - ولو لم يكن يمينا لم يكن فيه ثنيا فدل ذلك على انه لا فرق بين احلف واحلف بالله واقسم واقسم بالله) وذكر البيهقى في اول هذا الباب (ان رجلا رأى ظلة ينطف منها السمن والعسل) إلى آخره
(وان ابا بكر رضى الله عنه عبرها وانه عليه السلام قال له اصبت بعضا واخطأت بعضا قال اقسمت لتحدثني بالذى اخطأت فقال عليه السلام لا تقسم) - قلت - ذكر القرطبى في شرح مسلم ان قوله لا تقسم مع انه قد اقسم معناه لا تعد في القسم ففيه ما يدل على ان أمر النبي صلى الله عليه وسلم بابرار القسم ليس بواجب وانما هو مندوب إليه إذا لم يعارضه ما هو اولى منه انتهى كلامه وظاهر هذا انه عليه السلام جعل قول أبى بكر اقسمت يمينا وهو خلاف مذهب البيهقى ومدعاه يدل عليه ان ابا داود ذكر هذا الحديث في سننه في باب ما جاء فيما يكون القسم يمينا وقال الخطابى في المعالم لو لا انه يمين ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تقسم -

ثم ذكر البيهقى عن ابن عباس في قوله اقسم (قال لا يكون يمينا حتى يقول اقسم بالله) إلى آخره ثم قال (وروى ذلك عن الحسن البصري من قوله) - قلت - قد جاء عن الحسن خلاف هذا فروى الطحاوي بسند جيد عنه انه كان يقول اقسمت واقسمت بالله سواء انما لقسم بالله أي قوله اقسمت وان لم يقل بالله كقوله اقسمت بالله والاثر الذى ذكره البيهقى عن ابن عباس في سنده رشدين بن كريب ضعفه الدار قطني وغيره وقال البخاري منكر الحديث وقد روى عن ابن عباس ايضا خلاف هذا قال الطحاوي روينا عن ابن عباس وابن عمر قالا القسم يمين ولم يقولا القسم بالله فدل على ان مذهبهما كمذهب الحسن - قال (باب ما جاء في ابرار القسم - 1)
__________
(1) كذا

ذكر فيه حديث أبى الزاهريه وراشد بن سعد (عن عائشة اهدت لها امرأة تمرا) الحديث ثم قال (مرسل اورده أبو داود في المراسيل) - قلت - اورده أبو داود في المراسيل من مرسل أبى الزاهرية وراشد عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا ذكر المزى في اطرافه والبيهقي اورده من حديثهما عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وراشد سمع معاوية وشهد معه صفين وسمع ايضا ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك عبد الغنى المقدسي في الكمال وثوبان توفى سنة خمس واربعين وقيل سنة اربع وخمسين فلا مانع من سماعه اعني راشدا من عائشة فلا نسلم ان الحديث مرسل - قال (باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى) كالعزة والقدرة إلى آخره

ذكر فيه حديث أبى هريرة في الشفاعة وفيه (فيقول الله تعالى فهل عسيت ان فعلت ذلك ان تسأل غير ذلك فيقول لا وعزتك) الحديث ثم قال (رواه البخاري في الصحيح عن أبى اليمان قال البخاري وقال ايوب النبي صلى الله عليه وسلم وعزتك لاغنى عن بركتك) - قلت - جعله من تعليقات البخاري وقد اخرجه في كتاب الطهارة عن اسحاق بن

نصر ثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم - كذا ذكره المزى في اطرافه ولفظ الحديث في ذلك الموضع بلى وعزتك ولكن لاغنى بى عن بركتك فلا ضرورة إلى جعل البيهقى الحديث من تعليقات البخاري مع انه قد اخرجه متصلا -

قال (باب من قال وايم الله) قال في آخره (وروينا في حديث أبى قتادة قول أبى بكر الصديق لاها الله إذا) - قلت - ذكر هذا الحديث في باب وايم الله ليس بجيد إذ معنى لاها الله لا والله يجعلون الهاء مكان الواو قاله الخطابى وغيره -

قال (باب من قال على نذر ولم يسم شيئا) ذكر فيه حديث عقبة بن عامر (كفارة النذر كفارة اليمين) ثم قال (وذلك محمول عندنا على نذر اللجاج الذى يخرج مخرج الايمان) - قلت - هذا التقييد يحتاج إلى دليل وذكر النووي في شرح مسلم ان مالكا وكثيرين أو الاكثر حملوا الحديث على النذر المطلق كقوله على نذر - وذكر ابن رشد في القواعد ان الجمهور اوجبوا في النذر المطلق الكفارة مصيرا إلى هذا الحديث - وفى شرح مسلم للقرطبي قوله كفارة النذر كفارة اليمين يعينى به النذر الذى لم يسم مخرجه بدليل ما رواه أبو داود من حديث ابن عباس من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة اليمين - فقيد في هذا الحديث ما اطلقه في حديث عقبة وقد اخرج ابن ماجه والطحاوى حديث عقبة ايضا مقيدا كذلك وقال صاحب الاستذكار هو اعلى ما روى في ذلك واجل ثم ذكر البيهقى حديث ابن عباس المذكور ثم قال (قال أبو داود ورواه وكيع عن عبد الله بن سعيد بن أبى هند وقفه على ابن عباس) - قلت - لفظ أبى داود رواه وكيع وغيره عن عبد الله بن سعيد وقفوه على ابن عباس -

قال (باب الاستثناء في اليمين)

ذكر في آخره حديثا عن معاذ ثم قال (تفرد به حميد بن مالك وهو مجهول) - قلت - تقدم الكلام عليه في باب الاستثناء في الطلاق - قال (باب الحالف يسكت بين يمينه واستثنائه سكتة) يسيرة لانقطاع صوت أو أخذ نفس

ذكر فيه حديث (والله لاغزون قريشا) ثم ذكر (ان ابن عباس كان يرى الاستثناء ولو بعد حين) - قلت - هذا غير مناسب للباب وكذا الحديث لانه عليه السلام لم يسكت سكتة يسيرة بل سكت ساعة كما صرح به في الحديث ولهذا احتاج البيهقى إلى تأويله فأوله بما ذكره فظهر بهذا ان البيهقى لم يذكر في هذا الباب شيئا يناسبه -

قال (باب من حلف على شئ وهو يرى انه صادق) قلت - في التمهيد لابن عبد البر قال المروزى ان كان الحالف انه فعل أو لم يفعل عند نفسه صادقا يرى انه على ما حلف

فلا اثم عليه عند مالك وسفيان واصحاب الرأى واحمد وقال الشافعي لا اثم عليه وعليه الكفارة - قال المروزى وليس قول الشافعي في هذا بالقوى - قال (باب الكفارة بعد الحنث) قلت - احاديث هذا الباب قدم فيها الحنث وعطف عليه الكفارة بالواو واحاديث الباب الذى بعده بالعكس والواو لا يقتضى الترتيب فليس فيها دليل على تقديم الكفارة ولا تقديم الحنث فعلم انها ليست بمطابقة للبابين نعم الحديث الذى ذكره

في الباب الذى بعد هذا الباب من طريق أبى داود عن قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة ولفظه (فكفر عن يمينك
ثم ائت الذى هو خير) يدل على تقديم الكفارة لان ثم تقتضي الترتيب الا ان هذا الحديث رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة بالواو ولم يذكر احد منهم ثم وكذا اكثر اصحاب الحسن رووا عنه حديث عبد الرحمن بن سمرة بالواو فكان روايتهم اولى مع اعتضادها برواية بقية الصحابة رضى الله عنهم على ان قتادة ايضا اختلف عنه فرواه النسائي في سننه بسنده عنه عن الحسن عن عبد الرحمن ولفظه وائت الذى هو خير - بالواو - قال (باب الكفارة قبل الحنث)

حكى فيه (عن الشافعي قال ان كفر قبل الحنث بالطعام رجوت ان يجزى عنه وذلك انا نزعم ان لله حقا على العباد في انفسهم واموالهم فالذي في اموالهم إذا قدموه اجزأ واصله انه عليه السلام تسلف من العباس صدقة عام وان المسلمين قدموا صدقة الفطر) - قلت - بحث معه الطحاوي بما ملخصه انه لم يجز تعجيل الصيام فكذا بقية الكفارات إذ الكفارة بالكفارة اشبه منها بالزكاة ولئن شبه الاطعام بالزكاة فمن اين جوز تقديم العتق ولا اصل له يرده إليه ولو اعتق قبل ان يظاهر لم يجز عنده ولا عند غيره لوجب ان يرد رقبة اليمين إلى هذه الرقبة - فان قال - لم يظاهر بعد - قلت ولم يحنث بعد والنكاح سبب للظهار

للظهار كما ان الحلف سبب لليمين ولا فرق بينهما انتهى كلامه - ولان الكفارة للتغطية ولم يوجد معنى يصح ان يكون الكفارة تغطية له ولان قوله فليكفر امر وظاهره للوجوب والكفارة لا تجب الا بعد الحنث ولان الكفارة اسم لجميع انواعها فبعد الحنث يمكن حمل اللفظ على جميعها وقبل الحنث خصص الشافعي اللفظ ببعضها فترك الظاهر من ثلاثة اوجه، احدها تسميتها كفارة وليس هناك ما يكفر، والثانى صرف الامر عن الوجوب إلى الجواز، والثالث تخصيص التكفير ببعض الانواع وإذا قدمنا الحنث سلمنا من ذلك كله ويجعل ثم في الرواية التى لفظها فليكفر عن يمينه ثم ليأت الذى هو خير بمعنى الواو كقوله تعالى (فك رقبة) إلى ان قال تعالى (ثم كان من الذين آمنوا) إذ الايمان يتقدم على هذه الافعال ثم ان حولان الحول شرط لوجوب الزكاة والسبب هو النصاب فلذلك جاز تقديم الزكاة على الحول لوجود السبب

بخلاف كفارة اليمين لان سببها هو الحنث فلذلك لم يجز تقديمها على الحنث وليست اليمين سببا بدليل انه لوبر في يمينه لم يكن عليه كفارة مع وجود اليمين وايضا فاليمين لا تبقى على الحنث ولا يجوز أن يكون سبب الشئ مالا يبقى معه وايضا فاليمين
تضاد الحنث لان الحنث يوجب حل اليمين وضد الشئ لا يكون سببا له -

قال (باب ما جاء في ولد الزنا)

(قال فيه - وقد روى عن أبى سليمان الشامي وهو برد بن سنان عن الزهري عن عائشة مرسلا في اعتاق ولد الزنا) قلت برد هذا كنية أبو العلاء ولم اجد احدا كناه بابى سليمان وليس في الكتب المشهورة احد يقال له برد بن سنان أبو سليمان الشامي -

قال (باب التتابع في الصوم) قلت - مقتضى ما ذكره البيهقى في هذا الباب اشتراط التتابع واصح القولين في مذهب الشافعي انه يجزئ الصوم متفرقا وذكر الطحاوي في احكام القرآن عن المزني قال قال الشافعي كل صوم ليس بمشروط التتابع في كتاب الله تعالى اجزأ متفرقا قياسا على قوله تعالى (فعدة من ايام أخر) - وقال في كتاب الصيام صيام كفارة اليمين متتابع قال المزني هذا له الزم لانه تعالى شرط التتابع في صوم كفارة الظهار وهذا كفارة مثله كما شبه الشافعي رقية الظهار في اشتراط الايمان برقبة القتل لانهما كفارتان فكذا قياس كفارة اليمين على كفارة الظهار اشبه من قياسها على قضاء رمضان لانها ليست بكفارة - قال (باب من حنث ناسيا ليمينه أو مكرها عليه)

ذكر فيه قوله تعالى (الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان) ثم ذكر حديث ابن عباس (تجاوز الله عن امتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) ثم ذكر حديث عائشة (لا طلاق ولا عتاق في اغلاق) قلت - الآية وردت في الاكراه على الكفر وقد قدمنا في باب طلاق المكره الفرق بين الكفر وغيره وتكلمنا هناك على الحديثين وذكرنا ان الشافعي لم يعمل بحديث ابن عباس حيث حنث في الحكم من حلف بالطلاق على امر لا يفعله ففعله ناسيا وقد اخرج مسلم عن حذيفة بن اليمان قال ما منعنى ان اشهد بدرا الا أنى خرجت انا وأبى الحسيل فأخذنا كفار قريش فقالوا انكم تريدون محمدا قلنا ما نريده ولا نريد الا المدينة فأخذ واعهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه
الخبر فقال انصر فانفى بعهدهم ونستعين الله عليهم - وفيه دليل على ان اليمين على الاكراه تلزم كما تلزم على الطواعية ذكره الطحاوي وهذا الحديث ذكرناه في باب طلاق المكره مختصرا -

قال (باب من حلف لا يأكل خبزا بادم إلى آخره)

ذكر فيه حديث عائشة (نعم الادام الحل) ثم قال (رواه مسلم) ثم اخرج نحوه من حديث جابر ثم قال (رواه مسلم) واخرجه ايضا من حديث عائشة - قلت - هذا تكرار محض لا فائدة فيه ثم ذكر من حديث محمد بن أبى يحيى (عن يزيد ابن أبى امية الاعور عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم اخذ كسرة) الحديث - قلت - اختلف فيه على ابن أبى يحيى فذكر المزى في اطرافه ان عمرو بن محمد الناقد ومحمد بن يحيى بن كثير الحرانى روياه عن عبد الغفار عن يحيى بن العلاء المدنى وهو الذى يقال له الرازي عن محمد بن أبى يحيى الاسلمي عن يوسف بن عبد الله سلام عن ابيه -

قال (باب من حلف ليضر بن عبده مائة سوط فجمعها) ذكر فيه حديث أبى امامة (عن بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان رجلا اشتكى حتى اضنى فوقع على جارية) قلت - ذكر البيهقى هذا الحديث في كتاب الحدود في باب الضرير في خلقته لا من مرض يصيب الحد ذكر فيه اختلافا وقد تكلمنا عليه هناك -

قال (باب من جعل فيه كفارة يمين أي في النذر بمعصية)

ذكر فيه حديثا من رواية الحسن عن عمران بن حصين ثم ذكر (عن ابن المدينى انه لم يصح للحسن سماع منه) - قلت - ذكر البيهقى فيما مضى في باب لا تفريط على من نام عن صلاة أو نسيها حديث زائدة بن قدامة (عن هشام عن الحسن ان عمران

ابن حصين حدثه) فذكر معناه يعنى حديث تعريسهم آخر الليل فقد صرح في هذا الحديث بأن عمران حدث الحسن ولم يتعرض البيهقى لهذا الحديث بشئ واخرجه الحاكم في المستدرك وصحح اسناده واخرجه ايضا ابن خزيمة في صحيحه وقال صاحب الالمام ورواه الطبراني من حديث زائدة عن هشام ورجال اسناده ثقات وذكر ابن حبان في صحيحه حديث الحسن عن سمرة بن جندب سكتتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لعمران بن حصين فقال حفظنا سكتة إلى آخره ثم قال ابن حبان سمع الحسن من عمران هذا الخبر وقال صاحب المستدرك سمع الحسن من عمران واخرج روايته عنه وقال في كتاب اللباس مشايخنا وان اختلفوا في سماع الحسن من عمران فان اكثرهم على انه سمع منه وذكر صاحب الكمال انه سمع منه وكذا قال ابن حبان ثم ذكر حديثا في سنده الهياج فقال (مختلف في اسمه فقيل هكذا وقيل حبان) - قلت - هو في الكتب المشهورة بايدينا هياج من غير اختلاف وهو ثقة وثقة محمد بن سعد وذكره ابن حبان في ثقات التابعين وفى جامع الترمذي وقال قوم من اهل العلم من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم لا نذر في معصية وكفارته كفارة اليمين انتهى كلامه - ويدل لهذا المذهب ما ذكره البيهقى في الباب الذى يلى هذا الباب وصحح سنده عن ابن عباس انه قال للمرأة التى نذرت ان تنحر ابنها لا تنحري ابنك وكفرى عن يمينك - وذكر البيهقى قبل هذا الباب وبعده حديث مالك عن طلحة عن القاسم عن عائشة واخرجه الطحاوي في كتاب المشكل من حديث حفص بن غياث عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة وزاد في آخره قال حفص وسمعت ابن مجبر وهو عن عبيد الله يذكره عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه يكفر عن يمينه وذكر عبد الحق في الاحكام هذه الزيادة عن الطحاوي ثم قال وعند أبى داود في هذا الحديث انه عليه السلام قال لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين - وحديث الطحاوي احسن اسنادا من حديث أبى داود واصح وذكر ابن القطان ان ابن مجبر هو عبد الرحمن بن مجبر بن عبد الرحمن ابن عمر بن الخطاب قال وهو ثقة وذكر البيهقى بعد في باب الهدى إذا ركب حديث عقبة بن عامر (نذرت اختى ان تحج ماشية غير مختمرة) وفى آخره (مر اختك فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة ايام) واخرجه الترمذي وقال حديث حسن واخرجه أبو داود ورجال اسناده ثقات خلا عبيد الله بن زحر فانه متكلم فيه وقد اخرج له الحاكم في المستدرك ولم يضعفه

البيهقى في كتابه هذا في موضع من المواضع بل قد حكى في باب المغنيات (عن البخاري انه وثقه) وذكر الترمذي ايضا في العلل توثيقه عن البخاري وقال الطحاوي في كتاب المشكل ثنا يونس انا ابن وهب انا حيى بن عبد الله المعافرى عن أبى
عبد الرحمن الحبلى عن عقبة بن عامر ان اخته نذرت ان تمشى إلى الكعبة حافية غير مختمرة فذكر ذلك عقبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مر اختك فلتركب ولتختمر ولتصم ثلاثة ايام - وحيى قال فيه ابن معين ليس به بأس واخرج له الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وذكره في الثقات من اتباع التابعين قال الطحاوي كشف وجهها حرام فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكفارة لمنع الشريعة اياها منه ثم ذكره الطحاوي من وجه آخر وفيه نذرت ان تحج ماشية ناشرة شعرها فقال لتركب ولتصم ثلاثة ايام - قال (باب من نذر ان يذبح ابنه أو نفسه)

قلت - في الحلافيات للبيهقي لو قال ان شفى الله مرضى فالله على ان انحر ولدى لم ينفذ نذره ثم ذكر قولا آخر انه يلزمه كفارة يمين قال والآثار تدل على ذلك وقال أبو حنيفة ومحمد يلزمه ذبح شاة انتهى كلامه يدل للقول الاخير أن الله تعالى امرنا

بالاقتداء بابراهيم عليه السلام وهو قد امر بذبح ولده فخرج عن موجبه بشاة والنذر واجب بالامر والسلف اتفقوا على وجوب شئ واختلفوا في قدره فمن لم يوجب شيئا فقد خالف جميعهم -

قال (باب الهدى فيما ركب) ذكر فيه من طريقين (عن عكرمة عن ابن عباس أن اخت عقبة نذرت ان تحج ماشية وانها لا تطيق ذلك فقال عليه السلام فلتركب ولتهد بدنة) ثم ذكره من طرق وليس فيما ذكر الهدى - قلت - اخرج أبو داود الحديث من الطريقين الاولين

وسندهما على شرط الصحيح وسكوت من سكت ليس بحجة على من ذكر - ثم ذكر البيهقى من طريق شريك (عن محمد ابن عبد الرحمن عن كريب عن ابن عباس قال رجل يا رسول الله ان اختى نذرت ان تحج ماشية فقال ان الله لا يصنع بشقاء اختك شيئا لتحج راكبة ثم تكفر عن يمينها) ثم قال البيهقى (تفرد به شريك القاضى) - قلت - اخرجه الحاكم في المستدرك

وقال صحيح على شرط مسلم ثم ذكر البيهقى حديثا من رواية الحسن عن عمران بن حصين ثم قال (لا يصح سماع الحسن
من عمران) - قلت - قد قدمنا قريبا في باب من جعل في النذر بمعصية كفارة الاستدلال على صحة سماع الحسن من عمران -

قال (باب من نذر المشى إلى مسجد المدينة) أو مسجد بيت المقدس (ذكر فيه حديث لا تشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد) - قلت - ظاهره انه يلزمه المشى وحكى صاحب الاسنذكار عن مالك والشافعي انهما يقولان يمضى راكبا إلى بيت المقدس فيصلى فيه - قال (باب من لم يرو جوبه بالنذر)

ذكر فيه حديث أبى هريرة (صلاة في مسجدي هذا خير من الف صلاة فيما سواه) إلى آخره ثم قال (رواه البخاري) قلت - اقتصار البيهقى على البخاري يوهم ان مسلما لم يخرجه وليس الامر كذلك بل قد اخرجه مسلم في المناسك وقد ذكره البيهقى فيما مضى في باب فضل الصلاة في مسجد المدينة في اواخر الحج وعزاه إلى البخاري ومسلم - قال (باب من نذر أن ينحر بغيرها أي بغير مكة)

ذكر فيه حديث ميمونة بنت كردم ثم قال (رواه أبو داود عن الحسن بن على عن يزيد) - قلت - رواه أبو داود عن الحسن بن على ومحمد بن المثنى كلاهما عن يزيد بن هارون -

قال (باب فضل من ابتلى بشئ من الاعمال)

ذكر فيه حديث (ان الله مع القاضى ما لم يجر) من طريق عمران القطان عن حسين المعلم عن أبى اسحاق الشيباني - قلت - حسين العلم هو ابن ذكوان وقد اخرج ابن ماجه هذا الحديث من طريق عمران القطان عن حسين ابن عمران عن الشيباني -

قال (باب كراهية طلب الامارة والقضاء)

ذكر فيه من حديث اسرائيل (عن عبد الاعلى عن بلال بن أبى بردة عن انس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه) الحديث ثم ذكره من حديث أبى عوانة عن عبد الاعلى عن بلال بن مرداس عن خيثمة عن انس ثم قال (قال الترمذي حديث حسن غريب وهو اصح من حديث اسرائيل عن عبد الاعلى)

قلت - سكوت البيهقى عن كلام الترمذي دليل على الرضاء وقد اعترض عليه ابن القطان بما ملخصه ان بلال ابن مرداس مجهول الحال وخيثمة بن أبى خيثمة قال فيه ابن معين ليس بشئ وفى الميزان للذهبي بلال بن مرداس لا يصح حديثه قاله الازدي فظهر بهذا ان حديث اسرائيل اصح خلافا لما ذكره الترمذي -

قال باب مسألة القاضى عن احوال الشهود ذكر فيه من حديث يحيى بن حماد (عن أبى عوانة عن بيان عن قيس بن أبى حازم عن مرداس عنه صلى الله عليه وسلم قال قال يذهب الصالحون الاول فالاول) الحديث ثم قال (رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن حماد) قلت اخرجه البخاري في الرقاق عن يحيى بن حماد هكذا مرفوعا واخرجه في المغازى عن ابراهيم بن موسى عن عيسى بن يونس عن اسمعيل بن أبى خالد عن قيس بن مرداس قال يقبض الصالحون فذكره موقوفا كذا ذكر المزى في اطرافه ثم ذكر البيهقى من حديث محاضر.

(ثنا الاعمش عن ابراهيم عن عبيدة قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس قرنى) الحديث ثم قال اخرجه البخاري من وجه آخر عن الاعمش) - قلت - هذا من قبيل ما تقدم مرارا اقتصر فيه البيهقى على البخاري فاوهم ان مسلما لم يخرجه وليس الامر كذلك بل قد اخرجه في الفضائل من حديث منصور عن ابراهيم بسنده ثم بعد ذلك في الحديث علة ذكرها الحاكم في علوم الحديث وهى ان عمرو بن على ذكره ليحيى بن سعيد فقال ليس في حديث ابن عون عن عبد الله فقلت ثنا ازهر عن ابن عون عن ابراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال رأيت ازهر جاء بكتابه ليس فيه عن عبد الله قال عمرو بن على فاختلف إلى ازهر قريبا من شهرين للنظر فيه فنظر في كتابه فقال لم اجده الا عن عبيدة عن
النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر البيهقى حديث زهدم (عن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم قرنى) الحديث ثم قال (رواه البخاري) وكذا هذا الحديث اقتصر فيه على البخاري وقد اخرجه مسلم ايضا في الفضائل -

قال باب من يرجع إليه في السؤال يجب ان تكون معرفته باطنة متقادمة ذكر فيه حديثا عن مجاهد عن ابن عمر ثم قال (ورواه أبو داود في المراسيل عن ابن أبى نجيح قال مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث) قلت الذى في مراسيل أبى داود ان ابن أبى نجيح رواه عن مجاهد مرسلا وكذا ذكر المزى في اطرافه ولعل الكات ب اسقط ذلك من نسختنا من سنن البيهقى -

قال (باب القاضى يحكم بشئ فيكتب للمحكوم له) ذكر فيه من حديث زهير (عن يحيى بن سعيد سمعت انسا يقول دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الانصار ليكتب لهم بالبحرين) الحديث ثم قال (رواه البخاري) ثم اخرجه ثانيا من حديث حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد وسكت عنه فلم يعزه - قلت - اخرجه البخاري من هذا الطريق ايضا فرواه في الشرب عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد -

قال (باب اجر القسام) ذكر فيه اثرا عن على وفى سنده موسى بن طريف فقال (لا يحتج به) - قلت - الان القول فيه إذ لا يلزم من عدم

الاحتجاج به ضعفه وقد اطلق ابن معين والدار قطني عليه انه ضعيف وكذبه أبو بكر بن عياش وقال الجوزجانى زائغ - قال (باب ما لا يحتمل القسمة) ذكر فيه حديث عبادة بن الصامت (لا ضرر ولا ضرار) - قلت تقدم الكلام عليه في باب من قضى بين الناس بما فيه صلاحهم ثم ذكر من حديث محمد بن يحيى بن حبان (عن مولاة له سمعت ابا صرمة يحدث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ضار اضر الله به) الحديث - قلت فيه هذه المولاة المجهولة وقد اخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث محمد بن يحيى عن
لؤلؤة عن أبى صرمة وكذا اخرجه الترمذي وقال حسن غريب وكذا اخرجه البيهقى فيما مضى في ابواب لا ضرر ولا ضرار من ابواب الصلح -

قال باب لا يقبل الشهادة الا بمحضر من الخصم ولا يقضى على الغائب ذكر فيه (عن على انه صلى الله عليه وسلم قال له إذا اتاك احد الخصمين فسمعت منه فلا تقض له حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الاول) الحديث ثم ذكره من وجه آخر وفيه (فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الاول) ثم قال البيهقى (وهذا يتناول الموضع الذى يحضره الخصمان جميعا) قلت ظاهر الوجه الاول انه ولو حضر احدهما خاصة لا يسمع قوله حتى يحضر الآخر فمن منع القضاء على الغائب استعمل الوجهين والبيهقي واصحابه تركوا الوجه الاول بل تركوا الثاني ايضا إذ جعل العلة المجوزة للقضاء سمع قول الآخر وما بعد الغاية يخالف ما قبلها فمقتضى الحديث انهما إذا حضرا فسمع الدعوى وغاب المدعى عليه قبل سماع قوله انه لا يجوز القضاء وهذا خلاف قولهم وقال الخطابى الحديث دليل على انه لا يقضى على غائب لانه إذا منعه ان يقضى لاحد الحاضرين حتى يسمع كلام الآخر دل على انه في الغائب الذى لم يسمع قوله اولى بالمنع لا مكان ان يكون معه حجة تبطل دعوى الحاضر وممن ذهب إلى ان الحاكم لا يقضى على غائب، شريح وعمر بن عبد العزيز وهو قول أبى حنيفة وابن أبى ليلى وفى التهذيب لمحمد بن جرير الطبري روى عمرو بن دينار عن عمر بن عبد العزيز قال إذا جاءك الرجل وقد سقطت عيناه في يده فلا تقض له حتى يأتي خصمه وروى الشعبى عن شريح انه كان لا يقضى على غائب وهو قول النخعي -

قال (باب من اجاز القضاء على غائب) ذكر فيه حديث (خذى ما يكفيك وبنيك بالمعروف) ثم اعاده بعد في باب من قال للقاضى ان يقضى بعلمه - قلت - قد قدمنا في كتاب النكاح ان هذا كان منه عليه السلام فتوى لا قضاء على غائب ولا قضاء بعلمه صلى الله عليه وسلم وما ذكره البيهقى في آخر هذا الباب من قول عمر (من كان له عليه دين يعنى الاسيفع فليأتنا نقسم ماله) ليس فيه ان الاسيفع كان غائبا فيحمل على انه كان حاضرا عند الدعوى -

قال (باب من قال للقاضى ان يقضى بعلمه) ذكر فيه حديث (خذى ما يكفيك) وقد ذكرنا قريبا انه كان فتوى وعلى ذلك يحمل ما ذكره البيهقى بعد هذا الحديث في هذا الباب - وفى التمهيد ومما احتج به من ذهب إلى هذا ما رويناه من طرق عن عروة وعن مجاهد جميعا بمعنى واحد

ان رجلا من بنى مخزوم استعدى عمر بن الخطاب على أبى سفيان بن حرب انه ظلمه حدا في موضع كذا وكذا من مكة فقال عمر إنى لاعلم الناس ذلك وربما لعبت انا وانت فيه ونحن غلمان فإذا قدمت مكة فائتني بأبى سفيان فلما قدم مكة اتاه المخزومى بأبى سفيان فقال له عمر يا ابا سفيان انهض بنا إلى موضع كذا فنهض ونظر عمر فقال يا ابا سفيان خذ هذا الحجر من ههنا فقال والله لا افعل فقال والله لتفعلن فقال لا افعل فعلاه عمر بالدرة فقال خذه لا ام لك وضعه ههنا فانك ما علمت قديم الظلم فأخذ الحجر أبو سفيان فوضعه حيث قال عمر ثم ان عمر استقبل القبلة فقال اللهم لك الحمد لم تمتنى حتى غلبت ابا سفيان على رأيه واذللته لى بالاسلام قال فاستقبل أبو سفيان القبلة فقال اللهم لك الحمد إذ لم تمتنى حتى جعلت في قلبى من الاسلام ما ذللت به لعمر - قال أبو عمر ففى هذا قضاء عمر بما علمه قبل ولايته والى هذا ذهب أبو سفيان (1) ومحمد والشافعي - قال باب من قال ليس للقاضى ان يعمل (2) ذكر فيه احاديث وآثارا قلت اغفل البهقى في هذا الباب حديثا اخرجه النسائي وأبو داود واللفظ له من حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث ابا جهم بن حذيفة مصدقا فلاجه رجل في
__________
(1) كذا - ولعله - أبو يوسف - ح (2) في السنن - ان يقضى بعلمه

صدقته فضربه أبو جهم فشجه فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا القود يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم كذا وكذا فلم يرضوا فقال لكم كذا وكذا فلم يرضوا فقال لكم كذا وكذا فرضوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم انى خاطب العشية على الناس ومخبرهم برضاكم فقالوا نعم فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان هؤلاء اليثيين اتونى يريدون القود فعرضت عليهم كذا وكذا فرضوا أرضيتم فقالوا لا فهم المهاجرون بهم فأمرهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم ان يكفوا عنهم فكفوا ثم دعاهم فزادهم فقال أرضيتم فقالوا نعم فقال انى خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم قالوا نعم فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرضيتم قالوا نعم - وذكر صاحب التمهيد أن هذا الحديث من افضل ما يحتج به في ان القاضى لا يقضى بعلمه قال وهذا بين لانه لم يؤاخذهم بعلمه فيهم ولا قضى بذلك عليهم وقد علم رضاهم

قال باب الامر بالاشهاد ذكر فيه (عن الشافعي انه قال وقد حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم انه بايع اعرابيا في فرس فجحد الاعرابي بامر بعض المنافقين ولم يكن بينهما بينة) ثم اخرج البيهقى الحديث وفيه (فطفق رجال يعترضون الاعرابي ويساومونه الفرس

ولا يشعرون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ابتاعه حتى زاد بعضهم الاعرابي) إلى آخره قلت وبهذا اللفظ اخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما وظاهره يقتضى انهم لو شعروا انه عليه السلام ابتاعه لم يزيدوا عليه وذلك شان المؤمنين ولم ار فيما بايدينا من الكتب المشهورة ان ذلك كان بأمر بعض المنافقين -

قال (باب الشهادة في الدين وما في معناه)

ذكر فيه حديث ابن عمرو فيه (اما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد) ثم عزاه إلى مسلم - قلت - اغفل البيهقى في هذا الباب حديث أبى سعيد الخدرى المخرج في الصحيحين وفيه أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل الحديث وقد ذكر البيهقى في اوائل كتاب الحيض -

قال (باب ما جاء في عددهن أي النساء) ذكر في آخره (عن على انه كان يجيز شهادة القابلة) ثم علله ثم قال (قال اسحق الحنظلي لو صحت شهادة القابلة عن على لقلنا به ولكن في اسناده خلل وقال الشافعي لو ثبت عن على صرنا إليه) - قلت - في المحل لابن حرم قال سفيان الثوري يقبل في عيوب النساء وما لا يطلع عليه الا النساء امرأة واحدة هو قول أبى حنيفة واصحابه وصح عن ابن عباس وعن على وعن
عثمان اميرى المؤمنين وابن عمر والحسن البصري والزهرى وقال ابن أبى شيبة ثنا عيسى بن يونس عن الاوزاعي عن الزهري قال مضت السنة ان تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادات النساء وعيوبهن وتجوز شهادة القابلة وحدها في الاستهلال وقال عبد الرزاق في مصنفه قال ابن جريج قال ابن شهاب مضت السنة فذكره بمعناه وقال ايضا عن الثوري عن اشعت عن الحسن والشعبى قالا يجوز شهادة المرأة الواحدة فيما لا يطلع عليه الرجال وقال ايضا انا الاسلمي أخبرني اسحق عن ابن شهاب ان عمر بن الخطاب اجاز شهادة امرأة في الاستهلال ورواه ايضا بسنده عن الزهري وطاوس وأبى بكر بن أبى سبرة ويحيى بن سعيد وفى نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمع الصحابة على ان المرأة الواحدة مقبولة على الولادة -

قال (باب شهادة القاذف) ذكر فيه الآية ثم قال (قال الشافعي الثنيا على اول الكلام وآخره في جميع ما يذهب إليه اهل الفقه) - قلت - كيف يقول الشافعي هذا وقد ذكر البيهقى في باب الذى بعد هذا الباب عن جماعة من السلف (انهم اعادوا الاستثناء إلى الجملة الاخيرة) وذكر أبو عمر في التمهيد أنه قول الحكم ومعاوية بن قرة وحماد بن أبى سليمان ومكحول وهو رواية عن ابن المسيب وعكرمة عن الزهري واليه ذهب اكثر اهل العراق وفى المحل لابن حزم روينا من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن شهاب شهادة القاذف لا تجوز وان تاب - وصح عن الشعبى في احد قوليه والنخعي وابن المسيب في

احد قوليه والحسن البصري ومجاهد في احد قوليه ومسروق وعكرمة في احد قوليه ان القاذف لا تقبل شهادته ابدا وان تاب وعن شريح المحدود في القذف لا تقبل شهادته ابدا وهو قول أبى حنيفة واصحابه وسفيان - ثم ذكر البيهقى (عن ابن المسيب ان عمر قال لابي بكرة) إلى آخره - قلت - فيه ثلاثة اشياء - احدها - انه تقدم غير مرة ان مالكا وابن معين انكرا سماع بن المسيب من عمر وقد ذكر البيهقى فيما مضى من قريب في باب الشهادة على الطلاق والرجعة (ان روايته عنه مرسلة) - الثاني - ان ابن عيينة رجع في تعيين اسم من اخبر الزهري وهو ابن المسيب إلى عمر بن قيس فكأنه روى

ذلك عنه وعمر هذا ضعيف واشار الشافعي إلى الجواب عن هذه العلة وهو ان ابن عيينة تذكر بقول عمر بن قيس انه ابن
المسيب - الثالث - ان ابن المسيب الذى روى عن عمر قبول شهادته إذا تاب خالفه في ذلك ففى مصنف ابن أبى شيبة ثنا أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن وسعيد بن المسيب قالا لا شهادة له وتوبته فيما بينه وبين الله - وهذا سند صحيح على شرط مسلم -

قال (باب من قال لا تقبل شهادته) ذكر فيه حديث (لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا محدود) من طريق آدم بن فائد والمثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثم قال (آدم والمثنى لا يحتج بهما) - قلت - في مصنف ابن أبى شيبة ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون عدول بعضهم على بعض الا محدودا في فرية - فقد تابع الحجاج وهو ابن ارطاة آدم والمثنى والحجاج اخرج له مسلم مقرونا بآخر -

قال (باب ما جاء في خير الشهداء) ذكر فيه من طريق يحيى بن يحيى (قرأت على مالك عن عبد الله بن أبى بكر عن ابيه عن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن ابن أبى عمرة الانصاري عن زيد بن خالد انه عليه السلام قال الا أخبركم بخير الشهداء) الحديث - قلت - الذى في الموطأ من رواية يحيى بن يحيى بهذا السند عن أبى عمرة واخرجه النسائي من طريق ابن القاسم عن مالك وقال عن أبى عمرة وقال الترمذي اكثر الناس يقولون ابن أبى عمرة واختلف على مالك فروى بعضهم عن ابن أبى عمرة وروى بعضهم عن أبى عمرة وابن أبى عمرة اصح عندنا لانه قد روى من غير حديث مالك عن عبد الرحمن بن أبى عمرة عن زيد بن خالد وقد روى عن أبى عمرة عن زيد بن خالد غير هذا الحديث وهو صحيح ايضا وأبو عمرة هو مولى زيد بن خالد الجهنى وله حديث الغلول -

قال (باب من رد شهادة اهل الذمة) قال الله تعالى (وأشهدوا ذوى عدل منكم) وقال (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) وقال (ممن ترضون من الشهداء)
(قال الشافعي) ففى هاتين الآيتين دلالة على ان الله تعالى انما عنى المسلمين دون غيرهم إلى آخره - قلت - الخطاب في الآيتين للمسلمين قال الله تعالى (يا ايها الذين آمنو إذا تداينتم بدين) ثم قال (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء) فلما امرنا بذلك إذا تداينا علمنا ان المراد الشهادة على المسلمين وقال تعالى (يا ايها النبي إذا طلقتم النساء) الآية ثم قال (وأشهدوا ذوى عدل منكم) فهذا ايضا على طلاق المسلمين واخرج الطحاوي عن احمد بن أبى عمران ثنا أبو خيثمة ثنا حفص بن غياث عن مجالد عن الشعبى عن جابر أن اليهود جاؤا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وامرأة منهم زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتونى باربعة منكم يشهدون وهذا سند جيد - ابن أبى عمران وثقه ابن يونس وباقى السند على شرط الشيخين خلا مجالدا فان مسلما انفرد به وقال ابن ماجه ثنا محمد بن طريف ثنا أبو خالد الاحمر عن مجالد عن الشعبى عن جابر انه عليه السلام اجاز شهادة اهل الكتاب بعضهم على بعض - وهذا السند على شرط مسلم وقد ذكر البيهقى هذا الحديث فيما بعد في باب من اجاز شهادة اهل الذمة على الوصية في السفر وعلله بان (غير مجالد رواه عن الشعبى عن شريح من قوله) - قلت - يحمل على ان الشعبى رواه عن جابر مرفوعا وكان شريح فقيها يرى ذلك فافتى به فسمعه الشعبى منه فرواه مرة اخرى عنه - وفى الاشراف لابن المنذر وممن رأى ان شهادتهم جائزة بعضهم على بعض شريح وعمر بن عبد العزيز والزهرى وقتادة وحماد بن أبى سليمان والثوري والنعمان -

قال باب ما جاء في قوله تعالى (يا ايها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر احدكم الموت) إلى قوله (أو آخر ان من غيركم)

(قال الشافعي سمعت من يذكر أنها منسوخة بقوله تعالى (وأشهدوا ذوى عدل منكم) - قلت - في اصول أبى بكر الرازي قوله تعالى أو آخر ان من غيركم - خاص بالوصية في السفر وقوله تعالى (وأشهدوا ذوى عدل منكم) خاص بالرجعة فكيف

يعترض باحدهما على الاخرى - قال (باب من اجاز شهادة اهل الذمة على الوصية في السفر)

ذكر فيه حديث جابر (انه عليه السلام اجاز شهادة اليهود وفى رواية اهل الكتاب بعضهم على بعض) وعلله بان (غير مجالد رواه عن الشعبى عن شريح) - قلت - ذكر هذا الحديث في هذا الباب غير مناسب وقد تكلمنا عليه قريبا في باب من رد شهادة اهل الذمة -

قال (باب القضاء باليمين مع الشاهد) ذكر فيه حديث سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس ثم اخرجه من طريق محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو ثم قال (سيف ثقة ثبت عند ائمة اهل النقل) - قلت - في علل الترمذي سألت محمدا عنه أي هذا الحديث فقال عمرو بن دينار لم يسمع عندي هذا الحديث من ابن عباس وقال الطحاوي قيس لا نعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشئ فقد رمى الحديث بالانقطاع في موضعين من البخاري بين عمرو وابن عباس ومن الطحاوي بين قدس وعمر وورد البيهقى في الخلافيات على الطحاوي واشار إلى ان قيسا سمع من عمرو واستدل على ذلك برواية وهب بن جرير عن ابيه قال سمعت

قيس بن سعد يحدث عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكر حديث المحرم الذى وقصته ناقته ثم قال البيهقى (ولا يبعد أن يكون له عن عمرو غير هذا) - قلت - لم يصرح احد من اهل هذا الشان فيما علمنا بأن قيسا سمع من عمرو ولا يلزم من قول جرير سمعت قيسا يحدث عن عمرو أن يكون قيس سمع ذلك من عمرو وقد روى البيهقى في باب فضل التأذين على الامامة من حديث أبى حمزة السكرى (سمعت الاعمش يحدث عن أبى صالح عن أبى هريرة قال عليه السلام الامام ضامن والمؤذن مؤتمن) الحديث ثم لم يجعل البيهقى ذلك سماعا للاعمش من أبى صالح بل قال (هذا الحديث لم يسمعه الاعمش من أبى صالح انما سمعه من رجل عن أبى صالح) وقد اخرج أبو داود في المراسيل من حديث أبى خلدة قال سمعت ابا العالية يحدث ان اعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال متى ليلة القدر الحديث وذكر الذهبي سيفا في كتابه في الضعفاء وقال رمى بالقدر وقال في الميزان ذكره ابن عدى في الكامل وساق له هذا الحديث وسأل عباس يحيى بن معين عن هذا

حديث معاذ بن عبد الرحمن عن ابن عباس - قلت - رواه الشافعي عن ابراهيم بن محمد عن ربيعة بن عثمان وابراهيم
هو الاسلمي مكشوف الحال مرمى بالكذب وغيره من المصائب وقد ذكرناه مرارا وربيعة هذا قال أبو زرعة ليس بذاك وقال أبو حاتم منكر الحديث - ثم ذكر البيهقى من وجه آخر من حديث سهيل بن أبى صالح عن ابيه عن أبى هريرة - قلت فيه مع نسيان سهيل انه قد اختلف عليه فيه فرواه زهير بن محمد عنه عن ابيه عن زيد بن ثابت كما ذكره البيهقى بعد في هذا الباب - ثم ذكره من وجه آخر من حديث مغيرة بن عبد الرحمن عن أبى الزناد عن الاعرج عن أبى هريرة ثم ذكر عن ابن حنبل (قال ليس في هذا الباب حديث اصح من هذا) - قلت - مغيرة قال فيه ابن معين ليس بشئ ذكره صاحب الميزان وذكر حديثه هذا ثم قال قال ابن عدى مغيرة ينفرد باحاديث وقال صاحب التمهيد اصح اسناد لهذا الحديث حديث ابن عباس وهذا بخلاف ما قال ابن حنبل - ثم ذكره البيهقى من وجه آخر من جهة مالك وجماعة عن جعفر بن محمد عن ابيه مرسلا

ثم قال (ورواه عبد الوهاب الثقفى وهو من الثقات عن جعفر عن ابيه عن جابر موصولا) ثم ذكر (عن الشافعي انه قال لبعض من يناظره روى الثقفى وهو ثقة عن جعفر) فذكره ثم ذكر البيهقى فيه اختلافا كثيرا عن جعفر - قلت -

عبد الوهاب اختلط في آخر عمره كذا ذكر ابن معين وغيره وقال محمد بن سعد كان ثقة وفيه ضعف وقال ابن مهدى اربعة كانوا يحدثون من كتب الناس ولا يحفظون ذلك الحفظ فذكر منهم عبد الوهاب وقد خالفه في هذا الحديث من هو اكبر منه واوثق كمالك وغيره فارسلوه وقال صاحب التمهيد ارساله اشهر ورواه الترمذي من حديث عبد الوهاب موصولا ثم اخرجه من حديث اسمعيل بن جعفر عن جعفر عن ابيه مرسلا ثم قال وهذا اصح وكذا روى الثوري عن جعفر عن ابيه مرسلا ولهذا ذكر البيهقى في كتاب المعرفة (ان الشافعي لم يحتج بهذا الحديث في هذه المسألة لذهاب بعض الحفاظ

إلى كونه غلطا) ثم ذكر الحديث من جهة مطرف بن مازن ثنا ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ثم ساقه من جهة محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عمرو بن شعيب بسنده المذكور ثم قال (مطرف ومحمد بن عبد الله بن عمير ليسا بالقويين وهو بارساله شاهد لما تقدم) - قلت - ذكر ابن الجوزى الرجلين في كتاب الضعفاء فاغلظ فيهما فقال محمد بن عبد الله بن عبيد الليثى قال يحيى ضعيف وكذا قال الدار قطني وقال مرة اخرى ليس بشئ وقال النسائي والازدى متروك وقال ابن حبان كان يقلب الاسانيد من حيث لا يفهم لسوء حفظه فوجبت مجانبته وقال ايضا مطرف بن مازن قال يحيى
كذاب وقال السعدى والنسائي ليس بثقة وقال ابن حبان كان يحدث بما لم يسمع لا تجوز الرواية عنه الا للاعتبار والبيهقي الان القول فيهما في هذا الباب ووافق الجماعة في غيره فقال في باب سهم ذوى القربى (مطرف بن مازن ضعيف) وقال في باب الرجل يطيق المشى (محمد بن عبد الله بن عمير اضعف من ابراهيم الخوزى) ثم انه قطع هنا بان حديث عمرو بن شعيب عن

ابيه عن جده مرسل وهو عندهم متردد محتمل للاتصال والارسال وقد بين ذلك البيهقى في باب الطلاق قبل النكاح فقال (إذا قيل عمرو عن ابيه عن جده يشبه ان يراد بالجد محمد بن عبد الله وليست له صحبة فيكون الخبر مرسلا) ثم ذكر حديث سهيل بن أبى صالح عن ابيه عن زيد بن ثابت - قلت - قد تقدم ان سهيلا اختلف عليه فيه ثم ذكر حديث مالك عن جعفر ابن محمد عن ابيه مرسلا - قلت - قد تقدم هذا في الباب فاعادته هنا سوء ترتيب وتكرار بلا فائدة ثم ذكر القضاء بذلك عن أبى بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم ثم قال (ورواه أبو بكر بن ابى سبرة عن أبى الزناد عن عبد الله بن عامر حضرت ابا بكر وعمر وعثمان يقضون باليمين مع الشاهد) ثم قال (الرواية فيه عنهم ضعيفة وهى عن على وأبى مشهورة) - قلت - من نظر في الرواية عنهما عرف انها عنهما ايضا ضعيفة قال صاحب التمهيد وممن روى عنه القضاء باليمين مع الشاهد منصوصا من الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وأبى بن كعب وان كان في الاسانيد عنهم ضعف ثم قال البيهقى (وفيما روى سليمان بن بلال عن ربيعة ان عمر بن الخطاب كتب بذلك إلى شريح وهو وان كان منقطعا ففيه تأكيد لرواية ابن أبى سبرة) - قلت - ابن أبى سبرة ضعفه البيهقى في باب وطئ ام الولد وقال احمد كان يضع الحديث ذكره الذهبي

في كتاب الضعفاء ومثل هذا كيف يتقوى بهذا المنقطع وايضا فرواية ابن أبى سبرة فيها ذكر الثلاثة وهذا الاثر منقطع مقصور على عمر وحده ثم ذكر البيهقى (عن الشافعي قال ذكر هشيم بن مغيرة ان الشعبى قال ان اهل المدينة يقضون باليمين مع الشاهد) - قلت - في كلام الشعبى زيادة لم يذكرها الشافعي قال صاحب الاستذكار روى هشيم انا المغيرة عن الشعبى قال اهل المدينة يقولون بشهادة الشاهد ويمين الطالب ونحن لا نقول ذلك وفى مصنف ابن أبى شيبة ثنا سويد ان عمرو ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن ابراهيم والشعبى في الرجل يكون له الشاهد مع يمينه قالا لا يجوز الا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين قال عامر ان اهل المدينة يقبلون شهادة الشاهد مع يمين الطالب وهذا السند رجاله على شرط مسلم ثم ذكر حديث جعفر بن محمد من رواية مسلم بن خالد عنه ثم من رواية ابن أبى يحيى عنه - قلت - مسلم بن خالد ضعيف
عندهم وقد ضعفه البيهقى ايضا في باب من زعم ان التراويح بالجماعة افضل وابراهيم الاسلمي مكشوف الحال وقد ذكر

البيهقى هذا الحديث في هذا الباب مرتين وهذه ثالثة ثم ذكر البيهقى (عن كلثوم بن زياد قال ادركت سليمان بن حبيب والزهرى يقضيان بذلك يعنى بشاهد ويمين) - قلت - كلثوم هذا ضعفه النسائي وقد صح عن الزهري خلاف هذا قال ابن أبى شيبة ثنا حماد بن خالد عن ابن أبى ذئب عن الزهري قال هي بدعة واول من قضى بها معاوية وهذا السند على شرط مسلم وفى مصنف عبد الرزاق ثنا معمر سألت الزهري عن اليمين مع الشاهد فقال هذا شئ احدثه الناس لا بد من شاهدين وفى الاستذكار هو الاشهر عن الزهري ثم ذكر البيهقى (عن عطاء قال لا رجعة الا بشاهدين الا ان يكون عذر فيأتى بشاهد ويحلف مع شاهده) - قلت - في سنده مسلم الزنجي تقدم ان ضعيف وقد روى عن عطاء انه لا يقول بالشاهد واليمين قال صاحب التمهيد وقال أبو حنيفة واصحابه والثوري والاوزاعي لا يقضى باليمين مع الشاهد وهو قول عطاء والحكم وطائفة وزاد في الاستذكار النخعي وفى المحل لابن حزم اول من قضى به عبد الملك بن مروان واشار إلى انكاره الحكم وابن عيينة وروى عن عمر بن عبد العزيز الرجوع إلى ترك القضاء به لانه وجد اهل الشام على خلافه ومنع منه ابن شبرمة انتهى كلامه وفى التمهيد تركه يحيى بن يحيى بالاندلس وزعم انه لم ير الليث بن سعد يفتى به ولا يذهب إليه وقوله عليه السلام في الصحيحين اليمين على المدعى عليه وفى رواية - البينة على المدعى واليمين على من انكر - يرده وكذا قوله عليه السلام في الصحيحين شاهداك أو يمينه مع ظاهر القرآن لانه تعالى اوجب عند عدم الرجلين قبول رجل وامرأتين وإذا وجد شاهد واحد فالرجلان معدومان ففى قبوله مع اليمين نفى ما اقتضته الآية وايضا فانه تعالى قال عقيبها (ممن ترضون من الشهداء (وليس المدعى بشاهد واحد ممن يرضى استحقاق ما يدعيه بقوله ويمينه وزعموا ان يمين المدعى قائمة مقام المرأتين فعلى هذا لو كان المدعى ذميا فاقام شاهدا وجب ان لا يقبل منه كما لو كانت المرأتان ذميتين ولو شهدت امرأتان قال مالك يحلف المدعى مع شهادتهما وقال الشافعي لا يمين انما اليمين مع الشاهد لان شهادتهن دون الرجال وليس في شئ من الاخبار تخصيص ذلك بالاموال كما زعم الشافعي -

قال باب تأكيد اليمين بالمكان ذكر فيه حديث جابر (لا يحلف احد على يمين آثمة) الحديث - قلت - ليس فيه الا تعظيم اليمين عند منبره صلى الله عليه وسلم
ولا خلاف فيه وليس فيه انه عليه السلام أمر أن لا يحلف المطلوب الا عنده ولو كان ذلك فيه فظاهره انه يحلف عنده في القليل ايضا والشافعي لا يحلف عنده في القليل كما ذكره البيهقى في الباب بعد ثم ذكر (عن المهاجر كتب إلى أبو بكر ابعث إلى بقيس) إلى آخره - قلت - هذا الاثر على تقدير صحته خالفه الشافعي فان عنده لا يجلب احد إلى مكة ولا إلى المدينة ولكن يحكم عليه

حاكم بلده ثم ذكر البيهقى (ان عبد الرحمن بن عوف رأى قوما يحلفون) إلى آخره ثم قال (قال الشافعي فذهبوا إلى ان العظيم من الاموال ما وصفت من عشرين دينارا فصاعدا قال وقال مالك يحلف على المنبر على ربع دينار) - قلت ذكر ابن حرم في المحلى ان الرواية عن عبد الرحمن ساقطة لا يدرى لها اصل ولا مخرج ثم لو صحت لم يحد عبد الرحمن في كثير المال ماحد مالك والشافعي وما نعلم احد اسبقهما إلى ذلك -

قال (باب النكول والرد على المدعى)

ذكر فيه حديث القسامة وان الجماعة بدؤا في روايتهم بالانصاريين وان ابن عيينة بدأ بايمان اليهود ثم رد على الانصاريين وهو خلاف رواية الجماعة والجماعة اولى بالحفظ من الواحد) - قلت - البداءة بايمان الانصاريين وهم المدعون مخالفة لسائر الدعاوى والحديث الصحيح المشهور اليمين على المدعى عليه - فوجب ان يقتصر على مورد الحديث ولا يقاس عليه فكيف يقيس الشافعية عليه ثم يعكسون ما فيه من البداءة بيمين المدعى ثم الرد على المدعى عليه فيحلفون المدعى عليه فان نكل حلفوا المدعى وقد سبق الكلام على هذا الحديث في ابواب القسامة ثم ذكر البيهقى اثر عمر في الرجل الذى اجرى فرسا فوطئ على اصبع رجل فمات إلى آخره - قلت - الكلام على هذا ايضا تقدم في ابواب القسامة -

ثم ذكر البيهقى ان عثمان اقرض المقداد سبعة آلاف درهم فقال المقداد انما هي اربعة آلاف فتخاصما إلى عمر فقال المقداد حلفه انها سبعة) إلى آخره ثم قال (اسناده صحيح الا انه منقطع وهو مع ما روينا عن عمر في القسامة يؤكد احدهما صاحبه فيما اجتمعا عليه من مذهب عمر في رد اليمين وفيه زيادة مذهب عثمان والمقداد) - قلت - في سنده سلمة بن علقمة وهو وان اخرج له مسلم فقد قال فيه احمد بن حنبل ضعيف الحديث كذا ذكر الذهبي في كتاب الضعفاء وعثمان قد روى
عنه خلاف ذلك فروى الطحاوي في مشكل الآثار بسنده عن عبد الله بن عون من اهل فلسطين قال امرت امرأة وليدة لها ان تضطجع عند زوجها فحسب انها جاريته فوقع عليها وهولا يشعر فقال ثوبان حلفوه انه ما شعر فان أبى ان يحلف فارجموه وان حلف فاجلدوه مائة جلدة إلى آخره ثم قال الطحاوي لا نعلم له مخالفا من الصحابة ولا منكرا عليه أي في حكمه بالنكول وان له حكم الاقرار وقد تقدم في باب بيع البراءة ان ابن عمر نكل عن اليمين في عيب الغلام فقضى عليه عثمان بالنكول واسترجع العبد فوافقه ابن عمر ففى ذلك دليل لابي حنيفة واصحابه انه إذا نكل المدعى عليه عن اليمين حكم عليه ولم ترد اليمين على المدعى وقد جعل عليه السلام البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه فلا تنقل اليمين إلى المدعى كما لا تنقل البينة إلى المدعى عليه -

قال (ابواب من تجوز شهادته ومن لا تجوز) ذكر فيه حديث زكريا بن اسحق (عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال عليه السلام ان تغفر اللهم (1) تغفر جما) ثم اخرجه بمعناه من حديث زكريا عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس ثم اخرجه من وجه ثالث من حديث مجاهد عن ابن عباس مرفوعا ثم قال (هذا اشبه) - قلت - الرفع زيادة ثقة فيقبل ويحمل على ان طاوسا وعطاء سمعاه من ابن عباس مرفوعا فرواه عمرو بن دينار عنهما ولهذا اخرجه الترمذي من طريق عطاء وقال حسن صحيح
__________
(1) كذا وفى السنن - اللهم ان تغفر -

ثم ذكر البيهقى من حديث الاعمش (عن عمارة بن عمير سمعت الحارث بن سويد يقول ثنا ابن مسعود بحديثين احدهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والآخر عن نفسه فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله اشد فرجا بتوبة) الحديث.

(ثم قال عبد الله ان المؤمن يرى ذنوبه كأنه جالس في اصل جبل) إلى آخره ثم قال (رواه مسلم قلت - فيه امران احدهما ان مسلما ذكر الحديث ولم يذكر قول ابن مسعود - والثانى - ان البيهقى اقتصر على مسلم ولم يذكر البخاري وهو قد اخرجه في باب التوبة من كتاب الدعاء الا انه خلط قول ابن مسعود بالحديث فقال ثنا احمد بن يونس ثنا أبو شهاب عن الاعمش عن عمارة بن عمير عن الحارث بن سويد قال حدثنا عبد الله حديثين احدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
والآخر عن نفسه قال ان المؤمن يرى ذنوبه كانه قاعد تحت جبل يخاف ان يقع عليه وان الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على انفه فقال به هكذا قال أبو شهاب بيده فوق انفه ثم قال لله افرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا وبه مهلكة ومعه راحلته - الحديث إلى قوله فإذا راحلته - ثم ذكر البيهقى من حديث الاعمش (عن زيد بن وهب عن أبى ذر كنت امشى مع النبي الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلنا احد) الحديث ثم قال (رواه البخاري عن عمر بن حفص) - قلت اقتصر على البخاري وقد اخرجه مسلم من حديث الاعمش ومن حديث عبد العزيز بن رفيع كلاهما عن زيد بن وهب ثم قال البيهقى (وانا أبو عبد الله ثنا محمد بن صالح ثنا السرى ثنا عمر بن حفص ثنا أبى ثنا الاعمش حدثنى أبو صالح عن أبى الدرداء نحوه) ثم قال (رواه البخاري عن عمر بن حفص قال البخاري حديث أبى صالح عن أبى الدرداء مرسل) قلت لم يرو البخاري في صحيحه حديث أبى الدرداء هذا عن عمر بن حفص في موضع من المواضع بل ولا رواه متصلا وانما

روى في باب من اجاب بلبيك وسعديك من كتاب الاستئذان عن عمر بن حفص حديث أبى ذر كما ذكره البيهقى اولا ثم قال قال الاعمش وحدثني أبو صالح عن أبى الدرداء نحوه وكيف يقال روى البخاري حديث ابى الدرداء عن عمر بن حفص وهو يقول انه مرسل كما حكى البيهقى عنه ثم ذكر البيهقى من وجه آخر من حديث جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن زيد بن وهب عن أبى ذر ثم قال (رواه البخاري عن قتيبة عن جرير وكذلك رواه مسلم) وقد ذكرنا ذلك قريبا -

قال (باب من سمى المرأة قارورة)

ذكر فيه حديث (وان وجدناه لبحرا) من طريق شعبة عن قتادة عن انس ثم قال (اخرجه البخاري من حديث شعبة) - قلت - واخرجه مسلم ايضا في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الطريق - ثم ذكر البيهقى حديث (اذهبوا بنا نزور النضير) ثم قال (الصحيح عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن جبير بن مطعم عن ابيه) ثم قال الصحيح عن ابن عيينة عن عمرو عن محمد عنه عليه السلام مرسلا) - قلت - محد بن يونس هذا روى عنه مسلم فقد زاد الرفع وهو ثقة وتابعه على ذلك ابراهيم بن بشار فرواه عن ابن عيينة كذلك اخرجه الطحاوي في كتاب المشكل عن ابن خزيمة عن ابراهيم - قال (باب لا يقبل شهادة خائن)

ذكر فيه من حديث الاعرج مرسلا (لا يقبل شهادة ذى الضنة الجنة (1) الحنة والجنة الجنون والحنة الذى يكون بينك وبينه عداوة) ثم قال (لا ادرى هذا التفسير من قول من من الرواة) قلت في الصحاح في صدره على احنة أي حقد ولا يقال حنة وفى الغريبين للهروى الحنة لغة ردية واللغة العالية احنة وقال الاصمعي يقال في صدره احنة ولا يقال حنة ثم ذكر البيقهى من حديث طلحة بن عبد الله بن عوف مرسلا (لا يجوز شهادة خصم ولا ضنين (1) واليمين على المدعى عليه - اخرجه أبو داود مع حديث الاعرج في المراسيل) - قلت - الذى في مراسيله من حديث طلحة المذكور لا شهادة لخصم ولا ضنين (1) لم يزد على هذا -
__________
(1) كذا -

قال (باب رد شهادة اهل الاهواء)

ذكر في آخره حديث الاعمش (عن أبى صالح عن أبى سعيد لا تسبوا اصحابي) إلى آخره ثم قال (رواه مسلم) - قلت رواه البخاري ايضا في فضل أبى بكر رضى الله عنه من هذا الطريق -

قال (باب كراهية اللعب بالنرد اكثر من اللعب بشئ من الملاهي) ذكر فيه حديث بريدة من لعب بالنرد شير فهو كمن غمس يده في لحم الخنزير ودمه) ثم ذكر حديث مالك (عن موسى ابن ميسرة عن سعيد بن أبى هند عن أبى موسى من لعب النرد شير فقد عصى الله ورسوله) ثم قال (وكذا رواه يزيد

ابن الهاد واسامة بن زيد عن سعيد) - قلت - اختلف فيه على اسامة فرواه ابن المبارك عنه عن سعيد بن أبى هند مرة عن أبى موسى كذا اخرجه الدار قطني في سننه ودل ذلك على ان رواية مالك منقطعة كذا ذكر ابن القطان - وقال صاحب التمهيد رواه الليث عن ابن الهاد عن موسى بن ميسرة عن عبد الله بن سعيد عن سعيد بن أبى هند عن أبى موسى ثم ان
الحديثين يقتضيان تحريم اللعب بالنرد وقال النووي في شرح مسلم باب تحريم اللعب بالنرد - ثم ذكر حديث بريدة ثم قال هذا الحديث حجة للشافعي والجمهور في تحريم اللعب بالنرد فظهر أن تبويب البيهقى غير موافق لا للحديثين ولا لمذهب الشافعي والجمهور وإذا ثبت ان اللعب بالنرد محرم يقاس عليه الشطرنج فلا نسلم للشافعية كراهية اللعب به قال المازرى في شرح

مسلم - مالك ينهى عن اللعب بالنرد والشطرنج ويرى ان الشطرنج شر من النرد والهى منها وهذا الحديث حجة له وان كان ورد في النرد فقيست الشطرنج عليها لاشتراكهما في كونهما شاغلين عما يفيد في الدين والدنيا موقعين في القمار أو التشاجر الحادث فيهما عند التغالب مع كونهما غير مفيدين وقد نبه على هذا بقوله الشطرنج الهى وقد ذكر البيهقى فيما تقدم في باب اللعب بالشطرنج عن ابن عمر قال شر من النرد وعن أبى موسى لا يلعب بالشطرنج الا خاطئ وفى التمهيد قال بعضهم الشطرنج شر من النرد وممن قال ذلك الليث بن سعد وذكر البيهقى فيما بعد في باب من كره كل ما لعب الناس به (انه قيل للقاسم بن محمد أرأيت الشطرنج أميسر هي قال كل ما الهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو ميسر) -

قال (باب الرقص إذا لم يكن فيه تكسر) ذكر فيه (انه عليه السلام قال لزيد أنت اخونا ومولانا فحجل) إلى آخر وفى سنده هانئ فقال (ليس بالمعروف جدا) - قلت - ذكره البيهقى فيما مضى في باب اجل العنين وحكى عن الشافعي (انه قال لا يعرف) وكلام البيهقى هنا يخالف هذا بعض مخالفة وقد تكلمنا هناك على هانئ -

قال (باب تحسين الصوت بالقرآن)

ذكر فيه حديث ابن نمير (عن الاعمش عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء قال عليه السلام زينوا القرآن باصواتكم) ثم رواه من وجه آخر ولفظه (وحسبت انه قال زينوا القرآن باصواتكم) ثم قال (رواه جماعة عن

طلحة الا ان عبد الرحمن كان يشك في هذه اللفظة وقال في رواية شعبة عن طلحة كنت نسيت هذه الكلمة حتى ذكرنيها
الضحاك) - قلت - في الرواية الاولى لم يشك عبد الرحمن في تلك اللفظة وكذا اخرجه أبو داود والنسائي من حديث

جرير عن الاعمش وكذا اخرجه ابن ماجه عن محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر ثنا شعبة عن طلحة وليس فيه كنت نسيت هذه الكلمة - قال (باب شهادة اهل العصبية)

ذكر فيه حديث (دب اليكم داء الامم قبلكم) من طريق الدستوائى عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد عن الزبير ثم قال (وروى عن سليمان التيمى عن يحيى عن يعيش عن مولى للزبير عنه عليه السلام) - قلت - وفيه اختلاف -

اخرجه الترمذي عن سفيان بن وكيع عن ابن مهدى عن حرب بن شداد عن يحيى عن يعيش عن مولى للزبير حدثه ان الزبير حدثه به وقال المزى في اطرافه تابعه على بن المبارك وسفيان بن عبد الرحمن عن يحيى -

قال (باب من خرق اعراض الناس) ذكر فيه حديث أبى هريرة (تعس عبد الدينار والدرهم) ثم قال (اخرجه البخاري عن يحيى بن يوسف ومسلم عن مسلم ابن سلام) - قلت - لم يخرج مسلم هذا الحديث في صحيحه وليس في شيوخه احد يقال له مسلم بن سلام بل ولا في شيوخ احد من الجماعة ثم ذكره من وجه آخر من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن ابيه عن أبى صالح ثم قال (اخرجه البخاري فقال وقال عمرو) - قلت - ذكر المزى في اطرافه ان البخاري ذكره في الجهاد عقب حديث أبى حصين عن أبى صالح ثم قال (وزاد عمرو يعنى ابن مرزوق فذكره)

قال (باب المتداعيين يتنازعان شيئا في يد احدهما ويقيم كل منهما بينة فهو للذى في يده) ذكر فيه حديثين عن جابر وكلاهما في دعوى النتاج - قلت - كيف يقبل بينة ذى اليد ولم يكلفه الله ببينة انما حكم تعالى
على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بان البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه قال عليه السلام بينتك أو يمينه ليس لك غير ذلك - فصح انه لا يلتفت إلى بينة المدعى عليه والحديثان اللذان ذكرهما البيهقى في سند الاول ابن أبى يحيى وهو مكشوف الحال وشيخه اسحاق بن أبى فروة ضعفه البيهقى في ابواب سجود التلاوة وقال في باب من فرق بين وجوده قبل القسم وبعده (متروك) وفى سند الثاني زيد بن نعيم لا يعرف حاله وقال صاحب الميزان لا يعرف في غير هذا الحديث وهو حديث غريب ثم على تقدير صحة الحديثين فالبينتان فيهما قامتا على امر زائد على اليد ولا تدل اليد

عليه فاستوت البينتان في ذلك الامر وترجحت بينة ذى اليد عنده بخلاف ما إذا قامت البينتان على الملك لان بينة الخارج اكثر اثباتا لانها تظهر الملك بخلاف بينة ذى اليد لان الملك كان ظاهرا له بيده - قال (باب المتداعيين يتناز عان شيئا في ايديهما ويقيم كل واحد منها بينة)

ذكر فيه حديثا عن حفص بن عمر الضرير عن حماد بن سلمة عن قتادة عن النضر بن انس عن أبى بردة عن أبى موسى الحديث ثم قال (كذلك رواه فيما بلغني اسحاق بن ابراهيم عن النضر بن شميل عن حماد متصلا) - قلت - في المحلى لابن حزم انه روى من طريق احمد بن شعيب يعنى النسائي قال أخبرني على بن محمد بن أبى المضاء ثنا محمد بن كثير عن حماد ابن سلمة فذكره بسنده متصلا ولفظه ان رجلين ادعيا دابة وجداها عند رجل فاقام كل واحد منهما شاهدين انها دابته فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين فقد تابعهما ابن كثير على روايته عن حماد متصلا وابن كثير هذا هو المصيصى وثقه ابن معين وغيره وقال النسائي هذا خطأ وابن كثير صدوق الا انه كثير الخطأ قال عبد الحق انما خطأه في هذا الحديث لانه انما يروى عن قتادة عن سعيد بن أبى بردة كما تقدم - قلت - قد تقدم ان ابن شميل وحفص بن عمر وافقا ابن كثير على روايته عن قتادة كذلك فيحمل على ان لقتادة فيه سندين - قال (باب المتداعيين يتداعيان ما ليس في يد واحد منهما)

(قال الشافعي فيها قولان احدهما يقرع بينهما والآخر يقسم بينهما) ثم ذكر حديث أبى موسى ثم قال (مضى الكلام
في الباب السابق عليه وليس فيه انه لم يكن في ايديهما) - قلت - قد ذكرنا في الباب السابق ان النسائي اخرجه ولفظه وجداها عند رجل قال ابن حزم هذا نص على اقامة البينة من كل واحد منهما وليس في ايديهما وقد ذكر البيهقى في الباب السابق ان ابن خزيمة رواه عن أبى موسى عن أبى الوليد عن حماد فارسله فقال عن قتادة عن النضر بن انس عن

أبى بردة ان رجلين ادعيا دابة وجداها في يد رجل) ثم ذكر البيهقى حديث تميم بن طرفة ثم قال (قال الشافعي في القديم تميم مجهول) - قلت - روى عنه سماك وعبد العزيز بن رفيع وغيرهما واخرج له مسلم والحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وذكره في الثقات من التابعين وقال البيهقى بعد في هذا الباب (تميم بن طرفة الطائى كوفى يروى عن عدى ابن حاتم وجابر بن سمرة من متأخرى التابعين) -

قال (باب القافة ودعوى الولد) ذكر فيه حديث مجزز - قلت - لم يكن فيه دعوى ولا تنازع فليس بوارد في محل النزاع لان اسامة كان لاحقا بفراش زيد من غير منازع له وانما كان الكفار يطعنون في نسبه لتباين اللونين فلما الحقه مجزز به كان ابطالا لطعنهم لانهم كانوا يعترفون

بالقيافة فسر النبي صلى الله عليه وسلم بابطال طعنهم فلم يكن سروروه الا لحق قال معنى هذا الكلام المازرى وغيره فلم نسلم ان الاشتباه يدل على الانسان عند التنازع والدعوى ثم ذكر البيهقى من وجوه (ان القافة جعلوه من المدعيين وان عمر قال للولد اتبع وفى رواية وال ايهما شئت) - قلت - لم يعمل عمر بقول القافة لانهم جعلوه منهما وعمر رد الامر إلى الصبى لا إلى

قولهم ثم ذكر البيهقى (عن سعيد بن المسيب ان عمر جعله لهما يرثانه ويرثهما ثم ذكره ايضا عن الحسن عنه ثم قال (كلتاهما منقطعة) - قلت - الشافعي يحتج بمرسل ابن المسيب في مثل هذه الصورة وروى ايضا من حديث الشعبى وابراهيم عن عمر ذكره أبو عمر ورواه الطحاوي بسند حسن من رواية أبى المهلب عن عمر - قال وروى عن عمر من وجوه صحاح انه جعله بينهما وقال أبو عمر ذكر عبد الرزاق عن الثوري عن قابوس بن أبى ظبيان عن ابيه عن على انه اتاه رجلان وقعا على امرأة في طهر واحد فقال الولد بينكما وهو للباقى منكما - وذكر البيهقى فيما بعد في آخر باب من قال يقرع بينهما ورواه ابن
أبى شيبة في مصنفه عن حسين بن على عن زائدة عن سماك عن حنش عن على وهذا السند على شرط مسلم واليه ذهب الكوفيون واكثر اهل العراق ذكره أبو عمر وقد عمل بذلك أبو ثور فقال إذا قال القافة الولد منهما لحق بهما وورثهما

وورثاه وقال الشافعي إذا كبر الولد قيل له انتسب إلى ايهما شئت فلم يعمل بقول القافة وخالف المروى عن الامامين مصيرا إلى ما روى عن عمر اولا وهو مخالف لقول القافة كما تقدم وقد لاعن عليه السلام بين الزوجين ولم يدع القافة واتفقوا على امة تدعى ان ولدها من المولى انه لا يرجع إلى القافة بل ذهب ابن عباس رضى الله عنه وزيد إلى انه لا يلزمه الا ان يقر وقال عمر وابنه اقر بوطئها لزمه ولم يعتبر مالك القافه في الحرائر -

قال (باب من قال يقرع بينهما)

ذكر فيه حديثا في سنده الاجلح فقال (روى عنه الثوري وابن المبارك والقطان الا انه لم يحتج به الشيخان) - قلت - ضعفه النسائي ووثقه ابن معين وغيره وذكر صاحب المستدرك هذا الحديث وقال الاجلح انما هو نقما عليه يعني الشيخين حديثا

واحدا لعبد الله بن بريدة وقد تابعه على ذلك الحديث ثلاثة من الثقات فهذا الحديث إذا صحيح وقد قدمنا غير مرة ان قول البيهقى لم يحتج به الشيخان لا يلزم منه التضعيف.

قال (باب أخذ الرجل حقه ممن يمنعه)

ذكر فيه حديثا عن يوسف بن ماهك عن فلان قال حدثنى ابى انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول اد الامانة إلى من ائتمنك) الحديث ثم ذكره من حديث شريك وقيس عن أبى حصين عن أبى صالح عن أبى هريرة عنه عليه السلام

ثم قال (الاول في حكم المنقطع حيث لم يذكر بوسف اسم من حدثه ولا من حدث عنه من حدثه وحديث أبى حصين
تفرد به شريك وقيس ضعيف وشريك القاضى لم يحتج به اكثر اهل العلم وانما ذكره مسلم في الشواهد) قلت - لا يحتاج في الاول اسم من حدث عنه من حدثه لانه صحابي وقد ذكرنا غير مرة ان الصحابة لا يضرهم الجهالة لانهم عدول - وشريك وان تكلم فيه فقد وثقه غير واحد وذكره ابن حبان في الثقات واستشهد به البخاري وقال الحاكم في المستدرك في اواخر الجنائز احتج به مسلم - وقيس بن الربيع تكلم فيه جماعة ووثقه شعبة وسفيان وغيرهما وقال ابن عدى عامة رواياته مستقيمة والقول فيه ما قال شعبة وانه لا بأس به واقل احواله ان تكون روايته شاهدة لرواية شريك - وروى الحديث من وجوه خر كما ذكر البيهقى ولهذا حسن الترمذي هذا الحديث واخرجه أبو داود وسكت عنه فهو حسن عنده على ما عرف -

قال (باب أي الرقاب افضل) ذكر فيه حديث عبيد الله بن موسى عن هشام بن عروة عن ابيه عن أبى مراوح عن أبى ذر الحديث وفيه (أي الرقاب افضل قال اغلاها ثمنا) ثم قال (رواه البخاري عن عبيد الله بن موسى) - قلت - رواه مسلم ايضا في الايمان عن أبى الربيع الزهراني وخلف بن هشام كلاهما عن حماد بن زيد عن هشام - قال (باب من اعتق من مملوكه شقصا)

ذكر فيه حديث اسمعيل بن امية (عن ابيه عن جده كان لهم غلام يقال له طهمان أو ذكوان فاعتق جده نصفه) إلى آخره ثم قال (جده عمرو بن سيعد بن العاص ليس له صحبة) - قلت - ذكره ابن حبان في الصحابة وكذا فعل ابن منده وقال ابن الجوزى في التحقيق له صحبة واخرج احمد هذا الحديث في مسند عمرو بن سعيد - ثم ذكر البيهقى (عن الحكم عن على قال

إذا كان لرجل عبد فاعتق نصفه لم يعتق منه الا ما عتق) ثم قال (منقطع) - قلت - قد روى عن على من وجه آخر قال ابن أبى شيبة ثنا حفص عن اشعت عن الحسن قال على يعتق الرجل ما شاء من غلامه - وذكر صاحب الاستذكار ان هذا قول أبى حنيفة وربيعة والحسن والشعبى وطاوس وحماد وعبيد الله بن الحسن واهل الظاهر -

قال (باب من اعتق شركا في عبد وهو معسر)
ذكر فيه حديث مالك (عن نافع عن ابن عمرو الا فقد عتق منه ما عتق) ثم ذكر (ان الشافعي قال لبعض من ناظره أو للمناظرة موضع مع ثبوت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرح الاستسعاء في حديث نافع وعمران) ثم ذكر ما ملخصه

(ان المناظر قال قال ايوب ربما قال نافع عتق منه ما عتق وربما لم يقله واكبر ظنى انه شئ كان يقوله نافع برأيه فأجاب الشافعي بان مالكا احفظ وان غيره وافقه) - قلت - ليس في حديث نافع طرح الاستسعاء كما ذكر الشافعي بل هو

ساكت عنه وهو ثابت في موضع آخر على ما سيأتي ان شاء الله تعالى - ثم ذكر البيهقى حديثا في آخره (ورق منه مارق) - قلت - في سنده اسمعيل بن مرزوق قال الطحاوي في كتابه المسمى بمشكل الحديث ليس ممن يقطع بروايته وشيخه يحيى الغافقي المصرى ايضا متكلم فيه وقال ابن حزم اقدم بعضهم فزاد في هذا الخبر ورق منه ما رق - وهى موضوعة مكذوبة - قال باب المعسر يستسعى

ذكر فيه حديث سعيد بن أبى عروبة وجرير عن قتادة عن النضر عن بشير عن أبى هريرة وفيه الاستسعاء وعزاه إلى الصحيحين ثم قال (وكذا رواه الحجاج بن الحجاج وابان العطار وموسى بن خلف عن قتادة ثم ان الشافعي ضعف السعاية بوجوه - منها - ان شعبة وهشاما روياه عن قتادة وليس فيه استسعاء وهما احفظ - ومنها - انه سمع بعض اهل العلم يقول لو كان حديث سعيد منفردا لا يخالفه غيره ما كان ثابتا) ثم وجه البيهقى باشياء ورد بعضها فمنها (انه يحمل على انه قال ذلك لان سعيدا ينفرد به والحفاظ يتوقفون فيما ينفرد به لاختلاطه وقد وافقه غيره في رواية الاستسعاء) - قلت - تابع ابن أبى عروبة على روايته عن قتادة بن أبى صبيح رواه الحميدى عن ابن عيينة عن ابن أبى عروبة ويحيى بن أبى صبيح عن

قتادة كذلك وقد تقدم من كلام البيهقى ان الحجاج وابان وابن خلف وجرير بن حازم رووه عن قتادة كذلك وإذا سكت شعبة وهشام عن الاستسعاء لم يكن ذلك حجة على ابن أبى عروبة لانه ثقة وقد زاد عليهما شيئا فالقول قوله كيف وقد وافقه على ذلك جماعة وقال ابن حزم هذا خبر في غاية الصحة فلا يجوز الخروج عن الزيادة التى فيه وقد رواه عنه
يزيد بن هارون وعيسى بن يونس وجماعة كثيرة ذكرهم صاحب التمهيد ولم يختلفوا عليه في امر السعاية منهم عبدة بن سليمان وهو اثبت الناس سماعا من ابن أبى عروبة وقال صاحب الاستذكار وممن رواه عنه كذلك روح بن عبادة ويزيد بن زريع وعلى بن مسهر ويحيى بن سعيد ومحمد بن بكر ويحيى بن أبى عدى ولو كان هذا الحديث غير ثابت كما زعم الشافعي لما اخرجه الشيخان في صحيحيهما ثم قال البيهقى (ويوهن امر السعاية ان هما ما رواه عن قتادة فجعل السعاية من قول قتادة) - قلت - في المحلى لابن حزم صدق همام قاله قتادة مفتيا بما روى وصدق ابن ابى عروبة وجرير وابان بن موسى وغيرهم فاسندوه عن قتادة وقال شارح العمدة الذين لم يقولوا بالاستسعاء تعللوا في تضعيفه بتعللات لا تصير على النقد ولا يمكنهم الوفاء بمثلها في المواضع التى يحتاجون إلى الاستدلال فيها باحاديث يرد عليهم فيها مثل التعللات

ثم ذكر البيهقى حديثا (عن أبى قلابة عن رجل من بنى عذرة اعتق مملوكا) الحديث ثم قال (ذكره الشافعي فقال من حضره هو مرسل ولو كان موصولا كان عن رجل لم يسم ولا يعرف ولا يثبت حديثه) - قلت - كذا في نسختنا من السنن فان كان الكاتب لم يسقط شيئا فالظاهر ان هذا الرجل صحابي وقد مر غير مرة ان الصحابة لا تضرهم الجهالة فالحديث إذا مرفوع متصل وذكر المزى في اطرافه ان ابا داود اخرجه في مراسيله من حديث ابى قلابة عن رجل من عذرة ان رجلا منهم اعتق - ومن حديث أبى قلابة ان رجلا من بنى عذرة فذكره انتهى كلامه فعلى الوجه الاول في السند مجهول

ولكن ذكر هذا الحديث في المراسيل على الوجهين فيه نظر ثم قال البيهقى الامر بالسعاية ان ثبت في حديث بشير بن نهيك ففيه ما دل على ان الاختيار من جهة العبد فانه قال غير مشقوق عليه وفى الاجبار عليه مشقة عظيمة) ثم قال (وقد تأوله بعضهم بان يستسعى لسيده أي يستخدم له ولذلك قال غير مشقوق عليه أي لا يحمل من الخدمة فوق ما يلزم بحصة الرق) - قلت - لا وجه لقوله ان ثبت بعد ان اخرجه صاحبا الصحيحين وحسبك بذلك فانه اعلى درجات الصحيح عندهم وقال النووي في شرح مسلم قال العلماء معنى الاستسعاء ان العبد يكلف الاكتساب والطلب حتى يحصل قيمة نصيب الشريك الآخر فإذا دفعها إليه عتق هكذا فسره جمهور القائلين بالاستسعاء ومعنى غير مشقوق عليه أي لا يكلف ما يشق عليه وفى شرح العمدة استسعى العبد أي الزم السعي بما يفك بقية من الرق وشرط ذلك ان يكون غير مشقوق عليه وفى ذلك الحوالة على الاجتهاد والعمل بالظن انتهى كلامه وإذا فهمت معنى قوله غير مشقوق عليه عرفت ان قول البيهقى الاختيار
من جهة العبد زياده في الحديث لا حاجة إليها وما ذكره اول هذا الباب وعزاه إلى الصحيحين من قوله عليه السلام استسعى العبد في ثمن رقبته - يمنع التأويل الذى حكاه عن بعض الناس ان الاستسعاء هو خدمته لسيده وفى شرح مسلم للمازرى وقع في بعض الروايات الاستسعاء بالقيمة وهذه الرواية تمنع هذا التأويل أي تأويل الاستسعاء بأنه يستسعى في نصيب الذى لم يعتق أي يخدمه بقدر نصيبه -

قال (باب من يعتق بالملك)

ذكر فيه حديث (من ملك ذا رحم) من طريق محمد بن بكر عن حماد بن سلمة عن عاصم وقتادة عن الحسن عن سمرة ثم ذكره من حديث مسلم بن ابراهيم وموسى بن اسمعيل (ثنا حماد عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال موسى في موضع آخر عن سمرة فيما يحسب حماد) ثم علله (بان حمادا شك في ذكر سمرة) - قلت - قد تقدم ان محمد ابن بكر رواه عن حماد من غير هذا الشك وكذا اخرجه من طريقه النسائي وابن ماجه واخرجه النسائي ايضا من حديث حجاج وأبى داود وبهز وعبد الله يعنى ابن المبارك عن حماد وليس فيه الشك المذكور وكذا اخرجه احمد في مسنده من حديث أبى كامل ويزيد بن هارون عن حماد وكذا اخرجه الترمذي عن عبد الله بن معاوية الجمحى عن حماد وكذا رواه مسلم بن ابراهيم كما تقدم وكذا رواه موسى بن اسمعيل مرة ومن شك ليس بحجة على من لم يشك كيف والذين لم يشكوا جماعة وقد تقدم قريبا عن الشافعي نحو هذا في باب من اعتق شركا له في عبد وهو معسر ثم قال البيهقى وروى باسناد

آخر وهم فيه رواية ثم ذكره من حديث ضمرة بن ربيعة عن الثوري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر ثم قال (قال سليمان يعنى الطبراني لم يروه عن سفيان الاضمرة) ثم قال البيهقى (المحفوظ بهذا الاسناد حديث نهى عن بيع الولاء وعن هبته وقد رواه أبو عمير يعنى عيسى بن محمد عن ضمرة مع الحديث الاول) - قلت - ليس انفراد ضمرة به دليلا على انه غير محفوظ ولا يوجب ذلك علة فيه لانه من الثقات المأمونين لم يكن بالشام رجل يشبهه كذا قال ابن حنبل وقال ابن سعد كان ثقة مأمونا لم يكن هناك افضل منه وقال أبو سعيد بن يونس كان فقيه اهل فلسطين في زمانه والحديث إذا انفرد به مثل هذا كان صحيحا ولا يضره تفرده فلا ادرى من اين وهم في هذا الحديث رواية كما زعم البيهقى - قال ابن حزم هذا خبر
صحيح تقوم به الحجة كل من رواته ثقات وإذا انفرد به ضمرة كان ماذا ودعوى ان اخطأ فيه باطل لانه دعوى بلا برهان وبقولنا من ملك ذا رحم محرم جمهور السلف وقال الشافعي لا يعتق الا من ولده من جهة اب أو ام أو من ولده هو كذلك ولا يعتق غير هؤلاء لا اخ ولا غيره وما نعلم احدا قاله قبل الشافعي ثم ذكر ما روى عن عمرو ابن مسعود ثم قال لا يعرف لهما من الصحابة مخالف وكذا ذكر الخطابى وقال هو مذهب اكثر اهل العلم وقال الحاكم في المستدرك ثنا أبو على الحسين بن على الحافظ - فذكر بسنده من طريق ضمرة حديث من ملك ذا رحم - ثم قال ثنا أبو على باسناده سواء ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته - ذكر عن أبى على الحافظ كلاما نسخه الكاتب وكان

يقتضى ان المتنين محفوظان ثم قال عن حديث من ملك ذا رحم صحيح على شرط الشيخين وشاهده الحديث الصحيح المحفوظ عن سمرة بن جندب ثم ذكره باسناده من طريق سمرة ورواية عيسى بن محمد الحديثين لا يقتضى توهين شئ منهما وقد اخرج النسائي عن عيسى بن محمد مضموما إلى آخر حديث من ملك ذا رحم محرم منه دون الحديث الآخر -

قال (باب من اعتق مملوكا له) ذكر فيه حديث النهى عن بيع الولاء وعن هبته ثم ذكر (عن الشافعي انا محمد بن الحسن عن يعقوب بن ابراهيم عن عبد الله ابن دينار عن ابن عمر أنه عليه السلام قال الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب) ثم ذكر (عن أبى بكر النيسابوري قال هذا خطأ لان الثقات لم يرووه هكذا وانما رواه الحسن مرسلا) ثم قال البيهقى (روى من اوجه اخر كلها ضعيفة) ثم

ذكره من وجوه وعللها ثم قال (وانما يروى هذا اللفظ مسندا كما قدمنا) - قلت - هذا الحديث بهذا اللفظ روى مرسلا من حديث الحسن وروى مسندا من حديث على كما ذكره البيهقى بعد ومن حديث ابن عمر كما ذكره من رواية يعقوب ابن ابراهيم عن عبد الله بن دينار عنه وكذا اخرجه الحاكم وقال صحيح الاسناد وخالفهما ابن حبان فقال في صحيحه انا أبو يعلى قرئ على بشر بن الوليد عن يعقوب بن ابراهيم عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عنه عليه السلام - فذكره بلفظه وتابع بشرا على ذلك محمد بن الحسن فرواه عن أبى يوسف كذلك - قال البيهقى في كتاب المعرفة ورواه محمد بن الحسن في كتاب الولاء عن أبى يوسف عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر وهذا بخلاف ما ذكره هنا والحاكم
عن محمد وروى ايضا هذا الحديث عن عبد الله بن دينار سفيان الثوري وقد اخرجه البيهقى بعد في هذا الباب من حديثه ثم قال البيهقى (ورواه أبو حسان الزيادي عن يحيى بن سليم عن اسمعيل بن امية عن نافع عن ابن عمر عنه عليه السلام قال الولاء لحمة كلحمة النسب) ثم قال البيهقى (كان يحيى سئ الحفظ كثير الخطأ) - قلت - قد تابعه على هذه الرواية محمد بن مسلم الطائفي كذلك اخرجه الحاكم في المستدرك من حديثه ورأيت على حاشية هذا الكتاب اعني السنن ما صورته حاشية بخط الحافظ أبى القاسم بن عساكر هذا وهم منه رحمه الله انما هو محمد بن زياد بن عبيد الله الزيادي البصري وهو شيخ ابن

خزيمة يروى عنه كثيرا وليس بابى حسان الحسن ابن عثمان الزيادي والله اعلم وقد روى الحديث من وجه آخر بسند رجاله ثقات قال ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار حدثنى موسى بن سهل الرملي ثنا محمد بن عيسى يعنى الطباع ثنا عبثر بن القاسم عن اسمعيل بن أبى خالد عن عبد الله بن أبى اوفى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب - وهذا كله يرد قول النيسابوري والبيهقي انما روى مرسلا وقول البيهقى (روى من اوجه اخر كلها ضعيفة) ثم قال (ويروى عمن دون النبي صلى الله عليه وسلم) ثم ذكره من جهة عمرو على ثم ذكره من حديث على مرفوعا قلت - ذكر هذا الحديث بعد قوله ويروى عمن دون النبي صلى الله عليه وسلم سوء ترتيب والوجه ذكر حديث على هذا في اوائل الباب - قال باب من والى رجلا

ذكر في آخره (ان الشافعي قال وبين يعنى النبي صلى الله عليه وسلم في قوله انما الولاء لمن اعتق انه لا يكون الولاء الا لمن حسن اعتق) قلت في الصحيحين من حديث على وسعيد بن زيد ومن تولى قوما بغير اذن مواليه وفى صحيح مسلم من حديث جابر ولا يحل ان يتوالى رجل مسلم بغير اذنه وذكر البيهقى هذا الحديث فيما مضى في باب من في الديوان ومن ليس فيه في العاقلة سواء وفى ذلك دليل على ان له يتولى غير مولاه بغير اذنه (1) فدل على انه كان مولى له بغير العتاق إذ لو كان مولى له بالعتاق لم يجز أن يتولى غير ه أذن له أو لم يأذن وحديث تميم ايضا عدل على وجود الولاء بغير العتق وكذا اللقيط وسنتكلم عليهما ان شاء الله تعالى -
__________
(1) كذا ولعل الصواب - باذنه - ح -

قال (باب ما جاء في علة حديث تميم) ذكر من طريق يعقوب بن سفيان ثنا أبو نعيم ثنا عبد العزيز بن عمر عن عبد الله بن موهب سمعت تميما إلى آخره ثم قال (قال يعقوب هذا خطأ ابن موهب لم يسمع من تميم ولا لحقه) ثم اخرجه من طريق يعقوب عن عبد الله بن يوسف عن يحيى بن حمزة عن عبد العزيز عن ابن موهب عن قبيصة بن ذؤيب عن تميم ثم من طريق أبى داود ثنا يزيد بن خالد وهشام بن عمار ثنا يحيى بن حمزة عن عبد العزيز سمعت ابن موهب يحدث عمر بن عبد العزيز عن قبيصة قال هشام عن

تميم ثم قال البيهقى (فعاد الحديث مع ذكر قبيصة فيه إلى الارسال) ثم ذكر (ان الشافعي قال ابن موهب ليس بالمعروف عندنا ولا نعلمه لقى تميما ومثل هذا لا يثبت عندنا ولا عندك من قبل انه مجهول ولا اعلمه متصلا) - قلت - اخرجه الحاكم من طريق ابن موهب عن تميم ثم قال صحيح على شرط مسلم وعبد الله بن موهب بن زمعة مشهور وشاهده عن تميم حديث قبيصة ثم ذكر حديث قبيصة بسنده واخرج ابن أبى شيبة الحديث في المصنف عن وكيع عن عبد العزيز وصرح فيه بسماع ابن موهب من تميم كرواية أبى نعيم واخرجه ابن ماجه في سننه عن ابن أبى شيبة كذلك فهذان ثقتان جليلان صرحا في روايتهما بسماع ابن موهب من تميم وادخل يزيد بن خالد وهشام وابن يوسف بينهما قبيصة فان كان الامر كما ذكر أبو نعيم ووكيع حمل على انه سمع منه بواسطة وبدونها وان ثبت انه لم يسمع منه ولا لحقه فالواسطة وهو قبيصة ثقة ادرك زمان تميم بلا شك فعنعنته محمولة على الاتصال فلا ادرى ما معنى قول البيهقى فعاد الحديث مع ذكره إلى الارسال وقال صاحب الكمال ابن موهب ولاه عمر بن عبد العزيز قضاء فلسطين وروى عبد العزيز بن عمر والزهرى وابنه يزيد بن عبد الله وعبد الملك بن أبى جميلة وعمرو بن مهاجر وقال يعقوب بن سفيان ثنا أبو نعيم ثنا عبد العزيز ابن عمرو هو ثقة عن ابن موهب الهمداني وهو ثقة قال سمعت تميما وكذا ذكر الصريفينى في كتابه بخطه فدل ذلك على انه ليس بمجهول لا عينا ولا حالا ثم الظاهر ان الشافعي يخاطب محمد بن الحسن لانه المخالف له في هذه المسألة هو وأصحابه وقد عرف من مذهبهم ان الجهالة وعدم الاتصال لا يضران الحديث فلو سلموا له ذلك لكان الحديث ثابتا عندهم محتجا به فكيف يقول الشافعي ومثل هذا لا يثبت عندنا ولا عندك وفى التهذيب لابن جرير الطبري وروى خصيف عن مجاهد قال جاء رجل إلى عمر فقال ان رجلا اسلم على يدى ومات وترك الف درهم فلمن ميراثه قال أرأيت لو جنى جناية من كان يعقل
عنه قال انا قال فميراثه لك - ورواه مسروق عن ابن مسعود وقاله ابراهيم وابن المسيب والحسن ومكحول وعمر

ابن عبد العزيز وفى الاستذكار هو قول أبى حنيفة وصاحبيه وربيعة وقال يحيى بن سعيد في الكافر الحربى إذا اسلم على يد مسلم وروى عن عمر وعثمان وعلى وابن مسعود انهم اجازوا الموالاة وورثوا بها وقاله الليث وعن عطاء والزهرى ومكحول نحوه وعن ابن المسيب ايما رجل اسلم على يديه رجل فعقل عنه ورثه وان لم يعقل عنه لم يرثه وقال به طائفة وعند أبى حنيفة وأصحابه إذا اسلم على يديه ولم يعقل عنه ولم يواله لم يرثه ولم يعقل عنه وان والاه على ان يعقل عنه ويرثه ورثه وعقل عنه وهو قول الحكم وحماد وابراهيم وهذا كله إذا لم تكن له عصبة - قال (باب من قال له عليه ولاء يعنى المنبوذ) ذكر فيه (عن سنين أبى جميلة وقال وجدت منبوذا) إلى آخره ثم قال (اجاب عنه الشافعي بانه ليس مما يثبت مثله هو عن رجل ليس بالمعروف يعنى ابا جميلة) - قلت - هو من الصحابة اخرج له البخاري في المغازى من صحيحه حديثا عن النبي

صلى الله عليه وسلم وعده ابن حبان وابن منده وغيرهما فيهم ذكر جماعة انه شهد الفتح معه صلى الله عليه وسلم وقال ابن أبى حاتم روى عنه الزهري وزيد بن اسلم وقد ورد في الباب عن واثلة انه عليه السلام قال المرأة تحوز ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذى لا عنت عليه - صحح الحاكم اسناده وحسنه الترمذي وسكت عنه أبو داود فهو حسن عنده ايضا وقد تكلمنا عليه وفى كتاب الفرائض وقال أبو عمر ذكر ابن أبى شيبة ثنا حاتم بن اسمعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال قال على المنبوذ حر، فان حرب ان يوالى الذى التقطه والاه وان اجب ان يوالى غيره والاه - وذكر أبو بكر ثنا عمر بن هارون عن ابن جريج عن عطاء قال اللقيط يوالى من شاء وهو قول ابن شهاب وطائفة من اهل المدينة وقال ايضا ثنا جماد بن خالد عن ابن أبى ذئب عن الزهري ان عمر اعطى ميراث المنبوذ للذى كفله -

قال (باب الولاء للكبير)

ذكر فيه اثرا مرسلا عن ابن المسيب -
ثم قال (باب من قال من احرز الميراث احرز الولاء) ذكر فيه حديثا من رواية عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ثم قال (مرسل ابن المسيب اصح من رواية عمرو بن شعيب) قلت - حديث عمر وذكره صاحب التمهيد ثم قال صحيح حسن غريب قال يعقوب بن شيبة ما رأيت احدا من اصحابنا ممن ينظر في الحديث وسعى الرجال يقول في عمرو بن شعيب شيئا وحديثه صحيح وهو ثقة ثبت والاحاديث التى انكروا من حديثه انما هي لقوم ضعفاء رووها عنه وما روى عنه الثقات فصحيح قال وسمعت على بن المدينى يقول قد سمع ابوه شعيب من جده عبد الله قال على وعمر وعندنا ثقة وكتابه صحيح وقال البيهقى في باب الطلاق قبل النكاح

(قال ابن راهويه إذا كان الراوى عن عمر وثقة فهو كايوب عن نافع عن ابن عمر) وقال البخاري رأيت ابن حنبل وابن المدينى وابن راهويه والحميدي يحتجون بحديثه وذكر البيهقى في باب القطع في كل ماله ثمر حديثا من روايته (عن ابيه عن جده قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم في كم يقطع اليد) ثم قال في باب ما يكون حرزا وقد رويناه موصولا من حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده وذكر نحوه في باب كراهية الزيادة على الثلاث في الوضوء فكيف يرجح مرسل ابن المسيب على حديث احتج به اكثر العلماء وصرح البيهقى باتصاله وقد ذكر البيهقى في رسالته إلى الجوينى ان الشافعي لم يخص مرسل ابن المسيب بالقبول بل يقبل مرسله ومرسل غيره من كبار التابعين كالحسن وابن سيرين وعطاء بن أبى رباح وسليمان بن يسار إذا اقترن بها ما يؤكدها من الاسباب وذكر ان الشافعي ترك عدة من مراسيل ابن المسيب لم يقترن بها ما يؤكدها أو عارضها ما هو اقوى منها كمرسله انه عليه السلام فرض زكاة الفطر مدين من حنطة وانه عليه السلام قال لا بأس بالتولية في الطعام قبل ان يستوفى وانه عليه السلام قال دية كل ذى عهد في عهده الف دينار وانه عليه السلام قال من ضرب اباه فاقتلوه -

قال (باب المدبر يجوز بيعه)

ذكر فيه حديث بيع المدبر من وجوه في بعضها بيعه مطلقا وفى بعضها ان سيده احتاج وفى بعضها (انه عليه السلام دفع الثمن إليه وقال إذا كان احدكم فقيرا فليبدأ بنفسه) - قلت - مذهب الشافعي حمل المطلق على المقيد فوجب ان لا يبيعه
إذا احتاج سيده كما سيذكره البيهقى عن طاوس وروى عن عطاء انه سئل أيبيع الرجل مدبرته فقال لا الا ان يحتاج إلى ثمنها وحكى الخطابى هذا المذهب عن الحسن

ثم ذكر البيهقى من حديث محمد بن طريف (عن ابن فضيل عن عبد الملك بن أبى سليمان عن عطاء عن جابر قال عليه السلام لا بأس ببيع خدمة المدبر إذا احتاج) ثم ذكر عن الدار قطني (انه خطأ من ابن طريف والصواب عن عبد الملك عن أبى جعفر مرسلا) - قلت - اعترض ابن القطان على هذا بما ملخصه انه ان كان فيه خطأ فهو عن ابن فضيل لانه الذى خولف فيه ولا يبعد أن يكون عند عبد الملك حديثان - احدهما - عن أبى جعفر مرسلا انه عليه السلام باع خدمة المدبر هكذا من فعله عليه السلام والآخر - عن عطاء عن جابر قال عليه السلام لا بأس ببيع خدمة المدبر - فرواه عبد الملك كذلك مرسلا ومسندا وليس من قصر به فلم يسنده حجة على من حفظه واسنده إذا كان ثقة وابن طريف وابن فضيل صدوقان مشهوران من اهل

العلم فلا ينبغى ان يخطأ واحد منهما ثم اخرجه البيهقى من وجهين - احدهما - من طريق عبد الملك - والثانى - من طريق الحكم بن عتيبة كلاهما عن أبى جعفر مرسلا ثم ذكر (ان الشافعي اجاب عنه بما ملخصه انه يروه عن أبى جعفر فيما علم الشافعي من ثبت حديثه ولو رواه من ثبت حديثه فهو منقطع يخالف المتصل الثابت) - قلت - قد تقدم انه رواه عن الحكم وهو ممن اخرج لهم الجماعة ورواه ايضا عبد الملك وهو ممن اخرج لهم مسلم فقد رواه من يثبت حديثه وتقدم ايضا انه روى مسندا ايضا من جهة ابن فضيل فزال انقطاعه والظاهر أن مراد الشافعي بالمتصل الثابت حديث جابر في بيع المدبر وقد اشار الشافعي إلى ذلك فيما بعد وحديث أبى جعفر لا يخالفه لان ذلك في بيع رقبته وهذا في بيع خدمته كما ذكره الشافعي فيما بعد

ويحتمل ان يراد ببيع الحدمة الاجارة كما روى عن جابر قال عليه السلام من كان له ارض فليزرعها أو يزارعها ولا يبيعوها قلت له يعنى الكراء قال نعم - ويمكن ان يحمل بيع المدبر على بيع خدمته فيتفق الحديثان -

قال (باب ولد المدبرة من غير سيدها) ذكر الشافعي فيهم قولين - احدهما انهم بمنزلتها يعتقون بعتقها ويرقون برقها ثم اخرج البيهقى ذلك عن جماعة من الصحابة

وغيرهم ثم قال (قال الشافعي - والقول الثاني - انهم مملوكون وقد قال هذا غير واحد من اهل العلم) - قلت - في نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمع الصحابة ان ما ولدت المدبرة في حال تدبيرها يعتقون بعتقها ويرقون برقها وانما جاء الاختلاف بعدهم وفى الاستذكار روى ذلك عن عثمان وابن مسعود وابن عمر وجابر ولا اعلم لهم مخالفا من الصحابة -

قال (باب من لم يكره كتابة عبده وان كان غير قوى ولا امين)

ذكر (فيه ان عمر كتب إلى عمير بن سعد انه من قبلك من المسلمين ان يكاتبوا ارقاءهم على مسألة الناس) - قلت - هذا الاثر غير مطابق للباب بل هو دال على انه يكره كتابة من لا حرفة له - قال (باب مكاتبة الرجل عبده أو امته على نجمين) ذكر فيه قول بريرة (كاتبوني على تسع اواقى في تسع سنين) ثم قال (وروينا في الحديث الثابت عن أبى هريرة انه عليه السلام نهى عن بيع الغرر وفى الكتابة الحالة غرر كبير (1) ثم ذكر عن عثمان انه كاتب مملوكا له على مائة الف على ان يعدها
__________
(1) في السنن - كثير -

عدتين) - قلت - اطلاق قوله تعالى فكاتبوهم يدل على جواز الكتابة حالة ومؤجلة كالبيع والى هذا رجع ابن حزم واستدل بقضية سلمان وقد ذكرها البيهقى في الباب الذى بعد هذا الباب وبالكتابة حالة تصير له ذمة ويد على نفسه ويتوصل بذلك إلى الكسب بان يستقرض أو يوهب له أو يتصدق عليه كفقير اشترى شيئا ثبت الثمن في ذمته وفقره لا يقتضى تأجيله وقضية بريرة واقعة عين وقعت الكتابة فيها مؤجلة ولم يتعرض فيها للحالة لا بنفى ولا باثبات وكذا مكاتبة عثمان لمملوكه وقد مر في اوائل البيوع ان الغرر ما كان على خطر لا يدرى كالطير في الهواء والسمك في الماء وما لا يقدر على تسليمه وليست الكتابة الحاكة كذلك فلا نسلم ان فيها غررا ثم لو سلمنا ان هذه الادلة تدل على انه لا بد من التنجيم يكتفى نجم واحد فوجب ان تكون الكتابة على نجم وهو مذهب مالك والجمهور ذكره النووي في شرح مسلم فاشتراط
الشافعي النجمين يحتاج إلى دليل وفى الاستذكار اكثر اهل العلم يجيزونها على نجم واحد وفى نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمعوا على جواز الكتابة حالا الا الشافعي فلم يجوزها على اقل من نجمين - قال (باب من لم يعتقه حتى يكون) في الكتابة فإذا اديت فانت حر

- قلت - في نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمعوا على جوازها وان لم يذكر العتق بالاداء الا الشافعي قال لا يعتق حتى يقول ذلك أو يقول بعد العقد كانت نيته كذلك حينئذ -

قال (باب المكاتب عبد ما بقى عليه درهم)

قال في آخره (واختلفت الروايات فيه عن عمر) ثم ذكره من طريق معبد الجهنى عن عمر ثم من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن جابر بن سمرة عن عمر ثم قال (القاسم لا يثبت سماعه من جابر) - قلت - تعليله الطريق الثانية بالانقطاع يوهم ان الاولى متصلة وليس كذلك بل هي ايضا منقطعة لان رواية معبد عن عمر مرسلة - قال (باب المكاتب يصيب حدا أو ميراثا) ذكر فيه حديث عكرمة عن ابن عباس عنه عليه السلام قال إذا اصاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق

منه ثم بين الاختلاف فيه ثم قال (وهذا المذهب انما يروى عن على وفى ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم نظر) - قلت رواية جماعة مرفوعة وهى زيادة فلا يضرهم رواية من وقفه ولهذا حسنه الترمذي ورواه صاحب المستدرك من وجهين وقال فيهما صحيح على شرط البخاري ثم رواه من وجه ثالث وقال صحيح الاسناد وقال ابن حزم خبر على وابن عباس في غاية الصحة وليت شعرى من اين وقع ان العدل إذا اسند الخبر واوقفه آخرا وارسله ان ذلك علة في الحديث هذا لا يوجبه نص ولا نظر ولا معقول -

قال (باب الحديث الذى روى في الاحتجاب) ذكر فيه حديث نبهان عن ام سلمة ثم ذكر (عن الشافعي انه لم ير من رضى من اهل العلم ثبته) ثم ذكر البيهقى (ان البخاري ومسلما لم يخرجه حديثه وكأنه لم يثبت عندهما عدالته أو لم يخرج من حد الجهالة برواية عدل عنه) - قلت - قد تقدم

مرارا انه لا يلزم من عدم تخريجهما عن شخص ان يكون ضعيفا وقد اخرج الترمذي هذا الحديث وقال حسن صحيح وقال الحاكم في المستدرك صحيح الاسناد واخرجه ابن حبان في صحيحه وذكر نبهان في الثقات من التابعين وقال ابن أبى حاتم في كتابه روى عنه الزهري ومحمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة سمعت أبى يقول ذلك - قال باب قوله تعالى (وآتوهم من مال الله).

قلت - العجب من الشافعي كيف حمل الامر في قوله تعالى (فكاتبوهم -) على الندب وفى قوله تعالى (وآتوهم) على الوجوب ثم انه جعل المخاطبين بذلك موالى المكاتبين وليس الامر كذلك قال ابن جرير الطبري في التهذيب وفى حديث بريرة ايضا الدلالة على صحة قولنا في تأويل قوله تعالى (وآتوهم من مال الله) انه يعنى به اهل الاموال الذين وجبت في اموالهم الصدقات فأمرهم الله تعالى باعطاء المكاتبين منها ما فرض فيها بقوله تعالى (وفى الرقاب) ولو لا ذلك لم تكن بريرة تسأل عائشة ولا ضرورة لها من امكان عجزها عن الكتابة إذا لم تجد سبيلا إلى الاداء والرجوع إلى ما كانت عليه من وجوب نفقتها على مواليها ولكنها لما علمت ان الله فرض في اموال اهل الاموال لمن كان بمثل حالها حقا بقوله تعالى (وآتوهم من مال الله الذى آتاكم) وبقوله (وفى الرقاب) تعرضت لطلب ذلك وفى ذلك دلالة بينة على ان المراد بقوله تعالى (وآتوهم) اهل الاموال والدلالة على خطأ من زعم ان قوله تعالى (وآتوهم) يعنى به موالى المكاتبين خاصة دون سائر الناس غيرهم وانهم امروا ان يضعوا عنهم من كتابتهم ولو كان كما قالوا لقال ضعوا عنهم من كتابتهم ولو كان امرا باعطائهم من مال كتابتهم لقال من مال الله الذى آتاكم منهم فإذ لم يكن ذلك محصورا على مواليهم كان معلوما انه خطاب لذوى الاموال بايتائهم ما فرض الله لهم في اموالهم - وقال أبو بكر الرازي الحط من بدل الكتابة لا يسمى ايتاء لان الايتاء في

الحقيقة هو الاعطاء ومن ابرأ انسانا من مال عليه لا يقال انه اعطاه شيئا وايضا فانه تعالى امرنا ان نؤتيهم مما آتانا الله وما في
ذمة المكاتب من مال الكتابة لهم لم يؤت بعد لان الايتاء هو الاعطاء وانه يقتضى القبض وذلك غير مقبوض فلا يقع عليه الاسم انتهى كلامه - ولو سلمنا ان المراد بذلك الموالى فالامر محمول على الندب كما فعل الشافعي في قوله تعالى فكاتبوهم وكما فعل هو وغيره في الامر بالاشهاد على البيع والكتابة وقد قالت بريرة كاتبت اهلي على تسع اواقى وقالت عائشة ان احب اهلك ان اعدها لهم فلو كان الحط واجبا لقال عليه السلام عليها اقل من ذلك لان عليهم ان يحطوا عنها ولا خبر عائشة بسقوط البعض عنها وفى الصحيح ان جويرية جاءت النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها فقال عليه السلام أقضى عنك كتابتك فدل على وجوب الجميع عليها دون حطيطة لها منه واعان عليه السلام سلمان على كتابته ولم يأخذ مولاه بحط شئ منها وقد تقدم في باب الكتابة على نجمين (ان عثمان كاتب مملوكا له على مائة الف وقال والله لا اغضك منها درهما) وما ذكره البيهقى في هذا الباب (عن جماعة من الصحابة وغيرهم انهم وضعوا شيئا من الكتابة) فليس في شئ منه انهم كانوا يرون ذلك واجبا عليهم فيحمل على انهم فعلوا ذلك على سبيل الندب والفضل ويدل على ذلك ما ذكره البيهقى في آخر الباب (عن ابن سيرين قال كان يعجبهم ان يدع الرجل لمكاتبه طائفة من مكاتبته)

قال (باب موت المكاتب) ذكر فيه (عن ابن جريج قلت لعطاء المكاتب يموت وله ولد احرار ويدع اكثر مما بقى عليه من كتابته قال يقضى عنه ما بقى من كتابته وما كان من فضل فلبنيه قلت أبلغك هذا عن احد؟ قال زعموا ان على بن أبى طالب كان يقضى به) ثم ذكر (عن طاوس قال يقضى عنه ما عليه ثم لبنيه ما بقى وقال عمرو بن دينار ما اراه لبنيه قال الشافعي يعنى انه لسيده وبقول عمرو نقول فاما ما روى عن عطاء انه بلغه عن على فهو روى عنه انه كان يقول يعتق عنه بقدر ما ادى ولا ادرى أثبت عنه ام لا) - قلت - ما ذكره عطاء اولا عن على روى من وجه آخر نحوه قال ابن أبى شيبة ثنا أبو الاحوص عن سماك عن قابوس بن أبى المخارق عن ابيه قال بعث على محمد بن أبى بكر على مصر فكتب إليه يسأله عن مكاتب مات وترك مالا وولدا فكتب إليه ان كان ترك وفاء لمكاتبته يدعى مواليه فيستوفون وما بقى كان ميراثا لولده - ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري واسرائيل عن سماك مثل ذلك - وقال الخطابى هو قول عطاء وطاوس والحسن وقال مالك نحوا من ذلك وفى المحلى لابن حزم ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال إذا كان للمكاتب اولاد معه في كتابته (1) واولاده ليسوا معه في كتابته فانه يؤدى ما بقى من كتابته ثم يقسم ولده جميعا ما بقى من ماله على فرائضهم
قال وبه يقول معبد والحسن البصري وابن سيرين والنخعي والشعبى وعمرو بن دينار والثوري وأبو حنيفة والحسن ابن حى واسحاق بن راهويه انتهى كلامه وهو خلاف ما ذكره البيهقى عن عمرو بن دينار ولابي داود عن ام سلمة قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان لاحدا كن مكاتب وكان عنده ما يؤدى فلتحتجب منه - قال الخطابى في هذا كالدلالة على انه إذا مات وترك الوفاء بكتابته كان حرا - وروى مالك في الموطأ عن حميد بن قيس ان مكاتبا كان لابن
__________
(1) كذا

المتوكل هلك بمكة وترك عليه بقية من كتابته وديونا للناس وترك ابنته فأشكل على عامل مكة القضاء فيه فكتب إليه عبد الملك ان ابدأ بالناس ثم اقض ما بقى من كتابته ثم اقسم ما بقى من ماله بين ابنته ومولاه - وقال صاحب الاستذكار محفوظ من وجوه ان ابنته كانت حرة وقال ابن جريج قال لى عمر وبن دينار ما اراه كله الا لابنته وقال أبو عمر ذهب في ما ذكره البيهقى عن عمرو وقول الشافعي لا ادرى أثبت عنه ام لا الظاهر انه راجع إلى قول على يعتق عنه بقدر ما ادى - وهو ثابت عنه ذكره ابن حزم من حديث الشعبى وعكرمة والحكم عنه بطرق جيدة - ثم ذكر البيهقى اثر معاوية وفى طريقه (رجل عن معبد أن معاوية) إلى آخره - قلت - قد جاء بسند جيد ليس فيه هذا المجهول فقال عبد الرزاق في مصنفه عن قتادة عن معبد الجهنى قال سألني عبد الملك بن مروان عن المكاتب يموت وله ولد احرار وله مال اكثر مما بقى فقلت قضى فيها عمر بن الخطاب ومعاوية بقضائين وقضاء معاوية فيها احب إلى من قضاء عمر قال ولم؟ قلت لان داود كان خيرا من سليمان ففهمها سليمان قضى عمر أن ماله كله لسيده وقضى معاوية ان سيده يعطى بقية كتابته ثم ما بقى فهو لولده الاحرار -

قال (باب تعجيل الكتابة) ذكر فيه من طريق يحيى بن بكر حدثنى عبد الله بن عبد العزيز الليثى عن سعيد المقبرى عن ابيه إلى آخره ثم قال (قال

أبو بكر النيسابوري وهو احد رواته هذا حديث حسن) - قلت - سكت عنه البيهقى وكيف يكون حسنا والليثي المذكور فيه ذكره الذهبي في كتاب الضعفاء له وقال ضعفوه -

قال (باب المكاتب يجوز بيعه في حالين) ذكر فيه (عن مالك حدثنى يحيى بن سعيد عن عمرة ان بريرة جاءت تستعين عائشة) ثم عزاه إلى البخاري ثم قال

(ارسله مالك في اكثر الروايات عنه) - قلت - هذا الحديث كله ليس بمرسل بل اوله مرسل وآخره مسند وهو وقوله قال مالك قال يحيى فزعمت عمرة ان عائشة ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا يمنعك ذلك إلى آخره ثم ذكر (عن الشافعي انه قال حديث عمرة عن عائشة اثبت من حديث هشام وأحسبه غلط في قوله واشترطي لهم الولاء وأحسب ان عائشة كانت شرطت ذلك لهم بغير امره صلى الله عليه وسلم وهى ترى ذلك يجوز فأعلمها انها ان اعتقتها فالولاء لها وقال لا يمنك عنها ما تقدم من شرطك ولا ارى امرها تشترط لهم ما لا يجوز) - قلت - سنتكلم

على هذا آخر الباب ان شاء الله تعالى ثم ذكر البيهقى من طريق شعبة (سمعت عبد الرحمن بن القاسم سمعت القاسم يحدث عن عائشة انها ارادت ان تشترى بريرة) إلى آخره ثم (قال رواه مسلم) - قلت - ورواه البخاري ايضا في الهبة

عن محمد بن بشار عن غندر عن شعبة - ثم ذكر البيهقى من طريق الاسود عن عائشة وفى آخره (وكان زوجها حرا) ثم قال (وقد بينا في كتاب النكاح ان ذلك من قول الاسود) - قلت - قد تكلمنا عليه هناك - ثم ذكره من حديث عبد الواحد بن ايمن عن ابيه عن عائشة وفيه اشتراط اهلها الولاء ثم قال (وهذه الرواية قريبة من رواية هشام) قلت - في هذه الرواية ان اهلها اشترطوا الولاء وفى رواية هشام انه عليه السلام امر عائشة ان تشترط لهم الولاء فليست

بقريبة من رواية هشام بل مخالفة لها ثم ذكر عن الشافعي (انه قال اشترطي لهم الولاء معناه اشترطي عليهم قال الله تعالى اولائك لهم اللعنة - أي عليهم) ثم قال البيهقى (وفى صحة هذه اللفظة نظر - قلت - قد ذكر البيهقى حديث هشام في اول هذا الباب وعزاه إلى الصحيحين وقد ذكرنا فيما تقدم في باب المعسر يستعسى ان ذلك اعلى درجات الصحيح عندهم وهذه اللفظة مذكورة في حديث هشام كما مر فلا نظر إذا في صحتها كما زعم البيهقى ولو غلط هشام كما زعم
الشافعي أو لا لما خرج الحديث صاحبا الصحيح فالوجه إذا تأويل الحديث كما فعل الشافعي اولا وثانيا لارده والله اعلم -

قال (باب الرجل يطأ امته ثم تلد له)

ذكر فيه (عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر أنه نهى عن بيع امهات الاولاد) إلى آخره ثم قال (هكذا رواية الجماعة وغلط بعض الرواية عن عبد الله بن دينار فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو وهم لا يحل ذكره) - قلت - اخرجه الدار قطني في سننه مرفوعا من حديث يونس بن محمد عن عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر وذكره ابن القطان في باب الاحاديث التى ضعفها عبد الحق وعند ابن القطان انها صحيحة أو حسنة قال ابن القطان وعندي

ان الذى يسنده ثقة خير من الذى وقفه ثم ذكر البيهقى حديث (اعتقها ولدها من جهة حسين بن عبد الله وابن أبى حسين كلاهما عن عكرمة عن ابن عباس) ثم قال (ولحديث عكرمة علة عجيبة) ثم ذكر (عن سعيد بن مسروق عن عكرمة عن عمر قال اعتقها ولدها وان كان سقطا) ثم ذكر (عن خصيف عن ابن عباس قال عمر (فذكر نحوه ثم قال (فعاد الحديث إلى عمر) ثم جعله الصحيح - قلت - هاتان قضيتان مختلفتان لفظا روى عكرمة احداهما مرفوعة والاخرى موقوعة فلا تغلل

احداهما بالاخرى وقد اخرج الحاكم في المستدرك الرواية المرفوعة وقال صحيح الاسناد ثم ذكر لها متابعة واخرجه ابن حبان من حديث أبى عاصم عن ابى بكر النهشلي عن حسين والنهشلي اخرج له مسلم ووثقه جماعة وقد تقدم ذكره في باب من لم يذكر الرفع الا في الافتتاح - وقد جاء للحديث متابعة من وجه آخر بسند جيد قال ابن حرم روينا من طريق قاسم بن اصبغ ثنا مصعب بن محمد ثنا عبيد الله بن عمر هو الرق عن عبد الكريم الجزرى عن عكرمة عن ابن عباس قال لما ولدت مارية ام ابراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتقها ولدها - ثم قال ابن حزم هذا خبر جيد السند كل رواته ثقه وقال في كتاب البيوع صحيح السند ثم ذكر البيهقى (ان بعض أصحابهم احتج بحديث الخدرى ان رجلا قال يا رسول الله انا نصيب سبيا فنحب الاثمان فكيف ترى في العزل) الحديث ثم قال (قالوا فلو لا ان الاستيلاد يمنع نقل الملك والا لم يكن لعزلهم محبة للاثمان فائدة) - قلت - سكوت البيهقى عن هذا الاستدلال دليل على رضاه به وقد اعترض عليه صاحب
عن عكرمة عن ابن عباس) ثم قال (ولحديث عكرمة علة عجيبة) ثم ذكر (عن سعيد بن مسروق عن عكرمة عن عمر قال اعتقها ولدها وان كان سقطا) ثم ذكر (عن خصيف عن ابن عباس قال عمر (فذكر نحوه ثم قال (فعاد الحديث إلى عمر) ثم جعله الصحيح - قلت - هاتان قضيتان مختلفتان لفظا روى عكرمة احداهما مرفوعة والاخرى موقوعة فلا تغلل

احداهما بالاخرى وقد اخرج الحاكم في المستدرك الرواية المرفوعة وقال صحيح الاسناد ثم ذكر لها متابعة واخرجه ابن حبان من حديث أبى عاصم عن ابى بكر النهشلي عن حسين والنهشلي اخرج له مسلم ووثقه جماعة وقد تقدم ذكره في باب من لم يذكر الرفع الا في الافتتاح - وقد جاء للحديث متابعة من وجه آخر بسند جيد قال ابن حرم روينا من طريق قاسم بن اصبغ ثنا مصعب بن محمد ثنا عبيد الله بن عمر هو الرق عن عبد الكريم الجزرى عن عكرمة عن ابن عباس قال لما ولدت مارية ام ابراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتقها ولدها - ثم قال ابن حزم هذا خبر جيد السند كل رواته ثقه وقال في كتاب البيوع صحيح السند ثم ذكر البيهقى (ان بعض أصحابهم احتج بحديث الخدرى ان رجلا قال يا رسول الله انا نصيب سبيا فنحب الاثمان فكيف ترى في العزل) الحديث ثم قال (قالوا فلو لا ان الاستيلاد يمنع نقل الملك والا لم يكن لعزلهم محبة للاثمان فائدة) - قلت - سكوت البيهقى عن هذا الاستدلال دليل على رضاه به وقد اعترض عليه صاحب الاستذكار بان الامة مجتمعة على انه لا يجوز بيعها وهى حامل وممكن ان يريد واتعجيل البيع والفداء وخشوا ان لم يعزلوا ان يحملن منهم فارادوا العزل ولم يعرفوا جوازه فسألوه عليه السلام عنه -

قال (باب عدة ام الولد)

ذكر في آخره عن (جماعة ان المشتراة التى لم تحض تستبرأ بثلاثة اشهر) - قلت - ذكر هذه المسألة في هذا الباب غير مناسب وقد ذكرها البيهقى فيما تقدم في اواخر ابواب العدة - نجزت هذه الفوائد والله المسئول ان يجزينا بفضله على اجمل العوائد - بحمد الله تعالى تم طبع كتاب الجوهر النقى وكان الطبع عن النسخة التى طبعت بهذه المطبعة سنة 1316 وكان طبع تلك الطبعة عن نسخة خطية في ملك مولانا العلامة محمد انوار الله ثم قوبلت بعد ذلك بالنسخة المحفوظة في مكتبة رياسة رامفور - وقد تحرينا في هذه الطبعة زيادة التصحيح بقدر الامكان والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خاتم انبيائه سيدنا محمد وآله واصحابه وسلم -

====== 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب بر الوالدين للبخاري

     كتاب بر الوالدين للبخاري ............     .............